لنقرأ هذه الفتوى التي وجهت لأحد علماء الأسلام حفظهم الله تعالى … على موقع اسلام اليوم.
العنوان : ما الذي نسخته آية السيف؟
السؤال: لقد قرأت في كتاب (الناسخ والمنسوخ) أن آية السيف قد نسخت مسالمة الكفار والعفو عنهم والإعراض والصبر على أذاهم بالأمر بقتالهم. وكذا قال ابن حزم بأنها نسخت مائة ونيفاً من آيات القرآن؟ فهل هذه فعلا ناسخة لما سبق؟ وهل تعد أساس معاملات المسلمين مع غير المسلمين وأهل الكتاب؟ مع إحالتي إلى المصادر المعتبرة؛ حيث إننا نواجه مثل هذه الأسئلة بكثرة.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فآية السيف هي قوله تعالى في سورة التوبة: "فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [التوبة:5]. قال بعضهم إنها نسخت أكثر من مائة آية، ومنها جميع الآيات الآمرة بالصبر وبالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، بل وحتى قوله: "أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ" [التين:8].
وزاد الهوس بهؤلاء والشغف بالغرائب فقالوا إنها بعد أن نسخت كل هذا القدر من القرآن نسخ آخرها أولها، وهذا قول باطل، وقد وصف ابن الجوزي في كتابه "نواسخ القرآن" القائلين به بأنهم لا فهم لهم من ناقلي القرآن، إنما نسخت آية السيف حكماً واحداً هو إتمام العهد لمن عاهدوه من المشركين بالكف عن قتالهم، فنسخت ذلك، وكانت هذه الآية إعلاناً لهم بإلغاء عهدهم، وأنه لا يقبل منهم بعد ذلك إلا الإسلام، وهذا خاص بمشركي جزيرة العرب، أما أهل الكتاب فتقبل منهم الجزية إذا أبوا الدخول في الإسلام، فإن أبوا فإنهم يقاتلون.
والأصل في التعامل مع كافة المشركين قوله تعالى: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" [البقرة:190]. فمن قاتلنا منهم قاتلناه، ومن سالمنا سالمناه، ولا يجوز العدوان بقتال من لا يقاتل، وهذه آية محكمة لا تقبل النسخ، وقد فصلنا هذه المسألة في مقالة نشرت في الموقع بعنوان الجهاد حياة/ الفصل الأول.
المجيب
د. عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ
عميد كلية القرآن في الجامعة الإسلامية سابقا