(( بسم الله الرحمن الرحيم))
الأدب مع الله عز وجل *
تأليف الشيخ / أبوبكر الجزائري
المدرس في الجامعة الإسلامية وفي المسجد النبوي الشريف
*******************************************
المسلم ينظر إلى ما لله تعالى عليه من منن لا تحصى ، ونعم ، لا تعد اكتنفته من ساعة علوقه نطفةً في رحم أمه ، وتسايره إلى أن يلقى ربه عز وجل فيشكر الله تعالى عليها بلسانه بحمده والثناء عليه بما هو أهله ، وبجوارحه بتسخيرها في طاعته ، فيكون هذا أدبا منه مع الله سبحانه وتعالى ، إذ ليس من الأدب في شيء كفران النعم ، وجحود فضل النعم ، والتنكر له ولإحسانه وإنعامه ، والله سبحانه يقول : ( وما بكم من نعمة فمن الله ) ويقول سبحانه ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) ويقول جل جلاله ( فاذكروني أذكركم وأشكروا لي ولا تكفرون ) " البقرة " .
وينظر المسلم إلى علمه تعالى به واطلاعه على جميع أحواله فيمتلىء قلبه منه مهابة ونفسه له وقاراً وتعظيماً ، فيخجل من معصيته ، ويستحي من مخالفته ، والخروج عن طاعته . فيكون هذا أدبا منه مع الله تعالى ، إذ ليس من الأدب في شيء أن يجاهر العبد سيده بالمعاصي ، أو يقابله بالقبائح والرذائل وهو يشهده وينظر إليه . قال تعالى ( ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا ) وقال ( يعلم ما تسرون وما تعلنون ) وقال ( وما تكون فى شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه ، وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ) " يونس " .
وينظر المسلم إليه تعالى وقد قدر عليه ، وأخذ بناصيته ، وأنه لا مفر له ولا مهرب ، ولا منجا ، ولا ملجأ منه إلا إليه ، فيفر إليه تعالى ويطرح بين يديه ، ويفوض أمره إليه ، ويتوكل عليه ، فيكون هذا أدبا منه مع ربه وخالقه .
إذ ليس من الأدب في شيء الفرار ممن لا مفر منه ، ولا الاعتماد على من لا قدرة له ، ولا الاتكال على من لا حول ولا قوة له . قال تعالى ( وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ) وقال عز وجل ( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) وقال ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) .
وينظر المسلم إلى ألطاف الله تعالى به في جميع أموره ، وإلى رحمته له ولسائر خلقه فيطمع في المزيد من ذلك ، فيتضرع له بخالص الضرإعة والدعاء ، ويتوسل إليه بطيب القول ، وصالح العمل فيكون هذا أدباً منه مع الله مولاه إذ ليس من الأدب في شيء اليأس من المزيد من رحمة وسعت كل شيء ، ولا القنوط من إحسان قد عم البرايا ، وألطاف قد انتظمت الوجود . قال تعالى : ( ورحمتي وسعت كل شيء ) " الأعراف ". وقال : ( الله لطيف بعباده ) " الشورى " . وقال : ( لا تيأسوا من روح الله ) " يوسف " . وقال : ( لا تقنطوا من رحمة الله ) " الزمر " .
وينظر المسلم إلى شدة بطش ربه ، وإلى قوة انتقامه ، وإلى سرعة حسابه فيتقيه بطاعته ، ويتوقاه بعدم معصيته فيكون هذا أدبا منه مع الله ، إذ ليس من الأدب عند ذوي الألباب أن يتعرض بالمعصية والظلم العبد الضعيف العاجز للرب العزيز القادر ، والقوي القاهر وهو يقول : ( وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ، وما لهم من دونه من والٍ ) " الرعد " ويقول : ( إن بطش ربك لشديد ) " البروج " . ويقول : ( والله عزيز ذو انتقام ) " آل عمران " . وينظر المسلم إلى الله عز وجل عند معصيته ، والخروج عن طاعته ، وكأن وعيده قد تناوله وعذابه قد نزل به ، وعقابه قد حل بساحته ، كما ينظر إليه تعالى عند طاعته ، واتباع شرعته وكأن وعده قد صدقه له ، وكأن حلة رضاه قد خلعها عليه فيكون هذا من المسلم حسن ظن بالله ، ومن الأدب حسن الظن بالله ، إذ ليس من الأدب أن يسيء المرء الظن بالله فيعصيه ويخرج عن طاعته ، ويظن أنه غير مطلعٍ عليه ، ولا مؤاخذ له على ذنبه ، . كما أنه ليس من الأدب مع الله أن يتقيه المرء ويطيعه ويظن أنه غير مجازيه بحسن عمله ، ولا هو قابل منه طاعته وعبادته ، وهو عـز وجـل يقول : ( أومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ) " النور " . ويقول سبحانه : ( من عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) " النحل " . ويقول تعالى : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون ) " الأنعام ". وخلاصة القول : أن شكر المسلم ربه على نعمه ، وحياؤه منه تعالى عند الميل إلى معصيته ، وصدق الإنابة إليه ، والتوكل عليه ورجاء رحمته ، والخوف من نقمته وحسن الظن به في إنجاز وعده ، وإنفاذ وعيده فيمن يشاء من عباده ؟ هو أدبه مع الله ، وبقدر تمسكه بي ومحافظته عليه تعلو درجته ، ويرتفع مقامه وتسمو مكانته ، وتعظم كرامته فيصبح من أهل ولاية الله ورعايته ، ومحط رحمته ومنزل نعمته .
وهذا أقصى ما يطلبه المسلم ويتمناه طول الحياة . اللهم ارزقنا ولايتك ، ولا تحرمنا رعايتك ، واجعلنا لديك من المقربين ، يا ألله يا رب العالمين . .
* نقل هذا الموضوع من كتاب منهاج المسلم للشيخ / أبو بكر الجزائري .
——————
الصبر مفتاح الفرج
——————
افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون
،،،،،،،،،، (( بسم الله الرحمن الرحيم ))
أحسنت وبارك الله فيك ، وحفظ الله الشيخ / أبو بكر الجزائري
وجزاكم خيراً
——————
الصبر مفتاح الفرج
اخي الفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله الف خير ووفق الله شيخناابو بكر الجزائري