تخطى إلى المحتوى

مرجوحة الفقراء 2024.

يوم أمس ، كنت خارجا من صالة عمليات الطوارئ برفقة صديقي الدكتور تحسين علي في نهاية الدوام الرسمي ، وقرب باب الاستعلامات ونحن نهم بالخروج ، رأيت أحد مضمـدي
ردهة الطوارئ يقبل نحونا مسرعا وهو يصيح : دكتور مؤيد يريد دكتور أبو علاء ، فهمت على الفور أن صديقي الدكتور مؤيد النعمة يواجه موقفا حرجا في ردهة الطوارئ ، وانه يحتاج إلى خبرتي ومساعدتي كطبيب مخدر ، كما فهمت أن هذا المضمد لا يعرفني حتى بالاسم ، فقلت له : أنا أبو علاء ، ماذا تريد ؟ فقال لي بلهفة : دكتور مؤيد يريدك فورا ، فعندنا طفلة التف الحبل حول عنقها ودكتور مؤيد قربها الان0
ركضت إلى الردهة وخلفي الدكتور تحسين ، وعندما دخلت الردهة رأيت الدكتور مؤيد منحنيا على السرير يحاول إسعاف طفلة ممددة يبدو أنها في حالة إغماء وقد ازرق وجهها وتحشرجت أنفاسها ، وحول السرير حشد كبير من الناس ، دفعت من كان في طريقي إلى أن وصلت إلى دكتور مؤيد ونظرت إليه مستفهما ، فقال لي : أبو علاء ، الله يخليك ، هذه الطفلة كانت تلعب بمرجوحة ( ديدية ) والتف الحبل حول عنقها وخنقها ، الله يخليك بسرعة0
نظرت إلى الطفلة ، أحسست بقلبي يعتصر كمدا ، كانت ترتدي ملابس رثة ، ويبدو عليها أنها فاقدة الوعي وقد ازرقت شفتاها و جحظت عيناها وهي تتنفس بصعوبة شديدة ، وأدركت ما حدث : هذه الطفلة في عامها العاشر تقريبا ، جاءت بحبل ، وعلقته بسقف أو شجرة ، ووضعت عليه وسادة ، وجلست عليها تتأرجح ضاحكة مسرورة ، وفي أثناء لعبها التف الحبل حول عنقها فخنقها ، وهي الآن تواجه خطر الموت المحقق إن لم أتدخل فورا ، اخبراهم إنني أريد الطفلة بسرعة في صالة العمليات ، لاينني لن أستطيع إنقاذها في الردهة لحاجتي إلى أشياء كثيرة موجودة في الصالة ، ثم عدوت مسرعا إلى الصالة وخلفي والد الطفلة يحملها بين ذراعيه وخلفنا دكتور مؤيد ودكتور تحسين وأم الطفلة واخوتها الصغار0
وفي صالة العمليات ، عكفت على محاولة إنقاذ الطفلة مع دكتور مؤيد ودكتور تحسين ، يساعدني في كل خطوة مساعدي الكفوء يونس أبو ياسر ، وضعت لها أنبوبة تنفس و مغذي وكل العلاجات والأدوية التي تحتاجها ، وكان العرق يتصبب منا ونحن نتناوب ضخ الأوكسجين لها ، إلى أن بدأت الطفلة تتنفس بحرية لوحدها دون مساعدتي ، وبدأت تحرك يديها وقدميها ، وأنا أراقبها باطمئنان وسرور ، متوقعا أن تكون عودتها إلى وعيها تماما مسالة وقت فقط، ثم أمرت بنقلها إلى ردهة العناية المركزة ، وخرجت مع الدكتور تحسين وأنا اشعر بارتياح عميق0
واليوم ، وفور مجيئي صباحا إلى المستشفى ، اتصلت بالعناية المركزة لاسمع منهم الأنباء السارة عن الطفلة ،ولكنني فوجئت بإبلاغي أن الطفلة قد ماتت مساء أمس 0
حزنت جدا لهذا الخبر ، وذهبت إلى العناية ، حيث علمت أن الطفلة المنكودة قد بقيت عدة ساعات تصارع الموت لإصابتها بوذمة رئوية اثر الحادث قبل أن تصل إلى المستشفى ، وانهم حاولوا معها كل العلاجات الممكنة أمام ذويها الذين سمح لهم بالدخول ليروها ، ولكن جهدهم لم يثمر ، وجاء أمر الله ورحلت الطفلة المسكينة إلى بارئها تغمدها الله برحمته والهم أهلها الصبر على قضائه0
غادرت العناية صامتا واجما ، حتى أنني لم انتبه لتحيات بعض زملائي أثناء سيري عائدا إلى عمليات الطوارئ ، إلى أن وصلت غرفتي ، حيث جلست أفكر في تلك المسكينة ، إنها مجرد طفلة صغيرة انساقت مع رغبتها الطبيعية في اللهو واللعب ، فجاءت بهذا الحبل وصنعت منه أرجوحة تلهو بها ، هل كانت تعلم أن هذا الحبل سيكون سبب موتها ؟ وهل يكون الموت مصيرها لمجرد أنها أرادت أن تلعب وتمرح كأي طفل في العالم ؟
موقف محزن الله يعينكم يالدكاتره على هالمواقف

والله يلهم اهلها الصبر والسلوان ويعوضهم خيرا منها

وليش هالمرجوحه اسمها مرجوحة الفقرا ء…بيت اهلي على الطراز الحديث لكن هالمرجوحه ما نستغني عنها …صح الحين صارت متطوره بحبل واسفلها قطعة بلاستيك…بس لكثرة الاطفال ماشاء الله اضطرينا لزيادة الحبال واستعنا بالوسائد …صدقني حتى اولادي واولاد اخواني مهاوشات عليها وانا غذا رحت لاهلي احب العب فيها …رهيبه

انا يا سيدتي الكريمة a&a لم اتحدث عن مواصفات المرجوحة .. انا تحدثت عن بؤس طفلة فقيرة لم تجد الا هذه اللعبة .. فقط .. وبمواصفات بدائية اودت بحياتها
شكرا للتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.