وصلنا إلى البيت فوجدنا كل العائلة مجتمعة لاستقبالنا؛ الأبناء والأحفاد والعمات والأخوات وربة الأسرة – طبعًا – وزوجها… حظينا باستقبال قمة في الحرارة والحفاوة فلم نحس قط بالغربة في هذا البلد الشقيق
دخلنا البيت فبدأ التعارف والتحية والسلام.. فجأة خرجت هي من المطبخ ومرت بسرعة لتأخذ بعض الأشياء من الغرفة المجاورة.. قمت استعدادًا للسلام عليها لكنها عادت ودخلت المطبخ مبتسمة مسرعة وكلها حياء ولسان حالها يقول: لا عليك أيتها الضيفة المحترمة.. أرجوك لا تبالي بوجودي.. واصلي حديثك.. لست مجبرة على السلام علي… فجلست واجمة كما توسلت إلي بذلك عيناها الجميلتان
علمت بعدها أنها الخادمة.. فتاة جميلة وسيمة في السادسة عشرة من عمرها جاءت من بلاد بعيدة فقيرة لتعول أهلها وتساعد أمها الأرملة على مصاعب الدهر.. أكلنا في جو كله مرح وفرح وحديث ونكت وابتسامات وقهقهات، والشابة ذات الابتسامة الدائمة في المطبخ وحدها، لا أدري أكانت تتناول غذاءها أم تواصل أشغالها التي لا تنتهي؟.. أم أنها كانت سارحة بقلبها مرفرفة بروحها إلى بيت أهلها البعيد باحثة عن حضن الأم الدافئ وصخب إخوتها الصغار
هات يا روزيتا الخبز.. ارفعي يا روزيتا الصحون… اذهب يا ولدي لروزيتا تأخذك إلى الحمام روزيتا رجاء قليلا من الثلج… روزيتا.. روزيتا.. روزيتا.. خرجنا إلى الحديقة الجميلة لنتناول الشاي والقهوة وكان نفس السيناريو.. ونفس المشاهد.. روزيتا وزعي المثلجات على الأطفال.. روزيتا ردي على الهاتف.. افتحي الباب يا روزيتا… واستمر الأمر كذلك إلى ساعة متأخرة من الليل وروزيتا الشابة الوسيمة كالجندي المرابط… وجاء وقت النوم فهرعت الوردة النجمة وهذا معنى اسمها – روزيتا – هرعت إلى زنزانتها لتنام.. تنام في المطبخ.. ففيه تأكل وفيه تستريح وفيه تعمل وفيه – قَطْعًا – تبتلع دموعها، وله تحكي آلامها، وعلى جدرانه تَعُدُّ الأيام والشهور لتعود لأهلها ببعض النقود والهدايا
أي شريعة هذه؟ بل أي منطق إنساني هذا؟ كيف بدا الأمر عاديًّا ومسلمًا به لدى كل الحضور؟ أليست روزيتا إنسانًا مثلي ومثلك؟ تتعب وتسأم… شابة تحب الأنس كقريناتها وتكره الأكل وحيدة كأنها بعير أجرب؟ أنرضى هذا الوضع لبناتنا أو أخواتنا؟ أي معنى لإسلامنا إن لم نحس بالإنسان كإنسان؟ أي فائدة أن نتلو قرآننا آناء الليل وأطراف النهار إن كان هناك من يقول فينا: اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس؟ أين نفر عندما يقفون ليحاجونا أمام الله ويشكونا إليه يوم القيامة؟ أين وصف نبينا للخدم "إخوانكم"… "إخوانكم"؟ أبعد هذا نرجو الرحمة لأمتنا؟! من أين تأتى هذه الرحمة؟ نعم الخدم يحتاج إليهم كثير من الناس، ولكنْ فرق أيها الناس بين الخدم والعبيد، بل العبد يجب أن يأكل مما نأكل ويلبس مما نلبس فكيف بالأحرار الذين استعبدناهم بالدرهم والدينار؟!.. نعم الخدم يقتاتون من خدمتهم للناس، ولكن يرفض الإسلام – بل الإنسانية – أن نستغل حاجتهم لنا لنرهقهم ونكلفهم ما لا يطيقون؟… أماتت قلوبنا وعميت أبصارنا حتى أصبحنا لا نعرف الرحمة إلا لفلذات الأكباد وذوي الرحم والأقرباء وباقي الناس إلى الجحيم ؟
مرت ثلاثة أيام عليَّ وكأنها شهر رغم حفاوة الاستقبال ولطف أهل البيت وكرمهم… وحان وقت الرحيل فسلمت على الجميع، وما ارتاحت نفسي حتى دخلت المطبخ فأسرعت روزيتا مستعدة للخدمة، فانحنيت أقبلها شاكرة ممتنة على ما قدمته لي وللحضور من خدمات، داعية لها أن يجازيها الله كل خير وسائلة منها الدعاء، فامتلأت عيناها دموعًا واعتذرت لغير ذنب وشكرتني على ما لا أدري
هذه القصة جزء صغير جدًّا من أحداث حقيقية، تمنيت لو أنني كتبتها يوم ثورتي وألم قلبي، وهأنذا أكتبها بعد حدوثها بكثير… ترددت في كتابتها؛ لأنني كنت أعتبرها خيانة لمن فتح لي بيته، ولكن موضوع الخدم موضوع عام، ومآسيه منتشرة في كل بلدان الخليج وحتى في بلدان المغرب العربي؛ لذلك رأيت أنني عندما أكتب لا أتكلم عمَّا شاهدته عند من أكرمني وأحسن ضيافتي، وإنما أتحدث عن الموضوع ككل، فأبرئ ذمتي لأنني لم أتمكن من الحديث في الموضوع مع مضيفتي
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
منقول
اللهم اهدي المسلمين والمسلمات هدا مافي وسعي قوله لامثال هاؤلاء
سلمت يداك
ولا يحرمنا منك
جزاك الله خيرا على هذا الطرح الاكثر من رائع
الحمد لله رزقني الله بام تخاف دعوة المظلوم فعندما نحتاج الى* خادمة * فانها تنام معنا في غرفة البنات و بما انني البنت الكبرى فان اشغال البيت مقسمة بيني و بينها يدا بيد و تاكل معنا على نفس الطاولة و من نفس الاكل لانها بشر مثلنا و قد سخرها الله لنا لتساعدنا فيما عجزنا عن القيام به بمفردنا و قد اوصانا رسول الله صلى الله عليه و سلم ان نعطي الاجير اجرته قبل ان يجف عرقه فحري بنا ان نفكر مليا فيمن يعملون عندنا
ياريت فعلالالالا نبطل النفرقه دى
احنا كلنا بشر
تسلم الايااادى