ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" لا بد للإنسان من أصحاب وقرناء يجتمع بهم ويقضي كثيراً
مـن أوقاته في صحبتهم ، فاغتنم صحبة الأخيار الذين لا تعدم
من صحبتهم علماً تتعلمه ، أو نصيحة تنتفع بها ، أو اشتغالاً
بما يقرِّب إلى الله . وأقل مـــا فــي ذلك : السلامة من التَّبِعات
القولية والفعلية ، مـــع أنك آمـن مــن سخريتهم ، وهمزهم ،
ولمزهم ، حاضراً أو غائباً ، مــع الفائدة العظيمة ، وهــي أن
الرغبة فـي قلبك للخير تزيد وتنمو ، وداعية الشر تضعف أو
تضمحل، فالمرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يُخالل ،
مـع مـا يحصل لك من ثناء الناس ، وحسن السمعة ؛ فإنهم
يعتبرون النــــاس بقرنائهم ، فيحق للمرء أن يفخر بصحبة
الأخيار ، وإياك وصحبة الأشرار ؛ فإنهم بضــد مــا ذكرنا .
فالجليس الصالح كحامل المسك ، إما أن يُحذيك ، أو تجد
منه رائحة طيبة ، والجليس السوء كنافخ الكير ، إما أن
يحرقك ، وإما أن تجد منه رائحة خبيثة " (1)
" وفي الاتصال بالأخيار فوائد عديدة :
ـ أكبرها وأفضلها أن هذا طاعة لله ورسوله ، ومما يحبه
الله ورسوله .
ـ ومنها : أن هذا تابع لمحبة الله ورسوله ؛ فتمام محبة الله
ورسوله محبة من يحبه الله ورسوله .
ـ ومنها : ما في ذلك من النصوص الحاثة على هذه المحبة،
منهـــا حــديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل
إلا ظله ، فذكر رجلان تحابا في الله ، اجتمعا عليه ،
وتفرقا عليه . …
ـ ومنها : أنه من أعظم المكاسب وأجل المغانم كسب صداقة
الأخيار واغتنام أدعيتهم في الحياة وبعد الممات .
ـ ومنهــا : أنـــه بسبب ذلك رُبَّما حصل إفادة أو استفادة من
الطرفين ، أو نصيحة من أحد الجانبين .
ـ ومنهــا : أنـــه بسبب ذلك يحصل من الأدعية والتوجيهات
القلبية ما ينتفع به كُلٌّ منهما من الآخر في الحياة وبعد
الممات .
ـ ومنهـــا : أن هذا من البشرى في الحياة الدنيا ، فمتى وفق
العبد لمحبة الصالحين وصحبتهم والاتصال بهــم ؛ رجي أن
يدخل تحت قوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً } أي: منه ومن عباده الصالحين.
ـ ومنهـــــا : أن الله تعــالـى يجمـــع لأهل دار السعادة جميع
المسرات التــي مـــن جملتها الاجتماع فــي الجنة والمنازل
العالية بمن يحبهم ويتصل بهم ؛ كمـا قـال تعــالـى { جَنَّاتُ
عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ }
فالأزواج هم النظراء في العمل والمحبة ، وإن دخـل فيـه
الزوجات بوجه آخر ؛ فبعــض هذه الفوائد تكفي فـي
الترغيب في محبة الأخيار والاتصال بهم " . (2)
…….
(1) كتاب نور البصائر والألباب للشيخ عبد الرحمن السعدي (ص74)
(2) انظر كتاب مجموع الفوائد للشيخ عبد الرحمن السعدي (ص71)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبارك الله فيكِ