اختلطت الحقيقة بالأسطورة فكانت حكاية شمشون وامرأته دليله ؛ لقد جاء ذكر دليله في العهد القديم ( التوراة ) وجاء ذكرها في بعض الأساطير الرومانية وكتب عن الموضوع الكثير من الكتاب واستلهم الواقعة الشعراء والفنانون فكانت القصائد واللوحات ونشط المنتجون السينمائيون فجعلوا من الأسطورة فيلما ثم أفلاما وكان محور ذلك كله المرأة التي أغوت الرجل الجبار واستدرجته للبوح بسره الذي اعي الأعداء .
عرف شمشون بقوته التي لا تضاهى كان أعداؤه يتميزون غيظا من تلك الطاقة الكامنة في أعماقه وكانوا يتمنون معرفة سرها ومكمن ينبوعها ويروى عن شدة بأسه انه كان يصارع الأسد وحيدا فيمسكه من فكيه ويشقه نصفين كما تشق خرقة بالية من القماش وبينما هو سائر ذات يوم إذا شبل أسد يزمجر للقائه فما كان منه الا أن اقترب منه وامسكه من شدقيه وشقه كشق الجدي ؛ ليس في يده آلة أو سكينا ولما عاد إلى المكان بعد أيام مر برمة ذلك الشبل فإذا دبر من النحل في جوف الأسد مع كوره من عسل فأخذ منه شمشون ما استطاع ونزل المدينة وكان أبوه قد أولم وليمة دعا إليها ثلاثين من الأصحاب ووجهاء البلد ؛ فقال لهم شمشون : لاحاجينكم أحجية فإذا حللتموها في سبعة أيام أعطيكم ثلاثين قميصا وثلاثين حلة ثياب .. وان لم تقدروا على حلها تعطوني انتم ثلاثين قميصا وثلاثين حلة ثياب .
قالوا له : حاج أحجيتك فنسمعها .
قال لهم : من الآكل خرج أكل ومن الجافي ( الجائف ) خرجت حلاوة .
فلم يستطيعوا حل الأحجية في ثلاثة أيام ؛ فقالوا لامرأة شمشون : تملقي رجلك لكي يظهر الأحجية وألا أحرقناك وبيت أبيك بالنار .
فما كان من زوجة شمشون الا أن بكت لديه وقالت : إنما كرهتني ولم تعد تحبني ؛ وألا فما الذي يمنعك من أن تطلعني على سر الأحجية ؟
فلم يقدر شمشون على صدودها وتوسلاتها فاخبرها بسر الأحجية فأخبرت المدعوين فجاؤا شمشون وهم يهزءون منه : أي شمشون ! أي شئ أحلى من العسل ؟ وما الذي اجيف من جوف الأسد ؟!
فاستشاط شمشون غضبا وقال : لو لم تحتالوا على امرأتي ما عرفتم أحجيتي .
وبلغ من قوته انه يصارع مئة رجل فيصرعهم جميعا فجاء خصومه إلى امرأته ( دليله ) وقالوا لها : تملقيه وانظري بم تكمن قوته العظيمة ؛ وبم نتمكن منه لكي نوثقه لإذلاله ولئن فعلت نعطيك كل واحد آلفا ومائة شاقل فضة .
فقالت دليله لشمشون : أخبرني سر قوتك العظيمة .
قال شمشون : إذا أوثقوني بسبعة أوتار طرية لم تجف اضعف أصير كواحد من الناس .
وعندما حل الليل أوثقته بسبعة أوتار طرية والكمين من الخصوم لابث عندها في الدار ؛ وعندما شعر شمشون أن خصومه يترصد ونه حرك جسمه فتقطعت الأوتار كما تتقطع فتاتل القطن عندما تتسرب إليها النار .
قالت دليله : ها قد خنتني وكلمتني بالكذب ؛ فأخبرني ألان بم توثق ؟
قال : إذا أوثقوني بحبال غليظة جديدة لم تستعمل بعد اضعف أصير كواحد من الناس ؛ فجاء لها الخصوم بحبال جديدة فأوثقته بها فلما أحس شمشون بالكمين لابد في الغرفة قطعها عن ذراعيه كما يقطع الخيط الرفيع .
فقالت دليله لشمشون : لقد خنتني وبالكذب فأخبرني بم توثق فتذهب طاقتك ؟ قال: إذا ضفرت سبع خصال من شعري مع السدى ومكنتها بالوتد ذهبت قوتي وصرت كسائر الناس . ففعلت دليله فلما انتبه شمشون من نومه ورأى خصومه يحيطون به انتفض وقلع وتد النسيج والسدى .
فقالت له دليله : كيف تقول احبك وقلبك ليس معي هودا ثلاث مرات خنتني وكذبت على . ولم تخبرني عن سر قوتك . وكانت تضايقه بكلامها وتلح عليه فضاقت نفسه وقال لها :
لم يعل موسى رأسي فان حلقت تفارقني قوتي واضعف و أصير كواحد من الناس .
فأخبرت دليله خصومه من بنى قومها ولما حل الليل انامته على حجرها ودعت رجلا وحلق سبع خصال من رأسه ولما انتبه وجد انه قد ضعف وفارقته قوته ولم يقدر حتى على القيام ؛ فساقه خصومه وقلعوا عينيه واثقوه بسلاسل من نحاس وحديد وتركوه على دوارة الرحى يطحن القمح في بيت السجن وظل هناك إلى حين ؛ في تلك الفترة بدأ شعر رأسه ينبت من جديد أما خصومه فاجتمعوا وذبحوا ذبائح ابتهاجا بالانتصار على شمشون الجبار والولائم ولما أكلوا وشربوا وطابت قلبوهم دعوا شمشون من بيت السجن ليعلب أمامهم بعض ألاعيبه واثقوه قرب الهيكل بين الأعمدة وجعلوا يهزءون منه ويسخرون من قوته .
فغضب شمشون وشعر أن قوته التي فارقته تعود إليه فدنا من حارسه وهمس بأذنه : دعني المس الأعمدة التي يقوم عليها الهيكل وكان الهيكل يمور بالرجال والنساء والأطفال ويتجاوز عدد الحاضرين ثلاثة آلاف رجل وامرأة ينظرون إلى شمشون الأعمى وهو يظهر ألاعيبه وفنونه فدعا شمشون الرب وقال : يأرب انتظرني واشدد آزري يالله ؛ ولو هذه المرة فقط ؛ قبض شمشون على العمودين الرئيسين اللذين كان الهيكل يقوم عليهما ودفع الأول بيمينه والآخر بيساره وقال قولته التي ذهبت مثلا : على وعلى أعدائي .. يأرب
فانهار العمودان وسقف السقوف والجدران ومات كل من كان حاضرا بما فيهم شمشون الجبار نفسه .
منقول
ايام حكايات الجده على نور الفانوس
الله يعطيك العا فيه اخت حصين على هذا النقل الفطين