الحمد لله الذي من علينا بمواسم الخيرات،، وخص شهر رمضان بالفضل والتشريف والبركات،، وحث فيه على عمل الطاعات والإكثار من القربات،، نحمده جل وعلا على نعمه الوافرة،، ونشكره على آلائه المتكاثرة،، والصلاة والسلام على رسول الله أفضل من صلى وصام،، وأشرف من تهجد وقام،، صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه البررة الكرام،، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..
،`
إن من أجل المناسبات زمنا،، وأعظمها قدرا،، شهر رمضان،، بعبقه المبارك،، وبلياليه المتلألئة بالخيرات والبركات،، وإن من أجمل الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم،، الذي هو خير الصائمين،، ونحن في هذه الأيام المباركات وهذه الأيام الماتعات،، نعيش بفضل من الله وتوفيق في هذه الرحمات،، وإننا في هذه المناسبة إذ نهنئ أنفسنا لنهنئ عموم المسلمين بهذا الشهر المبارك الكريم،، شهر رمضان،، الذي كتب الله جل وعلا صيامه،، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيامه ،، فقال ربنا جل وعلا: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة183،، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)..
،`
كان صلى الله عليه وسلم هديه من خير الهدي،، وسمته من خير السمت،، وهو عليه الصلاة والسلام خير الصائمين،، وهديه عليه الصلاة والسلام في استقبال شهر رمضان من خير الهدي وأفضله وأكمله وأشمله،، كيف لا وقد وردت في السنة أحاديث عن كيفية استقباله عليه الصلاة والسلام لشهر رمضان،، وكيف كان يبشر أصحابه رضوان الله عليهم،، بل كيف كان يبشر الأمة جمعاء بهذا الشهر الفضيل..
،`
أن يدخل شهر رمضان إلا برؤية محققة أو بشهادة شاهد واحد،، كما صام صلى الله عليه وسلم بشاهدة ابن عمر رضي الله عنه،، واعتمد على خبره،، فإلم تكن رؤية ولا شهادة،، أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما،، وكان إذا حال ليلة الثلاثين دون رؤيته غيم أو سحاب أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما،، ولم يكن يصوم يوم الإغمام،، ولا أمر به،، بل أمر بإكمال شعبان ثلاثين يوما..
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يبشر أصحابه بقدوم رمضان،، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه يقول: ( قد جاءكم شهر رمضان،، شهر مبارك،، كتب الله عليكم صيامه،، فيه تفتح أبواب الجنان،، وتغلق فيه أبواب الجحيم،، وتغل فيه الشياطين،، فيه ليلة من ألف شهر،، من حرم خيرها فقد حرم)..
،`
الحمد لله الذي من علينا بشهر رمضان،، اختصاصا له وتفضيلا،، وضاعف به الأجور،، وأنال العاملين له حظا جزيلا،، فتح بابه للطالبين،، وحض عباده على دعائه في كتابه المبين،، ولم يزل متفضلا على المخلوقين،، مقتدرا جليلا،، دعا عباده إلى طريق جنته،، وعم بالدعوة جميع بريته،، وأوضح طريقها بإظهار محجته،، فشمر إليها أهل توحيده وخدمته،، واتخذوا صالح الأعمال إليه سبيلا،، وجعلوا هدي الرسول إلى تلك السبيل دليلا،، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين،، خير من صلى وصام،، وقام عليه الصلاة والسلام،، ورضي الله عن الصحابة الكرام،، الإئمة الأعلام،، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،، أما بعد..
نتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال – وهو خير الصائمين -: ( للصائم فرحتان يفرحهما،، فرحة عند فطره،، وفرحة عند لقاء ربه ) ،، إذا أفطر فرح بفطره،، وإذا لقي ربه جل وعلا فرح بصومه،، وهذه الفرحة هي من فضل الله تبارك وتعالى،،، ، يقول ربنا جل وعلا: { قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }يونس58..
،`
إن هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو خير الصائمين عليه الصلاة والسلام في فطره،، أنه كان يعجل الفطر،، فيقول صلى الله عليه وسلم: (إذا أقبل الليل من ها هنا،، وأدبر النهار من ها هنا،، وغربت الشمس،، فقد أفطر الصائم)،، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) ،، وقال صلى الله عليه وسلم،، كما في الحديث القدسي: (أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا) ،، وفي السنن عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يزال الدين ظاهرا،، ما عجل الناس الفطر،، إن اليهود والنصارى يؤخرون)
،`
أنه كان يفطر قبل أن يصلي،، وكان يقول: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله)
كيف كان فطر خير الصائمين صلى الله عليه وسلم؟
كان يفطر على ما يسر الله له،، مما كان موجودا في بيته،، فيذكر أنس بن مالك،، أن محمدا صلى الله عليه وسلم،، يفطر على رطب وقت الرطب،، فإلم يكن رطبا أفطر على تمرات،، فإلم يكن تمرات أفطر على ماء،، أي أن محمدا صلى الله عليه وسلم،، ربما يحضر وقت الفطر وما في بيته تمر ولا رطب،، وإنما هو الماء،، يشرب الماء فيفطر به صلوات الله وسلامه عليه،، وكان يحض على الفطر بالتمر،، فإلم يجد فعلى الماء،، وهذا من أسرار النبوة،، فإن إعطاء التمر أو الشيء الحلو على المعدة الخاوية،، أنفع لها وأيسر هضما،، وكذلك الماء فهو أنفع للمعدة ويكمل انتفاع الجسم بالغذاء بعده..
،`
أيها الإخوة الصائمون،، والأخوات الصائمات،، أتباع خير الصائمين،، محمد صلى الله عليه وسلم،، إن مما يؤسف الناظر،، ويحزن الخاطر،، ظاهرة مقيتة،، وعادة قبيحة،، سرت في صفوف بعض المسلمين،، ألا وهي ظاهرة الإسراف في المآكل والمشارب في شهر رمضان،، زيادة على قدر الحاجة،، وإكثار على مقدار الكفاية،، نهم ،، شره،، بطنة مورثة للأسقام،، مفسدة للأفهام،، وبطر وأشر،، حمل الكثير على رمي ما زاد من الأكل في النفايات،، مع المهملات والقاذورات،، في حين أن هناك أكبادا جائعة،، وأسرا ضائعة،، تبحث عما يسد جوعها،، ويسكن ظمأها،، فاقوا الله عباد الله،، فما هكذا تشكر النعم،، وتستدفع النقم،، { وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }الأعراف31،، { وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً }الإسراء26-27،، وتوسطوا فالتوسط محمود،، وأنفقوا باعتدال،،{ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً }الإسراء29،، ولا خير في السرف ولا سرف في الخير..
اللهم اسلك بنا سبيل الأبرار،، واجعلنا من عبادك المصطفين الأخيار،، وامنن علينا بالعفو والعتق من النار،، وانظمنا في سلك المتقين الأخيار،، واغفر لنا ولوادينا ولجميع المسلمين،، الأحياء منهم والميتين،، برحمتك يا أرحم الراحمين،، وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
مجموعة حياتي تلألئي الدعوية
فهو الأسوة وهو القدوة عليه الصلاة والسلام،، كان خلقه القرآن،، وقد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر،، ومع ذلك كان يقوم من الليل،، حتى تتفطر قدماه..
1- يعين الصائم على تحمل الجوع تفسيا،، فيقول لنفسه: لقد أكلت قبل الفجر بقليل
2- كما أن تأخير السحور يعين على صلاة الفجر،، وأفضل صحيا،، كونه يأكل ثم يسعى للصلاة ويعود منها،، أفضل من الأكل والنوم
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }البقرة183-184
في هاتين الآيتين كانت بداية الصيام،، وفي فعل النبي صلى الله عليه وسلم،، وفي سنته القولية والفعلية،، ما يوضح ذلك أشد الوضوح،، فما هو هديه صلى الله عليه وسلم في الصيام في السفر وغيره من الأمور التي أوضحها الله تبارك وتعالى وذكرها في الآية السابقة؟؟
لعله من المناسب الابتداء بالكلام عن بداية فريضة الصوم،، فعندما فرض صيام رمضان لم يكن على الإلزام،، فكان من شاء صام ومن شاء أفطر ودفع فدية طعام مسكين عن كل يوم،، ثم نسخ هذا الحكم في حق المستطيع،، وبقي في حق أهل الأعذار،، كالمريض والمسافر لكن لا يطعمون،، وإنما يقضون تلك الأيام بعض رمضان،،{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }البقرة185
هديه صلى الله عليه وسلم في السفر:
فقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان،، فصام وأفطر،، وخير الصحابة بين الأمرين،، وإذا كان سفره للقتال يأمر أصحابه بالفطر،، إذا دنوا من العدو،، ليتقووا على القتال،، وكان صلى الله عليه وسلم يفطر في السفر مراعاة لأصحابه،، وتطييبا لخواطرهم،، مع عدم حاجته إلى الفطر،، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على نهر من السماء،، والناس صيام،، في يوم صائف مشاة،، والنبي صلى الله عليه وسلم على بغلة له،، فقال: "اشربوا أيها الناس"،، قال: فأبوا،، قال: "إني لست مثلكم،، إني أيسركم،، إني راكب"،، فأبوا،، قال: فثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذه فنزل فشرب،، وشرب الناس،، وما كان يريد أن يشرب..
أحكام صيام أهل الأعذار:
1- الحائض والنفساء: لا يجب عليهما الصوم،، ولا يجوز ولا يصح،، ولكن يقضين ما فاتهن بعد رمضان،، وعليهن المبادرة بالقضاء قبل دخول رمضان آخر
2- المريض والشيخ الكبير: إذا لم يطيقا،، أفطرا وأطعما عن كل يوم مسكينا
ومما يلتحق بهذا المعنى،، الحامل والمرضع،، إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما،، فاختلف العلماء في حكمهما،، فمن العلماء من قال: تفطر وتفدي وتقضي،، ومنهم من قال: تقضي فقط،، ومنهم من قال تفدي فقط
،`
قال الله تعالى: { لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الحشر21
يخبر تعالى عن عظمة القرآن،، وفضله وجلاله،، وأنه لو خوطب به صم الجبال،، لتصدعت من خشية الله،، فيا عجبا من مضغة لحم كانت أقسى من هذه الجبال،، تخوف من سطوة الله الجبار،، فلا ترعوي ولا ترتدع،، وتسمع آيات الله تتلى عليها،، فلا تلين ولا تخشع ولا تنيب،، فيا أيها الغافل عن تدبر القرآن،، إلى متى هذه الغفلة؟؟ بادر بصالح الأعمال،، قبل أن تندم..
،`
فينبغي عند قراءة القرآن أن يتدبر القارئ ويتأمل،، في معان القرآن وأحكامه،، لأن هذا هو المقصود الأعظم،، والمطلوب الأهم،، وبه تنشرح الصدور،، وتستنير القلوب،، قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }ص29
،`
،`
1- {بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُوعَلَيْهِمْ آيَاتِهِ}
2- {يُزَكِّيهِمْ}
3- { وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ}
4- { وَالْحِكْمَةَ}
،`
شهر رمضان،، شهر القرآن،، قال تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }البقرة185،، ولعظم القرآن وثقله،،{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً }المزمل5،، كان يعاني خير الصائمين،، عند نزول القرآن،، وكان يتفصد جبينه عرقا في اليوم الشديد البرودة،، ويثقل جسمه عليه الصلاة والسلام،، روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها،، أن الحارث بن هشام،، سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله،، كيف يأتيك الوحي؟؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس،، وهو أشده علي،، فيصم عني وقد وعيت عنه ما قال،، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا،، فيكلمني فأعي ما يقول )
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه،، أن الرسول صلى الله عليه وسلم،، أملى عليه: {لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ }النساء95،، فجاء ابن أم مكتوم،، وهو يملها علي،، قال يا رسول الله: والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت،، وكان أعمى،، فأنزل الله على رسول صلى الله عليه وسلم،، وفخذه على فخذي،، فثقلت علي،، حتى خفت أن ترض فخذي،، ثم سري عنه،، فأنزل الله { غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ }،، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم،، إذا نزل الوحي بركت به راحلته،، عن عائشة رضي الله عنها،، قالت: إن كان يوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،، وهو على راحلته فتضرب بجرانها..
وإن كتاب الله أوثق شافع .:. وأغنى غناء واهبا متفضلا
وخير جليس لا يمل حديثه .:. وترداده يزداد فيه تجملا
وحيث الفتى يرتاع في ظلماته .:. من القبر،، يلقاه سنا متهللا
هنالك يهنيه مقيلا وروضة .:. ومن أجله في ذروة العز يجتلى
يناشد في إرضائه لحبيبه .:. وأجدر به سؤلا إليه موصلا
فيا أيها القاري به متمسكا .:. مجلا له في كل حال مبجلا
هنيئا مريئا والداك عليهما .:. ملابس أنوار من التاج والحلى
فما ظنكم بالنجل عند جزائه .:. أولئك أهل الله والصفوة الملا
أولوا البر والإحسان والصبر والتقى .:. حلاهم جاء بها القرآن مفصلا
عليك بها ما عشت فيها منافسا .:. وبع نفسك الدنيا بأنفاسها الحلا
،`
اللهم يا أكرم من رجي،، ويا أحق من دعي،، ويا خير من ابتغي،، أمنن علينا بغفرانك،، وعاملنا فضلك وإحسانك،، واجعلنا من ورثة جنتك،، ونجنا من عذابك ونقمتك،، اللهم هب لنا ما وهبته لعبادك الأخيار،، وآمن خوفنا بيوم لا تنفع فيه الأعذار،، برحمتك يا كريم يا غفار،، واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولجمع المسلمين،، الأحياء منهم والميتين،، برحمتك يا أرحم الراحمين..
لما كان من فضائل الصوم وفوائده،، تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الأخلاق السيئة،، والصفات الذميمة،، ومنها البخل،، كان لزاما علينا تعويد أنفسنا الكرم والجود،، ومجاهدة النفس على ذلك،، فقد اشتق سبحانه وتعالى اسما من أسمائه الحسنى وهو الجواد،، اشتقه من الجود،، فالله جواد يحب الجود،، ويحب مكارم الأخلاق،، وكما أن جود الله سبحانه وتعالى يزداد علينا في رمضان،، ونحب منه ذلك ونطلبه،، وجود النبي صلى الله عليه وسلم يزداد في رمضان،، فينبغي لنا أن نزداد في البذل والعطاء في رمضان حبا لله،، وتأسيا بخير الصائمين صلوات الله وسلامه عليه،، فجودك أخي وأختي في الله،، جودك في رمضان،، ستجد جزاءه جودا من ربك الجواد الكريم،، فاحرص أخي الصائم،، وأختي الصائمة،، احرصا على تفطير الصائمين،، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من فطر صائما،، فله مثل أجره،، من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء)،، فعلينا تطهير أنفسنا من البخل والشح،، فلا خير فيهما،، قال صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان،، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا،، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا)،، فنسأل الله أن يرزقنا دعوة الملكين لنا،، ويجنبنا دعوتهما علينا،،اللهم تفضل علينا بجودك،، ومن علينا بكرمك،، واشملنا برحمتك،، التي وسعت كل شيء..
،`
إخوتي وأخواتي في الله،، نحن نعيش في نعمة والحمد لله،، وإذا نظر المسلم يمنة ويسرة،، وجد هناك فئات من المجتمع الإسلامي،، تحتاج إلى المساعدة،، لضيق ذات اليد،، لذا ينبغي علينا كثرة البذل والعطاء،، في هذا الشهر،، شهر الجود والعطاء،، ونتفقد أصحاب الحاجات،، والمتعففين،، حتى نكفيهم ذل السؤال،، فيكون لنا مثل أجرهم،، لا ينقص من أجورهم شيئا،، قال الشافعي رحمه الله: أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان،، اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم،، لحاجة الناس فيه إلى مصالحهم،، وانشغال كثير منهم بالصوم والصلاة،، عن مكاسبهم..
فينبغي للإنسان أن يتأسى بنبيه صلى الله عليه وسلم،، ويتصدق بما يقدر عليه،، ليواسي الفقراء وأهل الحاجة،، فإن الله كريم يحب الكريم من عباده،، جواد يحب أهل الجود،، والبخل لا يزيد في الرزق،، فإن البخيل بعيد من الله،، بعيد من خلقه،، بعيد من الجنة،، قريب من النار،، والسخي قريب من الله،، قريب من خلقه،، قريب من الجنة،، بعيد من النار،، فجود الرجل يحببه إلى أضداده،، وبخله يبغضه إلى أولاده..
،`
ومن أنواع الجود في شهر رمضان،، تفطير الصائمين،، ولقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يحض المسلمين على تفطير الصائمين،، ويرغب فيه،، حيث جاء في السنن،، وعن أنس رضي الله تعالى عنه،، أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة رضي الله عنه،، فجاء بخبز وزيت،، فأكل ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أفطر عندكم الصائمون،، وأكل طعامكم الأبرار،، وصلت عليكم الملائكة)،، ولا شك أن الأجر المترتب على تفطير الصائم دافع للحرص عليه،، فبإمكانك أخي وأختي في الله،، أن يكون لك أجر عدة شهور،، وليس أجر صيام شهر واحد،، وما ذلك إلا بتفطير الصائمين..
،`
إن المرء ليتذكر إخوانه المسلمين،، الذين لا يجدون ما يفطرون عليه،، فتأخذه بذلك رأفة ورحمة بإخوانه المسلمين،، وإن البذل والعطاء في رمضان وخاصة في تفطير الصائمين،، مشاهد وملموس،، في طول العالم الإسلامي وعرضه،، ولكن الذي لا ينبغي أن يكون،، هو السرف والإكثار في ذلك،، مما يفيض عن الحاجة،، فتوجد أحيانا مبالغة في موائد الإفطار،، التي تقدم،، وما ذلك إلا بحسن نية،، ومن كرم الذين يبتغون الأجر،، ولكن إذا قنن ذلك،، وأعطي الناس الحاجة التي تكفيهم،، حتى لا يتحول الأمر إلى سرف،، ولا إلى مخيلة،، ويستفاد منه في الأماكن المحتاجة،، فبدل أن يفطر بهذه الكمية مائة،، فقد تكفي مائتين،، فيتضاعف له الأجر،، ولا سيما وقد ورد في حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه،، كما في شعب الإيمان،، قلنا يا رسول الله: ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم،، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يعط الله هذا الثواب من فطر صائما على مذقة لبن،، أو تمرة،، أو شربة من ماء،، ومن أشبع صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة) رواه البيهقي وغيره،، وفي ذلك أيضا،، بشارة لمن قدر عليه رزقه،، لأنه يستطيع أن يكسب الأجر بأقل جهد،، نسأل الله أن يوفقنا للصيام والقيام،، وإطعام الطعام،، ونسأله سبحانه،، أن يسقينا من حوض نبيه صلى الله عليه وسلم،، شربة لا نظمأ بعدها أبدا،،اللهم آمين..
،`
ونذكر إخوتنا وأخواتنا،، بمراعاة شعور الناس عند الإحسان إليهم،، ونذكر إخواننا القائمين على المساعدات،، بأن ينتهجوا الأسلوب الأمثل،، بارك الله لأهل الأموال في أموالهم،، ولأهل الجهد في جهدهم،، ولكل موصل من أهل الإحسان لأهل الإحسان،،اللهم آمين..