تخطى إلى المحتوى

ترسيخ العقيده في التربيه النبويه 2024.

  • بواسطة
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً،أما بعد:

فإن إنشراح الصدر،وطمأنينة القلب،وزيادة الإيمان،منى كل مسلم،وغاية كل مؤمن،ساع في خلاص نفسه،وفكاك رقبته ونجاتها من النار،وذلك بإتخاذ الأسباب الموجبة لذلك،مما دل عليه كتاب الله تعالى وسنة نبيه-صلى الله عليه وسلم:

ألا وإن من أعظم تلك الأسباب وأقواها تأثيراً في نفوس العامة والخاصة،وأرغبها طرحاً،دراسة سيرة نبينا الكريم – صلى الله عليه وآله وسلم.والتأمل فيها،وأخذ العبرة والعظة منها،وذلك لما تحويه من المعاني السامية،والأحكام البديعة النافعة،فلهذه التعديلات وغيرها نهض أهل العلم لتدوينها إما بمصنفات مستقلة أو إدراجها مع أبواب الدين الأخرى كما فعل ذلك أصحاب الجواميع وغيرهم.

بعثه الله على حين فترة من الرسل ففتح به أعيناً عميا،وآذاناً صماً،وقلوبا غلفا،فكانت بعثته للبشرية من أعظم النعم،وأكبر المنن،وذلك لأن حاجتها ( إلى الرسل ضرورية،بل هي فوق كل حاجة،فليس العالم إلى شئ أحوج منهم إلى المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين،ولهذا يذكر سبحانه عباده نعمه عليهم برسوله،ويعد ذلك عليهم من أعظم المنن منه لشدة حاجتهم إليه،ولتوقف مصالحهم الجزئية والكلية عليه،وأنه لا سعادة لهم،ولا فلاح ولا قيام إلا بالرسل…)

قال تعالى( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين،يهدي به الله من إتبع رضوانه سبل السلام،ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه،ويهديهم إلى صراط مستقيم ) المائدة:الآيتان 15،16

قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى مبيناً فضائل مجيء هذا النور،والثمرات العظيمة الناتجة عن ذلك

( فهذا النور العظيم الذي فاض على العالم برسالته أعظم من نور الشمس والقمر،وأنفع للعباد من الغيث الكثير المنهمر،نور إستنارت منه المشارق والمغارب والأقطار،ملأ الله به القلوب علماً ويقيناً وإيماناً،وشمل البسيطة عدلاً ورحمة وخيراً وحناناً، طهر الله به الأخلاق من جميع الرذائل،وإستكملت به جميع الفضائل،إستبدل به المؤمنون بعد الشرك إخلاصاً لله وتوحيداً،وبعد الإنحراف عن الحق هداية وإستقامة وتوفيقاً،وبعد الفتن والإفتراق ألفة وإعتصاماً بحبل الله،وبعد القطيعة والعقوق براً وصلة،ورحمة بعباد الله،وبعد الظلم والجور وسوء المعاملات،عدلاً ووفاءً بجميع الحقوق والمعاملات،نور كتب به العباد بعد الفساد صلاحاً،وبعد الشقاء والهلاك فلاحاً ونجاحاً )

فحق على كل مسلم بعد أن إستبانت عنده أهمية الرسالة،وإتضحت له حقيقة النبوة أن يشمر عن ساعد الجد في دراسة سيرة نبيه – صلى الله عليه وسلم – ليكون به متأسياً،ولمنهجه مقتضياً واعياً،وأن يكون دقيق أمره وجليل في نفسه من الأهمية بمكان ليكون أولى الناس به من أمته ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين إتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا،والله ولي المؤمنين ).

وفي هذه اللحظات نتناول جانباً من أهم جوانب حياته صلى الله عليه وسلم – ذلكم الجانب الذي كان له النصيب الأوفر من الدعوة،منذ إنبثاق فجر الرسالة في مكة،وحتى آخر لحظة من حياته وهو ينازع سكرات الموت،أوهو التوحيد والناظر في سيرته – صلى الله عليه وسلم – والمتأمل في أحواله،نجد أن هذا الأمر كان هو شغله الشاغل مع الصغير والكبير،والمرأة والرجل،والمسافر والمقيم،وفي صحته ومرضه،والنصوص على ذلك متضافرة.

وأسوق هنا طرفاُ منها ليكون القارئ الكريم – على بينة من ذلك:

فمن تلك النصوص العظيمة التي تدل على إعتنائه بهذا الأمر ما رواه الشيخان عن معاذ بن جبل رضى الله عنه – قال:كنت رديف النبي – صلى الله عليه وسلم – على حمار فقال لي:يا معاذ:أتدري ما حق الله على العباد،وما حق العباد على الله؟قلت:الله ورسوله أعلم،قال:حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً،وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً،قلت:أفلا أبشر الناس؟قال:لا تبشروهم فيتكلوا ).

وبالتطريق في هذا النص الكريم نجد أنه – صلى الله عليه وسلم- لم يدع هذه الفرصة تمر دون بيان للتوحيد،وإظهار لماهية حق الله على العبيد.

ومثال آخر قريب من سابقة يرويه إبن عباس – رضي الله عنهما فيقول:كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم – يوماً فقال:يا غلام:إني أعلمك كلمات:إحفظ الله يحفظك،إحفظ الله تجده تجاهك،إذا سألت فاسأل الله،وإذا إستعنت فاستعن بالله،وإعلم أن الأمة لو إجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله،لك،وإن إجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك،رفعت الأقلام،وجفت الصحف ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح،والحديث عنده من رواية حنش الصنعاني عن إبن عباس:قال الحافظ إبن رجب بعد ذكره لتخريج الحديث( وبكل حال،فطرين حنش التي خرجها الترمذي حسنة جيدة ) وتبين أهمية هذا الحديث بما قاله الحافظ إبن رجب رحمه الله من أنه ( يتضمن وصايا عظيمة وقواعد كلية من أهم أمور الدين ) وتأمل معي أخي القارئ الكريم حرص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم – على غرس عقيدة التوحيد في نفوس أطفال المسلمين وهذا جلي في النص الآنف الذكر فإن فيه الوصية بمراقبة الله تعالى،وحفظ حدوده،ومراعاة حقوقه.وفيه الأمر بسؤال الله جل وعلا،ودعائه،والإستعانة به،وهذه عبادات من أجل العبادات وأعظمها،وفيه ترسيخ عقيدة القضاء والقدر في النفس مما يبعث العبد على التعلق بالله تعالى،واللجوء إليه،والإعتصام به.بل قال الحافظ إبن رجب رحمه الله ( وإعلم أن مدار جميع هذه الوصية على هذا الأصل،وما ذكر قبله وبعده،فهو متفرع عليه،وراجع إليه،فإن العبد إذا علم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له من خير وشر،ونفع وضر،وأن إجتهاد الخلق كلهم على خلاف المقدور غير مفيد البتة علم حينئذ أن الله وحده هو الضار النافع،المعطي المانع،فأوجب ذلك للعبد توحيد ربه عز وجل…)

وحادثة ثالثة تبين لنا أن هذا الأمر الجليل هو أول واجب على العبيد،يدلنا على ذلك حديث إبن عباس رضى الله عنهما – في الصحيحين ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له:إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب،فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله،وفي رواية

( إلى أن يوحدوا الله )… الحديث ثم هو ذا يعلم بإحتضار عمه أبي طالب فيأتيه وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل فقال له:يا عم،قل لا إله إلا الله كلمةً أحاج لك بها عند الله،فقالا له:أترغب عن ملة عبد المطلب؟فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

فأعادا،فكان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب،وأبي أ، يقول:لا إله إلا الله… الحديث،وهو في الصحيحين.

وقد كان هذا في أول أمره،وبداية ظهور دعوة التوحيد في مكة،فما أن تحين الفرصة إلا ويقوم بالبيان وتذكر له أم سلمة – رضي الله عنها – كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور؟فقال:أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح،بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور،أولئك شرار الخلق عند الله ) والحديث في الصحيح.

وهو بهذا يحذر – صلوات الله وسلامه عليه – من الغلو في الصالحين،ومجاوزة الحد في تعظيمهم.

بل يستمر معه هذا الأمر إلى آخر لحظة من حياته،وهو يعاني ما تدل به من سكرات الموت،ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:لما تدل برسول الله – صلى الله صلى الله عليه وسلم – طفق يطرح خميصة له على وجهه،فإذا إغتم بها كشفها فقال وهو كذلك:لعنة الله على اليهود والنصارى إتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).

ولمسلم عن جندب بن عبد الله قال:سمعت النبي صلى الله عليه وسلم _ قبل أن يموت بخمس وهو يقول لاكي إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل،فإن الله قد إتخذني خليلاً كما إتخذ إبراهيم خليلاً،ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لإتخذت أبا بكر خليلاً،ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك).

وختاماً أقول:أرجو أن يكون بما تقدم ذكره من النصوص،وسرد تلك الأحداث من سيرته صلى الله عليه وسلم،قد إتضح شأن هذا الأمر،ومنزلته من الدين،فحري بالدعاة بعد ذلك أن يكون جل،إهتمامهم به،نصحاً للأمة وتحذيراً لها من الوقوع في شباك إبليس – لعنة الله عليه – والتي أعظمها الشرك،وأن تكون البداءة به فإن آخر هذه الأمة لا يصلح إلا بما صلح به أولها.
نقلا عن مجلة البر..للشيخ يوسف حمادي.الجامعه الاسلاميه في المدينه المنوره… مع تحيات… غزاله<IMG SRC="http://www.montadalakii.com/ubb/smilies/cwm15.gif" border=0>

——————
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك

بارك الله فيك وجزاك خيرا ياغزاله

——————
عواطف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.