أذاتُ زوج … إذاً هلمّي إلى أبواب الجنة الثمانية ! الشبخ عبد الرحمن بن عبدالله السحيم الزوج والزوجة يمضيان في رحلة العُمر قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن : يعني هُـنّ سكن لكم ، وأنتم سكن لهنّ . أنتما في رحلة العُمـرِ معـاً تبنيان العشّ كالروض الأنيق
فرحلة العُمر عبر الحياة الزوجية هي رحلة تكامل وتعاون ومحبة ، وليست رحلة خِلاف وشِجار ونُفرة . إن بعض الأزواج ربما نظر إلى الحياة الزوجية على أنها سُلطة وسيطرة ، وأنه الآمر الناهي فيها ، وأنه لا يجوز أن يُراجَع في أمر من أمور البيت ! قال عمر رضي الله عنه : والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمراً حتى أنزل الله فيهن ما أنزل ، وقسم لهن ما قسم . قال : فبينا أنا في أمر أتأمَّـرُه ، إذ قالت امرأتي : لو صنعتَ كذا وكذا . فهذا عمر رضي الله عنه مع شدّته في الحق تردّه امرأة ، وتثنيه عن بعض ما كان يُريد ، وعن بعض ما كان يجـد . ولو كانت مراجعة المرأة لزوجها في أمر من أموره لا تجوز لنهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم . ولا أعني التمرّد على الزوج فإن بين الأمرين بوناً شاسعا لا مراجعة بجفاء فتُصبح مرادّة وليست مراجعة بل وسط بين هذا وذاك فأنتما في رِحلة العُمر معاً كما أن بعض الزوجات تأخذ الحياة الزوجية على أنها مُغالَبة ! فتتصوّر أن الحياة الزوجية إما غالِب وإما مغلوب ! وكلا طرفي قصد الأمور ذميم . فإن الحياة الزوجية ليست حَلَبة مُصارَعة ، ولا ميدان مسابقة ! بل هي رحلة تكامل فكما يُذكّر الرجل بأن للمرأة الحقّ في مراجعة زوجها في حدود الأدب إلا أن المرأة تُذكّر أيضا بأن زوجها هو جنتها وهو نارها فإن هي أطاعته في حدود طاعة الله ، وحفظته في نفسها وماله حفظها الله في الدنيا والآخرة بل ووقفت إلى جوار أبي بكر الصِّدِّيق السابق إلى كل خير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أنفق زوجين في سبيل الله نُودي في الجنة : يا عبد الله هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دُعِيَ من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعِي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دُعِي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دُعِي من باب الريان . قال أبو بكر الصِّدِّيق : يا رسول الله ما على أحدٍ يُدعى من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، وأرجو أن تكون منهم . رواه البخاري ومسلم . وقد عـدّ العلماء هذا من خصائص أبي بكر رضي الله عنه والمرأة الصالحة المطيعة لزوجها تنال هذه الخاصيّة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا صلت المرأة خَمْسَها ، وصَامَتْ شهرها ، وحَفِظَتْ فرجها ، وأطاعت زوجها ، قيل لها : أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت . رواه الإمام أحمد . يا لـه من فضل ! أن تُصلي المرأة خمس صلوات في اليوم والليلة ، وتصوم شهر رمضان ، وتُطيع زوجها فتُنادى بما يُنادى به الصِّدِّيق رضي الله عنه " أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " . فأين دُعاة التمرّد والرذيلة حينما يُنادون المرأة لتتمرّد على زوجها ؟! بل قد دعوها للتمرّد على خالقها ، فلا غرابة من هذه الدعوة ! فأنت أيتها الفاضلة بين خيارين : بل إن الزوج هو بوابة الجنة لزوجته ، إذا اتقى الله فيها ، وأمرها بطاعة الله عز وجل . وربما كان بوابة النار لزوجته ، إن أمرها بمعصية فأطاعته ، أو أمرها بطاعة فعصته فقد جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فلما فرغت من حاجتها قال لها عليه الصلاة والسلام : أذاتُ زوجٍ أنتِ ؟ قالت : نعم . قال : كيف أنت له ؟ قالت : ما ألوه إلا ما عجزتُ عنه . قال : فانظري أين أنت منه ، فإنما هو جنتك ونارك . رواه الإمام أحمد وغيره . فلتنظر المرأة إلى الحياة الزوجية هذه النظرة الثاقبة وعليها أن لا تتضجّر من عمل البيت واصرخي في وجـه دُعـاة التغريب ، وأوصياء الرذيلة (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا ) ؟ وقولي لهم : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا ) . اللهم احفظ على نساء المسلمين دينهنّ وحياءهنّ وعفافهنّ وحشمتهنّ . اللهم اقمع دُعاة الرذيلة والسفور ، واهتك سِترهم . الرياض
جمادى الأولى 8/5/1425 هـ |
مكتبة صيد الفوائد
والحياة الزوجية عنوانها كما اخبرنا الله تعالى المودة والرحمة وعلى الزوجة الصالحة ان تتقي الله في زوجها وبيتها حتى تنال رضا الله عنها