الكرسي هو موضع قدمي الرحمن عز وجل على أصح الأقوال فيه ،
والعرش أكبر من الكرسي ، هو الذي استوى عليه الرحمن سبحانه.
والعرش هو أعظم المخلوقات ، وعليه استوى ربنا استواءً يليق بجلاله ، وله قوائم ، ويحمله حملة من الملائكة عظام الخلق .
وقد أخطأ من جعلهما شيئاً واحداً .
وهذه أدلة ما سبق مع طائفة من أقوال العلم :
عن ابن مسعود قال : بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام وبين كل سماء خمسمائة عام ، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام ، وبين الكرسي والماء خمسمائة عام ، والعرش فوق الماء ، والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم .
وعرش الرحمن هو أعظم المخلوقات ، وأوسعها .
قال تعالى : { فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش العظيم } وقال تعالى { وهو رب العرش العظيم } ، وقال تعالى { ذو العرش المجيد }
وقال ابن كثير :
{ وهو رب العرش العظيم } أي : هو مالك كل شيء وخالقه ؛ لأنه رب العرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات ، وجميع الخلائق من السموات والأرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش مقهورين بقدرة الله تعالى ، وعلمه محيط بكل شيء ، وقدره نافذ في كل شيء ، وهو على كل شيء وكيل .
وقال رحمه الله :
{ ذو العرش } أي : صاحب العرش العظيم العالي على جميع الخلائق ، و{ المجيد } : فيه قراءتان : الرفع على أنه صفة للرب عز وجل ، والجر على أنه صفة للعرش ، وكلاهما معنى صحيح .
والمجيد : المتسع عظيم القدر .
عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الناس يُصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " .
وللعرش حملة يحملونه .
قال تعالى : (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم )
وهم على خِلقة عظيمة .
عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أُذِن لي أن أحدِّث عن ملَك من ملائكة الله من حملة العرش ، إنَّ ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام " .
والحديث : قال عنه الحافظ ابن حجر : وإسناده على شرط الصحيح .
والعرش فوق الكرسي بل فوق كل المخلوقات .
والعرش ليس هو المُلْك وليس هو الكرسي .
قال ابن أبي العز الحنفي :
وأما من حرَّف كلام الله وجعل العرش عبارة عن الملك ، كيف يصنع بقوله تعالى : { ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية } ، وقوله { وكان عرشه على الماء }؟ أيقول : ويحمل ملكه يومئذ ثمانية ، وكان ملكه على الماء ويكون موسى عليه السلام آخذا بقائمة من قوائم المُلْك ؟ هل يقول هذا عاقل يدري ما يقول .
وأما الكرسي فقال تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض }، وقد قيل : هو العرش ، والصحيح : أنه غيره ، نُقل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره روى ابن أبي شيبة في كتاب " صفة العرش " والحاكم في " مستدركه " وقال : إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } أنه قال : " الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى " .
وقد روي مرفوعاً ، والصواب : أنه موقوف على ابن عباس …
قال أبو ذر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما الكرسي في العرش إلا كحلْقة من حديد أُلقيت بين ظهري فلاة من الأرض " .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
هناك من قال : إن العرش هو الكرسي لحديث " إن الله يضع كرسيَّه يوم القيامة " ، وظنوا أن الكرسي هو العرش .
وكذلك زعم بعض الناس أن الكرسي هو العلم ، فقالوا في قوله تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } أي : علمه .