• درجات كيد الشيطان
كيد الشيطان للإنسان على درجات:
الدرجة الأولى:
الوسوسة وهي أول كيده وأصله، فإذا كفي العبد شرّها فقد سلم من بلاء وفتنة يُبتلى بها من يُبتلى.
فالسعيد من وُقي شرّ وسوسة الشيطان، وأما الوسوسة نفسها فلا يسلم منها تقيّ ولا غيره؛
فإن هذا هو أصل الابتلاء في هذه الحياة الدنيا؛ أيطيع الإنسان ربه أم يطيع الشيطان؟
فالشيطان يوسوس للناس كلهم،
بل جاء في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه)).
فتأمّلي رفيقة العلم هذا الحديث العظيم ؛ الذي يدلّ على أمر جليل من أمور الغيب، وله أثر بالغ على الناس كلهم.
فالشيطان يحضرُ ابنَ آدم عند أكله وشربه ونومه ويقظته ودخوله وخروجه وعباداته ومعاملاته؛
وله في كل ذلك وساوس يوسوس بها ثم يخنس، فهو كالمحارب يكر ثم يفر ثم يكر ثم يفر ،
ينتظر تأثر عدوه بضرباته وسقوطه صريعاً في أسره حتى ينقاد له فيقتاده ويورده المهالك، والعياذ بالله.
فأما إذا اتبع العبد هدى الله تعالى في شأنه كله؛ فإنه يُعصم من كيد الشيطان،
وهذا يدلك على أن حاجة الإنسان إلى اتباع هدى الله حاجة عظيمة متصلة دائمة ما دام حياً.
وهو هدى ميسّر لم يجعل الله فيه علينا مشقة ولا حرجاً،
فكلمة (بسم الله) عند الدخول وعند الخروج وعند الأكل وعند الشرب وعند الجماع ونحو ذلك مما ورد من مواضع التسمية،
وكثرة ذكر الله عز وجل كل ذلك مما يعصم الله به العبد من كيد الشيطان.
وينبغي للعبد أن يحرص في شؤونه كلها على اتباع هدى الله جل وعلا، في عباداته ومعاملاته ؛ وفي حبه وبغضه،
وفي عطائه ومنعه، وفي سائر ما يعرض له من الحوادث والأحوال يحرص فيها على أن يتبع هدى الله,
لأن هذا هو الضمان الوحيد الذي يُعصم به العبد من كيد الشيطان، فلا يجد الشيطان عليه مدخلاً ليتسلط به عليه.
فتأمّلي يا رفيقة هذا الحديث العظيم ؛ الذي يدلّ على أمر جليل من أمور الغيب، وله أثر بالغ على الناس كلهم.
"
الدرجة الثانية:
التسلط الناقص، وهذا يحصل لطائفتين:
الطائفة الأولى: عصاة المسملين؛ الذين يتبعون خطوات الشيطان حتى يستزلهم بارتكاب ما حرم الله أو ترك ما أوجب الله؛
فيحصل للشيطان بذلك نوع تسلط على العبد قد يحرمه من خير كثير ويعرضه لفتنة وعذاب أليم ،
فانظري كيف كانت الذنوب السابقة سبباً تسلط به الشيطان عليهم حتى ارتكبوا كبيرة من الكبائر.
ولولا عفو الله عنهم لهلكوا بسبب ذلك، لكن الله تعالى من رحمته أن فتح لعباده بابَ التوبة وجعل للعباد ما يجبرون به تقصيرهم،
ويكفرون به من سيئاتهم، ويعودون إلى حماية الله وحفظه.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} سورة الُّنور-21
والمقصود أن الذي استزلّه الشيطان إنما كان سبب ذلك مخالفته لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ،
وقد قال الله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} سورة النُّور – 62
فمن عقوبة العاصي العاجلة أنه يُعرّض بسبب معصيته لفتنة قد لا يوفّق فيها لاتباع هدى الله فيضل بذلك ضلالاً أعظم من ضلاله الأول،
ويعصي معصية أعظم من معصيته الأولى؛ فيعاقب على ذلك عقوبة أشدّ من العقوبة الأولى؛ وهذا من الاستدراج، والعياذ بالله.
الطائفة الثانية: أهل البلاء من المؤمنين المتقين، وهؤلاء لا يتسلط عليهم الشيطان تسلطاً تاماً، لأنهم أولياء الله تعالى،
والله معهم يؤيدهم وينصرهم ما داموا على ما يحب من الإيمان والتقوى،
لكنهم قد يُبتلون ابتلاءً بأذية الشياطين وكيدهم لينظر الله كيف يعملون، وهذا الإيذاء قد تقصر مدته وهو الغالب، وقد تطول ،
ويكون طوله إذا طال مع ملازمة الصبر والتقوى من علامات بلوغ أهله مرتبة الإحسان.
والفرق بين هذه الطائفة والطائفة التي قبلها، أن تلك الطائفة يقع التسلط عليهم عقوبة لهم على تفريطهم في اتباع هدى الله.
وأما هذه الطائفة فيقع عليهم شيء من التسلط والأذى ابتلاء من الله عز وجل.
الأذى الشيطاني على المؤمنين له أنواع،
ولكل نوع أمثلته وأدلته وأحواله، وحسبنا في هذا المقام التعريف الموجز بذلك، وفهم يسير بإذن الله تعالى لظهور أدلته:
النوع الأول: إيذاء بالفزع والتخويف ومحاولة الإضرار،
يجعل الله لعباده المؤمنين معه سبباً يعتصمون به من ذلك فلا يصيبهم منه ضرر،
وإنما قد ينالهم شيء من الأذى الذي يُحتمل ويذهب أثره من الخوف أو الفزع أو الرهبة التي تقتضيها بغتة الموقف؛ ثم يزول ذلك.
ومن ذلك ما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن كما في مسند الإمام أحمد ومصنف ابن أبي شيبة وغيرهما من حديث أبي التياح
قال: سأل رجل عبد الرحمن بن خنبش رضي الله عنه وكان شيخاً كبيراً قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم:
كيف صنع رسول الله صلى الله عليه و سلم حين كادته الشياطين؟
قال: (جاءت الشياطين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية، وتحدرت عليه من الجبال،
وفيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن يحرق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم).
قال: (فرعب؛ جعل يتأخر).
قال: (وجاء جبريل عليه السلام؛ فقال: يا محمد قل).
قال: ((ما أقول؟)).
قال: (قل: ((أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ،
ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار،
ومن شر كل طارق إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن)) ؛ فطفئت نار الشياطين وهزمهم الله عز و جل).
فهذه التعويذة نافعة لمن وجد شيئاً من أذى الشياطين وتبدّيهم له وتفلتهم عليه.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إنَّ عفريتاً من الجن تفلّت البارحة))، وفي رواية ((جاء يفتك بي البارحة ليقطع علي صلاتي،
فأمكنني الله منه فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم ؛ فذكرت قول أخي سليمان:
{رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي}سورة ص – 35 ؛ فرددته خاسئاً)).
النوع الثاني: أن يجد المسلم شيئاً من أذية الشياطين وتسلطهم عليه،
ومثل هذا النوع يعرض لبعض أهل العلم وفي ذلك أخبار وآثار.
النوع الثالث:
النزغات والهمزات والنفخات والنفثات التي تكون من الشياطين ويكون لها شرور وآثار تستوجب الاستعاذة بالله تعالى منها.كما قال الله تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم} سورة الأعراف – 200
قال الإمام الشنقيطي: (الهَمَزَات: جمع هَمْزَة وهي المرة من فعل الهمز، وهو في اللغة: النخس والدفع، وهمزات الشياطين:
نخساتهم لبني آدم ليحثّوهم ويحضوهم على المعاصي).
وفي مسند الإمام أحمد من حديث نافع بن جبير بن مطعمٍ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:
((الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله وبحمده بكرةً وأصيلاً.
اللهم إنى أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه)).
قال: قلت: (يا رسول الله ما هَمْزُه؟).
قال: ذكر كهيئة المُوتة ، يعنى يصرع.
قلت: (فما نفخه؟) قال: ((الكِبْر)).
قلت: (فما نفثه؟) قال: ((الشِّعْر)).
وروى الأمام أحمد أيضاً بإسناده إلى يحيى بن أبي كثير أنه قال: قال أبو سلمة [بن عبد الرحمن]:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يقول: ((اللهم إنى أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه)) ).
قال: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تعوذوا بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه)) ).
قالوا: (يا رسول الله! وما همزه ونفخه ونفثه؟).
قال: ((أما همزه فهذه الموتة التى تأخذ بنى آدم، وأما نفخه فالكبر، وأما نفثه فالشعر)).
والخلاصة أن المُوتة لفظ يقع على أشياء متعددة، وتكون الموتة في الجسد وفي الروح؛
فالموتة التي تأخذ الروح يكون بسببها الغَشْي والجنون والصرع، والموتة التي تكون في الجسد يكون بسببها فتور الجسد وخموله ووهنه.
وأما النفخ فتفسيره بالكبر للتمثيل، وكل ما كان بسببه كبر أو عُجب أو فخرٌ أو نحوهما فهو من نفخ الشيطان.
وأما النفث فيكون بسببه قول الشِّعْر الذي فيه إغواء للناس كما قال الله تعالى: {والشعراء يتَّبعهم الغاوون} سورة الشعراء – 224 ،
فما يلقيه الشيطان على قلوب بعض الشعراء وألسنتهم فيتكلمون به ويعبّرون عنه هو من معاني نفث الشيطان،
فالشعر السَّيِّء من نفث الشيطان .
أستاذتنا الغالية الله يجازيك عنا كل خير
سأبدأ في التركيز لأني أريد علامة كاملة
بارك الله فيك… وجزاك خيرا
شرح وتفصيل رائعين
بارك الله فيك علو وجزاك عنا خيرا
الواحد صار يحس حاله كان مو فاهم شي
بوركتي
لااااااااااااااااااا
انا قلت كااااااااااااااااااااااان
يعني بعد درسك فهم اكثر هههههههه
جزاكِ الله خير
بسبب الزهايمر