فاجأتني تلك الكلمات البسيطة والعميقة لشاعر عربي بحقيقة لا تقبل الخلاف، وهي أن أبناءنا ما هم إلا وديعة استودعها الله لدينا، ولكنها ليست ملكًا لنا، وإنما هم ملك لله، والحياة حق لهم. فلِمَ هذا الحرص الشديد على إبقاء الأبناء تابعين ومعتمدين ماديًّا على الآباء في مجتمعاتنا العربية حتى بلوغهم سن العشرين أو ربما الثلاثين ؟!! هل هو الخوف عليهم من مواجهة العالم الخارجي، ومحاولة تأجيل تلك المواجهة حتى حين ؟ أم هو الخوف من استقلالهم المادي، وبالتالي قدرتهم على اتخاذ قراراتهم بشكل فردي بعيدًا عن الأسرة؟ أم أن السبب هو عدم احترام قيمة العمل في حد ذاته في مجتمعاتنا العربية؟
هل فكرت في إرسال ابنك –أو ابنتك- للعمل عندما أتم أعوامه العشرة أو الخمسة عشر أو حتى العشرين ؟ أم انتظرته حتى يكمل تعليمه أولا ثم يبدأ رحلة البحث عن عمل؟!
كثيرة هي الأسئلة التي تطرح نفسها عند متابعتنا لنشاط الشباب العربي خلال العطلات الصيفية، فالشباب إما ممارس للرياضة أو لنشاط ثقافي أو يقضي وقته في الجلوس أمام الكمبيوتر/الإنترنت أو التليفزيون، ولكنْ عدد قليل منهم يعمل خلال فترة الصيف نظراً لحاجته المادية، فعمل الشباب في مرحلة الدراسة مرتبط بالعائلات ذات مستوى الدخل المنخفض التي لا تستطيع تحقيق كل طلبات الأبناء؛ فيلجأ هؤلاء الأبناء للعمل حتى يحصلوا على كل ما يحتاجونه من ملابس وكتب دراسية ومواصلات وخلافه من مصروفات العام الدراسي التالي. بخلاف ذلك فإن نسبة الشباب الذي يعمل خلال العطلة الصيفية من مستوى اجتماعي واقتصادي متوسط أو فوق المتوسط تعد نسبة متواضعة جدًّا، وكأن عمل الشباب في مرحلة ما قبل إنهاء الدراسة هو من قبيل الحاجة المادية فقط!
وعلى النقيض نرى واقع الأطفال والشباب في المجتمعات الغربية .. فمن الصعب أن تجد شابًّا أو شابة لا تعمل في العطلة الصيفية، قد تختلف عدد ساعات العمل والأجور من عمل لآخر ومن سن لأخرى، ولكن تبقى فكرة العمل هي الأساس خلال العطلة الصيفية.
ففي ذلك المجتمع يبدأ الأبناء العمل من سن صغيرة -تسع أو عشر سنوات- فمنهم من يوزع الجرائد أو يغسل السيارات أو يهذب الحشائش الخاصة بحدائق الجيران أو يقوم بجمع مشتريات رواد محلات البقالة في أكياس. كلها أعمال بسيطة، ولكنها ممكنة وتعلم هؤلاء الأطفال فكرة أنه على الإنسان أن يجتهد ويتعب في سبيل الحصول على ما يشاء، فلا بد من الربط وتوضيح العلاقة بين رغبات الأبناء والسبيل لتحقيقها حتى يشعروا بقيمة الأشياء التي يقدمها لهم الآباء بطريقة بسيطة وسهلة.
وعندما يصل الأبناء لسن 16 سنة تصبح الأعمال المتاحة أكثر، فهناك فرص عمل في مطاعم الوجبات السريعة، ومحطات البنزين، ومكتبات الجامعات، وأعمال السكرتارية البسيطة من إدخال بيانات على الكمبيوتر أو الرد على الهاتف، والعمل كجليس أو جليسة أطفال، وقد ظهر مجال جديد لهؤلاء الشباب من خلال الإنترنت؛ حيث يقومون بالبيع والشراء من خلالها مما يوفر لهم الكثير من الأموال.
إن المهم هو العمل في حد ذاته وليس المظهر المرتبط به .. فلِمَ هذا الشعور بالخجل الذي ينتاب أبناءنا من فكرة العمل في مطعم مثلا أو الرد على الهاتف في شركة؟ فما هي حقيقة إمكانيات الشباب في تلك المرحلة من العمر –إن تلك الأعمال تتطلب إمكانيات بسيطة، لكن العمل في تلك السن الصغيرة يعلمهم الكثير من الأشياء الهامة مثل الاعتماد على الذات، والالتزام، والثقة بالنفس، والقدرة على اتخاذ قرار، وتحمل المسئولية والقدرة على التعامل مع الآخرين.
وترى الدكتورة سامية الساعاتي – أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس- أنه قد آن الأوان لغرس قيم جديدة داخل المجتمع؛ لتغيير تلك النظرة الطبقية المرتبطة بعمل الشباب والتأكيد على قيمة العمل، وذلك بالتعاون بين وسائل الإعلام والوزارات المعنية بالشباب والمدارس من خلال حملات قومية يشارك فيها الشباب بالعمل في معسكرات صيفية تخرج وتستنفد طاقاتهم المهدرة؛ لتحولها لأعمال بناءة؛ لترتقي بهم وتخرجهم من دوائر العنف والإدمان والانحراف.
رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) وهو من عائلة ذات حسب ومال كان يعمل وهو طفل برعي الغنم كعادة أهل الحجاز في ذلك الوقت؛ حيث يرسلون أبناءهم للعمل في رعي الغنم، وما شابه من أعمال صعبه حتى يشبوا رجالا مخشوشنين لا مرفهين، كذلك عمله بالتجارة مع عمه وما بها من سفر طويل وعمل شاق، وهو في أولى سنوات شبابه ومدى تأثير ذلك في تكوين شخصيته.
كما أن ديننا الحنيف يحثنا على العمل؛ حيث يصل به لمرتبة العبادة، فعندما يكون العمل مشروعًا وتصحبه النية الصالحة – وهي إعفاف النفس وإغناء الأسرة ونفع الأمة وعمارة الأرض كما أمر الله، ويؤدى بإتقان، فإنه يصل لدرجة العبادة.
ختامًا .. نعتقد أنه لا بد من إعادة تقييم الكثير من الأفكار التي تؤثر على تربيتنا لأبنائنا وسلوكياتنا تجاههم؛ لأن ذلك سيصل بنا إما إلى الإيمان الحقيقي بتلك الموروثات والأفكار أو الرغبة في تغييرها أو بعضها.
فما الداعي لكل هذا الخوف على الأبناء من مواجهة المستقبل؟ فلا بد من يوم سيأتي ويكبرون ويتحملون فيه المسئولية … علموهم أن يكونوا أفراداً نافعين وليسوا أبناء تابعين، وأعطوهم فرصة ليتخذوا قرارات في شئونهم الخاصة فينمو معهم الإحساس بالمسئولية .. فتشعروا بالفخر وأنتم تتابعون نجاحهم في حياتهم
———————
اسلام أون لاين<IMG SRC="http://www.montadalakii.com/ubb/smilies/cwm15.gif" border=0>
العمل بشكل مباشر لطفل في مطعم او أو أو أو…. يزج الطفل في المجتمع وهو مازال لينا هش البنية الفكرية والخلقية …أقصد أنه ما زال في طور التنشئة والبناء …..
وهل تعتقدين يا عزيزتي أن بيئات العمل لدينا نقية لتزجي بها طفل …. الشركات والمطاعم والمحال كلها مختلطة مليئة بالسافرات والمائعات والميّع !! للأسف الشديد !! وهذا مما يحزن فعلا !! -في البلاد المسمة غير الخليجية على الأقل-
أحب هذه الفكرة بشدة ولكن بمجرد ان أتخيل نوعية
الناس الذين سيراهم الطفل والألفاظ التي سيسمعها والاخلاق التي ستتمثل امام عينيه هذا يدفعني للتردد ….. ولكن قد يوجد البديل … فمن الممكن استغلال هذه العطل الصيفية بتدريب الطفل وتعليمه الحرف عند المختصين ممن لهم صلة قرابة أو صداقة بالأسرة …فتعلمين حينها أين تضعين الطفل وعند من وتوصين عليه بما تريه الأنسب للطفل …
فمثلا قد يقضي عطلة عند صديق الأب النجار …وعطلة أخرى عند ابن العم الخطاط … وعطلة ثالثة عند الجار التاجر … يعمل بأجر زهيد أو حتى بدون اجر ولكنه يتدرب ويكتسب الحرف التي حث عليها ديننا الحنيف ويقوي صلته بالمجتمع وفهمة لواقع الحياة والسعي في الأرض وطلب الرزق ….دون ان يكون موظف راضخ لأوامر رئيسه الغريب يتحكم به ويفرض عليه أخلاقيات لا تريدينها له كأم بل يتم تعليمه تحت رعاية وإشراف …..
النمط الأول الذي طرحه المقال نمط غربي بحت لا ينسجم معنا ومع أفكارنا وأخلاقياتنا ومبادئنا التربوية .
ما رأيك ؟!؟!؟!؟!؟
وجزاك الله خيرا
بهذا تكون فكرتك ممتازة ومتناسبة مع المجتمع الإماراتي والتسهيلات الحكومية هناك .
ان يعمل الاطفال في المساجد
او
اللجان الخيريه
او
المكتبات
او
الاعمال التعليميه دون الميدانيه
——————
جلَّ الذي خلقَ الجمالَ وأبدعَ
فغدا فؤادي بالجَمالِ مولّعُ