تخطى إلى المحتوى

`·.¸¸.·´´ تحذير المسلمين من شر المبتدعين `·.¸¸.·´´ 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

أولا‏:‏ تعريف البدعة؛ أنواعها وأحكامها

لاكي

البدعة في اللغة:
مأخوذة من البدع ، و هو الاختراع علي غير مثال سابق، و منة قوله تعالي: ﴿بديع السماوات و الأرض﴾ اي مخترعها علي غير مثال سابق ، و قولة تعالي : ﴿قل ما كنت بدعا من الرسل ﴾ اي ما كنت اول من جاء بالرسالة من الله إلي العباد بل تقدمني كثير من الرسل

و يقال: ابتدع فلان بدعة ، يعني ابتدا طريقة لم يسبق اليها .

لاكي

و الابتداع قسمين:

– ابتداع في العادات
كابتداع المخترعات الحديثة، و هذا مباح ، لأن الاصل في العادات الأباحة

– وابتداع في الدين
و هذا محرم ، لان الاصل فية التوقيف، قال ( من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد )

أنواع البدع

لاكي

البدعة في الدين نوعان‏:‏

النوع الأول‏:‏
بدعة قولية اعتقادية؛ كمقالات الجهمية والمعتزلة والرافضة وسائر الفرق الضالة واعتقاداتهم‏.‏

لاكي

النوع الثاني‏:‏
بدعة في العبادات؛ كالتعبد لله بعبادة لم يشرعها، وهي أنواع‏:‏

النوع الأول‏:
‏ ما يكون في أصل العبادة؛ بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع، كأن يحدث صلاة غير مشروعة أو صياما غير مشروع أو أعيادا غير مشروعة كأعياد الموالد وغيرها‏.‏

النوع الثاني‏:
‏ ما يكون في الزيادة على العبادة المشروعة؛ كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلا‏.‏

النوع الثالث‏:
‏ ما يكون في صفة أداء العبادة؛ بأن يؤديها على صفة غير مشروعة، وذلك كأداء الأذكار المشروعة بأصوات جماعية مطربة، وكالتشديد على النفس في العبادات إلى حد يخرج عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏

النوع الرابع‏:‏
ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة لم يخصصه الشرع؛ كتخصيص يوم النصف من شعبان وليلته بصيام وقيام؛ فإن أصل الصيام والقيام مشروع، ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل‏.‏

حكم البدعة في الدين

كل بدعة في الدين –من أي نوع كانت- فهي محرمة وضلالة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة‏)‏ ‏[‏رواه أبو داود والترمذي، وقال‏:‏ ‏"‏حديث حسن صحيح‏"‏‏]‏، وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد‏)‏ ، وفي رواية‏:‏ ‏(‏من عمل عملا ليس عليه أمرنا؛ فهو رد‏)‏ ‏.‏ فدلت هذه الأحاديث على أن كل محدث في الدين فهو بدعة، وكل بدعة ضلالة مردودة‏.‏

ومعنى ذلك أن البدع في العبادات والاعتقادات محرمة، ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة‏:‏

فمنها ما هو كفر صراح؛
كالطواف بالقبور تقربا إلى أصحابها، وتقديم الذبائح والنذور لها، ودعاء أصحابها والاستغاثة بهم، وكمقالات غلاة الجهمية والمعتزلة‏.‏

ومنها ما هو من وسائل الشرك؛
كالبناء على القبور، والصلاة والدعاء عندها‏.‏

ومنها ما هو فسق اعتقادي؛
كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة في أقوالهم واعتقاداتهم المخالفة للأدلة الشرعية‏.‏

ومنها ما هو معصية؛
كبدعة التبتل، والصيام قائما في الشمس.

لاكي

تنبيــه

من قسم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة؛ فهو غالط ومخطئ ومخالف لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏فإن كل بدعة ضلالة‏)‏ ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حكم على البدع كلها بأنها ضلالة، وهذا يقول‏:‏ ليس كل بدعة ضلالة، بل هناك بدعة حسنة‏.‏

قال الحافظ ابن رجب في ‏"‏شرح الأربعين‏"‏‏:‏ ‏"‏فقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كل بدعة ضلالة‏)‏ ‏:‏ من جوامع الكلم، لا يخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين، وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد‏)‏ ؛ فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه؛ فهو ضلالة، والدين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة‏"‏‏انتهى‏.‏

وليس لهؤلاء حجة على أن هناك بدعة حسنة؛ إلا قول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح‏:‏ ‏"‏نعمت البدعة هذه‏"‏‏!‏

وقالوا أيضا‏:‏ إنها أحدثت أشياء لم يستنكرها السلف؛ مثل‏:‏ جمع القرآن في كتاب واحد، وكتابة الحديث وتدوينه‏.‏

والجواب عن ذلك أن هذه الأمور لها أصل في الشرع؛ فليست محدثة‏.‏

وقول عمر‏:‏ ‏"‏نعمت البدعة‏"‏؛ يريد‏:‏ البدعة اللغوية لا الشرعية؛ فما كان له أصل في الشرع يرجع إليه، إذا قيل‏:‏ إنه بدعة؛ فهو بدعة لغة لا شرعا؛ لأن البدعة شرعا ما ليس له أصل في الشرع يرجع إليه‏.‏

وجمع القرآن في كتاب واحد له أصل في الشرع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابة القرآن، لكن كان مكتوبا متفرقا، فجمعه الصحابة في كتاب واحد حفظا له‏.‏

والتراويح قد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ليالي وتخلف عنهم في الأخير خشية أن تفرض عليهم، واستمر الصحابة رضي الله عنهم يصلونها أوزاعا متفرقين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه خلف إمام واحد؛ كما كانوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وليس هذا بدعة في الدين‏.‏

وكتابة الحديث أيضا لها أصل في الشرع؛ فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة بعض الأحاديث لبعض أصحابه لما طلب منه ذلك، وكان المحذور من كتابته بصفة عامة في عهده صلى الله عليه وسلم خشية أن يختلط بالقرآن ما ليس منه، فلما توفي صلى الله عليه وسلم؛ انتفى هذا المحذور؛ لأن القرآن قد تكامل وضبط قبل وقاته صلى الله عليه وسلم، فدون المسلمون السنة بعد ذلك حفظا لها من الضياع، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا؛ حيث حفظوا كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم من الضياع وعبث العابثين‏.‏

ثانيا‏:‏ الأسباب التي أدت إلى ظهور البدع في حياة المسلمين

لاكي

مما لا شك فيه أن الاعتصام بالكتاب والسنة فيه منجاة من الوقوع في البدع والضلال‏.‏

قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ‏}‏ ‏.‏

وقد وضح ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه؛ قال‏:‏ ‏(‏خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًّا، فقال هذا سبيل الله ثم خطَّ خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثم قال‏:‏ ‏"‏وهذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه‏"‏‏[‏رواه أحمد وابن حبان والحاكم وغيرهم‏]‏ ثم تلا ‏{‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏}‏‏)‏ ‏.‏

فمن أعرض عن الكتاب والسنة؛ تنازعته الطرق المضللة والبدع المحدثة‏.‏

لاكي

الأسباب التي أدت إلى ظهور البدع تتلخص في الأمور التالية‏:‏

1- الجهل بأحكام الدين

فلا يقاوم البدع إلا العلم والعلماء؛ فإذا فقد العلم والعلماء؛ أتيحت الفرصة للبدع أن تظهر وتنتشر ولأهلها أن ينشطوا‏.‏

2- اتباع الهوى
من أعرض عن الكتاب والسنة؛ اتبع هواه؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ‏}‏ والبدع إنما هي نسيح الهوى المتبع‏.‏

3- التعصب للآراء والرجال

التعصب للآراء والرجال يحول بين المرء واتباع الدليل ومعرفة الحق، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا‏}‏ وهذا هو شأن المتعصبين اليوم من بعض أتباع المذاهب والصوفية والقبوريين، إذا دعوا إلى اتباع الكتاب والسنة ونبذ ما هم عليه مما يخالفهما؛ احتجوا بمذاهبهم ومشايخهم وآبائهم وأجدادهم‏.‏

4- التشبه بالكفار

وهو من أشد ما يوقع في البدع كما في حديث أبي واقد الليثي؛ قال‏:‏ ‏(‏خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا يا رسول الله‏!‏ اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر‏!‏ إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى ‏{‏اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ‏}‏ ، لتركبن سنن من قبلكم‏)‏‏[‏رواه الترمذي وصححه‏]‏ ‏.‏

ففي هذا الحديث أن التشبه بالكفار هو الذي حمل بني إسرائيل وبعض أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام أن يطلبوا هذا الطلب القبيح، وهو أن يجعل لهم آلهة يعبدونها ويتبركون بها من دون الله‏.‏

وهذا هو نفس الواقع اليوم؛ فإن غالب الناس من المسلمين قلدوا الكفار في عمل البدع والشركيات؛ كأعياد الموالد، وإقامة الأيام والأسابيع لأعمال مخصصة، والاحتفال بالمناسبات الدينية والذكريات، وإقامة التماثيل والنصب التذكارية، وإقامة المآتم وبدع الجنائز والبناء على القبور‏.‏‏.‏‏.‏ وغير ذلك‏.‏

ثالثا‏:‏ موقف أهل السنة والجماعة من المبتدعة ومنهجهم في الرد عليهم

لاكي

موقف أهل السنة والجماعة من المبتدعة

ما زال أهل السنة والجماعة يردون على المبتدعة وينكرون عليهم بدعهم ويمنعوهم من مزاولتها، ولا زال العلماء ينكرون على المبتدعة في كل عصر، والحمد لله‏.‏

لاكي

منهج أهل السنة والجماعة في الرد على أهل البدع

منهج أهل السنة والجماعة في الرد على أهل البدع مبني على الكتاب والسنة، وهو المنهج المقنع المفحم؛ حيث يوردون شبه المبتدعة وينقضونها، ويستدلون بالكتاب والسنة على وجوب التمسك بالسنن والنهي عن البدع والمحدثات‏.‏

وقد ألفوا المؤلفات الكثيرة في ذلك، وردوا في كتب العقائد على الشيعة والخوارج والجهمية والمعتزلة والأشاعرة في مقالاتهم المبتدعة في أصول الإيمان والعقيدة، وألفوا كتبا خاصة في ذلك؛ كما ألف الإمام أحمد كتاب ‏"‏الرد على الجهمية‏"‏، وألف غيره من الأئمة في ذلك؛ كعثمان بن سعيد الدارمي، وكما في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيرهم من الرد على تلك الفرق وعلى القبورية والصوفية‏.‏

وأما الكتب الخاصة في الرد على أهل البدع؛ فهي كثيرة، منها على سبيل المثال من الكتب القديمة‏:‏

1‏.‏ كتاب ‏"‏الاعتصام‏"‏للإمام الشاطبي‏.‏

2‏.‏ كتاب ‏"‏اقتضاء الصراط المستقيم‏"‏لشيخ الإسلام ابن تيمية؛ فقد استغرق الرد على المبتدعة جزءا كبيرا منه‏.‏

3‏.‏ كتاب ‏"‏إنكار الحوادث والبدع‏"‏لابن وضاح‏.‏

4‏.‏ كتاب ‏"‏الحوادث والبدع‏"‏للطرطوشي‏.‏

5‏.‏ كتاب ‏"‏الباعث على إنكار البدع والحوادث‏"‏لأبي شامة‏.‏

ومن الكتب العصرية‏:‏

1‏.‏ كتاب ‏"‏الإبداع في مضار الابتداع‏"‏للشيخ علي محفوظ‏.‏

2‏.‏ كتاب ‏"‏السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات‏"‏للشيخ محمد بن أحمد الشقيري الحوامدي‏.‏

3‏.‏ رسالة ‏"‏التحذير من البدع‏"‏للشيخ عبد العزيز بن باز‏.‏

ولا يزال علماء المسلمين -والحمد لله- ينكرون البدع، ويردون على المبتدعة، من خلال الصحف والمجلات والإذاعات وخطب الجمع والندوات والمحاضرات، مما له كبير الأثر في توعية المسلمين، والقضاء على البدع، وقمع المبتدعين‏.‏

رابعا‏:‏ بيان نماذج من البدع المعاصرة

البدع المعاصرة كثيرة بحكم تأخر الزمن، وقلة العلم، وكثرة الدعاة إلى البدع والمخالفات، وسريان التشبه بالكفار في عاداتهم وطقوسهم؛ مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لتتبعن سنن من كان قبلكم‏)‏‏[‏رواه الترمذي وصححه‏]‏ ‏.‏

-الاحتفال بمناسبة المولد النبوي في ربيع الأول

وقد ألف في إنكار هذه البدعة كتب ورسائل قديمة وحديثة، وهو علاوة على كونه بدعة وتشبها؛ فإنه يجر إلى إقامة موالد أخرى؛ كموالد الأولياء والمشايخ والزعماء، فيفتح أبواب شر كثيرة‏.‏

-التبرك بالأماكن والآثار والأشخاص أحياء وأمواتا

التبرك‏:‏ طلب البركة، وهو ثبات الخير في الشيء وزيادته‏.‏

وطلب ثبوت الخير وزيادته إنما يكون ممن يملك لك ويقدر عليه، وهو الله سبحانه؛ فهو الذي ينزل البركة ويثبتها، أما المخلوق؛ فإنه لا يقدر على منح البركة وإيجادها، ولا على إبقائها وتثبيتها‏.‏

فالتبرك بالأماكن والآثار والأشخاص أحياء وأمواتا لا يجوز؛ لأنه إما شرك إن اعتقد أن ذلك الشيء يمنح البركة، أو وسيلة إلى الشرك إن اعتقد أن زيارته وملامسته والتمسح به سبب لحصولها من الله‏.‏

وأما ما كان الصحابة يفعلونه من التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم وريقه وما انفصل من جسمه صلى الله عليه وسلم؛ فذلك خاص به صلى الله عليه وسلم في حال حياته؛ بدليل أن الصحابة لم يكونوا يتبركون بحجرته وقبره بعد موته، ولا كانوا يقصدون الأماكن التي صلى فيها أو جلس فيها ليتبركوا بها، وكذلك مقامات الأولياء من باب أولى، ولم يكونوا يتبركون بالأشخاص الصالحين كأبي بكر وعمر وغيرهما من أفاضل الصحابة؛ لا في الحياة ولا بعد الموت، ولم يكونوا يذهبون إلى غار حراء ليصلوا فيه أو يدعوا، ولم يكونوا يذهبون إلى الطور الذي كلم الله عليه موسى ليصلوا فيه ويدعوا، أو إلى غير هذه الأمكنة من الجبال التي يقال‏:‏ إن فيها مقامات الأنبياء أو غيرهم، ولا إلى مشهد مبني على أثر نبي من الأنبياء‏.‏

وأيضا؛ فإن المكان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيه بالمدينة النبوية دائما لم يكن أحد من السلف يستلمه ولا يقبله، ولا الموضع الذي صلى فيه بمكة وغيرها؛ فإذا كان الموضع الذي كان يطؤه بقدميه الكريمتين ويصلي عليه لم يشرع لأمته التمسح به ولا تقبيله؛ فكيف بما يقال‏:‏ إن غيره صلى فيه أو نام عليه‏؟‏‏!‏ فتقبيل شيء من ذلك والتمسح به قد علم العلماء بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا ليس من شريعته صلى الله عليه وسلم‏‏.‏

-البدع في مجال العبادات والتقرب إلى الله

البدع التي أحدثت في مجال العبادات في هذا الزمان كثيرة؛ لأن الأصل في العبادات التوقيف؛ فلا يشرع شيء منها إلا بدليل، وما لم يدل عليه دليل؛ فهو بدعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من عمل عملا ليس عليه أمرنا؛ فهو رد‏)‏ ‏.‏

والعبادات التي تمارس الآن ولا دليل عليها كثيرة جدا‏:‏

-منها‏:‏ الجهر بالنية للصلاة؛ بأن يقول‏:‏ نويت أصلي لله كذا وكذا‏!‏ وهذا بدعة؛ لأنه ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏ ، والنية محلها القلب؛ فهي عمل قلبي لا عمل لساني‏.‏

-ومنها‏:‏ الذكر الجماعي بعد الصلاة؛ لأن المشروع أن كل شخص يقول الذكر الوارد منفردا‏.‏

-ومنها‏:‏ طلب قراءة الفاتحة في المناسبات وبعد الدعاء للأموات‏.‏

-ومنها‏:‏ إقامة المآتم على الأموات وصناعة الأطعمة واستئجار المقرئين؛ يزعمون أن ذلك من باب العزاء، أو أن ذلك ينفع الميت‏.‏‏.‏‏.‏ وكل ذلك بدعة لا أصل له وآصار وأغلال ما أنزل الله بها من سلطان‏.‏

-ومنها‏:‏ الاحتفال بالمناسبات الدينية؛ كمناسبة الإسراء والمعراج، ومناسبة الهجرة النبوية، وهذا الاحتفال بتلك المناسبات لا أصل له من الشرع‏.‏

-ومن ذلك‏:‏ ما يفعل في شهر رجب؛ كالعمرة الرجبية، وما يفعل فيه من العبادات الخاصة به؛ كالتطوع بالصلاة والصيام فيه؛ فإنه لا ميزة له على غيره من الشهور؛ لا في العمرة والصيام والصلاة والذبح للنسك فيه ولا غير ذلك‏.‏

-ومن ذلك‏:‏ الأذكار الصوفية بأنواعها؛ كلها بدع ومحدثات؛ لأنها مخالفة للأذكار المشروعة في صيغتها وهيئاتها وأوقاتها‏.‏

-ومن ذلك‏:‏ تخصيص ليلة النصف من شعبان بقيام ويوم النصف من شعبان بصيام؛ فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء خاص به‏.‏

-ومن ذلك‏:‏ البناء على القبور، واتخاذها مساجد، وزيارتها لأجل التبرك بها والتوسل بالموتى وغير ذلك من الأغراض الشركية، وزيارة النساء لها؛ مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج‏.‏

وختاما نقول‏:‏ إن البدع بريد الكفر، وهي زيادة دين لم يشرعه الله ولا رسوله، والبدعة شر من المعصية الكبيرة، والشيطان يفرح بها أكثر مما يفرح بالمعاصي الكبيرة؛ لأن العاصي يفعل المعصية وهو يعلم أنها معصية فيتوب منها، والمبتدع يفعل البدعة يعتقدها دينا يتقرب به إلى الله فلا يتوب منها، والبدع تقضي على السنن، وتكره إلى أصحابها فعل السنن وأهل السنة، والبدعة تباعد عن الله وتوجب غضبه وعقابه وتسبب زيغ القلوب وفسادها‏

خامسا‏:‏ ما يعامل به المبتدعة

لاكي
تحرم زيارة المبتدع ومجالسته؛ إلا على وجه النصيحة له والإنكار عليه، لأن مخالطته تؤثر على مخالطه شرا، وتنشر عداوة إلى غيره‏.‏

ويجب التحذير منهم ومن شرهم إذا لم يمكن الأخذ على أيديهم ومنعهم من مزاولة البدع، وإلا؛ فإنه يجب على علماء المسلمين وولاة أمورهم منع البدع والأخذ على أيدي المبتدعة وردعهم عن شرهم؛ لأن خطرهم على الإسلام شديد‏.‏

ثم إنه يجب أن يعلم أن دول الكفر تشجع المبتدعة على نشر بدعتهم، وتساعدهم على ذلك بشتى الطرق؛ لأن في ذلك القضاء على الإسلام وتشويه صورته‏.‏

نسأل الله عز وجل أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، ويخذل أعداءه‏.‏

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‏

لاكي

من كتاب
{الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد }
لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان

نسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه .. ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ..

موضوع جوهري وهام جداً ، ومتكامل .. أجزل الله لكِ المثوبة وجعله في ميزان حسناتك ..

وقانا الله جميعاً من محدثات الأمور هذه ..

حمامة الجنة

نسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه .. ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ..

اللهم آمين

جزاكِ الله خيراً وبارك فيكِ

غاليتي .. شمس…

موضوع رائع ومتكامل… صعب علي قراءته كاملاً فحفظته في جهازي … لاكي

بارك الله فيك وجزاك جنة وحريرا..لاكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.