تخطى إلى المحتوى

الموعظة الخالدة 2024.

من أعظمِ مواعِظُ التاريخ ، موعِظةُ الخليفةِ الخامس الراشد أميرَ المؤمنين : عمر بن عبد العزيز
رحِمَه الله رحمةً واسعة ، وأسْكنه فسيحَ جناته .
كان عمر بن عبد العزيز رحِمه الله تعالى في جنازة ، فلما انصرفوا من الجنازة ابتعدَ قليلاً ثم جلس ، فجلس معه الناس ، فأخذ يعِظُ الناس ، ويقول :
ناداني القبرُ من خَلْفي : يا عمرَ بن عبد العزيز ألاَ تسألُني ما صنعتُ بالأحِبّة ؟ .
قلتُ : بلى .
قال القبر : أحرقتُ الأكفان ، ومزَّقتُ الأبْدان ، ومَصَصْتُ الدم ، وأكلْتُ اللحم .
ثم قال القبر : ألاَ تسألُني عن الأوْصاف ؟ .
قلتُ : بلى .
قال القبر : نَزعْتُ الكتِفيْن من الذراعَيْن ، والذراعَيْن من العَضُديْن ، والعَضُديْن من الكتِفيْن ، والوِرْكَيْن من الفخذيْن ، والفخذيْن من الرُّكبتيْن ، والرُّكبتيْن من السَّاقيْن ، والسَّاقيْن من القدَمَيْن .
ثم بَكى عمر بن عبد العزيز . . . ثم قال :
ألاَ إن الدنيا بَقاؤها قليل . . وعزيزُها ذليل . . وغنيُّها فقير . . وشبابُها هَرِم . . وحيُّها يموت . .
فلا يغُرَّنَّكم إقبالُها مع معرفتِكم بسُرعةِ إدبارِها . . فالمغرورُ من اغْترَّ بها . .
أين سُكَّانُها الذين بَنوْا مدائنَها ؟ . . وسقُوا أنهارَها ؟ . . وشربوا من مائها ؟ . . وغــرَســوا أشجارَها ؟ . .
أقامُوا فيها أيَّامًا يسيرة . . غرَّتْهُم بصحَّتِهم . . فاغترُّوا بنشاطِهم . . فركِبوا المعاصي . .
إنهم كانوا والله في الدنيا مغْبوطِين بالمالِ على كَثْرةِ المَنْعِ فيه . .
ماذا صنعَ الترابُ بأبدانهِم ؟ . . والرملُ بأجسادِهم ؟ . . والديدانُ بعظامِهم وأوْصالِهم ؟ . .
كانوا في الدنيا على أسِرّةٍ مُمهّدة . . وفُرُشٍ منضودة . . بين خَدَمٍ يَخدِمون . . وأهلٍ يُكرِمون . . وجيرانٍ يَعضُدون . . فإذا مَرَرْتَ فنادِهِم إن كنتَ مُناديًا . . ومُرَّ بعسْكرِهم وانظرْ إلى تقارُبِ
منازِلِهم . . واسألْ غنيَّهُم ما بقيَ من غِناه . . واسألْ فقيرَهُم ما بقيَ من فقرِه . .
واسألْهم عن الألْسُنِ التي كانوا بها يتكلَّمون . . وعن الأعيُن التي كانوا بها ينظرون . . وعن الجلودِ الرقيقة . . والوجوه الحسَنة . . والأجسادِ الناعمة . . ما صنعَ بها الديدان ؟ . .
لقد مَحَتِ الحِسان . . وكسَرَتِ الفِقار . . وأبانتِ الأحشاء . . ومزّقتِ الأشلاء . .
أين حُجَّابُهم ونُوَّابُهم ؟ . . أين خدَمُهم وعبيدُهم ؟ . . وأين جمْعُهم ومكْنونَهم ؟ . .
والله ما فرَشوا فِراشًا . . وما وضعوا هناك مُتَّكِئـًا . . ولا غرسُوا شجرًا . .
أليسُوا في منازلِ الخَلوات ؟ . . أليسَ الليلُ والنهارُ عليهم سواء ؟ . . أليسَ هم في ظَلْماءٍ قد حِيلَ بينهم وبين العمل ؟ . .
فارَقوا الأحِبّة . . فكَم من ناعِمٍ وناعِمةٍ أصبحوا وجوهَهم بالِيَة . . وأجسادَهم من أعناقِهم نائيَة . . وأوصالَهم مُتمِّزقة . . قد سالَتِ العيونُ على الوجَنات . . وامتلأتِ الأفواهُ دمًا وصديدًا . . ودبَّ دوائبُ الأرضِ في أجسادِهم . . ففرَّقَتْ أعضاءهُم . . ثم لم يلبَثوا والله إلا يسيرًا حتى عادتِ العظامُ رميمًا . . قد فارَقوا الحدائق . . وسارُوا من السَّعَةِ إلى الضِّيق . . تَوزَّعتِ الورثةُ ديارَهم وتُراثِهم . .
فمِنهُم والله المُوسعُ له في قبرِه . . الغضُّ الناظِرُ فيه . . المُتنعِّمُ بلَذاتِه . .
يا ساكِنَ القبرِ غدًا . . ما الذي غرَّكَ من الدنيا ؟ . . هل تعلمُ أنكَ تبقى أو لا تبقى ؟ . . أين دارُكَ الفيْحاء ؟ . . أين ثمرُتكَ الحاضِرة ؟ . . أين رِقاقُ ثيابِك ؟ . . أين طِيبُك ؟ . . أين بخورُك ؟ . .
أين كِسْوتِكَ وملابسُكَ صيفـًا وشتاءً ؟ . .
أمَا رأيتَ قد نزلَ الأمرُ فيما هو قبلَك ؟ . . فما يُدافِعُ عن نفسِه . .
أمَا رأيتَ أنه يَرْشحُ عرقًا ؟ . . ويتلظَّى عطشًا ؟ . .
يتقلَّبُ في سَكراتِ الموت . . جاءهُ الأمرُ من السماء . . جاءَ القدَر . . جاءَ القضاء . . جاءَ من الأمرِ
من الأجلِ ما لا يُمتنعُ منه . .
هَيْهاتَ يا مُغمِضَ الوالد . . يا مَن أغمَضْتَ والدَكَ أو أخاكَ أو ولدَك . . يا من غسَّلْتَ الميِّت . .
يا مُكفِّنَ الميِّت . . يا حاملُه . . يا مُخلِّيهِ في قبرِه وراجعًا عنه . .
لَيْتَ شِعري كيف كنتَ على خُشونةِ الثرى ؟ . . ليْتَ شِعري بأيِّ خدّيْكَ يبدأ البَلى ؟ . .
أيُّ عيْنيْكَ سالتْ أوّلاً ؟ . .
يا مُجاورَ الهَلَكات . . صِرْتَ في مَحَلِّ الموتى . .
ليْتَ شِعري ما الذي يَلْقاني به مَلَكُ الموت عند خروجي من الدنيا غدًا ؟ . .
وما يأتيني به من رسالةِ ربِّي ؟ . . . . .
هذا هو قولُ عمر بن عبد العزيز ، ثم ماتَ رحِمَه الله تعالى في ذلك الأسبوع .
اللهم ارحمْه برحمتِكَ الواسعة ، واخْلُفه في عقِبه في الغابرين ، واغفِرْ لنا وله ياربّ العالمين . لاكي

لاكيلاكي جزاكي الله كل خير أختي * ناصرة الدعوة * ..

والله موعــظة أكثر من رائعة وخالدة بالفعل …..

موعظة تدمع لها العين…
جعلنا الله وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه..
بارك الله فيكِ ..

أمَا رأيتَ قد نزلَ الأمرُ فيما هو قبلَك ؟ . . فما يُدافِعُ عن نفسِه . .
أمَا رأيتَ أنه يَرْشحُ عرقًا ؟ . . ويتلظَّى عطشًا ؟ . .
يتقلَّبُ في سَكراتِ الموت . . جاءهُ الأمرُ من السماء . . جاءَ القدَر . . جاءَ القضاء . . جاءَ من الأمرِ
من الأجلِ ما لا يُمتنعُ منه . .

الله يوفقك .. لاكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.