تخطى إلى المحتوى

التحذير من دعاة البدعة و بدعهم ليس غيبة 2024.

  • بواسطة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أعلم رحمك الله و أرشدك إلى طاعته أن التحذير من دعاة البدعة و بدعهم ليس غيبة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال تعالى (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم وكان الله سميعا عليما )) .

روى ابن كثير عن مجاهد في تفسير هذه الآية قال : أضاف رجل رجلا فلم يؤدّ إليه حق ضيافته فلما خرج أخبر الناس فقال : ضفت فلانا فلم يؤد إليّ حق ضيافتي ، قال : فذلك الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم حتى يؤدي الآخر إليه حق ضيافته . اهـ . تفسير ابن كثير ج1 ص 571 .

و وجه الدلالة : أنه إذا جاز الانتصار للنفس بالجهر بالسوء لمن ظلم في حق ظالمه ، وذكر ظلمه للناي وإطلاعهم عليه ، فالانتصار لدين الله أولى وآكد ، و من ذلك الجهر بالسوء في حق أهل البدع وغيرهم والطعن عليهم بما هم عليه من فساد في الاعتقاد وتلبس بالبدع حتى يحذرهم الناس ويعرفوهم ، وبذلك تتم النصيحة لله ولرسوله وللمسلمين ، التي هي حقيقة هذا الدين .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما السنة فقد دلت على جواز ذلك ، ومن ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذم بعض أهل الفساد ـ ممن هم في حكم أهل البدع ـ تحذيرا للناس منهم .

فقد روى الشيخان عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت (( استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة ، فلما دخل ألان له الكلام . قلت : يا رسول الله قلت الذي قلت ، ثم ألنت له الكلام . قال : أي عائشة ، إن شر الناس من تركه ـ أو ودعه ـ اتقاء فحشه )) رواه البخاري ومسلم .

قال النووي رحمه الله في شرح الحديث : قال القاضي ( أي القاضي عياض بن موسى ) ، هذا الرجل هو عيينة بن حصن ولم يكن أسلم حينئذ ، و إن كان قد أظهر الإسلام ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين حاله ليعرفه الناس ولا يغترّ به من لم يعرف حاله .

و نظير هذا الحديث ما رواه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت (( قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أظن فلانا وفلانا يعرفان من ديننا شيئا )) صحيح البخاري كتاب الأدب ، باب ما يجوز من الظن .

فذكر النبي صلى الله عليه وسلم لهذين الرجلين إنما هو للتحذير منهما والحكم جارٍ على أمثالهما من أهل الفساد ، أن يحذر منهم .

قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث : إن مثل هذا الذي وقع في الحديث ليس من الظن المنهي عنه ، لأنه في مقام التحذير من مثل من كان حاله كحال الرجلين . اهـ . فتح الباري ج 10 ص 486 .

و مما يستشهد به في هذا الباب من السنة أيضا ما ثبت في صحيح مسلم من قصة فاطمة بنت قيس ، حين شاورت النبي صلى الله عليه وسلم فيمن تنكح ؟ لما خطبها معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ، وأما معاوية فصعلوك لا مال له )) .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد أن ساق هذا الحديث : و كان هذا نصحا لها ـ وإن تضمّن ذكر عيب الخاطب ـ وفي معنى هذا نصح الرجل فيمن يعامله ، ومن يوكله ، ويوصي إليه ، ومن يستشهده ، وبل ومن يتحاكم إليه ، وأمثال ذلك ، وإن كان هذا في مصلحة خاصة فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق عموم المسلمين : من الأمراء والحكام والشهود والعمال : أهل الديوان وغيرهم ، فلا ريب أن النصح في ذلك أعظم . اهـ . مجموع الفتاوى ج 28 ص 230 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و هذه بعض أقوال علماء السلف في بيان مشروعية التحذير علانية من دعاة البدعة و بدعهم :

1 ) قيل لأحمد بن حنبل رحمه الله : الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع ؟ فقال : إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه ، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل . اهـ . مجموع الفتاوى لأبن تيمية ج 28 ص 231 .

2 ) روى اللالكائي عن عاصم الأحول أنه قال : جلست إلى قتادة فذكر عمرو بن عبيد فيه فقلت : يا أبا الخطاب ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض ؟ قال : يا أحول ولا تدري أن الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تذكر حتى تُعلم … . اهـ . أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة .

3 ) و في السنة للخلال وغيره عن زائدة قال : قلت لمنصور : يا أبا عتاب اليوم الذي يصوم فيه أحدنا ينتقص الذين ينتقصون أبا بكر وعمر ؟ قال : نعم . اهـ . أخرجه الخلال في السنة وابن بطة في الإبانة الصغرى واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة .

4 ) و قيل لسفيان بن عيينة رحمه الله : إن هذا يتكلم في القدر ـ يعني إبراهيم بن أبي يحي ـ فقال سفيان : عرّفوا الناس أمْرَهُ واسألوا ربكم العافية . اهـ . رواه ابن الجوزي في تلبيس ابليس ، والسيوطي في الأمر بالإتباع والنهي عن الابتداع .

5 ) و جاء في رسالة أسد بن موسى إلى أسد بن فرات : أعلم أخي إنما حملني على الكتاب إليك ما ذكر أهل بلادك من صالح ما أعطاك الله من إنصافك الناس وحسن حالك ، مما أظهرت من السنة ، وعيبك لأهل البدعة ، وكثرة ذكرك لهم وطعنك عليهم ، فقمعهم الله بك ، وشد بك ظهر أهل الحق ، وقوّاك عليهم بإظهار عيبهم والطعن عليهم ، فأذلهم الله بذلك ، وصاروا ببدعتهم مستترين فأبشر أي أخيّ بثواب ذلك ، واعتد به أفضل حسناتك من الصلاة والصيام والحج والجهاد وأين تقع هذه الأعمال من إقامة كتاب الله وإحياء سنة رسوله . اهـ . كتاب البدع والنهي عنها لابن وضاح .

6 ) ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ضمن حديثه عمن يجوز ذكر ما فيهم من الشر من المعيّنين : ومثل أئمة البدع ، من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة ، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة ، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين . اهـ . مجموع الفتاوى ج 28 ص 231 .

و يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والداعي إلى البدعة مستحق العقوبة باتفاق المسلمين ، وعقوبته تكون تارة بالقتل وتارة بما دونه كما قتل السلف جهم بن صفوان والجعد بن درهم وغيرهم ، ولو قُدر أنه لا يستحق العقوبة ، أولا يمكن عقوبته فلا بد من بيان بدعته والتحذير منها ، فإن هذا من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمر الله به ورسوله . اهـ . مجموع الفتاوى ج35 ص 414 .

7 ) ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد في معرض ذكره للفوائد المستنبطة من غزوة تبوك : و منها جواز الطعن في الرجل بما يغلب على اجويقول الإمام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد في معرض ذكره للفوائد المستنبطة من غزوة تبوك (( ومنها جواز الطعن في الرجل بما يغلب على اجتهاد الطاعن حمية أو ذباً عن الله ورسوله ، ومن هذا طعن أهل الحديث فيمن طعنوا فيه من الرواة ، ومن هذا طعن ورثة الأنبياء وأهل السنة في أهل الأهواء والبدع لله لا لحظوظهم وأغراضهم . اهـ . زاد المعاد ج 3 ص 18 .

8 ) و يقول الإمام القرافي رحمه الله : أرباب البدع والتصانيف المضلة ينبغي أن يشهر في الناس فسادها وعيبها ، وأنهم على غير الصواب ، ليحذرها الناس الضعفاء فلا يقعوا فيها ، وينفر عن تلك المفاسد ما أمكن . اهـ . الفروق للقرافي ج4 ص 207 .

9 ) و ذكر الشاطبي في الاعتصام ضمن حديثه عن أحكام أهل البدع : ذكرهم بما هم عليه ، وإشاعة بدعتهم كي يحذروا ، ولئلا يغتر بكلامهم ، كما جاء عن كثير من السلف ذلك . اهـ . الاعتصام ج 1 ص 176 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و يجب على من علم شيئا من الحق أن يظهره وينشره و ذلك زكاة العلم كما جعل الله عز وجل الصدقة زكاة المال و يجب التحذير من دعاة البدعة و بدعهم حتى تكشف وان لم تعرف هلك بها المقلدون لانهم يتلقونها من الداعية إليها بالقبول ولا يرجعون الا بالاظهار لها واقامة الدلائل عليها واحضار البراهين على بطلانها .

و قد يظن من لا يعلم من الناس ولا يضع الامور في مواضعها ان هذا اغتياب للدعاة و طعن و ليس ذاك كما ظنوا لان الغيبة سب الناس بلئيم الاخلاق و ذكرهم بالفواحش و الشائنات وهذا هو الأمر العظيم المشبه باكل اللحوم الميتة .

فيتقرر بهذا مشروعية التحذير من دعة البدعة و بدعهم و كشف حالهم والتشهير بهم ليعلمهم الناس و يحذروهم و ذلك لعموم الأدلة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتي يندرج تحتها هذا الأصل العظيم ، وهو تغيير منكر البدعة بمجاهدة أهلها لينزجروا ، وكشف حالهم للناس ليحذروا من خطرهم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملاحظة : أرجو من الأخوة التفريق بين الرد على المقولة و نصح القائل فهناك فرق بينهما عند أهل العم فالمقولة إذا انتشرت بين الناس و كانت باطلة يجب الرد عليها بغض النظر هل نصح القائل أم لا .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( احذروا القصاصين فهم كثر بيننا و هم ليسوا من أهل العلم في شيء )

اللهم اجعل جميع أعمالنا ظاهرها و باطنها خالصة لوجهك الكريم موافقة لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.