إذا كنتَ يا أخي أُصبتَ بالدَّهشة والذُّهول مِن سعة هذا الكون وكثرة كواكبه ونجومه , فلتعلَمْ أيضًا أنَّ كلّ ما فيه يَجري ويَدور !
إليك هذه الأرقام التي وصلَ إليها علماءُ الفلَك :
تدور الأرضُ حول محورها مرَّةً كلَّ 23 ساعة و56 دقيقة و4.1 ثانية , وذلك بسُرعةٍ تزيد قليلاً عن 1600 كلم في السَّاعة بالنِّسبة لِنُقطةٍ عند خطِّ الاستواء . نعم , إنَّ الأرض تدور بنا بهذه السُّرعة المجنونة , ونحن لا نشعر بِدَوَرانِها على الإطلاق !
وليس هذا فقط , فهي في نفس الوقت تدورُ , ومعها القمر , حول الشَّمس في مَدار إهليلي مرَّةً كلَّ 365 يومًا وربع اليوم , بسرعة 105 ألف كلم في السَّاعة , ونحنُ لا نشعُرُ أيضًا بأيِّ شيء ! في حين أنَّنا لو ركِبْنَا مثلاً سيَّارةً تجري بنَا بسرعة 300 كلم في السَّاعة , لَأصابَنا الدُّوار , ولَكادَ قلبُنا أن يَسقط من الخوف . فكيف يكون حالُنا لو أنَّنا كنَّا نُحسُّ فعلا بحركة الأرض , وهي تدور بنا حول نفسها بأكثر من خمسة أضعاف سرعة هذه السَّيَّارة , وفي نفس الوقت تجري بنا حول الشّمس بأكثر من ثلاثمائة ضعف هذه السُّرعة ؟!
وتدور الشَّمسُ حول مركز مجرَّة درب التّبَّانة بسرعة 69500 كلم في السّاعة , بالنّسبة لِمَا حولها من النُّجوم , حاملةً معها الأرض وبقيَّة المجموعة الشَّمسيَّة !
وتدور مجرَّة درب التّبَّانة في مدار حلزوني حول مركزها الهندسي بسرعة 972 ألف كلم في السَّاعة , حاملةً معها الأرض والشَّمس وبقيَّة نجوم المجرَّة !
شيء أقرب للخيال منه للواقع , ومع ذلك فهو واقع , أكَّدَتْهُ الدِّراساتُ الفلكيَّة في مختلف البلدان .
وهنا , اسمحْ لي أن أسألكَ يا أخي الكريم : هل يَقبَلُ عقلُكَ أنَّ هذا الكون الفسيح , بِما فيه من مليارات الكواكب والنُّجوم والمجرَّات , وبِما فيه من بَشَر ودوابّ , وُجِدَ عن طريق الصُّدفة , وكُلُّ ما فيه يَتحرَّكُ بالصُّدفة ؟!
أليس الأقرب إلى المنطق أن يكون وراء وُجُوده وحركَته صانعٌ أو خالق , على أكمل قَدْر من العظمة والقُدرة ؟