يمشي هوناً ،
سريع المشية ،
واسع الخطو ،
إذا مشي كأنما ينحط من صبب ، يهبط بقوة ،
و إذا التفت التفت جميعاً . خافض الطرف ،
نظره إلي الأرض أطول من نظره إلي السماء ،
جل نظره الملاحظة "لا يحدق"
يسوق أصحابه يمشي خلفهم
و يبدأ من لقيه بالسلام.
قلت : صف لي منطقه . قال :
كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) متواصل الأحزان
، دائم الفكرة ،
ليست له راحة ،
و لا يتكلم في غير حاجة ،
طويل السكوت ،
يفتتح الكلام و يختمه بأشداقه "لا بأطراف فمه"
و يتكلم بجوامع الكلم ، فصلا لا فضول فيه ولا تقصير
دمثاً ليس بالجافي أي ليس بالمهين
يعظم النعمة و إن دقت
لا يذم شيئاً ، و لم يكن يذم ذواقاً "ما يطعم" و لا يمدحه
و لا يقام لغضبه ، إذا تعرض للحق بشئ حتي ينتصر له
لا يغضب لنفسه ولا ينتضر لها "سماحة"
إذا أشار أشار بكفه كلها
و إذا تعجب قلّبها أي قلب يده اليمنى على اليسرى
و إذا غضب أعرض و أشاح
و إذا فرح غض طرفه إستحياءا
جل ضحكه التبسم
و قال ابن أبي هالة يصف مخرجه (صلى الله عليه وسلم) علي الناس :
كان (صلى الله عليه وسلم) يخزن لسانه إلا عما يعنيه
يؤلف أصحابه و لا يفرقهم
يكرم كريم كل قوم و يوليه عليهم
و يحذر الناس و يحترس منهم ، من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره
يتفقد أصحابه ، و يسأل الناس عما في الناس
و يحسن الحسن و يصوبه ، و يقبح القبيح و يهونه
معتدل الأمر غير مختلف
لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا .
ثم قال يصف مجلسه (صلى الله عليه وسلم) :
كان (صلى الله عليه وسلم) لا يجلس و لا يقوم إلا علي ذكر
و لا يوطن الأماكن أي لا يميز لنفسه مكانا إذا انتهي إلي القوم ، جلس حيث ينتهي به المجلس و يأمر بذلك
و يعطي كل جلسائه نصيبه ، حتي لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه
من جالسه أو قاومه لحاجة صابرة حتي يكون هو المنصرف عنه
و من سأله حاجة لم يرده إلا بها ، أو بميسور من القول
قد وسع الناس بسطه و خلقه ، فصار لهم أباً
و صاروا عنده في الحق متقاربين
يتفاضلون عنده بالتقوي
مجلسه مجلس حلم و حياء و صبر و أمانة
لا ترفع فيه الأصوات
يتعاطفون بالتقوي . يوقرون الكبير و يرحمون الصغير
و يرفدون ذا الحاجة ، و يؤنسون الغريب .
و قال يصف سيرته :
كان دائم البشر
سهل الخلق
لين الجانب
ليس بفظ و لا غليظ ، و لا صخاب ، و لا فحاش و لا عتاب و لا مداح
يتغافل عما لا يشتهي و لا يقنط منه
قد ترك نفسه من ثلاث : الرياء و الإكثار و ما لا يعنيه
و ترك الناس من ثلاث : لا يذم أحدا و لا يعيره ، و لا يطلب عورته و لا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه
إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما علي رؤوسهم الطير . و إذا سكت تكلموا . لا يتنازعون عنده الحديث
من تكلم عنده أنصتوا له حتي يفرغ حديثهم حديث أولهم
يضحك مما يضحكون منه . و يعجب مما يعجبون منه
و يصبر للغريب علي الجفوة في المنطق و يقول : إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلب فأرفدوه
صلى الله على نبينا و حبيبنا محمد رسول الله
كتبه الشيخ / محمد الناعم يوم الأثنين 16 ذي الحجة 1445 الموافق 22/11/201
على ورقه من داخل مكتبة المسجد النبوي الشريف
0