قال تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن".
في هذه الآية دلالة محكمة على وجوب الحجاب الكامل على سائر المؤمنات، وبيان ذلك من وجوه:
الوجه الأول: الأمر واحد للجميع، فالصفة واحدة.
في الآية مقدمة ونتيجة:
المقدمة: أن الأزواج والبنات ونساء المؤمنين أمرن بأمر واحد، بلا فرق، هو: إدناء الجلباب.
النتيجة: أن صفة الإدناء في جميعهن واحدة.
فالجمع إذا خوطب بشيء، فالأصل أن فحوى الخطاب واحد في حق الجميع، ما لم يرد استثناء. وهنا لا استثناء في الآية، فيبقى الخطاب واحدا، فبالنظر إلى دلالة الآية: فإنها صريحة الدلالة في تساوي الأزواج والبنات ونساء المؤمنين، في صفة الإدناء، بغير فرق بين أحد.
لكن السؤال الوارد هنا: ما صفة الإدناء؟.
والجواب: أن إحدى الفئات التي ذكرت في الآية وهم: الأزواج. قد عرف صفة إدنائها بقوله تعالى: "وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب"، وبالإجماع الآية تدل على الحجاب الكامل.
وفقا لهذين الأمرين نخرج بنتيجة هي: أن صفة الإدناء في حق الجميع هو: الحجاب الكامل.
ويمكن تصوير المسألة بمقدمتين ونتيجة:
المقدمة الأولى: الجميع: الأزواج، والبنات، ونساء المؤمنين. خوطبن بخطاب واحد هو: إدناء الجلباب.
المقدمة الثانية: أن صفة الإدناء في حق بعض هذا الجميع (الأزواج) هو الحجاب الكامل بالإجماع.
النتيجة إذن: صفة الإدناء في حق الجميع واحد، هو: الحجاب الكامل.
ففي الآية نفسها قرينة واضحة على التغطية، قال الشيخ الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان 6/586:
"فإن قيل: لفظ الآية الكريمة، وهو قوله تعالى: "يدنين عليهن من جلابيبهن" لا يستلزم معناه ستر الوجه لغة، ولم يرد نص من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع على استلزامه، وقول بعض المفسرين: إنه يستلزمه. معارض بقول بعضهم: إنه لا يستلزمه. وبهذا يسقط الاستدلال بالآية على وجوب ستر الوجه.
فالجواب: أن في الآية الكريمة قرينة واضحة على أن قوله تعالى فيها: "يدنين عليهن من جلابيبهن"، يدخل في معناه ستر وجوههن، بإدناء جلابيبهن عليها، والقرينة المذكورة: هي قوله تعالى: "قل لأزواجك"، ووجوب احتجاب أزواجه وسترهن وجوههن، لا نزاع فيه بين المسلمين. فذكر الأزواج مع البنات ونساء المؤمنين، يدل على وجوب ستر الوجوه، بإدناء الجلابيب، كما ترى".
فإن نازع منازع فقال: كلا، لا نسلم بأن فحوى الخطاب في حق الجميع واحد هنا، فالأمر واحد، هو إدناء الجلباب، لكن صفة الإدناء يختلف، فالأزواج عليهن الحجاب الكامل، والمؤمنات لهن كشف الوجه.
وهذا مثل قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون"، فالجميع رجس محرم، لكن الصفة تختلف، فالخمر حرمته في شربه، والميسر في اللعب به، والأنصاب في التقرب إليها، والأزلام في الاستقسام بها، وهكذا فالتحريم واحد، وصوره مختلفة.
فالجواب من أوجه:
الأول: أن هذا القول يتضمن الإقرار بدلالة الإدناء على التغطية؛ وإن كان يخصه بالأزواج، وبهذا ينتقض قولهم الأول: أن الإدناء في الآية لا يدل على التغطية بوجه.
الثاني: أن أصحاب هذا القول ترددوا في تفسير الإدناء بين التغطية والكشف، وبالتالي لن تكون دلالة الآية، عندهم، قاطعة على الكشف، وهذا يلزمهم، أما نحن فنقول: الآية لا تدل إلا على التغطية. ومن ثم دلالتها عندنا قاطعة على التغطية، وينتج عن هذا: أنه ليس لهم القول بأن الآية لا تدل على التغطية.
الثالث: قد علمنا بطلان تخصيص الأزواج بالحجاب الكامل، كما سبق بيانه في آية الحجاب. وإذا بطل التخصيص رجع فحوى الخطاب واحدا في حق الجميع، دون استثناء أو اختلاف.
الرابع: ما قولهم في بنات النبي صلى الله عليه وسلم، هل الإدناء في حقهن بالكشف أم بالتغطية؟.. إن قالوا: التغطية. لزمهم ذلك في سائر النساء، إذ لا موجب للتفريق بين البنات وسائر النساء. وهم لا يقولون بالكشف، لأنهم يساوونهن بالأزواج رضوان الله عليهن.
لكن إن سلموا بأن الخطاب واحد للجميع، لزمهم أن يقروا بأن الصفة واحدة للجميع أيضا.
الإدناء، عموما، إما أن يكون بتغطية الوجه، وإما بدونه.
– فإن فسر بكشف الوجه، لزم منه كشف الأزواج وجوههن، وهذا باطل، لوجوب التغطية في حقهن.
– وإن فسر بتغطية الوجه لم يلزم منه أية لوازم باطلة، بل يكون موافقا لأمر الله تعالى الأزواج بتغطية وجوههن في الآية الأخرى، وليس في تغطية البنات ونساء المؤمنين وجوههن ما ينكر أو يعترض عليه.
فإن قيل: الصفة متفاوتة، فالأزواج عليهن التغطية، وسائر النساء ليس عليهن، والإدناء يتضمن المعنيين.
فالجواب: أن هذا الإيراد وجوابه تقدم في الوجه السابق.
قال تعالى: "يدنين عليهن من جلابيبهن"، فعل الإدناء عدي بـ "على"، وهو يستعمل لما يكون من أعلى إلى أسفل، فدلالة الآية: أن الإدناء يكون من فوق الرأس. وحينئذ ينزل بعض الجلباب على الوجه. فهذا شاهد على أن الإدناء هنا متضمن تغطية الوجه، بنزول بعض الجلباب عليه.
قال الزمخشري في تفسيره الكشاف [3/274]:
" ومعنى: "يدنين عليهن من جلابيبهن"، يرخينها عليهن، ويغطين بها وجوههن وأعطافهن، يقال: إذا زل الثوب عن وجه المرأة: أدني ثوبك على وجهك".
وقال الإمام النحوي المفسر أبو حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط [7/240]:
" (من) في (جلابيبهن) للتبعيض، و(عليهن) شامل لجميع أجسادهن، أو (عليهن) على وجوههن، لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه".
فهذان إمامان في اللغة، قد فسرا الإدناء بإرخاء الجلباب على الوجه.
وقال النسفي في تفسيره [3/315]: "و (من) للتبعيض؛ أي ترخي بعض جلبابها وفضله على وجهها".
قال ابن جرير: "حدثني محمد بن سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس – رضي الله عنهما- في قوله: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن"، إلى قوله: "وكان الله غفورا رحيما"، قال: كانت الحرة تلبس لباس الأمة، فأمر الله النساء أن يدنين عليهن من جلابيبهن، وإدناء الجلباب: أن تقنّع وتشد على جبينها".
وساق سنده إلى قتادة ومجاهد وأبي صالح بمثل هذا المعنى والسبب في نزول الآية.[التفسير 19/182-183]
فقد كان من علامة الحرة منذ الجاهلية تغطية وجهها، بخلاف الأمة فكانت تكشف وجهها، ولا يعني ذلك أن كل الحرائر كن يغطين، بل كان مشهورا عنهن، قال النابغة الذبياني، وهو من شعراء الجاهلية، يصف المتجردة زوجة النعمان، لما فجأها بالدخول، فسقط خمارها، فعمدت، فغطت وجهها بذراعيها، وكانت ضخمة، فاستترت بهما:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه*** فتناولته واتقتنا باليد (1)
فلما حصل الأذى من الفساق والمنافقين حين خروج النساء ليلا، أمرهن الله تعالى أن يتشبهن بالحرائر في تغطية الوجه، حتى يعرفن بذلك فلا يتعرضن للأذى.
قال الإمام النحوي المفسر أبو حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط [7/240]:
" (من) في (جلابيبهن) للتبعيض، و(عليهن) شامل لجميع أجسادهن، أو (عليهن) على وجوههن، لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه".
وروى ابن سعد في طبقاته [8/176،177] عن محمد بن كعب القرظي قال: "كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المسلمين ويؤذيهن، فإذا قيل له، قال: (كنت أحسبها أمة)، فأمرهن الله أن يخالفن زي الإماء، ويدنين عليهن من جلابيبهن، تخمر وجهها إلا إحدى عينيها، يقول: "ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين"(2).
وهذا المعنى تتابع المفسرون على حكايته في تفسير هذه الآية، فكلهم ذهبوا في قوله تعالى: "ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين"؛ أي يعرفن أنهن حرائر، بتغطية وجوههن وأجسادهن بالجلباب، حتى يتميزن عن الإماء، وبهذا يعرف أن الأمة لا يجب عليها حجاب وجهها، فالفرق بينهما ثابت بهذه الآية، وتظاهر المفسرين، من الصحابة والتابعين، على هذا التفريق، كما أنه قد ثبت في قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي بن أخطب، قال الصحابة: "إن حجبها فهي امرأته، وإلا فأم ولد". رواه البخاري ومسلم(3).
وبهذا المعنى جاءت الأقوال عن السلف، فقد روى ابن جرير في تفسيره [19/181]، فقال:
– "حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن": أمر الله نساء المؤمنين، إذا خرجن من بيوتهن في حاجة، أن يغطين وجوههن، من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة".
– وروى أيضا فقال: "حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد، عن عبيدة في قوله: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن". فلبسها عندنا ابن عون، قال: ولبسها عندنا محمد، قال محمد: ولبسها عندي عبيدة. قال ابن عون: بردائه، فتقنع، فغطى أنفه وعينه اليسرى، وأخرج عينه اليمنى، وأدنى رداءه من فوق حتى جعله قريبا من حاجبه، أو على الحاجب".
– وساق الأثر نفسه من طريق يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا هشام، عن ابن سيرين، قال سألت عبيدة عن قوله: الآية. قال: "فقال بثوبه، فغطى رأسه ووجهه، وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه".[التفسير 19/181-182]
– وفي الدر المنثور [5/415]: "وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: سألت عبيدة رضي الله عنه عن هذه الآية: "يدنين عليهن من جلابيبهن" فرفع ملحفة كانت عليه، فقنع بها، وغطى رأسه كله، حتى بلغ الحاجبين، وغطى وجهه، وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر، مما يلي العين".
فهذا قول جمع من السلف في صفة الإدناء: ابن عباس، وعبيدة السلماني، ومحمد بن سيرين، وابن عون، وابن علية، وغيرهم.
تظاهر المفسرون وتتابعوا على تفسير الإدناء في الآية بتغطية الوجوه والأبدان، ولم يمر بي مفسر قال إنها تدل على الكشف، غاية ما هنالك بعض الأقوال أن من صفته: ستر معظم الوجه. وهذه أقوال هؤلاء الأئمة:
(1) ابن جرير [19/181] قال: "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين، لا يتشبهن بالإماء في لباسهن، إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن، فكشفن شعورهن ووجوههن، ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن، لئلا يعرضن لهن فاسق، إذا علم أنهن حرائر، بأذى من القول". وهذا النص صريح في صفة إدناء نساء المؤمنين، وأنه يعم تغطية الوجه.
(2) قال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن في تفسير الآية [5/245]: "في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن".
(3) قال: إلكيا الهراس في تفسيره [انظر: عودة الحجاب 3/184]: "الجلباب هو الرداء، فأمرهن بتغطية وجوههن ورؤوسهن، ولم يوجب ذلك على الإماء".
(4) قال الزمخشري في تفسيره الكشاف [3/274]: " ومعنى: "يدنين عليهن من جلابيبهن"، يرخينها عليهن، ويغطين بها وجوههن وأعطافهن. يقال: إذا زل الثوب عن وجه المرأة: أدنى ثوبك على وجهك. وذلك أن النساء كن في أول الإسلام على هجيراهن في الجاهلية، متبذلات، تبرز المرأة في درع وخمار، لافصل بين الحرة والأمة، وكان الفتيان وأهل الشطارة يتعرضون إذا خرجن بالليل، إلى مقاضي حوائجهن في النخيل والغيطان، للإماء، وربما تعرضوا للحرة، بعلة الأمة، يقولون: حسبناها أمة. فأمرن أن يخالفن بزيهن عن زي الإماء، بلبس الأردية والملاحف، وستر الرؤوس والوجوه، ليحتشمن، ويهبن، فلا يطمع فيهن طامع، وذلك قوله: "ذلك أدنى أن يعرفن"؛ أي أولى وأجدر بأن يعرفن، فلا يتعرض لهن، ولايلقين ما يكرهن.
فإن قلت ما معنى "من" في: "من جلابيبهن"؟، قلت: هو للتبعيض، إلا أن معنى التبعيض محتمل وجهين:
أحدهما: أن يتجلببن ببعض ما لهن من الجلابيب، والمراد أن لا تكون الحرة متبذلة في درع وخمار، كالأمة والماهنة، ولها جلبابان فصاعدا في بيتها.
والثاني: أن ترخي المرأة بعض جلبابها وفضله على وجهها، تتقنع حتى تتميز من الأمة، وعن ابن سيرين: (سألت عبيدة السلماني عن ذلك، فقال: أن تضع رداءها فوق الحاجب، ثم تديره حتى تضعه على أنفها)، وعن السدي: (أن تغطي إحدى عينيها وجبهتها والشق الآخر إلا العين)، وعن الكسائي: (يتقنعن بملاحفهن منضمة عليهن) أراد بالانضمام معنى الإدناء".
(5) قال البغوي في تفسيره [3/469]: "قال ابن عباس وأبو عبيدة: أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينا واحدة، ليعلم أنهن حرائر"، ذكر هذا وما ذكر غيره.
(6) قال القرطبي في تفسيره [14/243]: "لما كانت عادة العربيات التبذل، وكن يكشفن وجوههن، كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن، وتشعب الفكرة فيهن، أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن، إذا أردن الخروج إلى حوائجهن".
(7) قال البيضاوي في تفسيره أنوار التنزيل [4/386]: "يدنين عليهن من جلابيبهن" يغطين وجوههن وأبدانهن بملاحفهن، إذا برزن لحاجة.
(8) قال الإمام النسفي في تفسيره مدارك التنزيل [3/315]: "يدنيهن عليهن من جلابيبهن" يرخينها عليهن، ويغطين وجوههن وأعطافهن، يقال إذا زال الثوب عن وجه المرأة: أدنى ثوبك على وجهك. و (من) للتبعيض، أي ترخي بعض جلبابها وفضله على وجهها، تتقنع حتى تتميز من الأمة.
(9) قال ابن جزي الكلبي في تفسيره التسهيل لعلوم التنزيل [534]: "كان نساء العرب يكشفن وجوههن، كما تفعل الإماء، وكان ذلك داعيا إلى نظر الرجال لهن، فأمرهن الله بإدناء الجلابيب ليسترن بذلك وجوههن، ويفهم الفرق بين الحرائر والإماء، والجلابيب جمع جلباب، وهو ثوب أكبر من الخمار، وقيل: هو الرداء. وصورة إدنائه عند ابن عباس: أن تلويه على وجهها، حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تبصر بها. وقيل: أن تلويه حتى لا ينظر إلا عيناها. وقيل: أن تغطي نصف وجهها".
(10) قال ابن تيمية[الفتاوى 22/110]: "قبل أن تنزل آية الحجاب، كان النساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرجل وجهها ويديها، وكان إذا ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها، لأنه يجوز لها إظهاره، ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب، بقوله: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن" حجب النساء عن الرجال".
(11) وذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية، في تفسيره [6/471] أثر علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وأثر عبيدة السلماني، كما أورد قول عكرمة: "تغطي ثغرة نحرها بجلبابها، تدنيه عليها".
(12) قال أبو حيان في تفسيره [7/240]: " وقال أبو عبيدة السلماني حين سئل عن ذلك، فقال: أن تضع رداءها فوق الحاجب، ثم تديره حتى تضعه على أنفها. وقال السدي: (تغطي إحدى عينيها وجبهتها والشق الآخر إلا العين). انتهى، وكذا عادة بلاد الأندلس لا يظهر من المرأة إلا عينها الواحدة. وقال الكسائي: يتقنعن بملاحفهن منضمة عليهن. أراد بالانضمام معنى الإدناء. وقال ابن عباس وقتادة: وذلك أن تلويه فوق الجبين، وتشده، ثم تعطفه على الأنف، وإن ظهرت عيناها، لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه… و "من" في "جلابيبهن" للتبعيض، و "عليهن" شامل لجميع أجسادهن، أو "عليهن" على وجوههن، لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه".
(13) قال أبو السعود في تفسيره إرشاد العقل السليم 7/115]: " الجلباب ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء، تلويه المرأة على رأسها، وتبقي منه ما أرسله على صدرها، وقيل: هي الملحفة، وكل ما يستر به؛ أي يغطين بها وجوههن وأبدانهن، إذا برزن لداعية من الدواعي، و"من" للتبعيض، لما مر من أن المعهود التلفع ببعضها، وإرخاء بعضها".
(14) قال: السيوطي: "هذه آية الحجاب في حق سائر النساء، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن" [عون المعبود شرح سنن أبي داود 12/158، اللباس، باب قول الله تعالى: "يدنين عليهن.."]
(15) قال الألوسي في روح المعاني [11/264]: "الإدناء: التقريب. يقال: أدناني. أي قربني، وضمن معنى الإرخاء أو السدل، ولذا عدّي بـ (على)، على ما يظهر لي، ولعل نكتة التضمين: الإشارة إلى أن المطلوب تستر، يتأتى معه رؤية الطريق إذا مشين، فتأمل. ونقل أبو حيان عن الكسائي أنه قال: أي يتقنعن بملاحفهن، منضمة عليهن، ثم قال: أراد بالانضمام معنى الإدناء، وفي الكشاف معنى "يدنين عليهن" يرخين عليهن، يقال: إذا زل الثوب عن وجه المرأة، أدني ثوبك على وجهك. وفسر ذلك سعيد بن جبير بيسدلن عليهن، وعندي أن كل ذلك بيان لحاصل المعنى، والظاهر أن المراد بعليهن على جميع أجسادهن، وقيل: على رؤوسهن، أو على وجوههن، لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه". ثم أورد أثر عبيدة السلماني، وأثر ابن أبي طلحة عن ابن عباس – رضي الله عنهما – في إبداء عين واحدة، والأثر الآخر عنه وقتادة في ليّ الحجاب فوق الجبين وشده ثم عطفه على الأنف، وإن ظهرت العينان، مع ستر الصدر ومعظم الوجه، ثم ذكر أثر أم سلمة – رضي الله عنها- عند عبد الرزاق وعائشة – رضي الله عنها -عند ابن مردوية في صنيع نساء الأنصار بعد نزول الآية، ثم قال:"ومن للتبعيض، ويحتمل ذلك على ما في الكشاف لوجهين:
أحدهما: أن يكون المراد بالبعض واحدا من الجلابيب، وإدناء ذلك عليهن، أن يلبسنه على البدن كله.
وثانيهما: أن يكون المراد بالبعض جزءا منه، وإدناء ذلك عليهن: أن يتقنعن، فيسترن الرأس والوجه بجزء من الجلباب، مع إرخاء الباقي على البدن".
(16) قال الشوكاني في فتح القدير [4/304]: "من للتبعيض، والجلابيب جمع جلباب، وهو ثوب أكبر من الخمار، قال الجوهري: الجلباب: الملحفة. وقيل: القناع0 وقيل: هو ثوب يستر جميع بدن المرأة. كما ثبت في الصحيح من حديث أم عطية – رضي الله عنها – أنها قالت: (يا رسول الله! إحدانا لا يكون لها جلباب، فقال: لتلبسها أختها من جلبابها)، قال الواحدي: قال المفسرون: يغطين وجوههن ورؤوسهن إلا عينا واحدة، فيعلم أنهن حرائر، فلا يعرض لهن بأذى. وقال الحسن: تغطي نصف وجهها. وقال قتادة: تلويه فوق الجبين، وتشده، ثم تعطفه على الأنف، وإن ظهرت عيناها، لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه".
(17) قال القاسمي في تفسيره محاسن التأويل [انظر: عودة الحجاب 3/201]: "أمرن أن يخالفن بزيهن عن زي الإماء، بلبس الأردية والملاحف وستر الرؤوس والوجوه ليحتشمن ويهبن، فلا يطمع فيهن طامع".
(18) قال الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان [6/586]: "ومن الأدلة القرآنية على احتجاب المرأة وسترها جميع بدنها حتى وجهها قوله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن".
(19) جاء في تفسير الجلالين [560]: "أي يرخين بعضها على الوجوه، إذا خرجن لحاجتهن، إلا عينا واحدة، "ذلك أدنى"؛ أقرب إلى أن يعرفن بأنهن حرائر، "فلا يؤذين"، بالتعرض لهن".
– وفي عون المعبود شرح سنن أبي داود [12/158، اللباس، باب في قوله الله تعالى: "يدنين عليهن من جلابيبهن" : "أي يرخين بعضها على الوجوه، إذا خرجن لحاجتهن، إلا عينا واحدة، كذا في الجلالين. وقال في جامع البيان: الجلباب: رداء فوق الخمار، تستر من فوق إلى أسفل؛ يعني يرخينها عليهن، ويغطين وجوههن وأبدانهن".
.
تقبلي مروري
وجعله في ميزان حسناتك
لكن في الموضوع فسحة ، فلا نلزم النساء ونوجب عليهن تغطية الوجه فهو من السنة والمستحب لوجود الأدلة القوية على ذلك .
ومع هذا فعلى المرأة أن تسعى للأكمل والأتقى دائماً .
دمت دائماً في طاعة الله