كما يقول ابن القيم "التَّوَكُّلُ نصف الدين والنصف الثاني الإنابة، فإن الدين استعانة وعبادة .. فالتَّوَكُّلُ هو الاستعانة والإنابة هي العبادة" [مدراج السالكين (3:35)]
وهو واجب من الواجبــات التي يأثم تاركها .. فقد أمر الله عزَّ وجلَّ عباده به في عدة مواضع، قال تعالى {..وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[آل عمران: 122] .. وقد قرنه بالإيمان في قوله تعالى{..وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]
1) سببًا لدخول الجنة بدون حساب ولا سابقة عذاب .. عن ابن عباس قال: قال رسول الله "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب؛ هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون"[متفق عليه]
2) محبة الله تعالى للمتوكِّلين ..قال تعالى{..فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}[آل عمران: 159].. ومن صار حبيبًا للرحمن، فقد انتهت جميع مشاكله في الحيــــاة .. فلا همَّ ولا حزن ولا أذى.
3) صفة عبـــــاد الرحمن .. فصفة العُبَّاد المؤمنين الصالحين أنهم على ربِّهم متوكلين .. يقول تعالى { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال: 2]
4) سبب نصرة الله لعباده ..يقول الله جلَّ وعلا{..وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3]
يقول تعالى{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 160]
والتَّوَكُّلَ لا ينقطِع، حتى لو مكَّن الله لأهل الإيمان في الأرض ..يقول تعالى{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[الأنفال: 61]
5) التَّوَكُّلَ هو سبب العزة .. يقول تعالى{..وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال: 49].. وفي هذا دليل على أن من توَّكل على الله عزَّ .. فالعزيز لا يذل من استجار به، ولا يُضيِّع من لاذ به .. وهو سبحـــانه حكيـــم، يُدبِّر أمر من توَّكل عليه تدبيرًا حسنًا.
6) سبب نزول الرزق .. فمن سيحقق التَّوَكُّلَ، سيُرزق الرزق الحسن في الدنيا والآخرة .. يقول الله تبارك وتعالى {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الشورى: 36]
وعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله "لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا"[رواه الترمذي وصححه الألباني، صحيح الجامع (5254)]
والطير تُحقق تمام التَّوَكُّلَ .. فهي تأخذ بالأسباب وتكِد وتكدح لجلب الرزق، ثمَّ يرزقها الله عزَّ وجلَّ من فضله.
7) خير ما يعتصم به العبد الصالح من الفتن .. وما أشد الفتن وأكثرها في زماننا، ولن ينجو منها إلا من اعتصم بالله تبارك وتعالى ..
فقل كما قال محمد وأصحابه {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)}[آل عمران]
8) يخفف المشاق والصعـــاب ..فالتَّوَكُّلَ يُريح العبد نفسيًا ويرفع من روحه المعنوية في ظل المصائب والشدائد ..
يقول شَقِيقَ الْبَلْخِيَّ "لِكُلِّ وَاحِدٍ مَقَامٌ: فَمُتَوَكِّلٌ عَلَى مَالِهِ، وَمُتَوَكِّلٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَمُتَوَكِّلٌ عَلَى لِسَانِهِ، وَمُتَوَكِّلٌ عَلَى سَيْفِهِ، ومُتَوَكِّلٌ عَلَى سُلْطَنَتِهِ، وَمُتَوَكِّلٌ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ،
منقول