تخطى إلى المحتوى

الحبيب الجفري و المولد 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

هذا الجزء الثاني من الرد على الحبيب بن علي الجفري ، حيث ذكر كلاما في آخر شريط له بعنوان ( مقاصد المؤمنة وقدوتها في الحياة ) عن المولد .
وذهب إلى مشروعيته وحشد لذلك الأدلة من القرآن والسنة – زعم ذلك – التي لبّس بها على السامع من عامة الناس .

و قد قام الأخ الفاضل عادل بن علي بن أحمد الفريدان برد عليه وهذا هو الرد مع اختصر لبعض العبارات من قبلي .
الجزء الثاني :

4 ) قال الجفري : انتظر ، فكرة المولد مسألة ذات شقين : الشق الأول : فكرة الاحتفال بمولد النبي هل يحتفى بها أولا . هل هي محل استحسان في الشريعة أولا ؟ الشق الثاني : ما يدور داخل المولد .
أولا : الاحتفال بالمولد : الفكرة لها مشروعيتها قال صلى الله عليه وسلم : ( هو يوم ولدت فيه ) ليس فقط نحن نحتفل به ، الكائنات كلها تحتفل بالمولد .

الرد عليه : تقدم قريبا للرد على هذا الاستدلال و بينت ما فيه من الخطأ مما يغني عن إعادته مرة أخرى هنا .

5 ) قال الجفري : الجهلة مطموسي البصيرة يقولون أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه ميزة لكن الميزة في بعثته ، هؤلاء لم يفقهوا عن الله ، فأقول لهم : بالله عليكم ملك كسرى سقط في ليلة الولادة أم البعثة ، النار التي اطفأت وكانت تعبد من دون الله أطفأت يوم الولادة أو البعثة ؟ الأصنام التي اكفأت على وجوهها ليلة البعثة أو الولادة ؟ المظاهر في الكون التي اهتزت كلها بعد أن بزغ صلى الله عليه وسلم لم تحصل إلا لتكون لصالح يوم الولادة .
الرد عليه : ما ذكره الجفري قد ذكر بعض أهل العلم منهم ابن كثير _ رحمه الله _ في البداية والنهاية وذكره غيره . وحدوث هذه الأمور لا يدل إطلاقا على مشروعية إقامة المولد فلا صلة بينهما ويقال أيضا : هل النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته كانوا عالمين بما حدث عند مولده صلى الله عليه وسلم أم لا ؟ فإن كانوا عالمين _ ولا أظن الجفري _ يقول غير عالمين _ فلماذا لم يقيموا المولد المبدع الذي عليه الجفري واتباعه ، اترى النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن عالما بالفضل المترتب على ذلك أم يقال أن الصحابة لم يعرفوا قدر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقيموا له مولدا تكريما له صلى الله عليه وسلم ؟! إن ما دعاه الجفري من الربط بين المولد وتغير بعض الأحوال الكونية والحوادث الأرضية ثم الاستدلال بذلك بمشروعية إقامة المولد لا يصح الاستدلال به أبدا .

6 ) قال الجفري : و بعد ذلك ، هل بلغت هذه الأمة من التردي والجدوى من الإساءة في معاملتها للنبي صلى الله عليه وسلم أنها تتساءل هل يستحق أن نفرح بولادته صلى الله عليه وسلم أو لا نفرح ، ما هذا التدين الذي وصلت إليه الأمة ، هذه منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا حتى نرى هل يستحق أو لا يستحق أن نفرح بولادته ؟ ماهذا الكلام ؟ .

الرد عليه : إن الجفري _ هداه الله _ يريد منا أن نشرع شرعا لم يأمر الله به ولا رسوله صلى الله عليه وسلم عن طريق تحريك مشاعرنا تجاه النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد تقرر سابقا أن المشرع هو الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لا بالذوق والعاطفة .
ثم إن كنا قد أسأنا كما زعم الجفري للنبي صلى الله عليه وسلم فإن الصحابة والتابعين وتابع التابعين قد أساءوا أيضا للنبي صلى الله عليه وسلم بعدم إقامة المولد ، فهل يقول بذلك الجفري ؟!وكذلك نقول إن الأمة لم تتدنى بسبب تركها لإقامة الموالد وإنما تدنت عندما نشأ فيها من لا يعرف دين الإسلام بالأدلة أمثال الجفري وأتباع الصوفية الذين يشرعون للناس أمورا ما أنزل الله بها من سلطان ويتركون هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وهدي الخلفاء الراشدين من بعده رضي الله عنهم وحقيقة الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم هو اتهامه صلى الله عليه وسلم بأنه لم يبلغ عن ربه عز وجل شيئا أوحاه إليه بل هذه هي حقيقة نسب الخيانة لجنابه صلى الله عليه وسلم _ وينزه عنها _ إن إحداث شيء في الدين ومنها إقامة الموالد لهو دليل واضح على اتهام الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان هو لم يقم هذا المولد ولا صحابته من بعده … حتى جاء الجفري ومن قبله ومن بعده من يقول أن عدم إقامة الموالد إساءة للنبي صلى الله عليه وسلم فأيهما أولى بالإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم من شرع دينا لم يشرعه الله ورسوله أم من اقتفى أثره واتبع سبيله فلم يحدث شيئا في دين الله .
فإن كان للجفري حجة فليسمعنا إياها ويقول قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقام المولد أو أحد من صحابته … ، وننظر أينا المسيء لجناب المصطفى صلى الله عليه وسلم
وإن منزلة النبي صلى الله عليه وسلم لدى المسلمين الموحدين في الدنيا وتوقيره وعدم رفعه فوق منزلته التي أنزله الله فيها واتباع سبيله والتأسي به وإقامة سنته صلى الله عليه وسلم وتعليمها للناس ، فما صح عنه صلى الله عليه وسلم عملنا به ودعونا إليه وما لم يصح نفيناه عنه وتركناه وحذرنا منه .

7 ) قال الجفري : هذه مقابلة تقابلها من قام على أطراف قدميه لينقذنا من نار جهنم . هذا الذي هو مشغول في قبره بي وبك ؟! يستحق أن نحتفل به أولا ؟ أن نقوم بذكر ولادته أولا ؟! ما هذا الكلام ، ما هذا الهراء الذي نال الأمة ،ما هذا العبث والسفه الذي نال هذه العقول الضيقة . أين معاني الاتصال بمحبته .

الرد عليه : كلام الجفري هذا يحتاج منا أن نقف معه وقفات
الأولى : وقوف المصطفى على أطراف قدميه في الصلاة كان كما قال صلى الله عليه وسلم ( أفلا أكون عبدا شكورا ) قام صلى الله عليه وسلم ليعلم اتباعه أ، العبد مهما بلغ من العبادة إلا أنه ينبغي له أن يتذلل لربه وخالقه ولا يأمن مكر الله فيه ، قام صلى الله عليه وسلم على قدميه الشريفتين وليس على أطراف قدميه كما قال الجفري _ شكرا لله عز وجل كما ذكر ذلك لعائشة حينما سألته عن ذلك ن وواجب الأمة بعده الإقتداء به والتأسي به .
لا أن نستدل بذلك على أنفسنا فعمله صلى الله عليه وسلم لنفسه وعمل أتباعه لأنفسهم كما قال تعالى (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )) النجم :39 .
فهل يقول الجفري أن قيام الرسول صلى الله عليه وسلم على قدميه ينفع اتباعه فيزاد من حسناتهم وينجيهم من الحساب والجزاء ؟! لا أظن عاقلا يقول ذلك وأظن أن الجفري واحدا من هؤلاء العقلاء وما أشبه هذه المقولة بمقولة النصارى إن عيسى عليه السلام صلب لينقذ البشرية ويكون فداء لها . ثم قوله : ( لينقذنا من النار ) سبحان الله العظيم ما أجرأ الجفري على الله تعالى حين نسب دخول الجنة والنجاة من النار للرسول صلى الله عليه وسلم ، نعم الرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله وبشيرا ونذيرا من عند الله سبحانه وتعالى من أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار .
أما أن نقول قام على قدميه لينقذنا من النار .. فهذا غلط عظيم وإلا ترتب على ذلك عدم قيامنا بما أوجب الله علينا من شرائع الدين اعتمادا على قيام الرسول صلى الله عليه وسلم على قدميه .
روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن إعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : دلني على عمل ، إذا عملته دخلت الجنة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة المكتوبة ، وتؤدي الزكاة المفروضه ، وتصوم رمضان )) قال : والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا . فلما ولى . قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا )) .
هذا كلام الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، فهل يفهم الجفري وأتباعه حقيقة هذا الدين .؟!

الثانية :قوله ( هذا الذي هو مشغول في قبره بي وبك ) قال تعالى : (( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفأن مت فهم الخالدون )) الأنبياء :34 .
و قال تعالى : (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفأن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم )) آل عمران : 114 .
فرسول الله صلى الله عليه وسلم و بقية الأنبياء _ عدا عيسى بن مريم فقد رفع _ قد جرت عليهم سنة الموت كبقية البشر . وأما حديث (( الأنبياء _ صلوات الله وسلامه عليهم _ أحياء في قبورهم )) لا فهو حديث صحيح يدل على حياتهم البرزخية وأرواحهم عند الرفيق الأعلى ولا يفهم منه آن الحياة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قبله من الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أحياء حياة حقيقية يأكلون ويشربون …وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( أفضل أيامكم يوم الجمعة : فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة ، وفيه الصعقة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي )) ، قالوا : وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت _ يقولون بليت _ فقال : (( إن الله قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام )) .
و قال صلى الله عليه وسلم : (( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام )) فالحديث الأول فيه دلالة على عرض ( الصلاة والسلام ) على نبينا صلى الله عليه وسلم وهذا يدل دلالة واضحة على أن جسده صلى الله عليه وسلم طري مطرا ، وروحه في الرفيق الأعلى في أعلى عليين مع أرواح الأنبياء .
والحديث الثاني فيه دلالة على اتصال روحه الشريفة بجسده لرد السلام على من سلم عليه من قبره ومن بعد . فالروح لها اتصال بالبدن في القبر وإشراف عليه ، وتعلق به بحيث يرد سلام من سلم عليه وروحه في الرفيق الأعلى . ولا تنافي بين كونها في الرفيق الأعلى وجسده في الأرض فشأن الأرواح غير شأن الأبدان ، فإذا كان النائم روحه في جسده وهو حي ، وحياته غير حياة المستيقظ ، فإن النوم شقيق الموت ، فهكذا الميت إذا أعيدت إليه روحه إلى جسده كانت له حال متوسطة بين الحي والميت كحال النائم المتوسطة بين الحي والميت . فهذا حاله صلى الله عليه وسلم في قبره وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة في نبيها محمد صلى الله عليه وسلم فأين هذا من قول الجفري ( إنه مشغول بي وبك ) 0
ولا ندري ماذا يقصد الجفري بشغل النبي صلى الله عليه وسلم في قبره فإن كان غير ما ذكر فهو من أبطل الباطل0

الثالثة: وصفه لكل من يمنع إقامة المولد ( بالعقول الضيقة ) 0
يا سبحان الله كيف يزن الجفري الأمور المتعلقة بشرع الله إن الذين يصفهم الجفري بالعقول الضيقة هم من وقفوا عند قول الله تعالى وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا بذلك ولم يزيدوا على شرع الله شيئا من مستحسن العقول ، أما هو وأتباعه -بطريق الأولى- فهم أصحاب العقول الواسعة التي تشرع لأنفسها ولأتباعها كل ما يمليه عليه عقولهم و أهواؤهم الضالة المضلة0 ويكفي في الرد على مثل هذه المقولة ما قدمته لك في مقدمة هذا الرد ففيه الكفاية والبيان0

الرابعة: قوله: ( أين معاني الاتصال بمحبته ) لا ندري ماذا يقصد الجفري بقوله هذا ، هل يقصد اتصال الروح بالروح فهذا مذهب الاتحادية من الصوفية الباطلة ، إن حقيقة محبة الرسول صلى الله عليه وسلم هي: طاعته فيما أمر و اجتناب ما نهى عنه و زجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرع0
فمن فعل هذا كانت محبته للرسول صلى الله عليه وسلم متصلة كاملة ومن أخل بها أخل بمحبة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فحقيقة المحبة الطاعة و الإتباع كما قال تعالى : (( قل إن كنتم تحبون الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم )) 0 آل عمران : 31 0
فيها ولادته 0ماهذا الكلام أهذه منزلته 0

ونقول: ما زال الجفري -هداه الله- يقيس الأمور الشرعية بعقلة القاصر وذوقه الفاسد0
نعم الصحابة قدموا أرواحهم لله رخيصة ولإعلام كلمة التوحيد لا لمقام النبي محمد صلى الله عليه وسلم وآلا كانوا عابدين للرسول صلى الله عليه وسلم وحاشاهم من ذلك0
فإن كان الجفري يتأسف ويستكثر عدم إقامة المولد فإن الواجب عليه أن يتبع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فعلوا فيقف حيث وقفوا ، لا أن يبتدع عبادة من عقله ثم يقول :إذا لم نقدر أن نبذل الأرواح علينا أن نقيم الموالد0

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التكملة مع الجزء الثالث إن شاء الله

و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

بوركتم
وقد افتى الشيخ العثيمين ان الاحتفال بالمولد محرم لا نه بدعة منكرة علينا باجتنابها
والاحتفال الحقيقي هو بالصلاة عليه واتباع سنته ونشرها وضحد البدع
جزاك الله خيرا ولاحرمك من الأجر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.