من مشاكل الأسرة التي تؤثر في سلوكنا الاجتماعي علاقة الآباء والأمهات ، فكثيراً ما يقع الخلاف بين الولد وأبيه ، وكثيراً ما يجـر هذا الخلاف وراءه ذيولاً أخلاقية واجتماعية مؤلمة ، وقد تؤدي إلى ارتكاب جرائـم القتل والعدوان . ونستطيع أن نقسم أسباب الخلاف إلى سببين رئيسيين :
سبب معقول : لا بد فيه من استعمال الحكمة .
وسبب غير معقول ولا مشروع : وهو ما يتسم بسمة العقوق من الولد نحو أبيه.
أما الأول : فهو ما ينشأ عن تحكم الأبوين في علاقة ولدهما بهمـا بعد الزواج أو عنده ، فهما يحرصان غالباً على زواج ولدهما بفتاة يريدانها. أو ليست له مصلحة حقيقية في الزواج منها ، بل إنهما ليرغبان في ذلك طمعاً في مال ، أو انسياقاً وراء عاطفة ، أو حرصاً على صداقة أو قرابة ، دون نظـر إلى مصلحة الولد الحقيقية في هذا الزواج ، وهذا خطأ فادح يجر إلى أسوأ العواقب ، وهو تحكم من الأب أو الأم لا يبرره الشرع ولا العقل ولا الحكمة ، ومن الخير أن يؤخـذ في ذلك رأي الابن ويقتنع به ، لأنه هو الذي سيتزوج الفتاة ويشترك معها في السراء والضراء ، فإذا لم يجد فيها سَكَنَه النفسي والروحي كان زواجه منها مبعث شقاء له ولها، وقد يتعدى ذلك إلى شقاء أسرتيهما معاً .
وحين يتزوج الولد يرغب الأبوان ( غالباً ) في أن يظل بجانبهما ، يسكن معهما هو وزوجه وأطفاله ، فتنشأ المشاكل بين الأم والزوجة ، وبين الأب والابن ، وكثيراً ما تكون أسباب المشاكل التافهة ناشئة عن رغبة الأب أو الأم في فرض سلطانهما على الولد بعد زواجه ، كما اعتادا ذلك أيام طفولته وعزوبته ، وقد تنشأ عن غطـرسة الزوجة أو نفرتها من حماتها ، أو تدخل الأبوين في العلاقة بينها وبين زوجهـا ، وفي البيئات الجاهلة أو الظالمة يحمل الأبوان ولدهما على القسوة على زوجته وتعذيبها ، وأحياناً على طلاقها لأنها لأنهـا لا تخضع لهما أو لا تنسجم معهما ، وعادة إسكان الولد مع أبويه بعد الزواج لا تزال منتشرة في القرى وفي أكثر سكان المدن ، وهي عادة قديمة نرى آثارها في البيوت القديمة التي كانت تعـد لإسكان الأولاد حين زواجهم مهما كان عددهم في البيت الواحد ، وكان الأب حين يريـد تزويج ابنه يكتفي بأن يفـرد له في الدار غرفة واحدة لسكنه وزوجته ، بينما يشترك مع أبويه وإخوته في غرف الأكل والجلوس والاستقبال ، وقد رأينا عدة أبنـاء يشتركون مع أبويهم في بيت واحد ، ويتكاثر الأولاد في هذا البيـت حتى يشبه خلية من النحل تعج بالأطفال والنساء والرجال ، ولهذه العادة محاذير متعـددة من جهة الشـرع والأخلاق والصحة النفسية والجسمية .
والآن وقد تطورت الحياة وتعددت مشكلاتها ومطالبها ، وتطور بنـاء البيوت من الأسلوب الإسلامي الشرقي إلى الأسلوب الغربي الحديث، لم يعد من المستحسن أن يتمسك الأبوان بهذه العادة ، ومن الخير لهما ولولديهما أن يهيئا بأنفسهما له سكناً خاصاً خارج بيتهما، لتظل علاقات الود والحب والاحترام قائمة بينهما وبين ولدهما وزوجه ، فيحال دون وقوع المشكلات وتجـددها يوماً بعد يوم في البيت الواحد والعائلة الواحدة .
وللحديث بقية……………………………
تسلمممممممممممممممممممممون