وسألت إخواني فوجدت أكثرهم يلقى من أولاده – من كرههم للنوم وحبهم للسهر- مثل الذي ألقى منها ، ولم أجد عندهم دواء لهذا الداء …
ففكرت ، فخطر لي خاطر.
فقلتُ لأُمَّ البنت : أنا أستطيع أن أحبَّب إلى بنتك المنام ، وأكرِّه إليها السهر ، ولكن الدواء مرّ ، فهل تعدينني ألا تأخذك بها رأفة إذا أنا جرعتها هذا الدواء ؟
فقالت : نعم .
ولم تكن لتخالفني في شيء ، ولكن أحببت أن أتوثق ، ثم دعوت البنت فقلت :
– عنان !
– قالت : نعم.
– قلت : سنسهر الليلة، فهل تحبين أن تسهري معنا ؟ ففرحت وأشرق وجهها ، وجعلت تقفز من الابتهاج وتقول :
– إي بابا ، إي أرجوك يا بابا…
– قلت : ولا تتأخرين في القيام إلى المدرسة صباحاً؟
– قالت : لا ، لا والله ، جرَّبني …
– قلت : أسمح لك بالسهر ، ولكن بشرط واحد ، فجزعت قليلا ، وقالت : ماهو ؟
– قلت : ألاَّ تنامي حتى أنام أنا.
فعاودها الفرح ، لما تتصور من مسرات السهرة ومباهجها وقالت :
– قبلت ….
وامتدت السهرة ، وتعمدت أن أحشد فيها كل ما تحبه البنت من قصص حلوة ، وألاعيب ، وأنقال ، حتى نعست ، وكادت تنام في مكانها ، ثم نامت …
– فقالت: أمها : لقد نامت أفأحملها إلى سريرها ؟
– قلت: هيهات ، الآن بدأ العلاج ، فشدي أعصابك ، وعمدت إلى البنت فهززتها حتى أيقظتها ، فاستيقظت مكرهة ، ومرت ربع ساعة ، فعادت إلى المنام ، وعدت إلى إيقاظها ، وتكرر ذلك حتى صارت تتوسل إليَّ ، وتقبَّل يدي أن أدعها تنام ، وأنا أقول لها بدم بارد :
– لا ، السهر أحلى ، ألا تحبين السهر ؟ ، حتى قالت : لا ، لا أحبه ، لا أحبه ، (بدي أنام) ، وانطلقت تبكي …
وبرئت البنت من علة السهر ، من تلك الليلة !
منقول
عندما قرأت المقدمة، ظننت أن لديك هذه المشكلة، وكنت سأقول لك نفس الحل.
فلقد حدث أن مرت صديقتي بنفس التجربة، وكلما قالت لبناتها هيا للنوم، بدأن بالنقاش والحزن.
وإذا ما ذهبن إلى سرائرهن، لعبن بدلاً من النوم. فقالت نفس الشيء، اسهرن، ولن تنمن. فرحن. وقت النعاس بدأن بالمعاناة، ينمن، فتصحيهن… حتى لم يكررن هذه المناقشة أبداً.
ويخليهم لكم..