قرأت هذا الموضوع وارتأيت نقله اليكم لتعم الفائدة إن شاء الله. فقراءة مفيدة. نفعنا الله واياكم.
(1) معنى السمت:
السَّمْت: الطريق، وربما جُعل القصد سَمْتاً. يقال: فلان على سَمْتٍ صالح، أي على طريقة صالحة. وسلكَ فلان لسَمْتَ فلان، إذا اقتدى به.وسَمَتُّ سَمْتَ القوم فأنا سامِت، إذا قصدت قصدَهم.(جمهرة اللغة).
السَّمْتُ الطريقُ، وهَيْئَةُ أهل الخَيْرِ، والسَّيْرُ على الطريقِ بالظَّنِّ، وحُسْنُ النَّحْوِ، وقَصْدُ الشيءِ. سَمَتَ يَسْمِتُ ويَسْمُتُ(القاموس المحيط).
السمت: أخذ النهج ولزوم المحجة. وسمت فلان الطريق يسمت. وأنشد الأصمعي لطرفة:
خواضع بالرُّكْبان خُوصاً عيونُها … وهنَّ إلى البيت العتيق سوامِتُ
ثم قال: ما أحسن سمته؛ أي طريقته التي ينتهجها في تحري الخير والتزييّ بزيّ الصالحين.(الفائق في غريب الحديث)اهـ
(فالسمت يكون في معنيين: أحدهما حسن الهيئة / والمنظر في مذهب الدين، وليس من الجمال والزينة، ولكن يكون له هيئة أهل الخير ومنظرهم وأما الوجه الآخر فإن السمت الطريق، يقال: الزم هذا السمت كلاهما له معنى جيد، يكون أن يلزم طريقة أهل الإسلام، ويكون أن يكون له هيئة أهل الإسلام).( غريب الحديث لأبي عبيد الهروي رحمه الله).
وعرفه الحافظ ابْنُ حَجَر تعريفاً جامعاً فقال:ٍ أَنَّهُ تَحَرِّي طُرُقِ الْخَيْرِ وَالتَّزَيِّ بِزِيِّ الصَّالِحِينَ مَعَ التَّنَزُّهِ عَنْ الْمَعَائِبِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ.نقله عنه في تحفة الأحوذي ولم أجده في الفتح.
وقال المناوي رحمه الله والسمت الحسن) أي حسن الهيئة والمنظر وأصل السمت الطريق ثم استعير للزي الحسن والهيئة المثلى في الملبس وغيره.(فيض القدير).
(2) ثناء الله تبارك وتعالى على السمت الحسن وأهله:
(2/ا)يقول ربنا تعالى:
(يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (الأعراف/26).
روى الطبري رحمه الله عن ابن عباس ولباس التقوى)، قال: السمت الحسن في الوجه.
ورُوي عن عثمان رضي الله عنه في قوله تعالى (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) قال :السمت الحسن(الطبري وضعفه عنه وابن أبي حاتم).
(2/ب)يقول ربنا تعالى:
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (سورة الفتح/ 29).
قال الطبري:قال ابن عباس ومجاهد: السيماء في الدنيا وهو السمت الحسن.
ورواه عن ابن عباس محمد بن نصر في كتاب الصلاة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه (الدر المنثور 9/235). ونسبه ابن العربي للحسن في أحكام القرآن(7/156).
(2/ج)يقول ربنا تعالى:
(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (سورة يوسف/ 36).
قال السدي: وكان يوسف، عليه السلام، قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة وصدق الحديث، وحسن السّمت وكثرة العبادة، صلوات الله عليه وسلامه،(ابن كثير (4/387).
(3) ما ورد في فضل حسن السمت من الأحاديث الصحيحة:
(3/ا) عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءًا من النبوة»
أخرجه الترمذي, والطبراني وعن طريقه الضياء,وابن أبي عاصم في الأحاد والمثاني,وأبونعيم في (معرفة الصحابة) ,والديلمي.
قال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب(حسن صحيح).
كما حسن الشيخ الألباني رحمه الله روايةً عن ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ( جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة) وهي في سنن أبي داود والموطأ.
(3/ب) عن ابن عباس رضي الله عنهما(إن الهدى الصالح و السمت الصالح جزء من سبعين جزءا من النبوة) .عزاه السيوطي للطبراني عن ابن عباس و حسنه الشيخ الألباني رحمه الله انظر حديث رقم : 1992 في صحيح الجامع وضعف رواية: السمت الحسن جزء من خمسة وسبعين جزءًا من النبوة أخرجه الضياء (6/194 ، رقم 2209) انظر حديث رقم : 3355 في ضعيف الجامع .
شرح الأحاديث:
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَدْي الرَّجُل حَاله وَمَذْهَبه وَكَذَلِكَ سَمْته ، وَأَصْل السَّمْت الطَّرِيق الْمُنْقَاد وَالِاقْتِصَاد سُلُوك الْقَصْد فِي الْأَمْر وَالدُّخُول فِيهِ بِرِفْقٍ وَعَلَى سَبِيل يُمْكِن الدَّوَام عَلَيْهِ ، يُرِيد أَنَّ هَذِهِ الْخِلَال مِنْ شَمَائِل الْأَنْبِيَاء وَمِنْ الْخِصَال الْمَعْدُودَة مِنْ خَصَائِلهمْ وَأَنَّهَا جُزْء مِنْ أَجْزَاء خَصَائِلهمْ فَاقْتَدُوا بِهِمْ فِيهَا وَتَابِعُوهُمْ عَلَيْهَا اِنْتَهَى . (عون المعبود).
وفي المنتقى شرح الموطأ: وَقَوْلُهُ : وَحُسْنُ السَّمْتِ يُرِيدُ الطَّرِيقَةَ وَالدِّينَ وَأَصْلُ السَّمْتِ الطَّرِيقُ وَقَوْلُهُ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ يُرِيدُ أَنَّ هَذِهِ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ وَصِفَاتِهِمْ الَّتِي طُبِعُوا عَلَيْهَا وَأُمِرُوا بِهَا وَجُبِلُوا عَلَى الْتِزَامِهَا وَيُعْتَقَدُ أَنَّ هَذِهِ التَّجْزِئَةَ عَلَى مَا قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَلَا يُدْرَى وَجْهُ ذَلِكَ – وَاَللَّهُ أَعْلَمُ – وَقَالَ : عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَنْ كَانَ عَلَى هَذَا وَقَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا بِمَا يَعْنِيهِ كَانَ فِيهِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ .اهـ
قال الحافظ أي النبوة مجموع خصال مبلغ أجزائها ذلك وهذه الثلاثة جزء منها وعلى مقتضى ذلك يكون كل جزء من الستة والعشرين ثلاثة أشياء فإذا ضربنا ثلاثة في ستة وعشرين انتهت إلى ثمانية وسبعين فيصح لنا أن عدد خصال النبوة من حيث آحادها ثمانية وسبعون قال ويصح أن يسمى كل اثنين منها جزءا فيكون العدد بهذا الاعتبار تسعة وثلاثين ويصح أن يسمى كل أربعة منها جزءا فتكون تسعة عشر جزءا ونصف جزء فيكون اختلاف الروايات في العدد بحسب اختلاف اعتبار الاجزاء ولا يلزم منه اضطراب قال وهذا أشبه ما وقع لي في ذلك مع انه لم ينشرح به الصدر ولا اطمأنت إليه النفس قلت وتمامه أن يقول في الثمانية والسبعين بالنسبة لرواية السبعين ألغي فيها الكسر وفي التسعة والثلاثين بالنسبة لرواية الأربعين جبر الكسر ولا تحتاج إلى العدد الأخير لما فيه من ذكر النصف وما عدا ذلك من الأعداد قد أشار إلى أنه يعتبر بحسب ما يقدر من الخصال ثم قال وقد ظهر لي وجه آخر وهو أن النبوة معناها أن الله يطلع من يشاء من خلقه على ما يشاء من أحكامه ووحيه إما بالمكالمة وإما بواسطة الملك وإما بالقاء في القلب بغير واسطة لكن هذا المعنى المسمى بالنبوة لا يخص الله به إلا من خصه بصفات كمال نوعه من المعارف والعلوم والفضائل والأداب مع تنزهه عن النقائص أطلق على تلك الخصال نبوة كما في حديث التؤدة والاقتصاد أي تلك الخصال من خصال الأنبياء والأنبياء مع ذلك متفاضلون فيها كما قال تعالى ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض ومع ذلك فالصدق أعظم أوصافهم يقظة ومناما فمن تأسى بهم في الصدق حصل من رؤياه على الصدق ثم لما كانوا في مقاماتهم متفاوتين كان أتباعهم من الصالحين كذلك وكان أقل خصال الأنبياء ما إذا اعتبر كان ستة وعشرين جزءا وأكثرها ما يبلغ سبعين وبين العددين مراتب مختلفة بحسب ما اختلفت ألفاظ الروايات وعلى هذا فمن كان من غير الأنبياء في صلاحه وصدقه على رتبة تناسب حال نبي من الأنبياء كانت رؤياه جزءا من نبوة ذلك النبي ولما كانت كمالاتهم متفاوتة كانت نسبة أجزاء منامات الصادقين متفاوتة على ما فصلناه قال وبهذا يندفع الاضطراب إن شاء الله)فتح الباري.
(3/ج) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خصلتان لا تجتمعان في منافق : حسن سمت ، و لا فقه في الدين " . رواه الترمذي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة .
على النقل الجميل