سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
مِن وراء تجليات الحقائق في الآيات القرآنية، تتجلى لنا حكمةُ الله وقدرته..
وأول أوجُهِ هذه القدرة في القرآن الكريم،
هو بقاء هذا الكلام المُوحَى بهِ إلى خاتَمِ الأنبياء والرسل،
محفوظا من التحريفِ والضياع، على عكس جميعِ الكُتُبِ السماوية الأُخرى..
ملايين النسخ من المصاحف المحفوظة في الصدور، الملايين من الصدور…
فتَحَقَّقَ بذلك وعد الله سبحانه وتعالى بحفظِ القرآن..
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر/آية 9
وهكذا سَلِمَ من التحريف برغم المحاولات العديدة من طرفِ الكائدين بالإسلام..
فوصلتنا الآياتُ البينات كما أُنزِلَت على الحبيب المصطفى..
وستبقى كذلك إلى أن يَرِثَ الله الأرضَ ومن عليها..
والكلامُ المُنَزَّلُ غيرُ قابلٍ للتصنيف تحت أي نوعٍ من أنواعِ المُسَمَّيَات..
ولما وجد الأَوَّلُون في القرآن جرسًا جميلاً ونَظْمًا فريدًا يفوق ُكل قُدُراتِهِم،
وهم المُلِمينَ باللغة إلماماً كاملاً،
عند ذاك قالوا أن الشيء الفريدَ في القرآن يكمُنُ في نَظْمِهِ..
ثم بِتطورِ العقول، أدركَ الناسُ أنَّ النَّظْمَ ليس وحدَهُ هو الفريد،
فما من زاوية من الزوايا ينظرُ إليها الإنسان لهذا القرآن الكريم إلا ويرى فيها أشياء خارقة للعادة،
سواء كان ذلك في جانبِ التشريع أو في الأخلاق أو في المعاملات أو في العقيدة أو في العبادات،
أو في الاستعراض التاريخي لسيرة الإنسانية من لَدُنِ أبينا آدم عليه السلام إلى بِعْثَةِ المصطفى صلى الله عليه وسلم..
من يستطيعُ أن يروي قِصَصَ هذه الأُمَمْ، أمة بعد أمة، ورسولا بعد رسول، ورسالة بعد رسالة،
فالاستعراضُ التاريخي للأحداث مُتَسَلْسِلٌ بطريقةٍ لا يُمكنُ للبشرِ مُحاكاتُهَا..
بالرغم من أن هذه الأحداث ذُكِرَت في سُوَر وآيات مُتباعدة..
ولكن كل حدث يُكَملُ الآخرَ بدقةٍ عجيبةٍ ونمطٍ متوافقٍ..
وكذلك الأمر بالنسبة للتشريع..
فهل يُمكن أن نجدَ في أي قانونٍ وضعي ولو نصا واحدا يُحيط إحاطة كاملة بكل علاقات القُرْبَى،
ويُوزع الميراث دون أن ينسى أحدا وبعدلٍ لا يُظلمُ فيه أحدا،
مثل ما جاء في آيات الميراث وحدها: ؟؟
( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ . لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ . فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ . وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ . وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ . فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ . فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ . مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ . آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا . فَرِيضَةً مِنَاللَّهِ . إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)
النساء/ آية 11
( وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ . فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ. مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ . وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ . فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ . مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ .وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ . فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ . مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ .وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ . وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ )
النساء/ آية 12
وهل يمكن أن يُوجَدَ في دساتيرِ العالَمِ كلها على تعدد صفحاتها،
توضيحا لتشريعٍ معقدٍ، مثل ما هو موجودٌ هنا في آيات الميراث القليلة.. ؟؟
وهذه القضايا الغريبة عن عقل الانسان في وقت نزول الوحي،
أَلَمَّ بها القرآن إلمامًا وأحاط بها إحاطة وبإيجازٍ شديد:
مفهوم الألوهية،الرسالة، النبوة، العلاقات الإنسانية، تربية النفس الإنسانية،
والحديث عن الآخرة، وعن الغيب…
قال الله سبحانه وتعالى:
(بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ..)
العنكبوت/جزء من آية 49
بدأ الناس يتلمسون هذا الجانب منذ القدم،
والرعد والبرق والنباتات والحيوانات ومراحل تطور الأجنة…
قضايا كثيرة يتحدث عنها القرآن الكريم بإفاضة..
لو انفتحت له مغاليقها آنذاك..؟؟
وقد اعتبر العقل البشري وقتها أن الآيات الواردة في الحديث عن الكون ومكوناته،
لقد أشاد الرسولُ صلى الله عليه وسلم بالعلم، ورَغَّبَ في تحصِيلِه وَنَوَّهَ بفضلِ العلماء
وهي إشادة مُحققَة ومُبَرْهِنَة لفكرة أن الدين الإسلامي هو دين العلم..
قال تعالى:
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
(فصلت:53)
وقد ذكر القرآن وأشارت الأحاديث النبوية إلى الكثير من الحقائق العلمية والعديد من الأسرار الكونية،
مما هو موضوع العديد من التخصصات في هذا الزمن..
ولم يستطع أحد إلى الآن أن يُثبت وجود تَعَارُضِ أي دلالة كونية واردة في آية قرآنية أو حديث شريف صحيح،
مع ما استقر من الحقائق العلمية اليوم..
وبَرهَنَةُ هذه الحقائق علميا،
حيث إن عرض تلك الحقائق التي أخبر عنها نبيٌّ أميٌّ في زمنٍ لا يُوجَدُ فيه تقدُّمٌ علمي،
لهو الدليل الساطع على صدق نبوءته..
وكيف لنبي أمي أن يأتي بمثل هكذا ادعاء..:؟؟
(وَلَقَدْخَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ . ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ . ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَة ًفَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)
المؤمنون/12 – 14
هذه الآيات إشاره إلى علم الأَجِنَّة،
وهذا العلم بهذه الدقائق والتفصيلات حتى في المسَمَّيات لمِراحِلِ خلقِ الجنين في بطن أمه،
لم يكن أحد يعلمُ عنها شيئا لا من العرب ولا من غيرهم،
إلا في القرن الماضي فحسب..
من جهة أخرى.. لا يمكن لأي أحد أن يُنكِرَ أن الاكتشافات العلمية،
قادت العديد من الملحدين و النصارى والمعرضين،
إلى إعلانِ إسلامهم واعترافهم بأنه الحق من الله..
تحقيقا لقول الله سبحانه وتعالى:
(. .. إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ…) فاطر/جزء من آية 28
والحديثُ عن العلم وعلاقَتِهِ بالقرآن الكريم يطول..
وبإذن الله.. نُفْرِدُ له مواضيع أخرى لأهميته..
همسة
قال ابن القيم رحمه الله:
"ولو لم يكتفي العلم إلا القرب من رب العالمين، والالتحاق بعالم الملائكة وصحبة الملأ الأعلى،لكفى به فضلاً وشرفًا،
فكيف وعِزُّ الدنيا والآخرة منوطٌ به، ومشروطٌ بحصولِه "
(مفتاح دار السعادة)
ولا حرمنا الله من قلمك
اي بحر او اي درر او اي جواهر
اكتنزها موضوعك
يالا روعة قلمك المعطاء
الذي يحمل كل الدرر والجواهر والكنوز
لا تحرمينا من عطائك ياقلبي
جزك الله بالجنان
وبورك فيك وفي قلمك وفي جهودك
حفظكِ الله ورعاكِ
جزاكِ الله خيراً وجعلكِ مُباركة أينما كنتِ
واصلي العمل الدعوي بقلمكِ المٌبارك بإذنِ الله فهو نعمة وموهبة من الله
ف حافظي عليه
"
أكرمكِ الله سلوى
جميل ما خطته يداكِ يا غالية
ولله الحمد قيض الله علماء أجلاء لنشر هذا الإعجاز العلمي في القرآن الكريم
وكان سبباً عظيماً في دخول الكثير للإسلام
بوركتِ
.
اي بحر او اي درر او اي جواهر
اكتنزها موضوعك
يالروعة قلمك المعطاء
الذي يحمل كل الدرر والجواهر والكنوز
لا تحرمينا من عطائك ياقلبي
جزاك الله الجنان
وبورك فيك وفي قلمك وفي جهودك