وفي هذه الآيات اشارات إلي العديد من الحقائق العلمية عن الأرض والتي يمكن تبويبها بإيجاز علي النحو التالي:
(1) ـ آيات تأمر الإنسان بالسير في الأرض, والنظر في كيفية بدء الخلق, وهي أساس المنهجية العلمية في دراسة علوم الأرض.
(2) ـ آيات تشير إلي شكل وحركات وأصل الأرض, منها ما يصف كروية الأرض, ومنها ما يشير إلي دورانها, ومنها ما يؤكد علي عظم مواقع النجوم منها, أو علي حقيقة اتساع الكون و(الأرض جزء منه), أو علي بدء الكون بجرم واحد( مرحلة الرتق),ثم انفجار ذلك الجرم الأولي( مرحلة الفتق), أو علي بدء خلق كل من الأرض والسماء من دخان, أو علي انتشار المادة بين السماء والأرض( المادة بين الكواكب وبين النجوم وبين المجرات), أو علي تطابق كل من السماوات والأرض( أي تطابق الكون).
(3) ـ آية قرآنية واحدة تؤكد أن كل الحديد في كوكبنا الأرض قد أنزل إليها من السماء إنزالا حقيقيا.
(4) ـ آية قرآنية تؤكد حقيقة أن الأرض ذات صدع, وهي من الصفات الأساسية لكوكبنا.
(5) ـ آيات قرآنية تتحدث عن عدد من الظواهر البحرية المهمة من مثل ظلمات البحار والمحيطات( ودور الأمواج الداخلية والسطحية في تكوينها), وتسجير بعض هذه القيعان بحرارة عالية, وتمايز المياه فيها إلي كتل متجاورة لا تختلط اختلاطا كاملا, نظرا لوجود حواجز أفقية ورأسية غير مرئية تفصل بينها, ويتأكد هذا الفصلبين الكتل المائية بصورة أوضح في حالة التقاء كل من المياه العذبة والمالحة عند مصاب الأنهار, مع وجوده بين مياه البحر الواحد أو بين مياه البحار المتصلة ببعضها البعض
(6) ـ آيات قرآنية تتحدث عن الجبال, منها ما يصفها بأنها أوتاد, وبذلك يصف كلا من الشكل الخارجي( الذي علي ضخامته يمثل الجزء الأصغر من الجبل) والامتداد الداخلي( الذي يشكل غالبية جسم الجبل), كما يصف وظيفته الأساسية في تثبيت الغلاف الصخري للأرض, وفي اتزان دورانها حول محورها, وتتأكد هذه الوظيفة في اثنتين وعشرين آية أخري, وردت بها كذلك اشارات إلي عدد من الوظائف والصفات الاضافية للجبال من مثل دورانها مع الأرض, أو تكوينها من صخور متباينة في الألوان والأشكال والهيئة. أو دورها في إنزال المطر, وتغذية الأنهار, وشق الأودية والفجاج أو في جريان السيول.
(7) ـ آيات قرآنية تشير إلي نشأة كل من الغلافين المائي والهوائي للأرض, وذلك بإخراج مكوناتهما من باطن الأرض, أو تصف الطبيعة الرجعية لغلافها الغازي, أوتؤكد حقيقة ظلام الفضاء الكوني الخارجي, أو علي تناقص الضغط الجوي مع الارتفاع عن سطح الأرض, أو علي تبادل الليل والنهار, وعلي رقة طبقة النهار حول نصف الأرض المواجه للشمس, أو علي أن ليل الأرض كان في بدء خلقها مضاء كنهارها, ثم محي ضوؤه.
(8) ـ آيات تشير إلي رقة الغلاف الصخري للأرض, وإلي تسوية سطحه وتمهيده وشق الفجاج والسبل فيه, وإلي تناقص الأرض من أطرافها.
(9) ـ آيات تؤكد اسكان ماء المطر في الأرض مما يشير إلي دورة المياه حول الأرض وفي داخل صخورها, أو تؤكد علاقة الحياة بالماء, أو تلمح إلي امكانية تصنيف الكائنات الحية.
(10) ـ آيات تؤكد أن عملية الخلق قد تمت علي مراحل متعاقبة عبر فترات زمنية طويلة
(11) ـ آيات قرآنية تصف نهاية كل من الأرض والسماوات وما فيهما( أي الكون كله) بعملية معاكسة لعملية الخلق الأول كما تصف إعادة خلقهما من جديد, أرضاغير الأرض الحالية وسماوات غير السماوات القائمة.
هذه الحقائق العلمية لم تكن معروفة للإنسان قبل هذا القرن, بل إن الكثير منها لم يتوصل الإنسان إليه إلا في العقود القليلة المتأخرة منه عبر جهود مضنية, وتحليل دقيق لكم هائل من الملاحظات والتجارب العلمية في مختلف جنبات الجزء المدرك منالكون, وأن السبق القرآني في الاشارة إلي مثل هذه الحقائق بأسلوب يبلغ منتهي الدقة العلمية واللغوية في التعبير, والاحاطة والشمول في الدلالة ليؤكد جانبا مهما من جوانب الإعجاز في كتاب الله, وهو جانب الاعجاز العلمي, ومع تسليمنا بأن القرآن الكريم معجز في كل أمر من أموره, إلا أن الإعجاز العلمي يبقي من أنجح أساليب الدعوة إلي الله في عصر العلم والتقنية الذي نعيشه.
ومن هنا تتضح أهمية القرآن الكريم في هداية البشرية في زمن هي أحوج ما تكون إلي الهداية الربانية. كما تتضح أهمية دراسات الإعجاز العلمي في كتاب الله مهما تعددت تلك المجالات العلمية, وذلك لأن ثبات صدق الإشارات القرآنية في القضايا الكونية من مثل اشاراته إلي عدد من حقائق علوم الأرض, وهي من الأمور الماديةالملموسة التي يمكن للعلماء التجريبيين إثباتها لأدعي إلي التسليم بحقائق القرآن الأخري خاصة ما يرد منها في مجال القضايا الغيبية والسلوكية( من مثل قضايا العقيدةوالعبادة والأخلاق والمعاملات) والتي تمثل ركائز الدين, ولا سبيل للإنسان في الوصول إلي قواعد سليمة لها وإلي ضوابط صحيحة فيها إلا عن طريق بيان رباني خالص لايداخله أدني قدر من التصور البشري.