=============
كثيرا ما جمع الله بينهما في قرآنه..ومن المعروف أن الصلاة عماد الدين ، وهي أهم عبادة في الإسلام ..و من ثم يأخذ الإنفاق في سبيل الله من قلب المؤمن حيزا يقترب من حيز الصلاة
تأمل قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20
وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) المعارج..صفات أساسية مجبول عليها الإنسان : الهلع ، والجزع ، والمنع : أي البخل ..ثم يأتي الاستثناء
إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) فالصلاة أولا ..ثم ماذا ؟( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24)لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) المعارج .فجاء الإنفاق تاليا للصلاة مباشرة
فهم ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى صار منهج حياتهم ..فقد روى الطبراني عن عبد الله بن مسعود رضي الله قال : ( أمرنا بإقام الصلاة ، و إيتاء الزكاة ..فمن لم يزك فلا صلاة له..) ومن هنا كان هذا الموقف الحاسم لأبي بكر رضي الله عنه ..ذاك الرجل الذي لا تنقضي عجائبه!! فإنه لما ارتدت القبائل ، وكان منها من ارتد بمنع الزكاة فقط ، رأى بعض الصحابة أن أهل هذه القبائل ما داموا قد شهدوا أن لا إله إلا الله ، و أن محمدا رسول الله ..فلا يقاتلون .. أما الصديق فكان يعلم أن الجميع متفقون على أن منكر الصلاة كافر ..ولاحظ هو أن الله قد جمع بين الزكاة ( الإنفاق ) و بين الصلاة في مواضع كثيرة جدا في القرآن الكريم ، فقال قولته الحكيمة : ( لا أفرق بين شيئين جمعهما الله ) انظر إلى الفقه ! فإذا كان حكم إنكار الصلاة كفرا ، والله قد جمع بين الصلاة والزكاة كثيرا ..فإنكار الزكاة كفر إذن …المهم عندنا أن نفهم أن هذا الجمع بين الصلاة والإنفاق لم يتكرر بين الصلاة وشيء آخر ..مما يحفز المؤمن على الاهتمام بالإنفاق والتدريب عليه
ثالثا : لولا أخرتني؟
==========
ومن وسائل التحفيز : ( التحذير من التسويف و التأجيل )، وهذه آفة خطيرة ، فالشيطان لا يأتي للصالحين يقول لهم : لا تدفعوا أموالكم لفلسطين..لكن يأتي و يقول : فلتدفعوا غدا .. أو بعد غد .. أو فلتدفع بعد أن تشتري كذا وكذا..أو فلتدفع بعد أن يأتي لك مبلغ كذا وكذا ..الشيطان إذن يستعمل وسيلة التسويف . ولا شك أنها فعالة ! استمع إلى قوله تعالى يحفزك على الإنفاق
وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10)وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) المنافقون..فلو خطر على ذهنك الآن أن تدفع شيئا لأهلك في فلسطين فأخرجه الساعة ..حدد الآن بينك و بين نفسك .. أو بينك وبين الله رقما ستدفع اليوم .. إن لم تكن تحتفظ به في جيبك فلا تسوف ، و إن جائك الموت قبل أن تصل إلى بيتك و مالك فستؤجر بنيتك ..تصدق ، فقد تكون هذه الصدقة هي المرجحة لكفة الحسنات ، فتسعد سعادة لا شقاء بعدها
رابعا : سبعمائة لا عشرة
============
و من وسائل التحفيز على الإنفاق – أيضا – مضاعفة الحسنات بشكل فريد ..فإننا في كل أمور الخير قد اعتدنا أن تضاعف الحسنات إلى عشر أمثالها .
كما في قوله سبحانه وتعالى مثلا ( مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (160) الأنعامأما في الإنفاق ..فالأمر مختلف ، ذلك أن الإنسان جبل – كما ذكرنا – على حب المال ، ويحتاج إلى دوافع كبيرة ، ومحفزات عظيمة ، فيزيد الله في أجر الإنفاق أكثر من أمور الخير الأخرى ، حيث يتضاعف إلى أجور كثيرة .. إلى سبعمائة ضعف
انظر إلى قوله سبحانه وتعالى : ( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) البقرة..والله إنه مشروع اقتصادي هائل !! لو أنفقت ألف جنيه لأهل فلسطين كان المردود ما يوازي سبعمائة ألف جنية!!لابد أن تفكر .. لماذ توافق على أن تضع ألف جنيه في مشروع دنيوي يعود عليك بألفين مثلا ..ولا تضعها في مشروع رباني يعود عليك بسبعمائة ألف؟مع أن المشروع الأول دنيوي غير مضمون ، والمشروع الثاني رباني مضمون لاشك فيه !! فكر ..والحمد لله أنك مازلت حيا ، ومازالت أمامك الفرصة للاستثمار ..روى الإمام أحمد والترمذي وصححه ..عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله عز وجل يقبل الصدقات ، ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم ، كما يربي أحدكم مهرة أو فلوة أو فصيلة ..حتى أن اللقمة لتصير مثل جبل أحد) صدق رسول الله
خامسا : أنفق بلال
=========
ينظر الإنسان إلى المال باعتباره وسيلة لقضاء الحوائج و تيسير صعاب الحياة ، ومن ثم يتعلق به و يحبه ، فهو لا يريد أن يأتي عليه يوم يحتاج لنفقة فلا يجدها .. إنه يريد أن يكفي نفسه و من يعولهم..والله تبارك و تعالى يعالج هذا الأمر في النفس عمدما يعلمك أنه هو – سبحانه – من سيتولى الإنفاق عليك إذا أنفقت في سبيله؟ فكيف تخشى وقد وعدك بحسن العوض؟.. ألا تعرفه؟ إنه ملك السماوات و الأرض..بيده خزائنهما
أيهما أجدى عليك نفعا: أن تباشر أنت شئون نفسك؟ أم أن يتولى الله كل ذلك عنك-بقدرته و كرمه و سعة فضله؟
انظر إلى قوله تعالى ..يطمئنك بالتعويض الرباني عما أنفقت وما أنفقت من شيء فهو يخلفه ) ..نعم ، هو الذي يخلفه ..وهو الواسع العليم
بل تأمل هذا الحديث العجيب و التحفيز الرباني بالتعويض ..روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( قال تعالى : أنفق يا ابن آدم .. أنفق عليك ) سبحان الله ! إذا أنفقت على أهل فلسطين أو العراق أو غيرهما .. أنفق الله عليك؟.. أما ترضى أن ينفق الله عليك؟
على هذا الفقه العميق ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ، فطابت نفوسهم بالبذل في سبيل الله ، وجادت أيديهم بالعطاء ..فقد وجد صلى الله عليه وسلم قدرا من الطعام مدخرا عند بلال رضي الله عنه فقال له : ( كما روى الطبراني في المعجم الكبير عن أبي هريرة ) أنفق يا بلال ..ولا تخش من ذي العرش إقلال).
يتبع
الحلقة الأولى
الحلقة الثانية
http://www.lakii.com/vb/showthread.php?t=358903
الحلقة الثالثة
الحلقة الثالثة – من يشتري الجنة؟ للدكتور راغب السرجانى
الحلقة الرابعة
الحلقة الرابعة- من يشتري الجنة؟ للدكتور راغب السرجانى
منقول
================
انظر إلى سوء الأدب، وفظاظة اللفظ، ووقاحة الفعل! فأنزل الله عز وجل : (لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) آل عمران.
=========================
الحلقة الثالثة
الحلقة الثالثة – من يشتري الجنة؟ للدكتور راغب السرجانى
الحلقة الرابعة
الحلقة الرابعة- من يشتري الجنة؟ للدكتور راغب السرجانى
شكرا على المرور الكريم