الجنين الذي يسكن في بطن أمه لسنين ظاهرة اختلف عليه الدين والطب 2024.

نواكشوط "أنصاف" بشير بابانة

تحدثت مجلة سيدتي قبل فترة في تحقيق مثير عن تمكن فريق طبي مغربي من إخراج جنين سكن بطن أمه، التي تجازوت السبعين، أكثر من خمسين سنة، ويصل وزنه إلى حوالي ثلاثة ونصف كيلو غرامات ، ورغم غرابة هذه الحالة إلا أنها ليست استثنائية كما قد يتوقع البعض فظاهرة مكوث الجنين في رحم المرأة عدة سنوات ظاهرة تكاد تكون حالة طبيعية داخل المجتمع الموريتاني، وكثيراً ما يأتي مولود هذه الظاهرة وسط أهازيج وفرحة الأهل والمجتمع.

لكن شرعيته تبقى مثار جدل شديد بين الدين، الذي يعترف به حفاظاً على استقرار الأسرة وخشية ضياع الأنساب، وبين الطب الذي يعتقد أن الظاهرة نتاج عقلية شعبية خرافية لا تستند إلى أي أسس علمية.

يرى الدكتور محمود الأمين، مدير مستشفى ابن النفيس أن الخرافة تساهم دائماً في تثبيت بعض الظواهر في حياة المجتمعات، فبقاء الجنين في رحم المرأة يجعله عبارة عن كيس من المواد السامة، التي تتسرب عن طريق حبله السري إلى الدورة الدموية للحامل، فيودي ذلك بحياتها، ولذا فإن الطبيب مطالب بالتدخل بعد تجاوز المرأة لشهرها العاشر بإنقاذها وإنقاذ الجنين، وبالتالي فهذه الظاهرة محض خرافات شعبية تلوكها ألسن كل المجتمعات وقد يذهب البعض إلى تصديقها؟

ويسخر د.الأمين من الآراء القائلة بإمكانية حدوث هذا الأمر قائلاً: "يجب على
الطفل، الذي بقي في رحم أمه كل هذه السنين أن يتوجه فور خروجه إلى الجامعة.

ويتفق مع رأي د. الأمين الصحفي خطري ولد عبد الرحمن حيث يقول: "ما يعرف عندنا على نطاق واسع بظاهرة اختفاء الجنين في رحم المرأة لعدة سنوات لايستند على أي مشروعية علمية، بإجماع الأطباء، كما يفتقر إلى أي مسوغ ديني، ورغم ما يحاوله بعض المرابين من تلبيس هذه الظاهرة بمسحة علمية أو أخلاقية فإنه لا أحد يستطيع أن يتقدم بأي حجة، مهما كانت واهية لإعطاء برهان منطقي ومقبول.

لكن الأمين العام لرابطة العلماء الموريتانيين الشيخ حمدا ولد التاه له رأي آخر حيث يقول:"لقد تكلمت عن هذه الظاهرة أكثر من مرة وخلاصة قولي فيها أنه إذا كان بعض علماء الطب الحديث يرون أنها غير مثبتة طبياً، فقولهم لايرقى إلى درجة القانون العلمي، وإنما هي مجرد نظرية مؤقتة، قد يكتشف العلم خلافها، وكما بينت أن الشريعة في علاقتها بـ الاستلحاق في مختلف الوسائل، مبسطة
وتهدف إلى أمرين، أولاً إقامة النسب: فالإسلام يهدف إلى أن يكون للإنسان نسب، والثاني الستر على المرأة: فالإسلام لا يريد أن يفضح المرأة قبل "اللحاق"، وقد تردد الفقهاء في مدته الزمنية، فمنهم من أوصله إلى سبع سنوات، ومنهم ما دون ذلك يقول الإمام القرافي"إ ن اللحاق من المسائل التي اعتبرها الإسلام نادرة، وهي إلحاق الولد لفترة لا يرى فيها الأطباء أنها ممكنة"، وإذا كان الأطباء المعاصرون ينادون بأن هذا غير ممكن فإن أقوالهم قديماً كانت نفس المقال؛ ولكن الفقهاء نصوا على عدم الالتفاف إلى أقوالهم.

وغاية ما يمكن أن نصل إليه في هذا المجال أننا عندما نحدد اللحاق بفترة قصيرة جداً ينتج عن ذلك أمران سلبيان:
الأول: كثرة الأولاد، الذين لا آباء لهم والثاني: وقوع فضيحة في أكثر شريحة من النساء وهن بريئات، فما المانع ونحن نجد من دوحة الشريعة الإسلامية أن نستر المرأة بما سترها الله به، ولماذا لانلحق ولداً استلحقته الشريعة في أكثر من مذهب، كل هذا فقط من أجل رأي الأطباء، الذين قد ينظر إلى كشوفهم في نواكشوط فتكذب في داكار، ثم يكذب ما وصل إليه أطباء داكار في باريس، وأطباء باريس في نيويورك وهلم جر.

فالحقائق العلمية لم نصل إليها بعد، وإذا كان العلم يعترف بكمون بعض الفيروسات في الجسم لفترة طويلة، فلماذا لا يعترف بكمون المواد المنوية التي لا يزال بعضها مخزن في المختبرات من بقايا الحرب العالمية الثانية.

من جهته يقول محمد المامي ولد اجة "طبيب أعشاب": هذه الظاهرة موجودة ومعترف بها من قبل الأقدمين، وأنا حسب تجربتي أعرف مجموعة من الحالات، التي لا تدع مجالاً للشك في وجود هذه الظاهرة، منها على سبيل المثال، رجل جزائري قدم إلى إحدى مناطق البلد، وكان يختلف اختلافا كلياً عن أبناء هذه البلدة، والقصص تتشابه.