وعن ابي هريره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( الدين النصيحه, قالها ثلاثاً. قيل لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم وخاصتهم )).
والنصح في اللغه فعل الشيء الذي به الصلاح. تقول العرب: (( هذا قميص منصوح )) أي مخيط مأخوذ من النصاحة وهي السلوك التي يخاط بها. وعن معاذ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (( ثلاث لا يغل عليهن: قلب مسلم العمل لله, ومناصحة أولي الأمر والاعتصام بجماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من وراءهم )) وقال عليه السلام:(( إن العبد إذا نصح لسيده وأدى عبادة الله فله أجره مرتين )). وعن أبي الدرداء أنه قال: (( العلم يبلغه البار والفاجر, والحكمه ينطق بها البر والفاجر, والنصيحه لله لا تثبت إلا في قلوب المؤمنين الذين نصحت قلوبهم وصدقت نياتهم )) فالنصيحه لله سبحانه وصفه بما هو أهله وتنزيهه عما لا يليق به والخضوع له ظاهراً وباطناً والقيام بتعظيمه والبعد عن مساخطته وموالاة من أطاعه ومعاداة من عصاه والجهاد في رد العصاه اليه قولاً وفعلاً والقيام بحقوقه والرغبه في محابه وإرادة ما ذكرنا لعباده. والنصيحة لكتابه إقامة حدوده وتلاوته بالتفكر في معانيه والذب عنه وحفظه من تأويل المحرفين. والنصيحة لرسوله مؤازرته ونصرته حياً وميتاً واتباع سنته وإحياء طريقته في بث الدعوة وتأليف الكلمه. والنصيحة للأئمه معاونتهم ونصرتهم في جمع الكلمه لهم ما استقاموا على الطريقة وإقامة الحق. والنصح لخاصة المسلمين الشفقه عليهم وموالاتهم. والنصيحة لعامتهم أن يحلم عنهم ويعلموا دينهم. والنصيحة لجميع الملل أن يحب إسلامهم ويعوهم إليه بالقول وبالسيف إذا كان سلطان حتى يسلموا أو يكونوا ذمة فتؤدى حقوقهم وأن يصانوا عن الظلم , والله اعلم.
واعلم ان النصيحه لا يقبلها إلا أولو العزم وكان عمر رحمه الله يقول (( رحم الله عبداً أهدى إلي عيوبي ))
وعن ميمون بن مهران أنه قال: (( قال لي عمر بن عبدالعزيز: قل لي في وجهي ما أكره فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره ))
وكان يقال: (( أخوك من احتمل ثقل نصيحتك ))
وينشد عن ابي العيناء:
النصح أرخص ما باع الرجال فلا……… تردد على ناصح نصحاً ولا تلم
إن النصائح لا تخفى مناهجها ………. على الرجال ذوي الألباب والفهم
وقيل في منثور الحكم : (( ودك من نصحك, وقلاك من مشي في هواك )). والنصيحة لله في ارضه هي التي بعث بها المرسلون, ولكن النفوس مستثقله لها مائلة إلى ما يوافق هواها.
ولبعضهم:
عرضت نصيحتي مني ليحيى …… فقال غششتني والنصح مر
وما بي أن أكون أعيب يحيى ……. ويحيى طاهر الأخلاق بر
ولكن قد أتاني أن يحيى ……… يقال عليه في نفعاء شر
فقلت له تجنب كل شيء ………… يعاب عليك أن الحر حر
وعن وهب أنه قال: (( إنما يحسن الاختيار لغيره من يحسن الاختيار لنفسه )) وقالت العلماء:(( لن ينصحك امرؤ لا ينصح نفسه )) وقال بعضهم: (( رأيي ورأيك في المعرفة أمثل لنفسك من رأيك لأنه خلق من هواك )).
قال الله تعالى عن نبيه عليه السلام (( ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين )) سورة الاعراف -79-.
قال الشاعر:
وعلى النصيح نصيحتي …………. وعليّ عصيان النصيح
وعن أبي الدرداء أنه قال : (( إن شئتم لأنصحن لكم إن أحب عباد الله إاى الله الذين يحببون الله إلى عباده وعملون في الارض نصحاً )).
قال:
أجب أخاك إذا استشارك ناصحاً …….. وعلى أخيك نصيحة لا تردد
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( حق المسلم على المسلم إذا استنصحه أن ينصحه )).
اعلم أنه لا عذر لمن استشير أن يكتم رأياً عدواً كان المستشير له أو صديقاً لأن النبي عليه السلام قال: (( المستشير معان والمستشار مؤتمن )) ولا ينبغي للإنسان أن يشير قبل أن يستشار إلا فيما مست الحاجة إليه.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن لقمان قال لابنه: (( إذا استشهدت فاشهد وإذا استعنت فأعن وإذا استشرت فلا تعجل حتى تنظر ))
قال الشاعر:
من الناس من أن يستشرك فتجتهد ……. له الرأي يستغششك ما لا تتابعه
فلا تمنحن الرأي من ليس أهله ……. فلا أنت محمود ولا الرأي نافعه
والنصيحة من باب التحفظ من افات اللسان وهي مما أن ينبغي أن يتكلم بها الإنسان, والله تعالى نستهديه الرشاد والهدايه.
ليت لنا بمصدر الموضوع لزيادة الفائدة..