مسألة في إجابة الدعاء من عدمها
مما ينتغي أن يعلم أن إستجابة الدعاء ـ في الأصل ـ دليل على صلاح المرء، وتقواه.
ولكنها لا تدل أحياناً على ذلك، فقد تكون إستدراجاً، أو لحكمة كما قال ـ تعالى:ـ (أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالاً وولداً أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهداً، كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مداً، ونرثه ما يقول ويأتينا فرداً) مريم، 77ـ80.
ومن قبل إستجاب الله ـ تعالى ـ دعاء الشيطان، قال ـ تعالى ـ في حقه : (قال رب أنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين) الحجر، 36ـ 38.
فكونه ـ عزوجل ـ أجاب إبليس سؤله، وأنظره إلى يوم القيامة ـ ليس ذلك إكراماً لإبليس، بل إهانة له، ليزداد إثماً فتعظم عقوبته، ويتضاعف شقاؤه وعذابه، إضافة إلى ذلك فإن الله ـ عزوجل ـ جعله محكاً يتميز به الخبيث من الطيب، وما دام أن الخلق مستمر إلى يوم القيامة ـ فإن هذا يقتضي بقاءه ببقاء خلق البشر والله أعلم.
كذلك عدم إستجابة الدعاء لا تدل على فساد الداعي في كل الأحوال، فهناك سؤال منعه الله نبينا محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال ـ عليه الصلاة والسلام :ـ " سألت ربي ثلاثاً فأعطاني ثنتين، ومنعني واحدة، سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق بأعطانيها، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها".
فالله عزوجل ـ منع نبيه محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ الدعوة الثالثة، وليس هذا دليلاً على أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا مكانة له عند ربه، أو أنه غير مستجاب الدعوة، بل هو سيد البشر، ودعاؤه مستجاب، ولكن الله ـ عزوجل ـ منعه تلك الدعوة لحكم عظيمة، منها:ــــ
1ــ أن يُعْلم أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشر، ليس له من الأمر شئ، وأن الأمر كله لله، بيده الضر والنفع، والعطاء والمنع.
2ــ أن هذه الأمة تعصي، والله ـ عزوجل ـ يقول: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً) النساء، 123.
فإذا عصت عوقبت، لتؤوب إلى رشدها، وتنيب إلى ربها، فتستقيم أحوالها، وتصلح أمورها، فتسعد، وتفلح.
وهذا من رحمة الله بها، إذ يؤدبها بهذه العقوبات.
ثم إن من رحمته بها أنه ـ عزوجل ـ لا يعاقبها عقوبة إستئصال، بحيث تستأصل جميعها، كما حصل ذلك للأمم السابقة كعاد وثمود.
< < < الحكـم من تأخـــــــر إجابة الدعاء > > >
من البلاء على المؤمن أن يدعو فلا يجاب، فيكرر الدعاء، ويبالغ فيه، وتطول المدة، فلا يرى أثراً للإجابة.
ومن هنا يجد الشيطان فرصته، فيبدأ بالوسوسة له، وإساءة ظنه بربه، وإيقاعه بالإعتراض على حكمته.
فينبغي لمن وقعت له هذه الحال ألا يختلج في قلبه شئ مما يلقيه الشيطان، ذلك أن تأخر الإجابة مع المبالغة في الدعاء يحمل في طياته حكماً باهرة، وأسراراً بديعة، لو تدبرها الداعي لما دار في خلده تضجر من تأخر الإجابة.
وفيما يلي ذكر لبعض تلك الحكم والأسرار، والتي يجمل بالداعي أن يتدبرها، ويحسن به أن يستحضرها.
1ـ أن تأخر الإجابة من البلاء الذي يحتاج إلى صبر: فتأخر الإجابة من الإبتلاء، كما أن سرعة الإجابة من الإبتلاء.
2ـ أن الله ـ عزوجل ـ هو مالك المللك.
3ـ أنه لا حق للمخلوق على الخالق.
4ـ أن الله ـ عزوجل ـ له الحكمة البالغة.
5ـ قد يكون في تحقيق المطلوب زيادة في الشر.
6ـ أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.
7ـ أن الإنسان لا يعلم عاقبة أمره.
8ـ الدخول في زمرة المحبوبين لله ـ عزوجل.
9ـ أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والعكس بالعكس.
10ـ تأخر الإجابة سبب لتفقد العبد لنفسه.
11ـ قد تكون الدعوة مستجابة دون علم الداعي.
12ـ قد يكون الدعاء ضعيفاً فلا يقاوم البلاء.
13ـ قد يكون الإنسان سد طريق الإجابة بالمعاصي.
14ـ ظهور آثار أسماء الله ـ تعالى.
15ـ تكميل مراتب العبودية للأولياء.
ومن يريد تفصيل أكثر عن كل نقطة من المتوفر لدي من الكتاب يسرني أن أزوده بالمطلوب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
منقول من كتاب الدعاء( تأليف محمد بن إبراهيم الحمد) قرأه وعلق عليه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم إجعلنا هينين لينين كالسحاب يظل البعيد والقريب وكالمطر يسقي من يحب ولايحب
فقد ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم لاصحابه بأنه ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن تعجل له دعوته في الدنيا وإما أن تدخر له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك قالوا يا رسول الله إذا نكثر قال الله أكثر.
فالحمد والمنة لله على نعمه الظاهرة والباطنة ولله الشكر فى السراء والضراء.
جزاك الله خير أخي الفاضل/ الأصيـل
جزاك الله خير أختي الفاضلة/ أم فهد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده
ـــــــــــــــــــــــــــ
وخير ما أتمناه منك في الوجود دعاؤك لي عند السجود