تاسعا :الترهيب من عدم الإنفاق:
========================
========================
وكما اهتم الإسلام بتحفيز النفس على البذل و التطهر من الشح ..فقد سلك في تربيتها جانبا آخر هاما لا يمكن إغفاله ، فأوضح أن الجهاد بالمال ليس بالأمر الاختياري أو الثانوي ..يستطيع الإنسان أن يتجاوزه أو يحيد عنه متى شاء ..و إنما هو سلوك إسلامي أصيل يبلغ درجة الفريضة و الركن أحيانا – كما في الزكاة – ، و يظل فيما سوى الفريضة معلما مميزا من معالم النفس المسلمة ، ودعامة هامة لحياة و سلامة المجتمع المسلم ..فقد روى الطبراني عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الذي يسع فقراءهم ..ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا و عروا إلا بما يصنع أغنياؤهم .. ألا و إن الله يحاسبهم حسابا شديدا ، ويعذبهم عذابا أليما )..فلن ينجو الأغنياء بأموالهم طالما هناك فقراء يجوعون ويعرون..
و كذلك روى البخاري عن أبي سعيد الخدري قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى ، فمر على النساء فقال : ( يا معشر النساء تصدقن ، فإني أريتكن أكثر أهل النار !! فقلن : ويم يا رسول الله؟ قال : تكثرن اللعن ، وتكفرن العشير ) .. وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالرسول الله صلى الله عليه وسلم ما من صاحب ذهب و لا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار ، فأحمي عليها في نار جهنم ، فيكوى بها جنبه و جبينه وظهره ..كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله : إما إلى الجنة ، و إما إلى النار ) قيل : يا رسول الله فالإبل ؟
قال : ( ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها – ومن حقها : حلبها يوم وردها- إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرر ( أي : جعلت في أرض مستوية ملساء) أوفر ما كانت ، لا يفقد منها فصيلا واحدا ..تطؤه بأخفافها ( أي : تدوسه )، وتعضه بأفواهها ..كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها ..في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين العباد ، فيرى سبيله : أما إلى الجنة ، و إما إلى النار ) ..قيل : يا رسول الله ، فالبقر والغنم ؟
قال : ) ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر ، لا يفقد منها شيئا .. ليس فيها عقصاء ( ملتوية القرن ) ولا جلحاء ( ليس لها قرن ) و لا عضباء ( مكسوة القرن ).. تنطحه بقرونها ، وتطؤه بأظلافها ، كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها ..في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد ، فيرى سبيله : إما إلى الجنة ، و إما إلى النار ) قيل : يارسول الله ، فالخيل؟
قال: ( الخيل ثلاثة : هي لرجل وزر ، وهي لرجل ستر ، وهي لرجل أجر ، فأما التي هي له وزر فرجل ربطها رياء و فخرا و نواء ( أي : عداء ) لأهل الإسلام ، فهي له وزر ..و أما التي هي له ستر فرجل ربطها في سبيل الله ، ثم لم ينس حق الله في ظهورها و لا رقابها ، فهي له ستر ..و أما التي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام في مرج وروضة ، فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات ، وكتب له عدد أرواثها و أبواهل ( فضلاتها ) حسنات ، ولا تقطع طولها ( وهو الحبل التي تقاد منه ) فاستنت ( جرت بقوة ) شرفا أو شرفين ( الشرف : قرابة الميل ) إلا كتب له عدد آثارها و أرواثها حسنات ، ولا مر بها صاحبها على نهر ، فشربت منه ، و لا يريد أن يسقيها ..إلا كتب الله تعالى له عدد ما شربت حسنات ) قيل : يا رسول الله : فالحمر ؟
قال : ( ما أنزل علي في الحمر شيء إلا هذه الآية الفذة الجامعة : (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) الزلزلة .
قال : ( ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها – ومن حقها : حلبها يوم وردها- إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرر ( أي : جعلت في أرض مستوية ملساء) أوفر ما كانت ، لا يفقد منها فصيلا واحدا ..تطؤه بأخفافها ( أي : تدوسه )، وتعضه بأفواهها ..كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها ..في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين العباد ، فيرى سبيله : أما إلى الجنة ، و إما إلى النار ) ..قيل : يا رسول الله ، فالبقر والغنم ؟
قال : ) ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر ، لا يفقد منها شيئا .. ليس فيها عقصاء ( ملتوية القرن ) ولا جلحاء ( ليس لها قرن ) و لا عضباء ( مكسوة القرن ).. تنطحه بقرونها ، وتطؤه بأظلافها ، كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها ..في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد ، فيرى سبيله : إما إلى الجنة ، و إما إلى النار ) قيل : يارسول الله ، فالخيل؟
قال: ( الخيل ثلاثة : هي لرجل وزر ، وهي لرجل ستر ، وهي لرجل أجر ، فأما التي هي له وزر فرجل ربطها رياء و فخرا و نواء ( أي : عداء ) لأهل الإسلام ، فهي له وزر ..و أما التي هي له ستر فرجل ربطها في سبيل الله ، ثم لم ينس حق الله في ظهورها و لا رقابها ، فهي له ستر ..و أما التي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام في مرج وروضة ، فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات ، وكتب له عدد أرواثها و أبواهل ( فضلاتها ) حسنات ، ولا تقطع طولها ( وهو الحبل التي تقاد منه ) فاستنت ( جرت بقوة ) شرفا أو شرفين ( الشرف : قرابة الميل ) إلا كتب له عدد آثارها و أرواثها حسنات ، ولا مر بها صاحبها على نهر ، فشربت منه ، و لا يريد أن يسقيها ..إلا كتب الله تعالى له عدد ما شربت حسنات ) قيل : يا رسول الله : فالحمر ؟
قال : ( ما أنزل علي في الحمر شيء إلا هذه الآية الفذة الجامعة : (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) الزلزلة .
بل انظر إلى هذا التحذير الرهيب في الحديث الذي رواه مسلم عن الأحنف بن قيس قال : كنت في نفر من قريش ، فمر أبو ذر الغفاري وهو يقول : بشر الكانزين بكي في ظهورهم ..يخرج من جنوبهم ، و بكي من قبل قفاهم ..يخرج من جباههم ..قال : ثم تنحىفقعد ..قال : قلت من هذا؟ قالوا : أبو ذر ..قال : فقمت إليه ، فقلت : ما شيء سمعتك تقول قبيل ؟( أي : قبل قليل ) قال : ما قلت إلا شيئا قد سمعته من نبيهم صلى الله عليه وسلم .قال : قلت : ما تقول في هذا العطاء؟ قال : خذه فإن فيه اليوم معونة ..فإذا كان ثمنا لدينك فدعه ) بهذا المنظار إذن – كان الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين – ينظرون إلى المال : إما أن يكون عونا على الحياة و مطالبها ، و إلا فهو في سبيل الله .. لأنه لو عزل عن المحتاجين إليه وقت حاجتهم ، واكتنزه صاحبه دونهم ، فالعاقبة وخيمة جدا كما رأينا ..نسأل الله السلامة من الشح وعواقبه.
وليس عقاب الشح خاصا بصاحبه فقط ..بل إن شؤمه يعم الأمة جميعا ..ألم تر إلى ذلك التحذير النبوي الذي يذكر سوء الجزاء الذي ينتظر المجتمعات التي لا تؤدي حق الله في أموالها..
روى ابن ماجة و البزار والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يا معشر المهاجرين ، خصال خمس إن ابتليتم بهن ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهن ..) وذكر منها : ( ولك يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ، ولولا البهائم لم يمطروا !!) ..فقيمة المجتمع الذي يبخل أبناؤه بما في أيديهم ، أقل من البهائم !! ولا يستحقون فضل الله لولا البهائم التي تحيا إلى جوارهم على فطرة الله لا تتعداها
روى ابن ماجة و البزار والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يا معشر المهاجرين ، خصال خمس إن ابتليتم بهن ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهن ..) وذكر منها : ( ولك يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ، ولولا البهائم لم يمطروا !!) ..فقيمة المجتمع الذي يبخل أبناؤه بما في أيديهم ، أقل من البهائم !! ولا يستحقون فضل الله لولا البهائم التي تحيا إلى جوارهم على فطرة الله لا تتعداها
عاشرا : ليست النائحة كالثكلى
=====================
=====================
إخواني في الله ..حدثتكم عن تسع محفزات ربانية على الجهاد بأموالكم في سبيل الله ..و لكن خبروني بالله عليكم ، إذا لم توجد كل تلك المحفزات .. أفلا يكفيكم حال إخوانكم في فلسطين؟؟
ألا يؤرقكم عراء أجسادهم و خواء بطونهم؟
ألا تهتز نفوسكم لأسر فقدت عائلها ..وشباب فقدوا بعض أطرافهم؟؟
أفلا تروعكم بيوت هدمت ، وشرد ساكنوها؟؟ ..ومزارع خربت ، وضاق الحال بمزارعيها؟
إخواني في الله ..نحن لا نتحدث عن باب نظري من أبواب الشرع ، نكتفي فيه بالمعلومات الجافة و المتون المحفوظة ..بل نحن نلمس واقعا مريرا ، يكتوي به إخواننا في فلسطين- وفي غير فلسطين- صباح مساء
أنا لا أدعوكم لإنقاذ قوم بائسين في طرف بعيد من العالم لا صلة لكم به ..بل أنتم تدعون للجهاد بأموالكم دفاعا عن أعراض إخوانكم في فلسطين- وفي سائر ديار الإسلام الجريحة-وواقعية المأساة و إحاحها على مشاعرنا يوميا لابد أن يكون حافزا لسخاء الأيدي ، ومن قبله سخاء القلوب
وواقعية المأساة – بل المآسي – هي المحفز العاشر للجهاد بالمال ..فتلك عشرة كاملة
ألا يؤرقكم عراء أجسادهم و خواء بطونهم؟
ألا تهتز نفوسكم لأسر فقدت عائلها ..وشباب فقدوا بعض أطرافهم؟؟
أفلا تروعكم بيوت هدمت ، وشرد ساكنوها؟؟ ..ومزارع خربت ، وضاق الحال بمزارعيها؟
إخواني في الله ..نحن لا نتحدث عن باب نظري من أبواب الشرع ، نكتفي فيه بالمعلومات الجافة و المتون المحفوظة ..بل نحن نلمس واقعا مريرا ، يكتوي به إخواننا في فلسطين- وفي غير فلسطين- صباح مساء
أنا لا أدعوكم لإنقاذ قوم بائسين في طرف بعيد من العالم لا صلة لكم به ..بل أنتم تدعون للجهاد بأموالكم دفاعا عن أعراض إخوانكم في فلسطين- وفي سائر ديار الإسلام الجريحة-وواقعية المأساة و إحاحها على مشاعرنا يوميا لابد أن يكون حافزا لسخاء الأيدي ، ومن قبله سخاء القلوب
وواقعية المأساة – بل المآسي – هي المحفز العاشر للجهاد بالمال ..فتلك عشرة كاملة
كانت هذه بعض أساليب القرآن المعجزة في علاج شح الأنفس ، والتحفيز على مسألة شاقة على النفس ، وهي مسألة إخراج المال في سبيل الله ، و أنا أعتقد أن الإنسان إذا علم كل ما سبق فقد ينقلب حبه للمال إلى كراهية ، ولا يصبح المال حينئذ مدعاة للسرور ..كما روى البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا .. أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير ) أي : لقضاء حوائجه ، و أداء دينه ، ونفقة عياله
و إنفاق المال بعد هذا التحفيز هوز مرحلة من مراحل الإيمان ، ودرجة من درجات الرقي إلى الله عز وجل ..وفوق هذه الدرجة درجات عليا ..يبلغها من ارتقى من مرحلة أن يدعى إلى الإنفاق .. إلى مرحلة أن يرغب في الإنفاق و يبحث عن مواطنه ، ويتمنى أن لو يسر له سبيل يجود فيه بما في يديه ، طمعا في ما عند الله عز وجل ..وعن هذه الدرجة العليا تتحدث السطور القادمة
يتبع
الحلقة الثامنة
من وحي تبوك
==========
==========
تعالوا نغوص في أعماق التاريخ ..لنذهب إلى المعسكر الدائم للإيمان .. إلى المدينة المنورة ..و نصل إلى ساحة واسعة يجلس فيها خير الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ..وعن يمينه و يساره و أمامه جماعات من الذين رضي الله عنهم و رضوا عنه ..يحفزهم صلى الله عليه وسلم على الإنفاق لتجهيز جيش عظيم في وقت عصيب اشتد فيه الحر ، وعظم فيه الخطب ، وطال فيه السفر ، وقل فيه الزاد ، وحان وقت القطاف ..لكن لابد من المغادرة ..هذا تجهيز جيش العسرة ..جيش تبوك ..ترى ماذ فعلوا حتى ينزل الله في حقهم : (لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (117) التوبة .
لكن قبل أن نرى فعلهم ، ونستمتع بصحبتهم ؟..تعالوا نعقد مقارنة عجيبة و قياسا غريبا بين تبوك وفلسطين!!.. وتخيلوا معي بهدوء ..لو كان رسول الله حيا بين أظهرنا ، ورأى – في وقت متزامن- أمر فلسطين على ما هي عليه الآن ، و أمرتبوك على ما كانت عليه ..و طاقة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكفي لإخراج جيش واحد ..ترى ماذا سيكون موقفه؟أتراه يختار تبوكا .. أم تراه يختار فلسطين ؟؟ .. أتراه يحفز الناس على تبوك .. أم تراه يحفزهم على فلسطين؟؟
1- غزوة تبوك كانت لمقتل رسولين من المسلمين في أرض الشام ، كانا في طريقهما إلى قيصر ، ( رجلين فقط) .. أما فلسطين فقد قتل فيها في سنة واحدة : ثمانمائة من المسلمين.
2- في تبوك : كان الجيش الروماني يتجهز لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يدخل الجزيرة العربية بعد ..بل كان في أرض الشام ، ولم تكن أرضا إسلامية آنذاك .. أما في فلسطين فيعيث فيها الجيش اليهودي القذر فسادا ..الجيش اليهودي بالفعل في أرض إسلامية ..لا يحتل فقط بل يستبدل بأهل فلسطين أهله و أبناؤه من بني إسرائيل.
3- في تبوك..لم يخرج مسلم من داره .. أما في فلسطين فقد أخرج نصف أهل البلد من ديارهم !! وربنا يأمرنا ..و علينا الطاعة ، فيقول : ( و أخرجوهم من حيث أخرجوكم ).
3- في تبوك..لم يخرج مسلم من داره .. أما في فلسطين فقد أخرج نصف أهل البلد من ديارهم !! وربنا يأمرنا ..و علينا الطاعة ، فيقول : ( و أخرجوهم من حيث أخرجوكم ).
4- تبوك كانت تهديدا ، ولم يحدث بعد قتال .. أما فلسطين فتعاني من حرب ضارية قائمة بالفعل ..و ربنا يأمرنا .ز وعلينا الطاعة فيقول : ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم )
5- تبوك لم تكن بها مقدسات إسلامية ..بل كانت بها ديار الظالمين ..ديار ثمود !! أما فلسطين ففيها الأقصى ..ثالث الحرمين .. و أولى القبلتين .. ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا بين أظهرنا لاختار فلسطين على تبوك . إن كان لابد من الاختيار ، فقضية فلسطين أشد خطورة ..وكلتا القضيتين خطيرة..
انظروا ماذا فعل الصحابة الكرام في تبوك .. وتخيلوا كيف كانوا سيفعلون لفلسطين..
لقد فتح الرسول صلى الله عليه وسلم باب التبرع علانية ، حتى يحفز المسلمون بعضهم بعضا ..وكان أول القائمين عثمان بن عفان رضي الله عنه ..قام يشتري الجنة !! لقد قام فقال علي مائة بعير بأحلاسها و أقتابها في سبيل الله ) فسر رسول الله بذلك سرورا عظيما ، فهذا عطاء كثير ! ثم فتح بباب التبرع من جديد ، فقام عثمان بن عفان ثانية( يزايد على نفسه ) قال : ( علي مائة بعير أخرى بأحلاسها و أقتابها في سبيل الله ) فسعد به رسول الله سعادة عظيمة ..حتى إنه قال : ( ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم )…ولكن هل سكن عثمان أو اطمأن ؟ انظر إليه.لقد أخذ يدفع من جديد حتى وصل ما تبرع به إلى ثلاثمائة بعير !!( وفي رواية : تسعمائة بعير ، ومائة فرس) ثم ذهب إلى بيته ، و أتى بألف دينار نثرها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ..و رسول الله يقلبها متعجبا !..
وهكذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه .. أتى بأربعة آلاف درهم ، وقد يقول قائل : إنها أقل بكثير مما جاء به عثمان ..لكنها تعتبر ظاكثر نسبيا من عطاء عثمان- سبحان الله- لأنها كل مال أبي بكر الصديق .. حتى إن رسول الله سأله : ( وماذا أبقيت لأهلك ؟) قال له في يقين : أبقيت لهم الله ورسوله )
و أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنصف ماله وهو كثير ..بل كثير جدا..عبد الرحمن بن عوف أتى بمائتي أوقية من الفضة ، وهذا أيضا كثير..
و أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنصف ماله وهو كثير ..بل كثير جدا..عبد الرحمن بن عوف أتى بمائتي أوقية من الفضة ، وهذا أيضا كثير..
كانوا – بصدق – يشترون الجنة – وما أزهد الثمن .. وما أعظم السلعة ..( ألا إن سلعة الله غالية .. ألا إن سلعة الله الجنة ).
بل إن النساء أتين بالحلي ..كان الكل يشارك..كانت قضية إسلامية تشغل كل فئات الأمة حتى الفقراء الذين لا يملكون إلا قوت يومهم !! جاءوا بالوسق و الوسقين من التمر!! تمر قليل يجهزون به الجيش الكبير؟ نعم قليل ، لكن هذا كل ما يملكونه ، سيطعمون جنديا أياما .. قد لا يعني هذا في نظر بعض الناس شيئا ..لكنها تعني بالنسبة لهم الكثير ، وتعني أيضا عند الله الكثير والكثير ..حتى إن المنافقين كانوا يسخرون من هذه العطايا البسيطة ، فأنزل الله دفاعا عظيما في كتابه عن هؤلاء الفقراء المتصدقين ..يقول تعالى : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)
التوبة ..فالله تعالى بنفسه هو الذي يرد على سخرية المنافقين.
التوبة ..فالله تعالى بنفسه هو الذي يرد على سخرية المنافقين.
وجاء البكاءون !
==============
==============
جاء نفر من المؤمنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..يعرضون أنفسهم عليه ليجاهدوا معه .. وكانوا فقراء لا يملكون شيئا ، ولا عندهم بعير يحملهم ..و كذلك ليس عند رسول الله ما يحملهم عليه ، فأعفاهم من القتال لعذرهم ..لكنهم ما استطاعوا أن يتحملوا ذلك !! أخذوا يبكون على فوات فرصة الجهاد بالنفس و المال !! مع كونهم معذورين عذرا شرعيا مباشرا من رسول الله ..لكن تاقت النفوس إلى البذل و إلى الجهاد ..تاقت إلى الجنة .. أنزل فيهم ربنا : ( وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ (92) التوبة . طراز فريد عجيب من البشر .
بل انظر إلى أحدهم ..( علبة بن زيد ) رضي الله عنه .. تولى وهو يبكي ، ثم ذهب إلى بيته .. ولما جاء الليل قام يصلي و يبكي و يقول : ( اللهم إنك قد أمرت بالجهاد .. ورغبت فيه ..ثم لم تجعل عندي ما أتقوى به مع رسولك ، ولم تجعل في يد رسولك ما يحملني عليه .. و إني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني فيها من مال أو جسد أو عرض ) أرأيتم يا إخوة ..بماذا يتصدق ؟ يتصدق من حسناته ..هذه الأنواع من الأذى التي لحقت به من إخوانه ..ستتحول إلى حسنات يوم القيامة ، هو لايملك شيئا من مال أو بعير ..فيتصدق بالشيء الوحيد الذي يملكه ..يتصدق بحقه على إخوانه !!
ثم أصبح علبة بن زيد مع الناس ، وذهب إلى صلاة الصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ..و بعد الصلاة ، قال النبي : ( أين المتصدق هذه الليلة؟) فلم يقم إليه أحد ..ثم قال : ( أين المتصدق؟فليقم!) فقام إليه علبة ، فأخبره النبي : ( أبشر ..فوالذي نفس محمد بيده ..لقد كتبت في الزكاة المتقبلة ) إنه الصدق مع الله يقابل بكرم من الله ..حمية حقيقية للدين .. حتى و إن كان فقيرا معدما .. وسخاء و عطاء ، ورحمة من إله رحيم حنان منان ..سبحانه وتعالى
يتبع
الحلقة الأولى
من يشتري الجنة؟ سلسلة للدكتور راغب السرجانى
الحلقة الثانيةhttp://www.lakii.com/vb/showthread.php?t=358903
الحلقة الثالثة
الحلقة الثالثة – من يشتري الجنة؟ للدكتور راغب السرجانى
الحلقة الرابعة
الحلقة الرابعة- من يشتري الجنة؟ للدكتور راغب السرجانى
الحلقتين الخامسة والسادسة