تخطى إلى المحتوى

أطفال الزهور في دولاب العمل، نزف حتى العظم! 2024.

لها اون لاين

منهمكا عاد إلى بيته، وجالت عينه في غرفة الدار الوحيدة تبحث عن حشيته التي يلقيها تحت جسده النحيل المعروق قبل أن ينام.. في الزاوية الملوثة بالأتربة، رفع وسادته وعلى الجانب الآخر وجد لحافه المرقع، وافترش الحشية السوداء ونام، غفا لحظة فرط الإرهاق، وفجأة استيقظ في رعب، ولمح والده الكبير يلج من الباب ويسير وقد أحدب الزمان ظهره، بات في هذا الليل الذي يُغشي صورته وكأنه يزحف على الأرض، أثخنه الجوع فنهش لحمه القديم، وكسر أسنانه وعمل عمله الدهري في عظامه فصارت مرتخية مفككة المفاصل.. والطفل الصغير يلمحه خلف غطائه الذي لفه على رأسه وتلثمه، وأخرج من ورائه عينيه الحمراوين، هل بكى؟ كان يبكي في كل لياليه المؤذية، وهل كان الاحمرار من أثر الغبار ومخلفات العمل، وزيوت الماكينة، حين يعرك عينه وهو لا يشعر فتمتلئ بها، وتصير حمراء كالدم الذي جف في عروقه؟ نعم.. لقد بكى كما كان يبكي كل ليلة، وصار يحدث نفسه كما يفعل كل ليلة قبل أن ينام.. على أن جسده الصغير لا يحتمل السهر أكثر من ذلك، إلا أن الأرق والهم يكويه فيبقيه مستيقظاً لحظات معدودة تثور فيها أحزانه عليه، ولابد أن يطفئ جمرها ولهيبها المتصاعد في حواشيه بدموع وأحلام..

يهمس لنفسه بصوت حزين وكأنه يهدهدها هدهدة أم رءوم فقد حنانها منذ أمد:

ـ لماذا لا تتركوني أعيش طفولتي؟! مازلت أحب اللعب والمرح.. مازلت أحتاج حضن أمي ويد أبي تشد عليّ لترشدني إلى الطريق الصحيح، لمَ تسرقون عالمي لتقذفوا بي إلى عالم أجهله بمتاعبه وعقده؟

لم يكن هذا صوت طفل واحد، إنما صرخة أطفال في مختلف بقاع الأرض ينادون بعالم الطفولة الذي دهسته أقدام الواقع المادي الأليم. لم يعرفوا طعم الراحة ولم يستمتعوا بالطفولة المدللة‏.. وتحت ظروف أسرية صعبة تركوا المدارس.. وانطلقوا نحو ورش الرخام والمحاجر وإصلاح السيارات‏.. في الشوارع والميادين تراهم.. في مواقف المواصلات ربما يبيعون المناديل ويطاردون السيارات بحثا عن قروش يتقاضونها.. ‏ لا أحد يرحم طفولتهم أو يشفق عليهم.. ولا بد أن يدفع الطفل من كرامته وحريته وآدميته الكثير مقابل ريالات معدودة تسد رمقهم أو تدفعهم إلى الانحراف‏! ‏

أطفال ليسوا بأطفال، لم يبقى شيء فيهم يدل على طفولتهم، وجوههم مرهقة، أيدهم خشنة، خطواتهم ضائعة…

أين ذهبت الطفولة البريئة؟ أين هي الوجوه الملائكية والأراجيح.. الألعاب والضحكات البريئة؟.. أين ذهبتم بها؟ وإلى متى تمتهن الطفولة؟!
لاكي

إحصاءات وتقارير عالمية

أثبتت إحصاءات منظمة العمل العالمية في تقريرها الخاص بعمالة الأطفال، أن عدد الأطفال الذين يعملون في العالم حوالي250 مليون طفل، تراوح أعمارهم بين خمسة أعوام و‏17‏ عاما، أي بمعدل طفل يعمل بين كل ستة أطفال في العالم. وتبلغ عدد ساعات عملهم في الزراعة من أربع إلى تسع ساعات يومياً، أما الأطفال الذين يعملون في الصناعة والمهن الشاقة فيصل عدد ساعات عملهم إلى 14 ساعة مقابل أجور زهيدة.

وقالت المنظمة في تقريرها‏:‏ إن‏75%‏ من هؤلاء الأطفال يعملون في أعمال شاقة وخطيرة‏، وأن هناك نحو‏180‏ مليون طفل معرضين لأخطار صحية أو الإصابة بأذى نتيجة انخراطهم في أعمال خطيرة‏. كما قدرت منظمة العمل الدولية عدد الأطفال الذين أدت ظروفهم إلى انخراطهم في أعمال التهريب والدعارة أو العمل المسلح والأنشطة غير الشرعية الأخرى بنحو‏8. 4‏ مليون طفل‏.

وأكدت المنظمة‏:‏ إن منطقة آسيا والمحيط الهادي تستحوذ على أكبر عدد لعمالة الأطفال في العالم‏,‏ حيث يبلغ عدد الأطفال العاملين في هذه المنطقة نحو‏127‏ مليون طفل.

وفي تقرير لمنظمة "النداء لإيقاف تجنيد الأطفال" ورد وجود 300.000 طفل يشاركون في الحروب في 41 دولة، وينتقد التقرير المملكة المتحدة؛ لأنها واحدة من الدول الغربية القلائل التي تستخدم صغار السن في المعارك الحربية. وسرياليون هي أكثر الدول التي يشارك فيها صغار السن في الحروب. [المصدر: صحيفة الجارديان البريطانية 13/6/2017].

الظاهرة تحت المجهر..

الفقر.. التقاليد.. الجهل.. أسباب دونها أسباب

ولتسليط الضوء على الرؤية الاجتماعية لهذه الظاهرة التقت "لها أون لاين" الاختصاصي الاجتماعي "محمد عبدالله" التابع لوحدة الإرشاد الاجتماعي، وسألته عن أسباب انتشار ظاهرة عمل الأطفال في الشوارع؟

فأجاب: إن الفقر وقلة الموارد المالية للأسرة يدفع أفرادها للبحث عن مصدر للرزق، عن اللقمة الحلال، ولعل الفقر ليس العامل الوحيد في انتشار عمل الأطفال؛ إذ توجد في بعض المناطق وبين بعض الأسر تقاليد متابعة الأطفال لخُطا الآباء، فالأرجح أن يحترف الأبناء المهنة ذاتها. كما أن هناك عدة أسباب تدفع أصحاب العمل إلى استخدام الأطفال، مثل قلة وعيهم بحقوقهم، انخفاض التكلفة، فضلاً عن كونهم مدعاة للثقة.

وفي رؤية السفيرة "مشيرة خطاب" عن أسباب ظاهرة عمالة الأطفال تقول: إن ذلك يرجع إلى ثلاثة محاور رئيسية:

أولها: الأسر الفقيرة المغذية لعمالة الأطفال والتي تنظر إلى الطفل باعتباره مصدر دخل‏.. ‏فهذا الشق الاجتماعي هو أساس المشكلة.

أما المحور الثاني فهو: منظومة التعليم التي يجب أن تكون جاذبة للطفل وليست طاردة له.

وآخر هذه المحاور هو: تكلفة التعليم في حد ذاتها، وهي مرتفعة بالنسبة للأسر الفقيرة؛ لذلك ينبغي إعادة ترشيد ميزانية الطفل في المدرسة لتلبية الاحتياجات الخاصة به، خاصة في المراحل الأولي من التعليم لتوفير مستلزمات التعليم ووجبات غذائية للطفل في هذه المراحل‏.. وكذلك تحويل هذه الأسر التي لديها أطفال في مراحل التعليم إلى أسر منتجة؛ حتى لا تتجه إلى تشغيل الأطفال بدلا من تعليمهم‏. ‏

ومن جانب آخر: غياب المراقبة على تطبيق القوانين الخاصة بعمالة الأطفال والعقوبة الرادعة لتشغيل الأطفال في المهن الخطيرة، والعوامل الاجتماعية التي تظهر من خلال التفكك الأسري وزيادة عدد أفراد الأسرة مع انخفاض مواردها، وعدم معرفة الأهالي بدور الرعاية والخدمات الاجتماعية، وعدم وعي الأسرة بخطورة الأعمال التي يقوم بها الأبناء، والموروثات الثقافية كتوريث الحرفة للأبناء‏. ‏

بنية الطفل ضعيفة..

وعن مدى التأثير السلبي الذي تتركه مزاولة العمل على الطفل خاصةً والمجتمع عامة يجيب الاختصاصي الاجتماعي: "العمل الأطفال أثاره السلبية عليهم من الناحية الجسدية والاجتماعية والنفسية، إذ إنهم معرضون لحوادث السير والاختطاف وغيرها، كما يؤثر ذلك على تحصيلهم الدراسي إن كانوا يدرسون، وأكثرهم لا يتمكنون من الدراسة، وفي هذه الحالة يتأثر التطور المعرفي لديهم، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض قدراتهم على القراءة، الكتابة، الحساب, إضافة إلى اضمحلال جانب الإبداع لديهم.

وقد يتعرضون للإيذاء البدني واللفظي والنفسي من أصحاب الأعمال أو المشرفين عليهم مما يؤثر على التطور العاطفي لديهم فيفقدون احترامهم لذاتهم وارتباطهم بالأسرة؛ جراء بعدهم عنها وتقبلهم للآخرين وجراء العنف الذي يشهدونه من قبل صاحب العمل أو من قبل زملائهم.

وقد يدفع إحساس من يمتهنون البيع في الشوارع بعدم جدوى البيع إلى اللجوء للتسول كوسيلة أسرع للربح، أو ربما يصل بهم الحال إلى السرقة والانحراف.

وهذا كله في النهاية يؤثر بشكل سلبي على المجتمع، إذ يؤدي إلى تكوين قاعدة للبطالة والجهل والانحراف".

ولا يقتصر التأثير السلبي لعمل الأطفال على الناحية الاجتماعية والنفسية فقط، بل يتعداها إلى الناحية الصحية أيضاً، حيث يرى الدكتور "ياسين المغربي" ـ اختصاصي في طب الأطفال ـ أنه لا يجوز أن يعمل الأطفال قبل سن الثامنة عشر، خاصة أن كثيراً منهم يمارسون أعمالاً شاقة تؤثر على بنيتهم الصغيرة الضعيفة، والتي لا تزال غضه بحاجة إلى تغذية وعناية من نوع خاص، كما أن حمل الأشياء الثقيلة يؤذي العمود الفقري مما يسبب انقراصاً في فقرات الظهر، يؤثر فيما بعد على التناسق العضوي، إضافة إلى ما يتعرضون لـه من أخطار بيئية (أتربة ـ كيماويات ـ أدخنة ـ معدات… إلخ).. وغاز ثاني أكسـيد الكربون الذي تنفثه السيارات، مما يسبب التهابات في الرئة وإنتانات جلدية تترك مضاعفاتها على بنية الطفل الضعيفة، هذا عدا ما يمكن أن يصيبه نتيجة تعرضه للشمس الحادة في الصيف والبرد الشديد في الشتاء، وكل هذا دون تأمين رعاية صحية له

‏آراء شرعية

كلكـم راعٍ

وحول الرؤية الدينية لعمل الأطفال ومدى مشروعيتها التقت "لها أون لاين" الشيخ "خضر المطرفي" ـ أستاذ في التربية الإسلامية ـ الذي بدأ حديثه عن الحقوق التي منحها الإسلام للطفل: "يحتاج الطفل إلى الأسرة لترعاه وتغذيه مادياً، عاطفياً، اجتماعياً، وثقافياً،.. للطفل حقوق ينبغي أن يحصل عليها؛ فمن حقه أن ينال تربية متكاملة لشخصيته، وهذه مسؤولية الأسرة من ناحية، ومسؤولية المجتمع في التربية المنهجية المدرسية من ناحية أخرى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".

ويقع الطفل تحت مسؤولية الأب، فهو مسؤول عن تربية أولاده وإعاشتهم حتى وإن جاوزوا سن الطفولة، لكن إن لم يجد الطفل معيلا يعوله، فله حق في بيت مال المسلمين حيث يصرف له راتب شهري يكفيه حاجته. أما إن كان يتيماً، فيضاف إلى حقه من بيت مال المسلمين ما أمر به الدين الإسلامي الجميع في مساعدته وتقديم العون له، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" وأشار بإصبعي السبابة والوسطى. ولكن إن استطاع الطفل ـ من سن السابعة فما فوق ـ العمل، فإن الإسلام لا يعيب عليه ذلك، فطلب الرزق مأجور في الإسلام.

تنشئة إسلامية

أما الدكتور "عبد العظيم المطعني" فيرى ضرورة تطبيق الرؤية الإسلامية في القضاء على تلك الظاهرة من عمالة الأطفال، أولها: التنشئة الإسلامية الصحيحة للأطفال واحتضانهم ورعايتهم وعدم تركهم لأصحاب السوء، وتحفيظهم القرآن وتعويدهم الصلاة والمراقبة والخوف من الله.. لأن الكثير من هؤلاء الأطفال يتعرضون للانحراف إذا اضطرتهم الظروف للعمل.. الأمر الثاني: الرأفة والرحمة بهؤلاء الأطفال، ووجود رقابة على عمالة الأطفال، ومعاقبة من يسيء إليهم، مع وجود إعانات شهرية لأسرهم وإعطائهم الصدقات، ولو أن الأمر تم على ذلك لما وجدت عمالة الأطفال من الأساس .

لاكي

لاكي

يا إلهي كم هو موضوع مأساوي، ولكنه واقع مرير علينا جميعاً أن ندركه. أطفالنا ينعمون والحمد لله برخاء ونعيم، ويشتكون النقص باستمرار، يجب أن يرى الأطفال أنفسهم معاناة غيرهم، عل وعسى يتعلمون شيئاً عن الحياة ويدركون النعيم الذي يعيشونه فيحمدون الله على نعمته.
بارك الله فيك.
عن جد صور محزنه اطفال بعيدون جدا عن طفولتهم ماذنبهم
اللهم دم علينا نعمتك ولاتحرمنا منها
اللهم اميين .. بارك الله فيكم شعوركن الطيب اخواتي ايمان علي ومشاعل الخير ..
الله يحفظ اطفال المسلمين من الحروب والتشرد وينعم عليهم بالراحة دنيا واخره .. اللهم اميين
الله يحفظ اطفال المسلمين من الحروب والتشرد وينعم عليهم بالراحة دنيا واخره

اللهم آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمين
جزيت خيرا اخيه

وجزاك اختي ام وريحانة
اكــــــــــــرهـــــــــــــم
لاكي لاكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.