السرقة هي من الأعمال المرفوضة عرفاً وشرعاً، وهي مبغضة ومستنكرة من الجميع، وينظر إلى فاعلها بازدراء وحقارة ، لكن هل الأمر يختلف فيما لو كان فاعلها صبي أو صبية وبالتالي هل من المعقول أن يعامل الصبي كما يعامل الراشد لو صدرت منه؟
بداية علينا أن ندرك الفروق الأساسية بين السرقة التي تصدر من الأطفال وتلك التي تصدر من الكبار.
*دوافع السرقة لدى الأطفال
ان من أبرز أسباب ودوافع السرقة عند الأطفال هي:
1 – عدم فهم الأطفال أن للآخرين حق الملكية الخاصة، فلا يميز بين الاستعارة والسرقة. 2 – شعور الطفل بالحرمان؛ فيسرق ليعوض حرمانه من الحب الأبوي أو الحنان المفقود أو الاحترام الغائب، أو الجوع القاتل.
3 – التقليد؛ فقد ينفعل الطفل بنموذج سيئ فيقلده دون دراية، والخطر أن يكون هذا النموذج أحد الوالدين.
4 – السرقة بهدف تدعيم احترام الذات بين الأقران.
5 – التفاخر بما يمتلكه أمام الأقران.
6 – التخلص من مأزق معين؛ كعقاب الوالدين لتضييعه النقود.
7- التوتر الداخلي عند الطفل؛ كالاكتئاب أو الغيرة من الطفل الجديد بالأسرة، فيحاول بالسرقة أن يكتسب الشعور الداخلي بالارتياح.
8- الجهل بمعنى السرقة.
9 – سيطرة أصدقاء السوء، خاصة أطفال الأسر المفككة، أو الأطفال منخفضي الذكاء.
10- التدليل الزائد، فأي منع له من الحصول على أي شيء يريده، كما تعود؛ يدفعه للسرقة
. 11 – البيئة غير السوية، فيكتسب منها القيم الإجرامية التي بها يستحل السرقة ويستمرئها.
12 – العناد للإساءة لوالديه.
13- مجرد عادة منذ الصغر، لم تكتشف ولم تقوّم من قبل الوالدين.
وهناك الكثير من العوامل الأخرى التي تلعب دوراً غير مباشر في خلق حالة السرقة لدى الطفل..
فالعلاقة الجافَّة بين الطفل ووالديه على سبيل المثال والتي تأتي نتيجة عدم إشباع حاجته من الحُبِّ
والحنان ، أو لتعرُّضِه للعقوبة القاسية ، أو لِشَدَّتِهما في التعامل معه في المرحلة الأولى من عمره ، أو
لعدم تعزيز شعوره بالاستقلال في المرحلة الثانية من عمره ، تدفع بالطفل في كثير من الأحيان إلى السرقة خصوصاً في السابعة من عمره. كما إن شعور الطفل بالعزلة في المرحلة الثانية من عمره وهو الوقت الذي يؤهله لاتخاذ موقعه في المجتمع وبين أقرانه تعد جزء من تعاسته، ولذا يندفع إلى السرقة لإغراق أصدقائه بالشراء والهدايا في محاولة لكسب ودهم نحوه ، بعد أن فشل في كسبهم لضعف شخصيته ، أو يريد أن يتباهى أمام أقرانه بفعله البطولي في السرقة ، لينجذبوا نحو شخصيته القوية كما يتصوَّر.
*الوقاية من السرقة :
إن الطفل الذي يمارس السرقة في المرحلة الثانية من عمره بالرغم من عيشه بين أبويه اللذين لا يبخلان عليه بما أمكن من الألعاب والأمور الخاصة به ، إن طفلاً كهذا تسهل معالجته وتقويمه من خلال الوقاية من أسباب السرقة المتقدمة ، إضافة إلى إشباع حاجته للحنان ، والتأكيد على استقلاليته ، ومساعدته على اختيار الأصدقاء . والوالدين يجب أن يتعاملوا مع أبنائهم بعد بلوغهم الخامسة من العمر حين يمارسون السرقة بحزم وقوة ، ولا نقصد بها القسوة والشدة ، بل يكفي أن يفهم الطفل أن هذا العمل غير صحيح وغير مسموح به ، ولابُدَّ من إرجاع ما أخذه إلى أصحابه والاعتذار منهم . ويجب الالتفات إلى نقطة مهمة وهي : أنه من الخطأ إشعار الطفل بالذل والعار ، لأنَّ تصرّفاً كهذا يدفع الطفل إلى السرقة وبشكل أضخم من الأول ،
ويدفعه إليه حبه في الانتقام ممَّن احتقره وامتهنه، ولهذا على الوالدين أن يهتما بالنقاط التالية:
1 – ازرعا في طفلكما القيم الطيبة.
2 – احترما خصوصيات الطفل قبل أن تطالبانه باحترام خصوصيات الآخرين.
3 – ركّزا على خلق الأمانة كخلق إسلامي أصيل. 4
4 – كونا قدوة صالحة أمام ولدكما.
5 – كوِّنا علاقة حميمية مع ولدكما. 6
6 – كونا صديقين لولدكما.
7- اجعلا لولدكما مصروفًا منتظمًا.
8- لا تتركا محفظتكما أمامه.
9- علِّما ولدكما معنى وكيفية استعارة أشياء الآخرين.
0 1- راقبا طفلكما وتابعا نشاطه اليومي.
11 – اهتما بمعرفة سمة المرحلة التي يمر بها طفلكما.
12 – احرصا على تطبيق فن التعامل مع سمات المرحلة التي يمر بها ولدكما.
*التعامل مع السارق:
وأفضل طريقة عندما يأخذ الأطفال أشياء لا يمتلكونها هي:
1- أن يقال له بهدوء حتى يتعلم حدود الملكية: هذا الشيء (ويسمى له) ليس ملك "علي"، بل هو لـ"حسن" مثلاً، فإذا أردت أن تأخذه فاستأذن منه أولاً، ونمثل أمامه حوارًا يدل على طريقة الاستئذان. 2- أن يعيش الأبناء في وسط عائلي يتمتع بالدفء العاطفي بين الآباء والأبناء. 3- يجب أن نحترم ملكية الطفل ونعوده على احترام ملكية الآخرين، وأن ندربه على ذلك منذ الصغر مع مداومة التوجيه والإشراف. 4- كذلك يجب عدم الإلحاح على الطفل للاعتراف بأنه سرق؛ لأن ذلك يدفعه إلى الكذب فيتمادى في سلوك السرقة والكذب.5- ألا يعيّر بما فعل من قبل. 6- ضرورة توافر القدوة الحسنة في سلوك الكبار واتجاهاتهم الموجهة نحو الأمانة.7- أن نحكي ونمثل معه حكايات عن الأمانة.
*علاج السرقة :
هناك ثلاث خطوات منهجية لعلاج داء السرقة عند الأطفال.
الأولى، الفهم؛ أي فهم المرحلة العمرية التي يمر بها الطفل وأهم ما يميزها على المستوى العاطفي والنفسي والإجتماعي. والثانية المصارحة؛ ويتم ذلك عبر جلسة خاصة مع الصغير أو الصغيرة المبتلى بالسرقة والتي يجب أن تتميز بالهدوء، ومراعاة فن التعامل مع مرحلته العمرية، والسيطرة على الإنفعالات، وتجنب الإتهام المباشر، ومعرفة مدى وعي الصغير بخطورة الأمر، وكذلك دوافع فعلته. الخطوة الثالثة، المواجهة وذلك عبر توضيح معنى السرقة وحكمها وعقوبتها بالطبع بما يتناسب مع فهم الطفل والمرحلة العمرية والعقلية التي يمر بها، وبلغة متناسبة مع كل ذلك، وكذلك تلبية متوازنة لحاجات الطفل مع الحرص على إعطاء الطفل مصروفاً مناسباً للمستوى الاجتماعي الذي يعيش فيه، وعلاج الأسباب والدوافع، وأيضاً المحافظة على سر الطفل أمام الآخرين.