تخطى إلى المحتوى

انزَع عنك رداءَ الكبر 2024.

انزَع عنك رداءَ الكبر

إنَّ صلاحُ ابن آدم في الإيمان والعملِ الصالح، والسّعيُ في إصلاح القلب أفضلُ من نوافلِ العبادات، وأعمالُ القلوب في الثواب والعقاب كأعمالِ الجوارح، يثاب على الموالاة والمعاداة في الله، وعلى التوكّل والعَزم على الطاعة، ويُعاقَب على الكِبر والحسَد والعُجب والرّياء، وكلّما ازداد العبد تواضعًا وعبوديّة ازداد إلى الله قربًا ورفعة ..

وأصل الأخلاقِ المذمومة كلِّها الكبر والاستعلاء:

§ به اتَّصف إبليس فحسَد آدم واستكبر وامتنع من الانقياد لأمر ربه: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ} [البقرة:34].

§ وهو سببٌ للفُرقة والنزاع والاختلافِ والبغضاء, قال -جلّ وعلا-: {فَمَا ٱخْتَلَفُواْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [الجاثية:17]، وهو مِن أوصافِ أهلِ النّفاق: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ} [المنافقون:5].

§ المتكبِّر متَّبع لهواه، ينظر إلى نفسه بعينِ الكمال وإلى غيره بعينِ النّقص، مطبوعٌ على قلبِه: لا يقبَل ما لا يَهوى: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلّ قَلْبِ مُتَكَبّرٍ جَبَّارٍ} [غافر:35]. واللهُ تعالى يبغضه: {إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18].

§ المتَّصف بالكبر مصروفٌ عن الاعتبارِ والاتّعاظ بالعبر والآيات: {سَأَصْرِفُ عَنْ ءايَـٰتِي ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ} [الأعراف:146].

§ والمستكبِر عن الحقّ يبتَلى بالانقياد للباطل، وقد تعجَّل له العقوبة في الدنيا, فقد شُلَّت يَدُ رجلٍ في عهدِ النبوة بسبَب الكبر، يقول سلمة بن الأكوع: أكَل رجل عند النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- بشماله, فقال له: (كُل بيمينك)، قال: لا أستطيع، قال: (لا استَطعتَ)،ما منعه إلا الكبر، قال: فما رفعَها إلى فيه. رواه مسلم، وقد خسفتِ الأرض بمتكبِّر, يقول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (بينما رجلٌ يمشِي في حلّةٍ تعجِبه نفسُه، مرجِّلًا رأسَه يختال في مشيته، إذ خسف الله به, فهو يتجَلجَل في الأرض إلى يوم القيامة)صحيح البخاري . وفي الآخرة يعامَل بنقيض قصده, فمن ترفَّع عن النّاس في الدّنيا يطؤه النّاس بأقدامِهم في الآخرة، يقول المصطفى -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (يُحْشَر الجبّارون والمتكبِّرون يومَ القيامة في صوَر الذرِّ يطؤهم النّاس بأرجلهم) سنن الترمذي…

قال في نوادر الأصول: "كلّ من كان أشدَّ تكبّرًا؛ كان أقصرَ قامّةً في الآخرة، وعلى هذا السبيل كلّ من كان أشدَّ تواضعًا لله؛ فهو أشرَف قامَةً على الخلق".

§ ومَن حمَل في قلبِه ولو شيئًا يسيرًا مِن الكبر؛ حرُم عليه دخول الجنة، يقول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (لا يدخل الجنةَ من في قلبه مثقالُ ذرّة مِن كبر). صحيح مسلم

والنار دارٌ لهم: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لّلْمُتَكَبّرِينَ} [الزمر:60]، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (ألا أخبِركم بأهلِ النّار؟ كلّ عُتُلٍّ جوّاظٍ مستكبرٍ) متفق عليه،

ويقول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (احتجّت الجنّة والنّار، فقالت النّارُ: فيّ الجبّارون والمتكبِّرون، وقالت الجنّة: فيّ ضعفاء النّاس ومساكينهم)صحيح مسلم

الكبرياء من خصائصِ الربوبيّة لا يُنازَع فيه, ومن اتّصف به من المخلوقين عذّبه الله, يقول النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحديث القدسي: (قال الله -عزّ وجلّ-: العزُّ إزاري، والكبرياء ردائي، فمن ينازعُني في واحدٍ منهما عذّبته)صحيح مسلم

والله -جلّ وعلا- هو المتكبِّر, قال سبحانه عن نفسه: {ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبّرُ} [الحشر:23].

فانزَع عنك رداءَ الكبر والتعاظم، فإنهما ليسا لك، بل هما للخالق، والبَس رداءَ الانكسار والتواضع، فما دخل قلبَ امرئٍ شيءٌ من الكبر قطّ إلا نقَص من عقلِه بقدر ما دخل من ذلك أو أكثر. ومنشأ هذا مِن جهلِ العبدِ بربّه وجهله بنفسه، فإنّه لو عرف ربَّه بصفاتِ الكمال ونعوت الجلال وعرف نفسَه بالنقائص والآفاتِ؛ لم يستعلِ ولم يأنف، يقول سفيان بن عيينة -رحمه الله-: "مَن كانت معصيّته في الكبرِ فاخشَ عليه، فإبليس عصى متكبِّرًا فلُعِن".

للشيخ: عبد المحسن بن محمد القاسم -حفظه الله-

(بتصرف)

المصدر : موقع مسلمات ..

لاكي
جازاك الله خيرا اختي الحبيبة على الموضوع
جزاكِ الله خيرا ًأختى الكريمة ونفع الله بكِ أينما كنت ِ
وجزاكن الله خيرا أخواتي الكريمات ..

أشكر لكن مروركن ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.