تخطى إلى المحتوى

التوفيق بين بر الوالدين وتجنب الحرام 2024.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال : كيف أوفق بين خدمة وطاعة والدي وتجنب

الحرام ؟

الجــواب : هـــــذا السؤال يقتضي أن نذكر لك جوابا

مفصلا بشـأن معاملة الولد مع والديه ، وذلك فــي

الأمور الآتية :

أولا : قاعدة الشرع المطهر هــي : أنــــه فرض عين

على الولد البر بالوالدين ، وطاعتهما في المعروف ،

والإحسان إليهــمـــا ، وذلك بلين القـول ، والرفق ،

والمحبة ، والعطف عليهما ،وإيصال النفع إليهما في

أمــور الــديــن والدنيا ، وخدمتهما ، وصلة رحمهما

وأهل ودهما ، وهو من تمام الإحسان إليهما ، وهذا

يشمل كل والد مهما علا ، ومن الأجداد والجدات من

كل ولد مهما نزل من الأبناء والبنات ، وهــذا أمــــر

معلوم من الدين بالضرورة ،والأدلة عليه كثيرة من

الكتاب والسنة والإجماع ، قال الله تعالى ( وَاعْبُدُواْ

اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) وقال

سبحانه (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ

إِحْسَاناً )

وهو وصية الله إلى عباده ؛ كمــا قال عز مــــن قائل

( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّـــــهُ وَهْناً عَــلَى

وَهْنٍ ) إلى أن قال سبحـانه ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن

تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا

فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ

مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )

وفــي الحــديــث المتفق عـلى صحته عن أبي هريرة

رضـي الله عنه « أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى

الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : من أحق الناس

بحسن صحابتي ؟ قـال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال :

أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثــم مــن ؟

قال : أبوك » زاد مسلم : « ثم أدناك أدناك »

ولهــذا جــاءت النصوص من الكتاب والسنة بتحريم

عقوقهما أو إيصال أي أذى إليهما ، وهـذا مما أجمع

المسلمون على تحريمه وأنه مـن أكبر الكبائر وأشد

المآثم ، ومــن العقوق : تـــــرك البر بهما ، والملل

والضجر ، والغضب والاستطالة عليهما ،وبخاصة

في حال كبرهما . نسأل الله السلامة والعافية .

ولهـذا أيضا فإنه على تقدير الإساءة من الوالد لولده

فــإنـه لا يجـــوز للولد المقابلة بالسيئة ، بل يقابلها

بالحسنة ؛ عملا بقول الله تـعــالى ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ

أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)

والوالدان أولى بالإحسان من غيرهما ولقول الله

تعالى ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )

ثــانــيــا : طاعة الوالدين في المعروف واجبة عــلى

ولديهما ما لم يأمرا بمعصية ، فـــإذا أمـــرا بمعصية

« فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق » لقول الله

تعالى ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ

لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ) وقــوله

سبحانه(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ

بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً )

وثبت عن النبي صلى الله عليــه وسلــم أنــه قــال :

« لا طــاعة لمخلوق فـي معصية الخالق » رواه

الإمام أحمد .

ولهــذا فــإذا أمر الوالدان ولدهما بفعل معصية مـــن

شرك بالله عز وجل ، أو شرب خمر ، أو سفور ، أو

تشبه بالكفار من اليهود والنصارى وغيرهم ونحــو

ذلك مـــن المعاصي ، أو أمــر الوالدان ولدهما بترك

فرض مــن الصلوات الخمس المفروضة ، أو عـــدم

أدائها من البنين في المساجد ،ونحو ذلك مما أوجبه

الله على عباده – فإنه لا يجوز للولد طاعتهما فـــــي

شــيء مــن ذلك ، ويبقى للوالدين عــــلى الولد حق

الصحبة بالمعروف والبر ، مـــن غيـــر طاعة فـــي

معصية أو في ترك واجبا ، أمـا ما يتعلق بطاعتهما

فــي الأمور المباحة والعادية ، وفــي أمــر التزويج

والطلاق ، فهـذا يعود إلى تقدير المصالح والمضار

والمقابلة بينها ، فإذا أمر الوالدان ولدهما بشـــيء

من ذلك منعا أو إيجابا ، والمصلحة فـي مخالفتهما

فلا حرج على الولد في ذلك ،بلطف وحسن معاملة؛

لعموم قوله صلى الله عليه وسلم« أنتم أعلم بأمور

دنياكم » ولا يكــون الولد عاقا بذلك ، وإذا كـــانت

المصلحة راجحة في طاعتهما في شيء مـــن ذلك

ففـــي طــــاعة الولد لهــما الخيـــر والبركة والبر

والإحسان ، والوالدان هما أولى الناس بنصح

ولدهما والحرص على نفعه .

ثـالثـــا : على الولد إذا رأى من والديه انحرافا فـــي

دينهما ؛ كالتهاون في الصلوات وارتكاب المحرمات

وكسب المال الحرام ،أن يبذل النصح لهما بأداء حق

الله عليهما ، والتزام شرعه المطهر ، ويكـــون ذلك

بالرفق واللين ، مع الدعاء لهما بالهداية ، ويحسن

التعاون مع من يساعده مــــن قريب أو صديق فيما

يصلح الحال ، فـــإن حصلت الاستجابة فالحمد لله ،

وإلا فـيستـعــيـــن الــولــــد بالله ويجـتنـب كسبهما

ومساكنتهما ، ويبقى على مصاحبتهما فــي الدنيا

معروفا متبعا سبيل مــن أناب إلــى الله تعــالــــى ،

ولا يعتبر ذلك عقوقا ، لكن لا يجوز أن يحمله ذلك

على عقوقهما والقطيعة لهما . وبالله التــوفيــــق

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللـجــنـــة الـدائمــة للبحــوث العــلـمــيــة والإفــتـــــاء

كتاب : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

المجموعة : 1 ، الجزء : 25 ، الصفحة : 132

الفتوى : 19680

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

موضوع رائع ومتميز ..

جزاكِ الله خير ..

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكِ

جزاك الله خيرا أزهار

عدَّ النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، بل من أكبر الكبائر، وجمع بينه وبين الشرك بالله، فقال صلى الله عليه وسلم:

(ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين…)
[. متفق عليه]

والله -تعالى- يعَجِّل عقوبة العاقِّ لوالديه في الدنيا، قال صلى الله عليه وسلم: (كل الذنوب يؤخِّر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات)
[البخاري].

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربونا صغاراً، واجزهم عنا خير ما جزيت به عبادك الصالحين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.