فهذ تقرير لعقيدة أهل السنة في إثبات صفة العلم التي لم يسبقها جهل .
* المعنى اللغوي :
العلم : نقيض الجهل , ورجل عالم وعليم من قوم علماء , وعلاَّم وعلاَّمة إذا بالغت في وصفه بالعلم : أي عالم جدا . وعلمت الشيء : أي عرفته وخبرته
وقد وردت الأسماء الثلاثة في القرءان الكريم
""""" العليــــــــــــم"""""
قال تعالى : {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة261.
و قال جلَّ جلاله : {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ }آل عمران63.
وقال جلَّ شأنه : {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيماً }النساء70.
"""""العـــــــــالم"""""
قال الله تعالى : {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }الأنعام73.
وقال سبحانه : {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }التوبة105.
وقال تبارك اسمه: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ }الحشر22.
"""""عــــــــــلاّم الغيوب """""
قال الملك : {يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ }المائدة109
وقال سبحانه : {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ }المائدة116.
وقال جلَّ جلاله : {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ }التوبة78
وهذا اخر ذكر لهذا الاسم المبارك قال سبحانه : {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ }سبأ48 . إذ أنه ذكر في أربعة مواضع فقط اما الاسمين السابقين فقد تكرر ذكرهم مرارا في القرآن الكريم
ون الأدلة التي جاءت في السنة المطهرة :
* دعاء الاستخارة والشاهد منه :"… اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ….."البخاري
وقال بن جرير : إنك أنت يا ربنا العليم من غير تعليم بجميع ما قد كان وما هو كائن والعالم للغيوب دون جميع خلقك .
وقال الخطابي : هو العالم بالسرائر والخفيات التي لا يدركها علم الخلق .
قال بن منظور : فهو الله العالم بما كان وما يكون قبل كونه وبما يكون ولمَّا يكن بعد قبلقبل أن يكون , لم يزل عالما ولا يزال عالما بما كان وما يكون ولا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء , أحاط علمه بجميع الإشياء باطنها وظاهرها دقيقها وجليلها على أتم الإمكان .
وقال السعدي : وهو الذي أحاط علمه بالظواهر والبوطن والإسرار والإعلان وبالواجبات والمستحيلات والممكنات وبالعالم العلوي والسفلي وبالماضي والحاضر والمستقبل فلا يخفى عليه شيء من الأشياء .
ونظم ابن القيم رحمه الله في نونيته فقال :
وهو العليم أحاط علما بالذي في الكون من سر ومن اعلان % وبكل شيء علمه سبحانه % فهو المحيط وليس ذا نسيان % وكذاك يعلم ما يكون غدا وما % قد كان والموجود في ذا الآن % % وكذاك أمر لم يكن لو كان كيف يكون ذاك الامر ذا إمكان %
*ومن آثار الإيمان بهذه الأسماء :
– إثبات العلم التام الكامل الشامل لله عز وجل وأنه لا يشابهه أحد من مخلوقاته في كمال علمه .
– أن الله سبحانه وتعالى لكمال علمه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون , والمعنى أنه سبحانه وتعالى يعلم الأمور الماضية التي وقعت , والأمور التي لم تقع بعد ((المستقبلية)) . ويعلم الأمور التي لن تقع لو قعت كيف تقع , وهذا من كمال علمه بالغيب وعواقب الأمور
– أن الخلق لا يحيطون علما بالخالق , بمعنى أنهم لا يعلمون شيئا من ذاته وصفاته إلا ما أطلعهم عليه سبحانه عن طريق رسله وكتبه .
– وعلى العموم فلا يعلم أحد شيئا إلا بتعليم الله له حتى الملائكة ولقد اعترفت بذلك وأقرت كما جاء في القرءان الكريم في سورة البقرة 🙁 قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).{32}
قلة ما بأيدينا من العلم بالنسبة لعلم الله تعالى : قال سبحانه في سورة الإسراء : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً){85}.
– الفرق بين علم الخالق والمخلوق , فعلم الله لا يعتريه نقص من نسيان أو جهل
قال تعالى : (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً) مريم{64} .
وقد قيل :
وما سمي الإنسان إلا لنسيه *** ولا القلب إلا لأنه يتقلب
– وهو سبحانه لا يشغله علم عن علم كما لا يشغله سمع عن سمع وأنى للمخلوق مثل هذه الصفات . قال تعالى : (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً)النحل {78}.
-اختص الله سبحانه وتعالى بعلوم الغيب قال سبحانه : (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ )الأنعام {59}.
وقال جلَّ شانه وتقدست أسماؤه : (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ )النمل(65).
– و من زعم أن أحدا يعلم الغيب غير الله سبحانه فقد كفر بالآيات السابقة .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ومن زعم أنه – تعني النبي صلى الله عليه وسلم – يخبر بما يكون غد فقد أعظم على الله الفرية , والله يقول : (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ )النمل(65).
والله من وراء القصد.
===========================================
المراجع
*النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى تأليف محمد الحمود النجدي طبعة كتبة الإمام الذهبي الكويت.
**الأسماء والصفات للبيهقي طبعة مكتبة السوادي للتوزيع بتحقيق عبدالله بن محمد الحاشدي
جزاكم الله خيرا ..
نسأل الله أن ينفع بها القارئ والكاتب والناشر