نظراً لعدم انضباط عدد لا يستهان به من الشبّان بضوابط الأخلاق وقواعد السلوك ، ولأنّ الخوف من رقابة الله وحسابه لم يعد يدور في خلد هؤلاء ، وأيضاً لتأثيرات البيئة الأخرى وما تقوم به وسائل الإعلام المبتذلة التي دأبت على تشجيع الفحشاء والمنكر ، بتنا نشـاهد الكثير من التصرّفات المخلّة بالآداب العامّة ، تنشر انتشار النار في الهشيم دونما وازع من ضمير أو رادع من قانون أو انزجار من رقيب .
ومن تلك التصرّفات (معاكسة الفتيات) سواء أمام أبواب المدارس حينما يحين موعد خروجهنّ ، أو في الشوارع المؤدّية إلى بيوتهـنّ ، أو حينما يتمشين لوحـدهنّ أو مع بعض صديقاتهنّ ، أو في الأسواق التي يكثر تردد الفتيات عليها . أمّا الأماكن المختلطة كالنوادي والمتنزهات والحفلات ، فحدّثي ولا حرج .
تنطلق خطورة المعاكسة ، وهي الكلمات المعسولة التي يُطلقها شبان فارغون متسكّعون يتصيّدون أعراض الناس ، من أنّ الفتاة بطبيعتها ميّالة إلى حبّ الثناء والاستحسان ، وقد قال الشاعر في ذلك :
خدعوها بقولهم حسناءُ***والغواني يغرّهنّ الثّناءُ
ولذا كانت تجمّعات الشباب الضائع في المنعطفات والطرق المؤدّية إلى المدارس ظاهرة شائعة ، فتراهم يطلقون الكلمات التي فيها ثناء على جمال الفتاة ، والأوصاف التي تشبع حالة الغرور لديها ، فإذا ما صدّقت ذلك ، كانت الخطوة الأولى نحو الانجرار والحراف .
والفتيات في موقفهنّ من المعاكسة يختلفن .. فقد تسارع الفتاة إلى المضي في طريقها دون أن تُلقي بالاً للمتصيدين ، وقد تبتسم فيعرف المعاكس أ نّها استجابت لمعاكسـته ، ليزداد خبثاً ومعاكسة ومطاردة حتى يوقع الطريدة في شباكه .
المعاكسةُ إذاً فخّ .. ينصبه شبّان لا همّ لهم سوى التباهي بسياراتهم الفارهة ، وملابسهم الأنيقة ووقاحتهم الزائدة . وهم في العادة يعبثون بمشاعر الفتيات وليسوا جادّين إطلاقاً بإقامة علاقة شرعية معهنّ .
وقد لوحظ من خلال بعض التحقيقات أنّ الفتيات المحجّبات الملتزمات بالستر الشرعي أقلّ عرضة للتحرّش والمعاكسة ، وكلّما كانت الفتاة متبرّجة أكثر كانت عرضة للتحرّش أكثر .
هذا فخّ ظاهره الرحمة وباطنه العذاب .
فقد تنخدع الفتاة من الحبوب التي يلقيها الصياد في فخّه ، فتتصورها طعاماً مقدّماً بحسن نيّة ، فتمشي برجلها إلى الفخ . ولو كان المعاكسون صادقين لأتوا البيوت من أبوابها ، وطلبوا يد الفتاة من أهلها ، لكنّهم عاطلون عن العمل يبحثون عن التسلية واللهو العابث واللذّة المحرّمة ، ويبتهجون بتعريض الفتيات إلى المواقف الاجتماعية والأخلاقية المحرجة .
كوني من هؤلاء على حذر .
أمّا الكلمات التي تسمعينها منهم فهي اسطوانات مشروخة تقال لكِ ولكل صيد سهل يغري بنفسه ، وهم يقولون ما لا يعنون .
إنّ الإعراض عن منتهكي الأعراض .. وإخبار الأهل بما يفعلون ليتولوا زجرهم وردعهم عن أفعالهم المنكرة ، وعـدم التجاوب معهم حتى على مستوى الردّ على كلماتهم البذيئة ، سوف يجنّبك الوقوع في هذا الفخّ .
حاذري الوقوع في فخ المعاكسة