تحمل المؤمنة الصادقة همّ حيائها وعفافها و الفاسقة على عكس ذلك.
اليكم هاته المقالة الرائعة ل د. سلطانة المشيقح.
عن عمران بن حصين رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( الحياء لا يأتي إلا بخير) رواه البخاري ومسلم .
وحقيقة الحياء : أنه خلق يبعث على ترك القبائح ويمنع من التقصير في حق صاحب الحق .
ووالله إن فقدت المرأة حياءها لباطن الأرض خير لها من ظاهرها .فتأملي ـ يا رعاك الله ـ قصة فاطمة ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي تحاور أسماء بنت عميس:
قالت : يا أسماء إني لأستحي أن أُخرج جسمي غداً على الرجال من خلال هذا النعش ( وكان النعش عبارة عن خشبة مسطحة يوضع عليها الميت ثم يطرح عليه الثوب فيصف حجم جسمه ).
قالت أسماء : أوَلا نصنع لك شيئاً رأيته في الحبشة ، فصنعت لها النعش المغطى من جوانبه ثم طرحت عليه ثوباً فكان لا يصف الجسم .
فلما رأته ـ فاطمة رضي الله عنها ـ فرحت به وقالت لأسماء : ما أحسن هذا وأجمله ، سترك الله كما سترتيني .
قال ابن عبد البر : كانت أول من غطي نعشها في الإسلام على تلك الصفة .
أخية :
أرأيت كيف تحمل المؤمنة الصادقة همّ حيائها وعفافها وحجابها بعد موتها ، وهذا المعنى أكده الإسلام وذلك في طريقة تكفين المرأة في خمسة أثواب .
إن فاطمة رضي الله عنها خشيت إذا هي ماتت أن تُحمل على تلك النعوش المسطحة فيكون خدشاً لحيائها ، وحشمتها ، تريد أن تعيش عفيفة وتموت وتحشر كذلك ، إن الحياء والحجاب عند المؤمنة الصادقة قضية لا تقبل النقاش ، ولا تحتمل المساومة ، إنه طاعة لله سبحانه ، واستجابة لأوامر الله ، وانقياد لحكمة الله .
إن الحجاب عنوان صلاح المرأة ، ودليل اعتزازها بدينها ، وشعارها الذي ترفعه في وجه أعدائها وكل من يخالفها ، إن هناك من يقول : إن الحجاب تخلف ورجعية ، وتقييد للحرية!!
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء )
نعم : الملتزم بشرع الله ــ في هذا الزمان ــ ظاهراً وباطناً غريباً ، فلا تحزني بقلة السالكين والسالكات لطريق النجاة ، ولا تغتري بكثرة الهالكين والهالكات ، وتأملي قول الله عز وجل : ( وقليل من عبادي الشكور) ، وقوله : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) ، وقوله : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) ،
إن هناك من تعرف الحق ، ولا تعمل به ثم عندما يوجه إليها النصح بالالتزام بشرع الله تكابر ، وتقول الناس هكذا يفعلون!!!!
وعجباً لها : أيخلصها من عذاب الله وحسابه أن الناس يفعلون ذلك ؟؟
أخيتي :
هبي أن الناس ـ جميعاً ـ أخطأوا أفتخطئين ؟؟ أليس لك قلب يعي ، وفكر يدرك ؟؟
ألم يقل الله عز وجل : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ) .
إنه خطاب واضح لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، وبناته ، وعموم نساء المؤمنين بإدناء الجلباب ، والجلباب : هو كل ساتر من أعلى الرأس إلى أسفل القدم ، وكل ما تلتحف به المرأة فوق درعها وخمارها .
قال عليه الصلاة والسلام : ( المرأة عورة إذا خرجت استشرفها الشيطان ) رواه الترمذي ، وقال حديث حسن ، وهنا تكمن الحكمة في الحجاب فهو صيانة للمرأة من أن يخدش حياؤها وعفافها ، وتخدش حشمتها ، ومع شديد الأسف ـ نرى اليوم ـ ما يندى له الجبين من عباءات بدلاً من أن تستر زينة المرأة أصبحت هي زينة في حد ذاتها من المخصّرة والمطرزة ،والشيفون الذي يُرى ما تحته من لباس ، ومن مبخرة تفوح منها أزكى الروائح ، وهذا مخالفة صريحة لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم من أن تستعطر المرأة وتخرج فيجد الرجال من ريحها ، بل عدها زانية ، إذن أين حياؤها من الله عز وجل ؟ أين تطبيقها لشرع الله سبحانه ؟؟ أين هي من فاطمة رضي الله عنها ؟؟ وغيرها من الصحابيات اللاتي سارعن إلى تنفيذ الأمر بالحجاب …
تقول عائشة رضي الله عنها : [ والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، ولا أشد تصديقاً لكتاب الله ، و لا إيماناً بالتنزيل !!! لقد أُنزلت سورة النور : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها ، يتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته ، وعلى كل ذي قرابته ، فما منهم امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل ( وهو كساء من صوف نُقشت عليه تصاوير الرحال) فاعتجرت به ( أي تلففت به ) تصديقاً بما أنزل الله من كتابه ، فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان ] من فتح الباري ، كتاب التفسير، فقد أمر الله خير نساء الأمة بالتستر عن أزكى رجال الأمة أبي بكر وعمر وعلي وعثمان ……..وغيرهم مع صلاح المجتمع في ذلك الزمان ، ومع ذلك لم تجادل الواحدة بل سارعت في التنفيذ .
فكيف الحال مع كثرة الفساد في هذا الزمان ؟ الواحدة تتحدث مع الرجال ، وتتكسر في كلامها ومشيتها ، وتخلو بمن لا يحل لها .
أيتها الحبيبة :
اعلمي أن الحجاب عبادة تتعبدين الله بها وليس عادة ، فسألي الله الثبات على هذا الدين ، وإليك أموراً تعينك على الثبات على دين الله :
1ـ الدعاء : إن من صفات المؤمنين أنهم يتوجهون إلى الله بالدعاء أن يثبتهم ؛ لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيفما شاء ، [ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ][ ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا ] [ اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ] [ اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة].
2ـ ذكر الله : على كل حال فمن أعظم ما يستعان به على الثبات على دين الله ( ذكر الله) وتأملي قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً) الأنفال / 45 ، فجعل من أعظم ما يعين على الثبات في الجهاد (ذكر الله ).
3ـ قراءة القرآن : وهو أعظم الذكر فهو يزكي النفس ، ويزرع الإيمان ، ويزيد الصلة بالله ، ويغرس الطمأنينة في القلوب ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
4ـ الصحبة الطيبة : قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر) فالإخوان الصالحون مصدر أساسي للثبات ؛ لأنهم العون ـ بعد الله ـ على طريق الخير والحق والرشاد ، فالزميهم ؛ لأن الصاحب ساحب إما إلى الخير وإما إلى الشر .
5ـ عدم الاغترار بالباطل : قال تعالى : ( لا يغرنّك تقلب الذين كفروا في البلاد) فهناك من اغتر بالحضارة الغربية ( وتقلبهم في البلاد) !!! ( متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ).
6ـ ذكر الجنة وتأملها : فقد كان يمر الرسول صلى الله عليه وسلم على ياسر وعمّار وأم عمّار وهم يؤذون في سبيل الله فيقول : ( صبراً آل ياسر ، صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة) فالذي يعلم بأن ثباته على دين الله سيؤدي به إلى الجنان ، وأن عدم الثبات سيفوّت عليه ذلك فبلا شك ستهون عليه مشقة العمل وهو يسير إلى الله .
كذلك تذكر أحوال النار والحشر والقبر والحساب والموت كل ذلك يحمي ـ بإذن الله ـ من التردي في مهاوي الهلاك ، وتثبته في الوقوف على دين الله .
7ـ التقرب إلى الله بالطاعات : بالنوافل بعد الفرائض ( ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب مما افترضته عليه ، و لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ) فالله يسدده في سمعه وبصره ويده ورجله … وذلك بسبب فعله الطاعة وبعده عن المعصية فكان جزاه التثبيت من الله في كل شأنه .
{4} أم زفر سعيرة الأسدية :
أخرج البخاري في كتاب المرضى ، عن عطاء بن أبي رباح قال : قال ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى ، قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إني أصرع وإني أتكشف ، فادع الله لي . قال : إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك . فقالت : أصبر ، فقالت : إني أتكشف ، فادع الله لي أن لا أتكشف ، فدعا لها ) .
وهنا أقف وقفات حول هذا الحديث :
الوقفة الأولى : الصبر على البلايا وعاقبة ذلك :
فهذه المرأة مع شدة ما تجده من ألم الصرع آثرت أن تصبر على هذا الابتلاء لمّا علمت من الرسول صلى الله عليه وسلم أن من صبر كانت له الجنة .
فمن ابتلاه الله بالمرض فعليه بالصبر ، وليعلم علم اليقين أن صبره هذا يغفر الله به خطاياه ، ويزيد من حسناته ، قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تسبوا الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد ) رواه مسلم ، وقال : ( من يرد الله به خيراً يصب منه ) رواه الترمذي ، أي تنزل به الأمراض والمصائب ، وقال : ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا غم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه ) رواه البخاري ، وقال : ( إن أمر المؤمن كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا أصبت بمصيبة فلا تظن أن هذا الهم الذي يأتيك أو هذا الألم … ولو كان شوكة فلا تظن أنه يذهب سدى بل ستعوض عنه خيراً منه ، ستحط عنك الذنوب كما تحط الشجرة ورقها وهذه من نعم الله ، وإذا زاد الإنسان على ذلك احتساب الأجر كان له هذا الأجر ، فالمصائب على وجهين :
الأول : إذا أصيب تذكر الأجر واحتسب فيكون فيها فائدتان : تكفير الذنوب ، وزيادة الحسنات .
الثاني : يغفل عن هذا ويضيق صدره ويغفل عن نية الاحتساب والأجر على الله ، فيكون تكفير لسيئاته .
فإذن هو رابح على كل حال ، فإما أن يربح تكفير السيئات وحط الذنوب ، دون حصول أجر لأنه لم ينو شيئاً ، ولم يصبر ويحتسب الأجر ، وإما أن يربح شيئين …
ومن لوازم الصبر : التقليل من الشكوى والتضجر ؛ لأن الشكوى لا تخفف ألماً ولا تشفي من المرض ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من البر كتمان المصائب ، والأمراض ، والصدقة ) وكتمانها مما يمكن كتمانه إذ أن هناك مصائب وأمراض لا يمكن كتمانها لظهورها ، كذلك إن الإخبار بالمرض على سبيل الاستعانة بإرشاد أو معاونة وليس للشكوى فلا يقدح في الصبر .
ويستفاد من هذه القصة : جواز ترك التداوي لمن علم من نفسه الطاقة في تحمل المرض .. لكن التداوي لا يتنافى مع الصبر والتوكل على الله إذ الدواء وحده ليس له تأثير بدون الله عز وجل فعليه أن يكثر من الدعاء ؛ لأن الله هو الشافي والمعافي ، فالدعاء أنجع وأنفع من العلاج بالعقاقير وتأثيره على البدن أعظم من تأثير الأدوية إذا ما كان فيه صدق اللجوء إلى الله .
و لا بأس بطلب الدواء ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ما أنزل الله داءً إلا قد أنزل شفاء علمه من علمه وجهله من جهله ) وقال : ( يا عباد الله تداووا ) وقال :
( إن شدة الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء) وكان صلى الله عليه وسلم إذا أصابته قرحة أوشوكة وضع عليها الحناء رواه ابن ماجه وقال حسن .
الوقفة الثانية : حرص الصحابية على العفة :
الصحابية مع شدة ما تجد ، وكونها تصرع فتتكشف ، وتكشفها ليس بمحض إرادتها فلا تؤاخذ عليه إلا أنها حرصت على الطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعاء لها أن لا تنكشف ؛ لئلا يرى عورتها أحد وهي في تلك الحالة من عدم الوعي ، وهذا دليل على حرص الصحابية على احتشامها وعفافها حتى في أصعب المواقف .
أخية :
هناك من لم تصب بمصيبة أم زفر رضي الله عنها ومع ذلك هي مستعدة لترك حجابها وهتك سترها عند أول عارض يعترضها !!!
هناك من تدخل المستشفى وتتكشف عند الطبيب حتى أنها تظهر ما لا تدعو الحاجة لإظهاره وكشفه ، ناهيك عن الخضوع بالقول ، والتكسر في المشي ،،، نسأل الله العافية والسلامة .
أختي المباركة :
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه ، وأن يثبتنا على هذا الدين ، وأن يجعلنا هداة مهتدين
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
وصلّ اللهم وسلم على الرحمة المهداة ، والنعمة المسداة ، محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه،،،،،،،،
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته منقول
أهلاً بكِ بيننا أختي أم أحمد ..
مقال قيّم بالفعل .. جزاكِ الله خيراً على نقله ..
اللهم ارزقنا الهدى و التقى و العفاف و الغنى ، و أعنا على تأدية واجباتنا على الوجه الذي تحب و ترضى ..
جزاك الله كل خير على النقل الرائع ..
اعلمي أن الحجاب عبادة تتعبدين الله بها وليس عادة ، فسألي الله الثبات على هذا الدين
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ..
أختنا أم أحمد
أهلا ومرحبا بك اختنا الفاضلة
جزاك الله خيرا وبارك فيك على نقلك
لا حرمك الله الأجر