أثر الإيمان بتوحيد الله في اسمه الملك يتجلى في تعظيم الملك ومحبته، وموالاته وطاعته، وتوحيده في عبوديته، والاستجابة لدعوته، والغيرة على حرمته، ومراقبته في السر والعلن، ورد الأمر إليه، وحسن التوكل عليه، ودوام الافتقار إليه ..
وأعظم جرم في حق الملك الأوحد منازعته على ملكه أو نسبة شيء منه إلى غيره .. فصانع الشيء ومؤلفه هو مالكه المتصرف فيه، ولو اعتدى أحد عليه بسلب ملكه ونسبته إلى نفسه أو غيره، سواء بالفعل أو بالادعاء لكان ظالمًا مدعيًا ما ليس له بحق.
آثــار الإيمان بهذه الأسماء
1) إن المُلك الحقيقي لله وحده لا يُشركه فيه أحد .. وكل من مَلَكَ شيئًا فإنما هو بتمليك الله له، قال "لا مالك إلا الله" [متفق عليه]، وفي رواية "لَا مَلِكَ إِلَّا اللَّهُ" [صحيح مسلم].
فالله تبارك وتعالى هو المالك لخزائن السماوات والأرض، يرزق من يشاء، وهو المالك للموت والحياة والنشور، والنفع والضر وإليه يرجع الأمر كله .. فهو المالك لجميع الممالك العلوية والسفلية، وجميع من فيهما مماليك لله فقراء مدبرون.
ولكن من الناس من يطغى ويظن أنه المالك الحقيقي، وينسى أنه مستخلف فقط فيما آتاه الله من مُلك ومال وجاه وعقار .. فيتكبَّر ويتجبَّر ويظلم الناس بغير حق؛ كمثل فرعون الذي نسى نفسه وضعفها وزعم لنفسه المُلك بل والألوهية {.. قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الزخرف: 51].
وإهلاك الله سبحانه لفرعون وقومه عبرة لكل ظالم متكبِّر من ملوك الأرض، تفرعن على الناس فيما آتاه الله من مُلك وظن أنه مُخلَّد، ونسى أن ملكه زائــل وأن إقامته في ملكه مؤقتة وأن الموت مدركه لا محالة .. قال تعالى منبهًا عباده إلى ذلك {.. وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [المائدة: 18].
2) الطاعة المُطلقة إنما هي لله وحده لا شريـك له .. لأن من سواه من ملوك الأرض إنما هم عبيدٌ له وتحت إمرته.
فلابد من تقديم طاعة الملك الحق على من سواه، وتقديم حكمه على حكم غيره .. لأن طاعته سبحانه أوجب من طاعة غيره بل لا طاعة لأحد إلا في حدود طاعته سبحانه، أما في معصيته فلا سمع ولا طاعة.
3) عدم جــواز التسمية بملك الملوك .. قال رسول الله "أخنع الأسماء عند الله يوم القيامة رجلٌ تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله" [متفق عليه] .. ومعنى أخنع: أوضع اسم وأذله. قال ابن بطال "وإذا كان الاسم أذل الأسماء، كان من تسمى به أشد ذلاً".
وقال ابن القيم رحمه الله "ولما كان المُلك الحق لله وحده، ولا مَلِك على الحقيقة سواه، كان أخضع اسم وأوضعه عند الله وأغضبه له: اسم "شاهان شاه" أي: ملك الملوك وسلطان السلاطين؛ فإن ذلك ليس لأحدِ غير الله، فتسميةُ غيره بهذا من أبطل الباطل، والله لا يحب الباطل".
4) الله سبحانه مــالك يوم الدين وملكه .. فالمُلك في ذلك اليوم العظيم لله وحده، لا ينازعه فيه أحد من ملوك الأرض وجبابرتها، قال تعالى {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16].
وَيَقُولُ رَسُولَ اللَّهِ "يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَوَاتِ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ؟" [متفق عليه].
ومن الرحمة للخلق أن الله سبحانه هو الملك الوحيد يوم القيامة .. لأنه الذي يحاسب بالعدل، ولا يظلم ولا يجور .. {.. وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]
يقول تعالى {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47].
الدعــاء بهذه الأسماء
ورد الدعاء باسم الله تعالى الملك .. في دعاء النبي إذا قام إلى الصلاة "اللهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نفسي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ .." [صحيح مسلم].
وورد الدعاء باسمه المالك .. في حديث أنس رضي الله عنه: أن رسول الله قال لمعاذ رضي الله عنه "ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينًا لأداه الله عنك؟، قل يا معاذ: اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، تعطيهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك" [حسنه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (1821)].
أما الدعــاء باسمه تعالى المليــك .. فقد ورد إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله، علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال "يا أبا بكر، قل: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، لا إله إلا أنت، ربِّ كل شيءٍ ومليكه، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشَرَكِه، وأن أقترف على نفسي سوءًا أو أجره إلى مسلم" [رواه الترمذي وصححه الألباني].
المصادر:
- (النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى) للشيخ محمد الحمود النجدي.
- (أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة) للدكتور محمود عبد الرازق الرضواني.
قال رسول الله صل الله عليه وسلم (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)
مواعظ ورقائق
فلاشات : أذكار للتحميل
فلاشات : أدعية للتحميل
سلسلة أروع التلاوات 2 – انجليزي
باقة مختارة للقارئ ماهر المعيقلي
وجزاك خيرا