THE Amazing Quran
يجب أن يكون مفهوما بأن القرآن وحي ألهي، لذا فإن جميع المعلومات الواردة فيه من مصدر الهي، فالله أوحي بالقرآن من عنده. وهو من كلام الله الذي كان موجودا قبل الخلق بأجمعهم ، لذا لا يمكن إضافة أو طرح أو تغيير أي شيء فيه. وفي الأساس فإن القرآن وجد وكمل قبل أن يُخلق النبي محمد، لذا لم يكن هناك أي احتمال أن يحتوي على أي كلمات للنبي ولا على أي نصائح وتوصيات منه. وتضمين مثل هذه المعلومات سيكون مناقضا بشكل واضح للغرض الذي وجد القرآن من أجله، ويجعله يساوم على صلاحيته ومصداقيته ويجعله غير موثوق به كوحي الهي.
وبناء على هذا فلا نجد وصفات علاجية في القرآن من النوع الذي يمكن أن يتقادم مع الزمن، ولا يحتوي أي رأي لأي شخص حول ما هو المفيد للصحة، ولا أي طعام هو المفضل للأكل، ولا عن أي شيء بأنه هو العلاج لهذا المرض أو ذاك. والحقيقة أن القرآن ذكر شيئا واحدا فقط – لا يستطيع أحد أن يعارضه – حول العلاج الطبي.فقد صرح أن هناك شفاء في العسل.ولا أعتقد أن هناك من يستطيع الجدال حول هذا. ولو افترض أحدهم أن القرآن نتاج عقل شخص، لكان من المتوقع أن يعكس شيئا مما كان يجول في فكر وعقل ذلك الشخص الذي ألفه.وفي الحقيقة فإن دوائر معرفة
(أنسكلوبيديا) معينة وكتب عديدة ذكرت بأن القرآن نتاج الأوهام التي كانت تنتاب محمدا. ولو كان هذا صحيحا ، أي لو كان القرآن نتاج مشاكل وأمراض نفسية في عقل محمد لكان من الضروري ظهور أدلة هذا في القرآن. فهل هناك مثل هذه الأدلة والمؤشرات ؟ لكي نقرر وجود هذه الأدلة أو عدم وجودها يجب علينا في البداية تعيين الأشياء التي كانت تمر في ذهنه في ذلك الوقت ثم نبحث عن هذه الأفكار وانعكاساتها في القرآن.
من المعلوم للجميع أن حياة محمد كانت مملوءة بالمشاق، فقد توفي العديد من أولاده أمام عينيه. وكانت لديه زوجة حبيبة ومهمة بالنسبة إليه قضى معها سنوات طوال وتوفيت قبله في لحظات حرجة من حياته. ولا بد أنها كانت امرأة متميزة جدا، لأنه عندما جاءه الوحي في المرة الأولى أسرع خائفا إليها في البيت. ولا شك أنه يصعب جدا حتى في هذه الأيام أن تعثر على عربي يقول لك : (لقد كنت خائفا إلى درجة أنني أسرعت إلى زوجتي في البيت). إنهم لا يتصرفون هكذا أبدا. وهذا يدل على مدى قوتها وتأثيرها.ومع أن هذه الأمثلة هي مواضيع قليلة من المواضيع التي كانت تشغل بال محمد، ولكنها كافية من ناحية وزنها وتأثيرها لكي تبرهن على وجهة نظري.إن القرآن لا يذكر أي شيء من هذه الأشياء، لا موت أولاده ولا موت رفيقته وزوجته الحبيبة، ولا خوفه من الوحي الأول، هذا الخوف الذي تقاسمه بشكل جميل مع زوجته … لا شيء من هذا مطلقا. ولا شك أن هذه الأمور آذته وضايقته وسببت له آلاما وحزنا وسببت لديه انعكاسات نفسية، فكان من المنتظر ظهور انعكاسات هذه المواضيع وغيرها وسيادتها أو في الأقل وجود بعضها وظهورها في القرآن.
من الممكن الاقتراب من القرآن وتناوله بطريقة علمية، لأن القرآن يقدم شيئا لم تقدمه الكتب الدينية المقدسة خاصة والأديان الأخرى عامة وهذا الشيء هو ما يطلبه العلماء. يوجد حاليا العديد من الناس الذين يملكون أفكارا ونظريات حول كيفية عمل الكون؛ وهؤلاء الناس موجودون في كل مكان ، ولكن العلماء لا يكلفون أنفسهم الاستماع إليهم.وهذا يعود إلى أن الوسط العلمي في القرن الأخير وضع معيارا للتجربة ولفحص الحقيقة من الزيف فهم يقولون : (إن كانت لديك نظرية فلا تزعجنا بها إلا إذا استطعت أن تجلب لنا مع هذه النظرية طريقة للبرهنة على صوابك أو على خطأك).
بسبب هذا المعيار وطريقة الاختبار استمع الوسط العلمي إلى أنشتاين في بداية هذا القرن. جاء بنظرية جديدة وقال : (أنا أعتقد بأن الكون يعمل على النسق الآتي، وهاكم ثلاث طرق للاختبار عما إن كنت مصيبا أم مخطئا). لذا عرض الوسط العلمي نظريته للاختبارات . وفي ظرف ست سنوات اجتازت النظرية جميع الاختبارات الثلاثة. ولا يبرهن هذا أنه كان عظيما ، ولكنه يبرهن على أنه كان يستحق الاستماع إليه، لأنه قال لهم : (هذه فكرتي ونظريتي فإن حاولتم إثبات خطأها فجربوا هذا أو ذاك).
وهذا بالضبط ما يملكه القرآن … يملك معيارا واختبارا لمعرفة الحقيقة من الزيف. قسم منه قديم (وقد اثبت في السابق صحته) وقسم منه لا يزال موجودا حاليا. إنه يصرح بشكل أساسي : (إذا لم يكن هذا الكتاب مثل ما يصرح به اذن عليكم أن تفعلوا كذا أو كذا أو كذا لتبرهنوا أنه زائف). وطبعا لم يستطع أحد طوال 1400 سنة أن يفعل (كذا أو كذا أو كذا) لذا فلا يزال يعتبر موثوقا به وأصيلا وصادقا.
وأنا أقترح عليك عندما تدخل في المرة القادمة في نقاش مع أحدهم حول الإسلام وذكر لك أنه يملك الحقيقة وأنك في ظلام … أقترح عليك أن تنبذ جميع البراهين والحجج الأخرى وتقدم الاقتراح الآتي … اسأله : " هل يوجد في عقيدتك أي معيار أو اختبار لمعرفة مدى الصحة فيها؟ هل هناك أي شيء في عقيدتك تثبت أنها تكون على خطأ لو قمت بإثبات الشيء الفلاني ؟ هل هناك أي شيء من هذا ؟ ". حسنا … إنني أستطيع من الآن أن أؤكد لك بان الناس لا يملكون أي شيء من هذا القبيل … لا يملكون أي شيء ، لا يملكون معيارا ولا برهانا … لا شيء على الإطلاق. ذلك لأنهم لا يحملون فكرة أن عليهم ألا يقتصروا على تقديم ما يعتقدونه بل عليهم أن يقدموا أيضا للآخرين فرصة لإثبات أنهم على خطأ.
على أي حال فالإسلام يفعل هذا . وأفضل مثال على كيفية قيام الإسلام بإعطاء الإنسان الفرصة لكي يتحقق من مصداقيته أنه يقول له : " تعال وبرهن على خطئي! "وذلك في السورة الرابعة. وأقول لكم بكل صراحة بأنني دهشت عندما اكتشفت في المرة الأولى هذا التحدي فهو يقول :
(أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) (النساء 4/82)
هذا تحد واضح وصريح لغير المسلمين.فهو في الأساس يدعوهم ليجدوا فيه أي خطأ. وفي الحقيقة فإننا إن وضعنا جدية وصعوبة هذا التحدي جانبا فإن مثل هذا التقديم الفعلي لهذا التحدي ليس أولا من الطبيعة البشرية، ويتناقض مع شخصية الإنسان. فلا يوجد هناك من يقوم بعد انتهاء الامتحان بكتابة ملاحظة في آخر الصفحة يقول فيها لمراقب الامتحان :
(الأجوبة في هذا الامتحان كاملة ودون أي خطأ.إذا استطعت فجد أي خطأ فيها!) لا يقول هذا لأن المدرس لا ينام تلك الليلة ولا يغمض له جفن حتى يجد خطأ فيها. ومع ذلك فهذا هو الطريق الذي سلكه القرآن للوصول إلى الناس.والشيء المثير الآخر الموجود في القرآن هو تعامله مع قرائه والنصح الذي يكرره لهم. فالقرآن يخبر قراءه حقائق مختلفة ثم يعطي النصيحة الآتية لهم (إن كنتم تريدون معرفة المزيد من هذا أو ذاك، أو إن كنتم في شك مما ورد هنا فاسألوا أهل الذكر أي أهل العلم).
وهذا أيضا وضع غريب وغير مألوف. فليس من المألوف في كتاب جاء من قبل شخص لم يختص في الجغرافيا أو في علم النبات أو في علم الأحياء … الخ يناقش هذه المواضيع ثم ينصح القارئ أن يراجع أهل العلم في هذه المواضيع إن راودته الشكوك حول صحة ما جاء فيه.