أولاً كل عام وأنتم بخير.. كل عام وأنتم أسعد في الدنيا وأقرب إلى الله. وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وبمناسبة الفرحة التي هلت علينا مع هلول العيد، دعوني أتساءل:
هل هناك فرحة حقيقية في الإسلام؟
هل يحب الله أن يرانا سعداء؟
هل كان النبي يفرح ويضحك ويمرح مع أصحابه؟
هل كل فرحة يجب أن تكون مرتبطة بمعصية؟؟!
يا إخواني، إن هذه الدنيا دار اختبار وليست دار عذاب أو انتقام. فقد أتى الله بنا إلى الدنيا لا ليعذبنا وإنما ليختبرنا. إن الله يحب أن يرانا سعداء، بل أمرنا أن نسعد في هذه الدنيا. قال تعالى: "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا" سورة يونس.
لقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الله يحب أن يرانا سعداء بنعمته فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده". وكان النبي يفرح ويضحك حتى يبين للناس أن هذا من الدين بل إن إدخال السرور من أعظم الأعمال، وكانت حياته -صلى الله عليه وسلم- نموذجاً لذلك ففي يوم من الأيام وكان المسلمون راجعين من غزوة قال النبي صلى الله عليه وسلم للجيش: "تقدموا"، وقال للسيدة "عائشة": "تسابقينني يا عائشة؟"، قالت: "نعم"، فقالت السيدة "عائشة": "فسابقته فسبقته"، ثم انتظر النبي شهوراً ثم انتهز فرصة أخرى، وقال: "تسابقينني يا عائشة"، قالت: "فسابقته فسبقني"، فأخذ يضحك ويقول: "هذه بتلك".. أي واحدة بواحدة.
وخرج يوماً من بيته فوجد قبيلتين مشتركتين في مسابقة للرماية، فدخل في صف واحدة منهما، وكان اسم القبيلة بنو بكر فقال: "ارموا بني بكر وأنا معكم"، فدخل في الفريق بكل بساطة وفرحة.
ورغم كل ما قلنا فقد نجح الشيطان ونجح كثير ممن لا يفهمون الإسلام فهماً صحيحاً أن يبثوا فكرة أن الإنسان لا يمكن أن يسعد ويرفه عن نفسه إلا إذا عصى الله. فاقترن الترفيه بالمعصية، وهذا من أكثر الأسباب التي تخوّف الشباب من التدين؛ حيث يتصورون أنهم لن يسعدوا في حياتهم الدنيا إذا اقتربوا من الله، فيظل الواحد منهم بعيداً عن الله خوفاً من أن تقل السعادة في حياته وهذا والله كلام الشياطين، فالله هو الذي بيده السعادة والفرحة والضحك والرزق، وأيضاً هو كاشف الغم وفارج الهم، وهو مجيب الدعاء، وهو الذي أكرمنا وصبر علينا وخلق لنا الجنة.
ولكن للفرحة ضوابط حتى يبارك الله فيها، فلا نفرح نحن ويغضب الملك ولا نفرح نحن لدقائق أو ساعات أو أيام ويطول الحساب يوم القيامة. لذلك استمتع بوقتك واضحك والعب، ولكن يجب مع ذلك أن نلتفت لبعض الأشياء:
1- المحافظة على الصلوات الخمس في مواقيتها حتى يبارك الله في يومك ويرضى عنك ويغفر ذنبك، فلا تنشغل عن الله بغيره، فلا يجب أن تكون النعمة سببا في نسيان الله سبحانه.
2- اختَر الأماكن التي سترفه عن نفسك فيها حتى لا تستحيي من أن يراك الله فيها. فإذا قال قائل إن أغلب الأماكن إلا القليل منها بها أشياء حرام، قلت له استمتع بالأماكن القليلة المنضبطة واصبر فنحن في دار الاختبار وغدا نلتقي على باب الجنة مع الرسول الكريم.
3- لا تبخل على أسرتك بأن تقضي وقتا معهم فلهم حق علينا وهم يحبون اللمة حولهم، والفرحة تكون أجمل بوجود الأحبة.
4- كن صاحب أفكار مبدعة في السعادة ولا تكن تقليدياً، ولكن دون معصية. واعلم أن سعادتك عبادة، فكل لحظة سعادة وكل قرش يصرف في الاستمتاع دون معصية يكون في ميزان حسناتك.
وتقبل الله منا ومنكم..
الداعية الشاب: مصطفى حسني
بارك الله فيكِ
و أسعدك الله في الدارين
أنتي والأستاذ مصطفى حســني
وكتب لكمـــا الأجــر
عيدكم مبــارك
وجزاكِ الله خيرا على النقل الرائع..
وفقني الله وإياكِ لما يحب ويرضى..