ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عـن أبي سعيـد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر
كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة
بني إسرائيل كانت في النساء » (1)
أخبر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بحال الدنيا وما هي عليه
من الوصف الذي يروق الناظرين والذائقين . ثم أخبر أن الله جعلها
محنة وابتلاء للعباد ، ثم أمر بفعل الأسباب ، التي تقي من
الوقوع في فتنتها .
فإخباره بأنها حلوة خضرة يعم أوصافها التي هي عليها ، فهي حلوة
في مذاقها وطعمها، ولذاتها وشهواتها ، خضرة في رونقها وحسنها
الظاهر كما قال تعالى {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ
وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ
وَالْحَرْثِ } آل عمران14. وقال تعالى { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ
زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } الكهف 7
فهذه اللذات المنوعة فيها ، والمناظر البهيجة ، جعلها الله ابتلاء
منه وامتحانا ، واستخلف فيها العباد لينظر كيف يعملون .
فمن تناولها من حلها ، ووضعها في حقها ، واستعان بهــا علـى
ما خلق له من القيام بعبودية الله ، كانت زادا له وراحلة إلى دار
أشرف منها وأبقى ، وتمت له السعادة الدنيوية والأخروية .
ومــن جعلهـا أكبــر همــه ، وغاية علمه ومراده ، لــم يؤت منهــا
إلا ما كتب له ، وكان مآله بعد ذلك إلى الشقاء ، ولم يهنأ بلذاتها
ولا شهواتها إلا مدة قليلة ، فكانت لذاته قليلة ، وأحزانه طويلة .
وكـل نوع من لذاتها فيه هذه الفتنة والاختبار ، ولكن أبلغ ما يكــون
وأشد فتنة النساء فإن فتنتهن عظيمة، والوقوع فيها خطير وضررها
كبيــر ، فإنهن مصائد الشيطان وحبائله ، كــم صاد بهن مــن معافى
فأصبح أسير شهوته ، رهين ذنبه ، قــد عز عليه الخلاص ، والذنب
ذنبه ، فإنه الذي لم يحترز من هــذه البلية ، وإلا فلـو تحرز منهــا ،
ولـم يدخـــل مداخل التهم ، ولا تعرض للبلاء ، واستعان باعتصامه
بالمولى، لنجا من هذه الفتنة ، وخلص من هذه المحنة . ولهذا حذر
النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث منها على الخصوص .
وأخبر بما جرت على من قبلنا من الأمم ؛ فإن في ذلك عبرة
للمعتبرين ، وموعظة للمتقين . . والله أعلم .
كتـــــاب : بهجة قــلـــوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح
جوامع الأخبار(ص160) للشيخ عبد الرحمن السعدي
….
(1) أخرجه مسلم في صحيحه ( ك الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ،
ب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء،
ص 1465 / ح 2742 ) من حديث أبي سعيـد الخدري .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ربنا يبعدنا عن فتن الدنيا ما ظهر منها وما بطن
وجزاك الله خيرا