بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
طالعتنا الأخبار بما يلي:
تنشئها رعاية الشباب وتشرف عليها رقابيا هيئة الأمر بالمعروف
إنشاء ( 5 ) أندية نسائية في السعودية مطلع 2024 .. تدار بطاقم نسائي متكامل
تنتظر الاوساط الرياضية والنسائية على وجه الخصوص في المملكة الاعلان رسمياً مطلع العام 2024 عن انشاء خمسة اندية نسائية في المدن الثلاث الكبرى الرياض وجدة والدمام على أن تتميز هذه الأندية بخصوصية تامة وبعيدا عن أنظار الرجال ومن المتوقع أن يتم تكليف الرئاسة العامة لرعاية الشباب بإنشاء هذه الأندية وإدارتها في حين تكون المراقبة من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أن يتم تفعيلها بما بتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية وأن تكون تحت إشراف نسائي متكامل . ومن المتوقع أن توضع عدة ضوابط للراغبات في الانتساب في حال إنشاء هذه الأندية من أبرزها موافقة ولي الأمر إضافة إلى دفع مبالغ مالية رمزية للاشتراك في هذه الأندية وذلك في محاولة جادة للبحث عن موارد مالية لاستمرارها وتطورها ، إلى جانب تكفل كل لاعبة باحتياجاتها لممارسة اللعبة من ملابس ومستلزمات أخرى للتدريبات .على أن يطبق بعض الاستثمارات كالإعلانات وتأجير بعض المواقع داخل هذه الأندية . وتشير مصادر " عناوين " إلى أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب تعمل في الوقت الحالي على تصاميم مناسبة لإنشاء هذه الأندية وذلك بما يتوافق مع خصوصية المرأة السعودية وذلك لرفعها لصناع القرار في الدولة وتشير ذات المصادر إلى أن هذه المدن سوف تشمل على ملاعب مغلقة لكافة الآلعاب إضافة إلى صالات للتمارين السويدية والحديد وكذلك برك للسباحة والجاكوزي والبخار والسونا إضافة إلى عيادات للعلاج الطبيعي و المساج وغيرها من المرافق التكميلية كالبوفيهات ودورات المياه و المصليات ومواقع للندوات والمحاضرات .
يذكر أن هناك توصيات من مجلس الشورى السعودي بإنشاء أندية نسائية وذلك بعد أن ثبت من خلال التعدادات السكانية أن فئة الشباب ( ذكورا أو إناثا ) تمثل الشريحة الأكبر في المملكة حيث تبلغ نحو 50 في المائة من سكان المملكة وهو ما يتطلب إنشاء هذه الأندية النسائية بعد أن أخذ الشباب نصيبهم من الاهتمام ) انتهى.
ولنا مع هذا الخبر أربع وقفات :
الأولى : من حيث مبدأ ممارسة المرأة للرياضة.
الثانية: من حيث ضوابط تلك الممارسة.
الثالثة : من حيث إدخال الرياضة لمناهج تعليم البنات.
رابعا : من حيث افتتاح الأندية الرياضية النسائية.
الأولى : من حيث مبدأ ممارسة المرأة للرياضة:
حكم الرياضة في الإسلام عموما: الجواز والاستحباب لما كان منها بريئاً هادفاً إلى ما فيه التدريب على الجهاد, وتنشيط الأبدان وتقوية الأرواح. على الأرجح من أقوال أهل العلم، والأصل عموم الأحكام الشرعية للرجال والنساء، وبناءً على هذا الأصل فإن للمرأة أن تمارس من الرياضة ما تحتاج إليه في تنشيط جسمها , فإن للرياضة أثراً في نشاط البدن وحيويته ، ومما يدل على أن هذا هو الأصل في ممارسة الرياضة للنساء ما ورد في سنن أبي داود، ومسند أحمد، عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر قالت : فسابقته فسبقته على رجلي فلما حملت اللحم سابقته فسبقني . فقال : " هذه بتلك السبقة " وقال عنه الألباني " صحيح ".
الثانية : من حيث ضوابط تلك الممارسة:
1. أن تكون منسجمة مع طبيعة المرأة وتكوينها الخَلْقي، حيث أن للرجل طبيعته وخصائصه، وللمرأة كذلك (ولا تتمنوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض)، فلا يحل للمرأة أن تمارس من الرياضات ما يخرجها عن طبيعتها الأنثوية؛ فالمرأة لها طبيعتها وخصائصها المخالفة للرجل، وهذه سنة الله في خلْق الرجل والمرأة، قال الله تعالى:{وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ }سورة النساء الآية 32، فيحرم على المرأة أن تمارس رياضةً لا تتفق مع خلقتها الأنثوية، كالمصارعة وكمال الأجسام ورفع الأثقال ونحوها من الرياضات، فإن فعلت ذلك فهي امرأة مترجلة تتشبه بالرجال في زيهم وهيئتهم وأحوالهم وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه صفتها.
2. أن تمارس الرياضة التي لا تلحق الأذى بها عاجلا أو آجلا. فتحرم كل الرياضات العنيفة، التي لا تخلو من إلحاق الضرر والأذى بمن يمارسها.
فإن إلقاء النفس إلى التهلكة محرم, كما قال تعالى: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"[البقرة:195].
وقال تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" [النساء:29] .
وقال صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " .
فإن كانت الرياضة خطرة , أو يغلب على الظن وجود الخطر فيها , سواءً كان هذا الأذى والضرر يلحق باللاعب أو يلحقه هو بغيره , فإنها ممنوعة ؛ لأن مفهوم الرياضة يقوم على أساس التمرين دون إيذاء أو ضرر .
3. يحرم شرعاً على المرأة المسلمة كشف العورات في الرياضة وفي غير الرياضة، ويحرم على المرأة أن تمارس أي نوع من أنواع الرياضة يؤدي إلى كشف العورات، كما هو الحال في السباحة وكرة القدم وكرة السلة وغيرها، سواء كشفت عورتها أمام الرجال أو أمام النساء ضمن الحدود المعتبرة شرعاً في حد العورة في نطاق قوله تعالى:{ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ…}الآية
4. يحرم الاختلاط أثناء ممارسة الرياضة النسوية، ويظهر هذا جلياً من خلال حديث مسابقة النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة حيث ورد فيه (فقال لأصحابه: تقدموا، فتقدموا، ثم قال: تعالي أسابقك فسابقته فسبقته على رجلي، فلما كان بعد خرجت معه في سفر فقال لأصحابه: تقدموا ثم قال: تعالي أسابقك ) فقوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه تقدموا في حالتي السباق، يدل على منع ممارسة المرأة للرياضة في حال الاختلاط مع الرجال وكذا في حال حضورهم.
5. لا تمارس المرأة الرياضة في حال حضور الرجال كما يحدث في مباريات كرة القدم وغيرها، لما ورد في الفقرتين (3- 4) وكذلك في حال تصوير الألعاب ونشر الصور سواء عبر الصحف والمجلات أو البث التلفزيوني ونحو ذلك من الوسائل، ويدل على ذلك ما ورد في الحديث السابق حيث ورد فيه (فقال لأصحابه: تقدموا، فتقدموا، ثم قال: تعالي أسابقك فسابقته فسبقته على رجلي، فلما كان بعد خرجت معه في سفر فقال لأصحابه: تقدموا ثم قال: تعالي أسابقك).
وكذلك فإن النظر إلى اللاعبات خاصة وهن في الملابس الرياضية يعتبر زناً شرعاً فقد قال النبي صلى الله عليه و سلم إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر وزنى اللسان النطق والنفس تتمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) رواه البخاري ومسلم.
6. أن لا يترتب على ممارسة الرياضة إخلال بالواجبات كتضييع الصلوات وحكمها في ذلك حكم ما يُلهي عن ذكر الله وعن الصلاة.
أو إهمال المرأة لشؤون بيتها وأسرتها، أو وقوعٍ في المحرمات كالسباب والشتائم ونحوها أو سفر للمرأة بدون محرم.
وملخص ما سبق أنه يجوز للمرأة في بيتها أن تمارس الرياضة التي تتناسب مع طبيعة جسمها كأنثى دون الرياضة التي تلحق الأذى بها عاجلا أو آجلا . مع مراعاة الضوابط العامة المذكورة فيما سبق.
الثالثة : من حيث إدخال الرياضة لمدارس تعليم البنات:
هنا لابد من قياس المصالح والمفاسد المترتبة على هذا القرار وبعدها يكون الحكم :
أ/ المصالح المتوقعة عند إدخال الرياضة في التعليم:
1. أن الرياضة لها أثرها الكبير في عقل الإنسان وفكره .
ومما قالوه في ذلك قولهم ( جميعنا يعرف أن العقل السليم في الجسم السليم ..والتي لا تقتصر على الرجال فقط .. )
والجواب : هذه المقولة يرددها الكثير ،ولكن لو تأملها ذوو العقل السليم لعرفوا أنها مغالطة للحقيقة ، وليست قاعدة ثابتة ، فكم من أناس أجسامهم هزيلة ، وأبدانهم عليلة ومع ذلك عقولهم تزن أمة ؟ وماذا نفعت الأجسام وصحة الأبدان أولئك المجانين الذين امتلأت المشافي بهم ؟ لو أن أحدهم وكزك بيده لقضى عليك ؟وهل صحة أجسام البغال والحمير زادت من عقولها ؟! لم يضرب الله مثلا لليهود بأسوأ من الحمار في بلادته : {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً } (الجمعة: من الآية5) .
وفي المقابل: الإمام عطاء بن أبي رباح ـ رحمه الله ـ التابعي الجليل فقد كان ـ رحمه الله ـ أعور ، أشل ، أفطس ، أعرج ، أسود ،ثم عمي وقطعت يده مع عبد الله بن الزبير هكذا قال عنه مترجموه ولكن ماذا قالوا عن علمه وجلالته يقول أبو جعفر : ما بقي على ظهر الأرض أحد أعلم بمناسك الحج من عطاء ، وقال علي بن المديني سمعت بعض أهل العلم يقول : كان ثقة فقيها عالما كثير الحديث . فهذا العقل السليم كان في الجسم السقيم.
والشاب الإيرلندي ( كريستوفر كولان ) البالغ من العمر 22 عاماً الذي فاز بجائزة الكتاب في بريطانيا لعام 1987م ..وقد حضر حفل تكريمه أكثر من أربعمائة أديب بريطاني ، كان أصم وأبكم لا يتكلم ومشلول ، عاجز عن الحركة وأنه للتغلب على إعاقته الجسمية لجأ إلى الكتابة على الآلة الكاتبة بواسطة ذراع صناعية مثبتة في جبهته !
2. يقولون: إدخال التربية البدنية من أجل الحد من ارتفاع نسبة البدانة بين الفتيات.
والجواب : من عدة وجوه :
أولاً : هل نفعت حصة التربية البدنية للبنين في الحد من ظاهرة السمنة ؟
الواقع يثبت عدم ذلك ،بل الملاحظ ارتفاع نسبة السمنة في صفوف الشباب ، "إحدى الدراسات أظهرت أن 52% من البالغين في المملكة يعانون من البدانة، ويعاني منها أيضا 18% من المراهقين و15% من الأطفال دون سن المدرسة!!!". وأي أثر لحصة لا تتجاوز النصف ساعة في الأسبوع الواحد ؛ في الحد من هذه السمنة.
ومن المضحك ما قرأناه لأحد الإخوة الكويتيين في رد على هذا الموضوع حيث قال: إن مدرسات التربية البدنية (في جميع المراحل) عندنا بدينات لا يستطعن تدريب الفتيات إلى بالاستعانه بفتاه رشيقة!
ثانياً : مسيرة التعليم في هذه البلاد وضعت ما يزيد على خمسين عاما ، وهذا الارتفاع في ظاهرة السمن لم تظهر إلا في الآونة الأخيرة مما يدل على أن الخطة الدراسية لمدارس التعليم لا علاقة لها بارتفاع هذه النسبة .
ثالثاً : إن أسباب ظهور حالات السمن هي :
ـ وجود الخادمات في المنزل مما سبب الخمول والكسل عند الكثير من الفتيات .
ـ كثرة تناول الطعام مع قلة الحركة ؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم : « ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه ، فإذا كان لا محالة فاعلا ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه » رواه أحمد
رابعاً : يمكن أن تمارس المرأة الرياضة في بيتها وقد أجريت مجلة أسرتنا في عدد (40) استفتاء جاء فيه :
ـ ما رأيك : إذا كانت المرأة حريصة على الرياضة فهل يمكنها ممارستها في بيتها بنجاح ؟ فأجاب 91% بنعم ، و7% لا ، 2% ربما .
فيمكن للمرأة التي تعاني من هذه السمنة أن تمارس الرياضة في بيتها .
ب/ الأضرار المتوقعة عند دعاة إدخال الرياضة في التعليم:
مادية :
1. إرهاق أولياء الأمور بالمصروفات المالية ، فالفتاة تحتاج إلى ملابس رياضية والأبناء كذلك ،علما أن الفتاة شديدة الاهتمام بلباسها ومظهرها ، وحالة الناس اليوم إلى الضعف والفقر أقرب منها من حالة الغنى واليسر، والماركات الرياضية اليوم باهضة الثمن وستطالب البنت أهلها ببدلة وحذاء وحقيبة وقبعة ووو من ماركة مشهورة، وبرقم لاعبها المفضل ولن تكتفي بها مرة في العام بل ستطالبهم كثيرا للمباهاة بين زميلاتها.
2. إرهاق ميزانية الدولة دون أن يكون له الأثر الكبير ، فستنفق أموال على المدربات وعلى أدوات الرياضة وعلى تهيئة المدارس لممارسة مختلف أنواع الرياضة ونحوها من العقبات الموجودة الآن فهل تستحق كل هذه الأموال لتنفق في أمر نرى الآن في مدارس الطلاب عدم جدواه على أبناءنا ؟!
ثم أليس هناك ما هو أهم من هذه المادة ؟ فهل وفرت الوزارة الوسائل التعليمية للطالبات ؟ وهل استغنت عن المدارس المتهالكة ؟ وهل وفرت وظائف للخريجات بالآلاف؟ وهل فكرت الوزارة في كيفية تطبيق هذه المادة في المدارس المستأجرة ؟ وهل بنات المسلمين في مأمن من أن يطلع عليهن أحد في تلك المباني؟!!
صحية:
الإفراط في الرياضة لـه عواقب سيئة على صحة المرأة يتمثل باضطراب الحيض ونقص الخصوبة ، كما يؤثر على كثافة العظام
أخلاقية :
1 ـ خلع ملابسها في المدرسة ولبسها لملابس الرياضة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : « ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى » رواه أبو داود.
2- عدم وجود غرف تغيير الملابس وحتى لو تم توفيرها في بعض المباني الحكومية للمدارس فيستحيل توفرها في المباني المستأجرة التي تعاني نقصا في عدد الغرف أصلا.. وهذا سيؤدي إلى أن تغير البنات ملابسهن في فصولهن أمام زميلاتهن..! مما يجر إلى وكشف العورات وزوال أو ضعف الحياء لدى الطالبات.
3. قد تكون هذه الحصة عاملا مساعدا في انتشار ظاهرة الإعجاب المتزايدة في مدارس البنات ، خاصة وهي ترى زميلاتها التي تعجب بها بتلك الملابس الجميلة ، والقوام الجذاب فتزداد الفتنة فتنة والبلاء بلاءا .
4. الاسترجال ؛ فدخول حصة التربية البدنية قد يفقد الفتاة أنوثتها ورقتها ويميل بها إلى الصلابة وطبيعة الرجال ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال ، والمترجلات من النساء " رواه البخاري والمترجلات من النساء يعني اللاتي يتشبهن بالرجال في زيَّهم وهيئتهم فأما في العلم والرأي فمحمود .
ونحن نعاني اليوم من ظاهرة البويات فكيف سيكون الحال عند إدخال الكرة والرياضة؟!
5. من سيتولى تدريب الطالبات ؟ هل ستكون من أهل هذا البلد ؟ وإن كان كذلك ؛ فما مدى خبرتها ؟!!وهل عندنا العدد الكافي للقيام بهذه المهمة ؟!! وإن كانت من بلد آخر فما مدى تمسكها بآداب الإسلام وشعائره؟!!
6. لبس الطالبة لملابس ضيقة أو شفافة أو قصيرة ؛ مما يتحقق عليها وعيد النبي صلى الله عليه وسلم المتقدم : « صنفان من أهل النار ..» الحديث .
وبالجملة: فالقاعدة الشرعية تقول : ( درء المفسدة الراجحة مقدم على جلب المصلحة المرجوحة ) وهي من مقاصد الشريعة ، وصورتها : إذا رجحت المفسدة على المصلحة في الشيء الواحد يجب تقديم درء المفسدة ، وتغليب حكمها على جلب المصلحة ، وهذه القاعدة متفق عليها بين أهل العلم دون خلاف ، والأصل فيها قول الله تعالى : {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما } [البقرة:219] فالله تعالى ذكر في هذه الآية أن في الخمر منافع إلا إن الحكمة الإلهية والمصالح الشرعية تحرمها ، لأنها تشتمل على مفاسد وآثام أضعاف تلكم المنافع اليسيرة ،ولو سلمنا بوجود مصالح في التربية البدنية للفتيات إلا أننا بالنظر إلى ما يترتب عليها من مفاسد نجده أضعافا مضاعفة بالنسبة لتلكم المصالح القليلة النسبية التي لا تكاد تذكر ، لأن مفاسدها قد بلغت من الخطورة ما لا ينكره عاقل ممن يستطيع أن يفرق بين التمرة والجمرة !! خاصة مع وجود البدائل المناسبة .
رابعا : من حيث افتتاح الأندية الرياضية النسائية:
هنا أيضا يجب عرض الأمر على الشريعة عدم الحكم بالهوى:
ونبدأ بالمصالح التي يطرحها المطالبين بالأندية النسائية وهي:
المصلحة الأولى :
أن إقامة هذه النوادي تقضي على وقت الفراغ لدى الفتيات .
والجواب :
أولاً : إن كانت الفتاة تعمل أو تتعلم فأين وقت الفراغ الذي تملكه فالموظفة تجلس في عملها ثمان ساعات في مقر عملها أو قريبا من ذلك وكذا الطالبة فإذا عدن إلى المنزل فالموظفة تعود لرعاية بيتها وأسرتها وهو من أعظم الأعمال الشاقة على المرأة ، وإن كانت طالبة فهي تقضي وقتها في مراجعة دروسها والإعداد لها .
ثم إن الغاية لا تبرر الوسيلة ، وهناك وسائل أخرى لقضاء وقت الفراغ وليس فيها محاذير شرعية كالتي في تلك الأندية.
المصلحة الثانية :
إزالة الترهل الذي جرى للكثير من بنات المسلمين والسمنة التي طغت عليهن .
والجواب :
تقدم الحديث عن أسباب البدانة وتفنيد هذه الشبهة في المحور الثالث (من حيث إدخال الرياضة لمدارس تعليم البنات) فليراجع..
ونضيف هنا دليلا واقعيا من أمريكا
وهي البلاد المبيحة لكل شيء، حيث تعاني من السمنة ولم تنفع النوادي في تقلصيها وإليك هذه الأخبار :
ـ ( ينفق الأميركيون 93 مليار دولار سنويا لمواجهة الأمراض الناجمة عن زيادة الوزن، ويعاني 13% من الأطفال، و60% من البالغين في الولايات المتحدة من السمنة ) [ الأهرام العدد: 42530 ] .
ـ ( يعانى ثلث الرجال فى الولايات المتحدة من الزيادة المفرطة فى الوزن، كما تشير الإحصاءات إلى أن نسبة البدانة فى الولايات المتحدة قد زادت بنحو 8% خلال الأحد عشر عاماً الماضية.
كما أن أكثر من 58 مليون رجل أمريكى يعانون من البدانة وتواجههم احتمالات الإصابة بأمراض القلب والسكر)
بل إن ممارسة التمرينات الرياضية في المنزل أكثر فائدة منها بالأندية ، وقد ( أظهرت دراسة أن ممارسة التمارين الرياضية في المنزل قد يكون أكثر فائدة من التمرين في ناد رياضي . وقد اكتشف الباحثون أن النساء اللواتي يمارسن الرياضة في المنزل يفقدن وزنا أكثر ويصبح شكلهن أحسن من النساء اللواتي يمارسن التمارين في النوادي الخاصة ، وقد جاء في الدراسة التي نشرت في مجلة ( الاستشارات ) التي تصدر عن الجمعية الأمريكية لعلم النفس أن النساء السمينات الخاملات بوسعهن مباشرة وتنفيذ برنامج للتمارين الأيروبية في المنزل .
وقال العلماء أن الدراسة تحمل أنباء طيبة للنساء اللواتي لا يجدن الوقت الكافي أو يجدن صعوبة في الذهاب إلى الأندية الصحية )جريدة الرياض عدد ( 10883 ) 14 /12/1418هـ .
وقد ( أكد استفتاء أمريكي أجري في ست ولايات أن 34 % من الفتيات والنساء لا يفضلن ممارسة الرياضة بشكل منتظم اعتقاداً منهن أنها تؤثر على أنوثتهن ، وتؤكد التقارير الصحية أن أعمال المنـزل العادية أفضل أنواع الرياضة التي تناسب تكوين المرأة )انظر : كتاب " دنيا " ص 30 مالك الأحمد
وإن من التناقضات الموجودة في النوادي وجود مطاعم تنسى المرأة نفسها إذا رأتها ، تقول مجلة أسرتنا عدد (40 ) ص 34 : ( وجبات شهية من كل ما لذ وطاب ، مشروبات حارة وباردة ، عصيرات من كل الأنواع بجميع الأشكال ، فطائر شطائر ، حلويات ، شكولاته بسويكت ..كلها تعرض بطرق مغرية عبر شاشات زجاجية وقد هيأت الكراسي والطاولات بطريقة ساحرة ..!! فتجد المرأة تنتهي من حصتها الرياضية ثم تتجه نحو إحدى الطاولات وتبدأ في التهام الأطباق المختلفة لتعوض ما فقدته من سعرات حرارية ..) فهل ستزيل المرأة سمنتها في مثل تلك النوادي التي يتم عرض تلك الوجبات أمامها ؟
المصلحة الثالثة : إقامة هذه النوادي لتوفير المكان المناسب للتدريب ، والبعد عن التعرض للمعاكسات ونحوها .
والجواب :
إذا كان هذه هي المصلحة امطلوبة وهي البعد عن المعاكسات، فلا شك أن التدريب في المنزل من خلال الآلات الخاصة لهذه الغاية -وهي ولله الحمد تملأ الأسواق- سيكون أنسب وأبعد عن المعاكسات بالكلية وأبعد عن أن تتعرض المرأة إلى تصويرها عبر كاميرات الفيديو، وأبعد عن إعجاب الشاذات بها وأبعد عن كل المحاذير التي يُخشى منها.
والآن لننظر لبعض المفاسد المتحققة:
أولا : من الناحية الشرعية:
المفسدة الأولى:
أن إنشاء النوادي النسائية ومشاركة المرأة في الدورات الرياضية المحلية أو الأولمبية محرم شرعاً؛ فمشاركتها من أعظم وسائل مشروع إفساد المرأة، ضمن مخطط دعاة التغريب في إبعاد شريعة الله تعالى عن الهيمنة في بلادنا. فكيف يرضى المؤمن أن يكون معيناً لهم في تطبيع المجتمع على تقبل هذا الانحراف.
المفسدة الثانية:
أن مشاركة المرأة فيما ذكر ينافي القرار في البيت الذي أمرها الله تعالى به إلا لحاجة، والدوري الرياضي ليس بحاجة شرعية. قال الله تعالى: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى }(الأحزاب 33). وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان " أخرجه الترمذي بسند صحيح. والشاهد في قوله فإذا خرجت، وهو يفيد أن أول ما يتحقق به ستر العورة هو القرار وعدم الخروج. والمنافقون تعتريهم حالة من القلق والتوتر حين سماعهم لهذه الآية وهذا الحديث.
المفسدة الثالثة:
أن مشاركة المرأة فيما ذكر يلزم منه ترك الجلباب الشرعي الذي أمر الله تعالى به في كتابه العزيز، والجلباب هو الذي يسمى بالعباءة أو الملاءة التي توضع على الرأس. قال الله تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً " (الأحزاب 59).
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: " لَمَّا نَزَلَتْ "يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ" خَرَجَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الْأَكْسِيَةِ " أخرجه أبوداود بسند صحيح.
المفسدة الرابعة:
أن من لوازم مشاركتها غالباً، وقوعها في الاختلاط المحرم بالرجال. والصور المنشورة في صحفنا المحلية خير شاهد ودليل..!
المفسدة الخامسة:
قضية اللباس المحرم من البنطال الضيق أو الشورت أو ملابس السباحة وغيرها
ولباس المرأة لمثل هذه الملابس يعرضها للوعيد الشديد الذي جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما … ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) .
وكذلك خلعها لملابسها في هذه النوادي، بل وقد يكون أمام النساء كما تقدم في الرد على إدخال الرياضة لمدارس البنات.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى )رواه أبو داود ورقمه (4010) من حديث عائشة رضي الله عنها .
المفسدة السادسة :
تذييل المطالبة بمشاركة المرأة في الدورات الأولمبية بقولهم: وفق الضوابط الشرعية، ونحوها من العبارات: نوع من الاستهزاء بالشريعة. وينطلي ذلك على البسطاء والسذج من الناس.
بل لقد استعمل بعض المطالبين بتغريب المرأة وسيلة الضغط على المجتمع السعودي بدعواهم أن اللجنة الأولمبية تشترط مشاركة المرأة السعودية لانضمام المملكة للدوري الأولمبي لعام (2016). فلو فرضنا جدلاً صحة هذا الخبر فإنه ليس مسوغاً لمشاركة المرأة، وإني لأتعجب من أقوام يقبلون بضياع الأعراض، وترك أوامر الله تعالى في مقابل المشاركة في الأولمبياد. ثم أين ما يزعمونه من ضوابط شرعية في الأولمبياد؟ّ بل أين ما يزعمونه من الضوابط في الصور المنشورة لأندية نائية عودية على صفحات جرائدنا المحلية!
ثانيا : من الناحية الاجتماعية:
أولا: كثرة خروج المرأة من بيتها لتمارس الرياضة في هذا النادي وعدم استقرارها في منزلها:
وهل الشرع يستحث خروج المرأة من بيتها ؟! والجواب جاء في القرآن فقال سبحانه : } وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى { [ الأحزاب :33]
ثانيا: من سيتولى شؤون المنزل والأولاد إذا ذهبت الأم إلى النادي ؟ وكم سيستغرق التدريب ؟
لو حسبنا كم سيستغرق الطريق ذهابا وعودة ؟ وكم سيستغرق التدريب ـ علماً أن الذين يطالبون بخروج المرأة من سترها وعفافها يطالبون لها بالعمل والنادي والقيادة والأسواق والملاهي والحدائق و المطاعم العائلية ..فلو حسبنا الوقت حسابا عقليا كم تحتاج المرأة لتزاول ذلك كله ؛ العمل سبع ساعات ، النادي أربع ساعات على الأقل ، قيادة السيارة والازدحام في الطرق ساعتان ، العشاء في مطعم ساعتان مع الطريق ذهابا وإياباً ..غير ما تبقى من المطالب المشبوهة ، يصبح مجموع الساعات خمس عشرة ساعة ، وهذا يستدعي بقاء المرأة خارج منـزلها إلى ما بعد العشاء ـ فما هو نصيب أولادها منها خلال ذلك اليوم ؟ وما هو نصيب زوجها منها ؟ وما هو نصيب أعمالها المنـزلية ؟ وما هو نصيب أقاربها وأرحامها ؟ بل وما هو نصيبها هي من الراحة النفسية الآمنة داخل عش الزوجية ؟ بل أكبر من ذلك كله ما هو نصيبها من طاعة ربها حيث قال } وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى { [ الأحزاب :33] .
ثالثا : ليس ممتنعا اطلاع الأجانب على عورات النساء في مثل هذه الأماكن
وإذا كانت صور النساء بدأت تظهر الآن في المدارس والجامعات من خلال كاميرات الجوال فهل سيكون حال النوادي أكثر أمنا من المدارس والجامعات ؟!! وإذا كان وضع الفتاة في المدرسة أشد تسترا فماذا لو التقطت صورتها وهي في المسبح أو السونا أو بالبنطال ؟!!
رابعا : هل سيقف الأمر عند حد إنشاء نواد نسائية فقط ؟ أم هذه خطوة أولى تتبعها خطوات
من وجود مباريات مختلطة ، ونواد مشتركة ، فلا حاجة في إنشاء نواد مستقلة ؟!وما الداعي لها ؟! وهكذا حتى يختلط الحابل بالنابل !!
خامسا: لن يتوقف إنشاء النوادي على الجهات الحكومية بل سيتعدى إلى القطاع الأهلي
وعند ذلك سيكون التنافس وحدث ولا حرج عن الفساد الحاصل حينئذ . ولا يقل قائلا سيكون هناك ضوابط وشروط ..فالواقع يثبت عدم الالتزام بها .
ختاما :لو سلمنا بوجود مصالح في النوادي للفتيات إلا أننا بالنظر إلى ما يترتب عليها من مفاسد نجده أضعافا مضاعفة بالنسبة لتلكم المصالح القليلة النسبية التي لا تكاد تذكر ، لأن مفاسدها قد بلغت من الخطورة ما لا ينكره عاقل ممن يستطيع أن يفرق بين التمرة والجمرة !! خاصة مع وجود البدائل المناسبة
قال الشيخ العلامة الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عندما سُئل عن النوادي الرياضية النسائية، فأجاب رحمه الله:
( نصيحتي لاخواني ألا يمكنوا نساءهم من دخول نوادي السباحة والألعاب الرياضية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث المرأة أن تبقى في بيتها فقال: وهو يتحدث عن حضور النساء للمساجد وهي أماكن العبادة والعلم الشرعي: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن) وذلك تحقيقاً لقوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الأحزاب: 33، ثم إن المرأة إذا اعتادت ذلك تعلقت به تعلقاً كبيراً لقوة عاطفتها وحينئذ تنشغل به عن مهماتها الدينية والدنيوية، ويكون حديث نفسها ولسانها في المجالس، ثم إن المرأة إذا قامت بمثل ذلك كان سبباً في نزع الحياء عن المرأة فلا تسأل عن سوء عاقبتها إلا أن يمن الله عليها باستقامة تعيد اليها حياءها الذي جبلت عليه، وإني حين أختم جوابي هذا أكرر النصيحة لاخواني المؤمنين أن يمنعوا نساءهم من بنات، أو اخوات، أو زوجات، أو غيرهن ممن لهم الولاية عليهن من دخول هذه النوادي، وأسأل الله أن يمن على الجميع بالتوفيق والحماية من مضلات الفتن إنه على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين (مجلة الدعوة، العدد 1765 ص 54).
الرد من إعداد مجموعة الردود العلمية في مشروع كشف النقاب عن حكم الحجاب والاختلاط
المراجع: عدة بحوث وفتاوى لنخبة من العلماء وطلبة العلم.[/align]