تخطى إلى المحتوى

عمر بن الخطاب رضى الله عنه الجزء القضاء والدواوين والنظام المالي في الإسلام 2024.

  • بواسطة

لاكي

عمر بن الخطاب رضى الله عنه
تأسيسه للدولةالإسلامية القضاء والدواوين
والاهتمام بالنظام المالي في الإسلام

الجزء الثانى

لاكي

عندما يُذكر عمر بن الخطاب رضى الله عنه
يتحدث الناس عن إسلامه الذي كان فتحًا، وعن عدله الذي بهر العقول، وعن تقواه وخشيته وتقشفه في ملبسه ومأكله
_ ويذكرون عمر الفاتح الذي فتحت في عهده بلاد الشام بأكملها والعراق وفارس وخراسان ومصر..
_ ويذكرون عمر المجتهد الفقيه، وقد وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بالعبقرية فقال: «لم أرَ عبقريًا يفري فريه» ووصفه بأنه مُحَّدث (ملهم)

_ ولن نتحدث عن شخصية عمر الذي يداوي إبل الصدقة بيده، ويمشي في السوق وحده، ومع ذلك يصل من هيبته أن القادة الكبار يفرقون منه،

_ ولكن سنتحدث عن شخصية عمر المؤسس للدول،
المخطط للعمران،
_وعن اهتماماته الحضارية، الاجتماعية والاقتصادية،

_وهو جانب قد يغيب عن بعض الناس، وهو جانب لم يُشتهر به كما اشتهر في الجوانب الأخرى،

_كيف كان يشغله أمور الناس المعاشية،
_وكيف كان يفكر فيما يُسمى اليوم (البنية التحتية)،

– وهذا الجانب لا أقول تغفل عنه الدول فقط او لا تريد تنفيذه ولكن تغفل عنه المؤسسات الإسلامية والجمعيات الإسلامية، فأين هؤلاء من اهتمامه بالنواحي الصحية مثلاً للمجتمع الإسلامي وقد وسعت سياسته كل ما جَدَّ وكل ما تطلبته حياة الناس.

لاكي

عمر بن الخطاب والقضاء:
_______________
لا تنتظم أمور الناس إذا لم يكن هناك قضاء مستقل، وقضاء في أعلى درجات النزاهة والتقوى والعلم والخبرة، وإن أُولى مقدمات التقدم الحضاري هو أن تقام إدارة للعدل مستقلة عن إدارة الحكم،

_ويُقال: "أرني قوانين أمة، أدلك على حظها في الرقي أو الانحطاط "

_وقد قام عمر رضى الله عنه:

*بفصل القضاء عن إدارة الحكم،
*وأقام المحاكم في كل ولاية،
*وعين القضاة حسب شروط معينة، وكان يختار القضاة بعد أن يختبرهم في علمهم وذكائهم،

*ورسالته في القضاء إلى الصحابي أبو موسى الأشعري تعتبر وثيقة قضائية بالغة الأهمية، وهذا نصها:
"أما بعد: فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة فافهم إذا أدلي إليك، وأنفذ إذا تبين لك، فإنه لا ينفع حق لا نفاذ له، آس بين الناس في مجلسك ووجهك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك، البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرّم حلالاً ولا يمنعك قضاء قضيته بالأمس، فراجعت فيه نفسك وهُديت لرشدك أن ترجع إلى الحق، فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير لك من التمادي في الباطل، الفهم الفهم فيما يتلجلج في صدرك، مما ليس في كتاب ولا في سنة، واعرف الأشباه والأمثال، ثم قس الأمور عند ذلك، واعمد إلى أحبها لله، وأشبهها بالحق فيما ترى، المسلمون عدول في الشهادة بعضهم على بعض، إلا مجلودًا في حد أو مجربًا عليه شهادة زور، أو ظنينًا في ولاء أو قرابة، فإن الله قد تولى منكم السرائر، ودرأ عنكم الشبهات، وإياكم والقلق والضجر، والتأذي بالناس، والتنكر للخصوم في مواطن الحق"،

ويستنبط من هذه الرسالة:
1- معاملة الناس جميعًا بالمساواة.
2- يجب أن يحدد تاريخًا معينًا لتقديم الدعوى.
3- إذا لم يحضر المدعي عليه في التاريخ المحدد يمكن أن يحكم في القضية غيابيًا.
4- كل مسلم يصلح للشهادة عدا من وقع عليه عقاب أو ثبت كذبه في الشهادات.
ولم يكتفِ عمر بهذا،
بل كان يكتب الفتاوى المتعلقة بالأمور المهمة والشائكة ويرسلها للقضاة بين الحين والآخر، وقد وضع عمر كثيرًا من القيود لمنع وسائل الدخل غير المشروع، فقرر الرواتب المناسبة، فقد كان راتب سلمان بن ربيعة الباهلي والقاضي شريح خمسمائة درهم شهريًا، ولم يكن يسمح لأي قاض بالبيع والشراء والتجارة ،وهذه هي القواعد التي تتبعها اليوم الدول المتقدمة بعد عهود من التجربة.


اتسعت رقعة الدولة زمن عمر رضى الله عنه اتساعًا كبيرًا، وأصبحت الحاجة ملحة لضبط الأمور، وخاصة في النواحي المالية، ولذلك أُنشئت الدواوين (الوزارات)

وهو أول من دَوّنها

_ فكان ديوان (الجند) وديوان (الخزانة) وديوان العطاء (التأمينات الاجتماعية).

_وبعد فتح العراق واجه مشكلة تقسيم الأرض، فقد طلب الفاتحون أن تقسم الأرض بينهم، وعارضهم في هذا الرأي،

_ وكان رضي الله عنه يتوخى الحذر في القضايا الكبيرة الاجتهادية، فكان لا يفصل في قضية دون أخذ رأي الصحابة، ويظل ثلاثة أيام يشاور الصحابة،

_ وقد أيده في رأيه علي وعثمان وزعماء الأنصار، وعارضه عبد الرحمن بن عوف وبلال، وكان أشدهم عليه بلال رضى الله عنه حتى قال: اللهم اكفني بلالاً وأصحابه، وكان رأي عمر أنّ الأرض إذا وزعت على الفاتحين فمن أين ستأتي بعدئذ نفقات الدولة ونفقات الجهاد والدفاع عن البلاد، ومَنْ للذرية بعدئذ، واستشهد عمر بالآيات من سورة الحشر " {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر:9 – 10]، فقد استنبط عمر من هذه الآية أن الأجيال المسلمة القادمة لها الحق في الأراضي المفتوحة، وهكذا استقر الرأي على بقاء الأرض بأيدي أصحابها ويدفعون الخراج عنها.
___________________________

وهنا اتوقف لاوضح معنى الخراج…
والخراج في اصطلاح الفقهاء له معنيان خاص وعام:
أما المعنى العام فهو: الأموال التي تتولى الدولة جبايتها وصرفها في مصارفها، كالجزية وغيرها.
وأما المعنى الخاص فهو: الوظيفة "الضريبة" التي يفرضها إمام المسلمين على الأرض الخراجية النامية. وتسمى الأرض التي يفرض عليها الخراج أرضا خراجية. والأرض قسمان: صلح وعَنوة، فأما الصلح فهو: كل أرض فتحها المسلمون صلحاً، وصالحوا أهلها عليها لتكون لهم، ويؤدون خراجاً معلوماً كل سنة، فهذه الأرض ملك لأربابها، وهذا الخراج في حكم الجزية، فمتى أسلم أهل الأرض سقط الخراج عنهم، ولهم بيعها ورهنها وهبتها لأنها ملك لهم.
والقسم الثاني: ما فتحه المسلمون عَنوة ـ أي بالسيف ـ ولم تقسم بين الغانمين، فهذه تصير للمسلمين، يضرب الإمام عليها خراجاً معلوماً يؤخذ في كل عام، وتقر في أيدي أربابها ما داموا يؤدون خراجها، سواء كانوا مسلمين أو من أهل الذمة، ولا يسقط خراجها بإسلام أربابها ولا بانتقالها إلى مسلم، بل إذا أسلم أهلها أو انتقلت إلى مسلم يجتمع مع الخراج أيضاً عشر ما تخرج، زكاة عليها، ولا يمنع أحدهما وجوب الآخر، وهو قول أكثر الفقهاء.
وأول من وظف الخراج هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما فتحت العراق، حيث اجتهد مع الصحابة، ولم تقسم بين الفاتحين وضرب عليها الخراج، وكذلك سائر ما فتح في عصره، كأرض الشام ومصر وغيرها، لم يقسم منها شيء، وضرب عليها الخراج…فتاوى اسلام ويب،معجم المعاني الجامع والمعجم الوسيط

_______________________________________

_إن ترك المال بأيدي الناس ليعملوا أو يربحوا، وتزداد أموالهم هو الرأي الصحيح في قضايا المال، وهو يدل على عمق فهم عمر لمصلحة الأمة، وعمق نظرته المستقبلية، وهذا ما أدركته أوروبا في العصور الحديثة وأثبته (آدم سميث) في كتابه (ثروة الأمم) حيث إن الثروة لا تقاس بما يملكه الحكام أو الملوك، ولكن بما يملكه الناس، فالدولة لا تشتغل بالتجارة أو الصناعة.

ولم يكتفِ رضى الله عنه بهذه النظرة لمستقبل الأجيال، بل أمر بمسح أرض العراق، حتى يكون كل شيء محسوب بدقة، ولا يظلم الذين يعملون في الأرض
______________________،
*
ومعنى مسَحَ الأرضَ : قاسها ليعلم مِساحتَها بالأمتار المربَّعة ونحوها وقسَّمها ، حَدَّد أبعادَها..
معجم المعاني الجامع والمعجم الوسيط

______________________

_ولم يكن مسح الأرض من الفنون التي تعرفها العرب واختار رجلين من الصحابة لهذه المهمة: _عثمان بن حنيف وحذيفة بن اليمان، وكانت لهما خبرة في هذا المجال
_، بل يذكر الإمام أبو يوسف في كتابه (الخراج ) أن عثمان بن حنيف كان يقيس بدقة كما لو كان يقيس الأقمشة النفيسة.

_وخوفًا من أن تُحمِّل الأرض خراجًا لا تطيقه فقد استدعى هذين الصحابيين ليسألهما، كما روى البخاري عن عمرو بن ميمون قال: "رأيت عمر بن الخطاب قبل أن يصاب بأيام بالمدينة وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف فقال: "كيف فعلتما، أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق؟ قالا: حملناها أمرًا هي له مطيقة، وما فيها كبير فضل،

**فقال عمر: لئن سلمني الله تعالى لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى أحد بعدي".!!

_________________

_ومن الأمور الغريبة أنه بالرغم من أن عمر حدد الخراج في يسر وسهولة، ولكن مقدار الخراج الذي جبي في عهده لم يجب مثله فيما بعد، وذلك للعدل الذي كان ولرفقه بالرعية،

*وتحت نظام الخراج قضى عمر على نظام الإقطاع الروماني المنتشر في بلاد الشام، وأقام نظامًا للإنصاف مع البلاد المفتوحة لا يوجد له مثيل في أي بقعة من الأرض.
_________________________________________________
ويحضرنا الآن سؤال أين هذا الخراج اليوم ؟؟! والإجابة فى هذا الحديث

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم منعت العراق درهمها وقفيزها ومنعت الشأم مديها ودينارها ومنعت مصر إردبها ودينارها وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه} صحيح مسلم

أما ( القفيز ) فمكيال معروف لأهل العراق .وأما ( المدي ) فبضم الميم على وزن ( قفل ) ، وهو مكيال معروف لأهل الشام . وأما الإردب فمكيال معروف لأهل مصر ،

_وفي معنى منعت العراق وغيرها قولان مشهوران : أحدهما لإسلامهم ، فتسقط عنهم الجزية ، وهذا قد وجد .
** والثاني وهو الأشهر أن معناه أن العجم والروم يستولون على البلاد في آخر الزمان ، فيمنعون حصول ذلك للمسلمين ،

_وقد روى مسلم هذا عن جابر قال : يوشك ألا يجيء إليهم قفيز ولا درهم قلنا : من أين ذلك ؟ قال من قبل العجم ، يمنعون ذاك .

_ وذكر في منع الروم ذلك بالشام مثله ، وهذا قد وجد في زماننا في العراق ، وهو الآن موجود .

_ وقيل : لأنهم يرتدون في آخر الزمان ، فيمنعون ما لزمهم من الزكاة وغيرها .

_وقيل : معناه أن الكفار الذين عليهم الجزية تقوى شوكتهم في آخر الزمان فيمتنعون مما كانوا يؤدونه من الجزية والخراج وغير ذلك .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " وعدتم من حيث بدأتم " فهو بمعنى الحديث الآخر " بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود كما بدأ " .شرح صحيح مسلم للنووى
وهذا ما نحن فيه الآن فقد قويت شوكة الكفار فى غفلة المسلمين عن دينهم وتغير كل شيء وعاد الإسلام غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين


_______________________________________
_ الوجيز في الخلافة الراشدة
_الكامل في التاريخ –
_ كتاب "تاريخ الطبري" لمحمد بن جرير الطبري. .
-رياح التغيير : أسس بناء دولة الإسلام. مقال لـ"نعيم محمد عبد الغني"

لاكي


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.