نحمده سبحانه وهو للحمد أهل ، ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وقدوة للسالكين ؛ أما بعد:
فإن ذكر الله – جل وعلا – من العبادات الميسورة التي لا عناء فيها ولا تعب ، وتأتى للعبد في معظم أحواله ،
ومع سهولتها ويسرها هي عظيمة الأجر، جليلة القدر، فعن أبي الدردا ء قال: قال رسول الله :
( ألا أنبئكم بخير أعمالكم ، وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ،
وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله ) ..
أخرجه الترمذي وأحمد ( 6 / 447 )، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ( 1 / 673 ).
( اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطت، وقني شر ما قضيت،
إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت )رواه أبو داود (1425) والنسائي (1745)
ومن ذلك أيضًا من الهداية التي هي العلم وبيان الحق، قول الله تبارك وتعالى للنبي :
{ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ مُّسْتَقِيمٍ } [الشورى: 52..
أي تدل وتبين وتعلم الناس الصراط المستقيم ..
وأما الهداية التي بمعنى التوفيق فمثل قوله تعالى: { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } [القصص: 56]
« اللهم اهدنا فيمن هديت » فإننا نسأل الهدايتين، هداية العلم وهداية العمل ، كما أن قوله تعالى:
يشمل الهدايتين هداية العلم ، وهداية العمل ، وقوله:
ويعني: أننا نسألك الهداية فإن ذلك من مقتضى رحمتك وحكمتك ومن سابق فضلكفإنك قد هديت أناسًا آخرين.
الثاني: أمراض الشبهات التي منشؤها الجهل.
أما الولاية العامة، فهي تشمل كل أحد، فالله ولي كل أحد، كما
مثال القضاء بالخير: القضاء للناس بالرزق الواسع ، والأمن والطمأنينة ، والهداية والنصر.. إلخ.
مثال ذلك: القحط (امتناع المطر) هذا شر، لكن قضاء الله به خير، كيف يكون القضاء بالقحط خيرًا..؟
لو قال قائل: إن الله يقدّر علينا القحط ، والجدب ، فتموت المواشي ، وتفسد الزروع ، فما وجه الخير..؟
نقول: استمعِ إلى قول الله سبحانه وتعالى:
إذًا لهذا القضاء غاية حميدة ، وهي الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى من معصيته
إلى طاعته ، فصار المقضي شرًّا والقضاء خيرًا.. وعلى هذا فـ « ما » هنا اسم موصول.. والمعنى:
قِنَا شرَّ الذي قضيت ، فإن الله تعالى يقضي بالشرِّ لحكمة بالغة حميدة ،..
ولهذا قال النبي فيما أثنى به على ربه:
« والخير بيديك والشر ليس إليك » لهذا لا ينسب الشر إلى الله سبحانه وتعالى..
« إنك تقضي ولا يقضى عليك ».. الله عزَّ وجلَّ يقضي قضاء شرعيًّا وقضاء كونيًّا ،
{ لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } "الأنبياء: 32"..
وليست الولاية فيمن يدعيها من أولئك القوم الذين يسلكون طرق الرهبان وأهل البدع الذين يبتدعون في شرع الله ما ليس منه ،
ويقولون نحن الأولياء.. فولاية الله عزَّ وجلَّ التي بها العز هي مجموعة في هذين الوصفين ..الإيمان والتقوى
{ مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ } "البقرة: 89"، فكل الكافرين في ذل وهم أذلة..
وقوله: « وتعاليت » من العلو الذاتي والوصفي. فالله سبحانه وتعالى عليٌّ بذاته وعليٌّ بصفاته عليٌّ بذاته فوق جميع الخلق،
وعلوه سبحانه وتعالى وصف ذاتي أزلي أبدي ،
أما استواؤه على العرش فإنه وصف فِعْلِيٌّ يتعلق بمشيئته سبحانه وتعالى ،
والعرش: هو أعلى المخلوقات ، وعليه استوى الله عزَّ وجلَّ ، يعني علا عليه علوًّا يليق بجلاله وعظمته ،
وفي دعاء القنوت جملة يكثر السؤال عنها مما يدعو به أئمتنا في قنوتهم، يقولون:
أقرب الأقوال فيها أنها من باب الشفاعة ، يعني أن هذا الجمع الكبير فيهم المسيء ، وفيهم المحسن ،
فاجعل المسيء هدية للمحسن بشفاعته له فكأنه قيل وشفع المحسنين منا في المسيئين.
وَاصْطِلَاحًا : طَلَبُ الاخْتِيَارِ . أَيْ طَلَبُ صَرْفِ الْهِمَّةِ لِمَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّهِ وَالأَوْلَى , بِالصَّلاةِ ,
أَوْ الدُّعَاءِ الْوَارِدِ فِي الِاسْتِخَارَةِ ..
وهي : طلب الخيرة في شيء ، وهي استفعال من الخير أو من الخيرة – بكسر أوله وفتح ثانيه ، بوزن العنبة ،
واسم من قولك خار الله له ، واستخار الله : طلب منه الخيرة ، وخار الله له : أعطاه ما هو خير له ،
والمراد : طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما ..(ابن حجر : فتح الباري في شرح صحيح البخاري)
كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ : إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ :
( اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ ,
(هنا تسمي حاجتك )
عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ .
وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ ) وَفِي رواية ( ثُمَّ أرَضِّنِي بِهِ
( رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (1166)
وما نَدِمَ منْ اسْتخِارَ الخَالِقَ، وِشَاوَرَ المَخلُوقْينَ المُؤمِنينَ
لأن الرجل إذا أراد أن يصلي ، أو يصوم ، أو يتصدق ، لا حاجة ( له ) للاستخارة
، ولكن يحتاج للاستخارة في أمور الدنيا مثل: السفر والزواج ، وشراءالمركب
وبيعه ، وبناء الدار ، والانتقال إلى وطن آخر ..، ونحو ذلك.
قوله := إذا هم بالأمر + أي : إذا عزم على القيام بعمل لم يفعله.
قوله:= فليركع ركعتين +أي : ليصلي ركعتين، وقد يذكر الركوعويُراد به
الصلاة ، كما يُذكر السجود ويُراد به الصلاة ، من قبيل ذكر الجزء وإرادة الكل..
قوله: = من غير الفريضة +أي: الصلوات الخمس المكتوبة.
والمراد النوافل ؛ بأن تكون تلك الركعتان من النافلة ؛ قال النوري_
رحمه الله _:= الظاهر أنها تحصل بركعتان من السنن الرواتب ، وتحية المسجد ….، وغيرها من النوافل
قوله:= استخيرك + أي : أطلب الخير أن تختار لي أصلح الأمرين ؛ لأنك عالم به وأنا جاهل..
قوله:= وأستقدرتك + أي : أطلب تُقدِرَني على اصلح الأمرين ، إذ أطلب منك
القدرة على ما نويته ، فأنك قادر على إقداري عليهأ وأن تَقدر لي الخير بسبب قدرتك عليه
قوله:= ويسمي حاجته+أي: يسمي أمره الذي قصده ، مثلا يقول :=
اللهم إن كنت تعلم أن هذا السفر خير لي …، أو هذا البيع …، ونحو ذلك.
قوله:= في ديني ..+ أي: إن كان فيه خير يرجع لديني ، ولمعاشي ،عاقبة آمري، وأنما ذكر عاقبة
الأمر؛ لأنه رُبَ شىء يقصد فعلة الإنسان يكون فيه خير في ذلك الحآل ،ولكن لا يكون خيرا في آخر الآمر، بل ينقلب إلى عكسه.
قوله:= معاشي +أي: العيش والحياة.
قوله:= فاقدُرهُ +أي:اقضِ لي به وهيئه.
قوله:= فاصرفه عني+أي: لا تقضِ ي به ، ولا ترزقني إياه.
قوله:= واصرفني عنه +أي:لا تيسر_ لي أن أفعله ، وأقلعه من خاطري .
قوله:= حيث كان +أي:الخير؛ والمعنى : أقضِ لي بالخيرحيث كان الخير.
قوله:= ثم ارضني به +أي: ، اجعلني راضياً بخيرك المقدر، أو بِشرك المصروف .
قوله:= نَدِمَ +أي: فعل الشى ثم كرهه..
بطلب آرائهم في آمره ، وليست مع جميع المخلوقين .
والتثبت في الآمر يكون ببذل الجهد ، في تحري الأمر الذي يهم بفعله ،من حيث صلاحه أو عدم صلاحه.
قوله ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ ) …
الآية ؛ آمر من الله تعالى لمحمد أن يستعرض آراء أصحابه ؛
فيشرك الجميع في الآمر الذي يعم بفعله ، ثم يختارما أشار إليه أكثرهم أعقلهم ، متوكلاً على الله تعالى بهمةٍ عالية..
وفي ميزان حسناتك
موضوع رائع ومتميز
حفظك المولى ورعاك
بارك الله فيك اختي
والله بالامس وانا اقول دعاء القنوت واتنبهت ونفسي اعرف معانيه والحمدلله اليوم قراتها
الله يكتبه في ميزان حسناتك اللهم امين
ما شاء الله
موضوع شامل وكامل لدعاء القنوت والإستخارة
وتفصيل مبسط للمعاني الواردة فيهما
جازاكِ الله الجنة على مجهودك بإيصال هذه المعاني إلى الأذهان
بارك الله فيك