ليس لدي أدني شك في أن من يتعامل مع المرأة من منطلق إشعارها بالحنان قد نجح في فهمها واستطاع أن يخرج منها أفضل صفاتها ، وهو بهذا سينعم بكل ما تستطيع أن تعطيه المرأة من اهتمام ورعاية وهو ليس بالقليل . فالمرأة عطاء بلا حدود ..بشرط أن نفهمها .. إن يقيني هذا لا يأتي من فراغ ‘ فهو قائم على الملاحظة المستمرة ، ومتابعة العديد من المرضى الذين يعانون بسبب تجاهل الآخرين وإهمالهم المتطلبات الإنسانية لهم ، وهي الشعور بأن هناك من يهتم ويحرص ويتفاعل مع احتياجتهم النفسية … وهذا هو الحنان . فالمرأة عندما تذرف الدمع تريد أن تُشعر بأن هناك من يستقبل هذه الدموع ويتأثر بها ويسأل عن سببها ..والأهم من ذلك هو ألا يستخف بها أو يقلل من أهميتها .
إنها عندما تشعر بالضيق والاكتئاب ، تريد أن تجد من يهتم بالاستماع إليها بصدق ، ولا تريد من يوهمها بالإنصات ولا يكون تركيزه بالاستماع إليها بكل جوارحه . إنها تريد أن تشعر من خلال نظرات زوجها بأنه يفهمها بدون أن تتكلم ويحس بها دون أن تتأوه ..
أن يبين لها رغبته في حل مشاكلها ، حتى وإن لم ينجح في ذلك … وهذا هو الحنان .
إن ما يهم المرأة هو الشعور بالاهتمام مع من نعيش معه ، وهي لن تكتفي ولن تكف عن الاحتياج والمطالبة للحصول على هذا الاهتمام فهو غذاؤها النفسي واليومي .
وإن لم تحصل عليه فستصاب بالاكتئاب والعصبية الزائدة والنرفزة لأقل شيء ، وسينعكس هذا سلباً على جميع أفراد الأسرة … وإنها لن تسامح وتفغر لزوجها عدم إدراكه احتياجاتها النفسية .
في نفس الوقت فهي لن تحاول لفت نظره من البداية لهذا الاحتياج لديها أو طرحه بشكل موضوعي ، وأنها تريده وتتمناه هو أن يشعر هو بهذا الاحتياج بدون أن تتفوه بكلمة ..لذا ، سوف تستفزه وتثير غضبه بطرق متعددة حتى يستطيع أن يدرك من تلقاء نفسه ما تهدف إليه من حاجة إلى الاهتمام و ….الحنان .
وإن لم يفهم الزوج هذه الرسالة التي تقول ببساطة :"إني أحتاج لاهتمامك بي " ، يكون قد وضع أول حجر في تدهور العلاقة الزوجية ، وسوف تمر الأيام وهو لا يعي ما الذي حدث ، ولماذا تسيء زوجته التعامل معه ، لماذا تتقصد إثارته وعدم تلبية ما يرضيه ..برغم بساطة ما يطلب .
والسبب ، أنها تريده أن يعطيها الحنان والاهتمام أولاً . وينتهي بهما المطاف إلى استشارة طبيب نفسي ، ويكون الدافع خلافات زوجية عديدة أدت إلى إصابة كل منهما بالقلق والاكتئاب ، وغالباً ما ينعكس هذا على أبنائهم . ومن خلال الجلسات النفسية ، يتضح أن هناك فجوة كبيرة بينهما ، وأن سُبل الحوار والنقاش بينهما قد تضاءلت ثم انقطعت . لقد أدى ذلك إلى إضطراب في علاقاتهما الجنسية ، ولو أشعر الزوج زوجته بالحنان لتحسنت معظم المشاكل بينهما .
فالمرأة تريد أن تأخذ أولاً ثم ثانياً حتى تشعر بالاطمئنان والأمان ، وبعد ذلك فإن عطاءها سيكون بلا حدود ، وستتفانى في إرضاء وإسعاد من معها .
وإن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بالنساء خيراً ، وحث على حسن معاملتهن "رفقاً بالقوارير" . وقد كان عليه السلام خير وأروع مثال للاهتمام ورعاية زوجاته .
ويعامل الرجل المرأة على أنها رجل مثله . فالمرأة لا تأخذ الأمور كما يأخذها الرجل فهو يهتم بأساسيات المشكلة لكن المرأة تهتم بالتفاصيل وتعطيها أهمية أكبر من لب الموضوع .
المرأة لا تريد التعامل بالمنطق دائماً ولا تريد ان تحاسب بدقة على كل كلمة تتفوه بها . تريد ان يتغاضى الرجل عن تقلبات مزاجها ، وألا يغضب من دلالها عليه ومن بعض متطلباتها غير المهمة بالنسبة له .
إن هوية المرأة وثقتها بنفسها تعتمد كثيراً على مقدار تقدير الآخرين لها سواء كزوجة أو أم . من المؤكد أن هذا الكلام لا ينطبق على كل الرجال أو كل النساء وأن كل ما ذُكر لا يعني المرأة فقط وأنها هي الوحيدة التي تحتاج إلى الحنان ..بالطبع لا ، فالرجل أيضاً يحتاج للحنان ، وسوف تعطيه المرأة أكثر بكثير مما يريد ..بشرط أن يظهر لها الاهتمام أولاً .
وفي الواقع أن كل ما أقوله هو من صالح الرجل ومن أجل سعادته وسعادة زوجته ، أو ليس الحنان هو الحب ؟ إن من مظاهر الحب الاهتمام والحنان ، أي أن الحب يحتوي على الحنان ، فإذا فتر الحب تضاءل الاهتمام والحنان