الدرس الرابع: أول ما نزل وآخر ما نزل من القرآن…
هذا الدرس يحتوي على زيادات من كتاب أزهري آخر
- المرجع في معرفة أول ما نزل وآخر ما نزل من القرآن هو النقل عن الصحابة فهم الذين شاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم وعرفوا منه اول ما نزل وآخر ما نزل من القرآن ثم أخبرونا بما سمعوه في ذلك منه صلى الله عليه وسلم.
- ومن فوائد معرفة أو ما نزل وآخر ما نزل : تميز الناسج من المنسوخ
وذلك فيما إذا وردت آيتان أو آيات في موضوع واحد وكان الحكم في إحدى هذه الآيات يغاير الحكم في الأخرى فإننا في هذه الحالة نعرف أن الآية المتأخرة في النزول قد نسخت الآية المتقدمة.
مثال من كتاب آخر:
{ قال تعال: والذين يتوفون منك ويذرون أزواج يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا}
أي: على المرآة المتوفى عنها زوجها أن تنتظر أربعة أشهر وعشرا في عدتها
وقال تعالى في آية أخرى: {والذين يتوفون منك ويذرون أزواج وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج} أي أن المرأة المتوفى عنها زوجها عليها أن تنتظر في عدتها حول كامل.
*والمتأمل في الآيتان الكريمتان سيشعر أن هناك تعارض في القرآن وحاشاه
فسيقف متسائلاً: هل تنتظر 4 أشهر وعشرة أيام أم تنتظر حول كامل، لذا فإن علم الناسخ والمنسوخ يقول المتأخر ينسخ المتقدم.
كذلك من فوائد هذه المعرفة: الوقوف على التاريخ التشريع الإسلامي وملاحظة سيره التاريخي وتدرجه في تربية الناس برفق وهوادة.
من كتاب آخر: ومن مظاهر ذلك التدرج أن حرم الخمر وأكل الربا بالتدريج:
"فقالت السيدة عائشة لو نزل لا تقربوا الزنا مرة واحدة ولا تقربوا الخمر لقالوا لا ندع الزنا ولا نترك الخمر"
ولنرى سويا التدرج في تحريم الخمس والذي جاء على خمس مراحل:
- قال تعالى:" ومن ثمرات النخيل تتخذون منه سكراً ورزقاً حسنا" فبين اننا نأخذ من الخمر السكر والرزق الحسن
- قال تعالى:" ويسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما…} فبين أن الإثم على الشارب والمنفعة للبائع الذي يبيع ويكسب
- قال تعالى :" ولا تقربوا الصلاة وأنتم سُكارى"
- قال تعالى:" يأيها الذين امنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون"
- المرحلة الأخيرة والحاسمة:" إنما يريد الشيطان أن يُقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون" فقال عمر : انتهينا. أ.هـ
أما التدرج في تحريم التعامل بالربا فمر بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: قال تعالى: "وما أُتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما أوتيتم من زكاة تريدون وجه الله فألئك هم المضعفون"
المرحلة الثانية: قال تعالى:" يأيها الذين امنوا لا تأكلوا الربا أضعاف مضعفة…"
المرحلة الثالثة والحاسمة: قال تعالى:" الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا".
كذلك من فوائد هذه المعرفة: بيان مدى العناية التي قام بها الصحابة في خدمة القرآن الكريم حتى لقد عرفوا زمان نزوله ومكانه وملابسات هذا النزول وأسبابه وغير ذلك مما يتعلق بنزول القرآن الكريم.
- أما عن أول آية نزلت وآخر آية فسأعرضه لكنه من كتاب آخر
أولا: أول ما نزل
- أولية مطلقة: وهي صدر سورة العلق أي ليس قبلها قرآن. عندما نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء وهو يتعبد، فقال له: اقرأ. فقال: ما أنا بقارئ. فقال: اقرأ. فقال له صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارئ. فقال جبريل: اقرأ بسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق… وقيل أن جبريل نزل على النبي بديباجة مكتوب عليها صدر سورة العلق ثم أمره أن يقرأ فقال: ما أنا بقارئ….وهكذا إلى أن قرأ عليه صدر سورة العلق.
- أولية نسبية: وهي " يأيها المدثر" لأن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتور الوحي في غار حراء حيث سمع النبي صوتاً فالتفت يمينا ويسارا فوجد جبريل يقول له:" يأيها المدثر"……………………كما تعتبر سورة الفاتحة وبسم الله الرحمن الرحيم من أوائل ما نزل.
- ثانياً: آخر ما نزل
- أخروية مطلقة: وهي قولة تعالى:" واتقوا يوما تُرجعون فيه إلى الله ثم تُوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يُظلمون" لأنها نزلت قبل وفاة النبي بتسع ليالي.
- أُخروية نسبية: وهي قوله تعالى:" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا". لأنها نزلت قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بثلاث شهور بعرفة في حجة الوداع…ا.هـ
والمراد بإكمال الدين وإتمام النعمة: إكمال تشريعاته التي تتعلق بالعبادات والمعاملات وغير ذلك من الأحكام وإظهارها على الدين كله ولو كره الكافرون
ولا شك أن الإسلام في حجة الوداع كان قد ظهرت شوكته وعلت كلمته وتغلب على الشرك وحزبه وعلى الكفر وجنده.
جزاكِ الله خيرا ونفع بك غاليتي