تخطى إلى المحتوى

الحجاب في مهمة خاصة 2024.

لَطَالما حاولَتِ الثقافةُ الوافدة الربطَ بين حجاب المرأة المسلمة وبين التخلف والحرمان والفقر، وكثيراً ما يدَّعي دعاةُ العولمة والانفتاح الثقافي والاجتماعي أن الشرط الأول لذلك هو: "إشراك المرأة في التنمية". ويكاد هؤلاء يتفقون بأن معنى ذلك هو أن "تتحرر" من حجابها وعفافها. وكلما واجهْنا هؤلاء بالقواعد الإسلامية النظرية: طالبوا بالنماذج العملية، وإذا ما فتحنا سِجِلّ نساء عصر النبوة والسلف: ادَّعَوْا أن ذلك غير واقعي في القرن الحادي والعشرين…
ولكنْ تجيءُ الأحداث يوماً بعد يوم لتؤكد أن الإسلام دين الله الحق، الحق في عقيدته وشريعته ونظامه وأخلاقه؛ وآخر تلك الأحداث نجاح مسلمات بيت حانون في فك الحصار عن مجاهديها وإليك اعترافات العدو بمدى أهمية ذلك الإنجاز:
قال يوسي بيلين رئيس حركة "ميريتس" وزير القضاء الصهيوني سابقاً: "إن ما قامت به هؤلاء النسوة هو أسطورة، وموقف بطولي سيضفي الصدقية والاحترام على النضال الوطني الفلسطيني". وفي مقابلة أجرتها معه الإذاعة اليهودية باللغة العبرية اعتبر بيلين أن "هؤلاء النسوة سيصبحن مثالاً سيحرص على الاقتداء به الفلسطينيون والعرب والمسلمون في جميع أرجاء العالم".
أما الجنرال زئيف شيف الخبير العسكري والاستراتيجي الشهير بصحيفة "هاآرتس"، فقد قال: "إن نساء بيت حانون صنعن تاريخًا بعد أن تزوَّدن بإيمان كبير وعقيدة صلبة جعلتهن يقدمن على هذه المخاطرة". واعتبر شيف أن ما قامت به هؤلاء النساء بقيادة النائب عن حركة حماس جميلة الشنطي سيسجَّل "كحدث هام وسيدرَّس في كتب التاريخ".
وبدوره قال عاموس هارئيل المعلِّق العسكري البارز: "إن أحداث بيت حانون تدلل بما لا يقبل الشك على الدور الكبير الذي تقوم به المرأة الفلسطينية في مقاومة القوات الإسرائيلية"!!!
هذه بعض اعترافات الصهاينة المجرمين؛ (والفضل ما شهدت به الأعداء)! فما الذي حصل في بيت حانون؟
(تمكّنَتْ وَحدةٌ من كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحماس) الجمعة 3-11-2017 بمشاركة حشود نسائية واسعة من فَكِّ حصار فرضتْه قوات الاحتلال الصهيونية في حملتها "غيوم الخريف" على مقاومِين في مسجد النصر بمدينة بيت حانون، في المعركة التي أطلق عليها الفلسطينيون "معركة أهل الجنة"، التي قدَّمت النسوة فيها شهيدتين و65 جريحة.
فقد تقدمت مسيرة نسائية تضم نحو 2024 سيدة إلى مسجد النصر من أجل فك الحصار عن المحاصرين فيه، وفي الوقت نفسه اشتبكت وحدة خاصة من الكتائب مع القوات الصهيونية التي تحاصر المسجد، بينما أطلق المحاصرون النيران على جنود الاحتلال من داخل المسجد، مما دفع القوات الصهيونية إلى التراجع من محيط المسجد وتمكّن الجميع بجهد مشترك من فك الحصار عن نحو 30 مجاهداً ونحو 90 أعزل محاصرين منذ يوم الأربعاء 1-11-2017 باستثناء المجاهد صهيب عدوان الذي استُشهد داخل المسجد).
ولم يكن في تلك النسوة المسلمات امرأة واحدة كاشفة الرأس، بل كثيرات منهن منقبات يغطين وجوههن! فكيف تحركت تلك النسوة الفدائيات؟ لِنتعرّف أولاً إلى المرأة التي أدارت هذه الجبهة الميدانية؛ إنها:
السيدة جميلة عبد الله طه الشنطي. المولودة سنة 1957. مؤهلاتها العلمية:
– ماجستير في أصول التربية من الجامعة الإسلامية، ثم صارت محاضرة فيها.
– بكالوريوس لغة إنجليزية وآدابها من جامعة عين شمس – القاهرة.
– ماجستير في الإدارة التربوية.
– عَمِلتْ مدرِّسة للغة الإنجليزية لِما يزيد على20 سنة في السعودية واليمن وفلسطين.

– عضو في جمعية الشابات المسلمات.
– مديرة مكتب العمل النسائي للحركة الإسلامية.
– عضو المجلس النيابي عن حركة حماس…
وسننقل بعض أحداث العملية على لسان المسلمات اللواتي شاركن في كسر الحصار؛
فهذه السيدة غنيمة علوان بدأت حديثها قائلة: "خرجت تاركة خلفي بيتي وأولادي من أجل تأمين خروج عشرات المقاومين والشباب المحتجزين داخل المسجد الذي كان يحاصره الاحتلال بالدبابات".
أما قريبتها السيدة مريم علوان التي أصيبت بشظايا في صدرها ويدها فقد قالت وهي تجلس راقدة على سرير المشفى بنبرة افتخار: "حُقَّ لنساء فلسطين أن يفتخرن بما فعلن… لقد قمنا بما عجز عن قيامه أقوى الرجال. كم نشعر بالفخر لما أنجزناه… خرجنا منذ ساعات الصباح الباكر ووقفنا متحديات الدبابات؛ فشعرتُ أننا كنا أقوى من هذه الدبابات، بينما كانت جميلة الشنطي التي قادت المسيرة النسائية تلهب مشاعر المشاركات وهي تردد الشعارات الحماسية فزادتنا صموداً.
كل واحدة منا ارتدَتْ فوق حجابها (غطاء رأسها) حجاباً آخر، ولمّا وصلنا محيط المسجد مرَّرْنا الملابس للمقاومين ليرتدُوها وخرجوا وساروا وسطنا في الطريق معنا ونحن نحيطهم من كل جانب حتى وصلوا إلى بَر الأمان والسلامة"!
أما زوج مريم الذي كان يرقد بجوارها بعد إصابته برصاص الاحتلال فقد ابتسم معلِّقاً: "والله أشعر بالفخر الشديد لما قامت به زوجتي… وصدقاً لقد أخجلتنا نساء فلسطين".
"لن نركع.. والشعب الفلسطيني سيبقى متمسكًا بمقاومته، وسيستمر بطلب الحرية والكرامة، وسيبقى ضاغطًا على الزِّنَاد". إنها تصريحات نارية عَلّقت بها جميلة الشنطي (أم عبد الله) قائدة ثورة النساء في بيت حانون بشمال غزة على محاولة الاغتيال الصهيونية الفاشلة التي تعرضت لها الثلاثاء 7-11-2017 عندما قصفت طائراتُ الاستطلاع الصهيونية منْزلها بصاروخين، مما أدى إلى استشهاد زوجة أخيها واثنين من حُرّاسها من كتائب القسام.
ومما يدعو للعجب أن القائمين على وسائل الإعلام المنحازين ضد الإسلام وضد المحجبات خصوصاً تجاهلوا هذا الخبر أو مروا عليها مرور "الكرام"، وتجاهلوا النجاح الذي عبّرت عنه السيدة رضا أبو هربيد التي أصيبت بتهتك في ساقها قائلة: "لقد خرجنا من أجل هذه المهمة تحديداً، والحمد لله لقد نجحَتْ"؟
وأين هذا النموذج البطولي في الشرف والشجاعة والتضحية فداءً للدين والعِرض واستجابةً لأوامر الله، وفي الرقي في العلم والتربية والتعليم، وخوضِ ميدان الإصلاح الاجتماعي والعمل الجَماعي التنظيمي، والسياسي (بما يؤدّي إليه اجتهادهن)، والمواجهةِ العسكرية من المرأة المسلمة المحجبة التي دخلت كل ميدان أَذِن الله فيه بضوابط الشريعة… أين كل ذلك من الذين تهجموا على المسلمة في الوقت الذي ينشرون في نساء مجتمعاتهم المشركة عيوبَ وفواحشَ الزنا والدعارة والعُري على الطرقات واللوحات والشاشات، والتجارة الداعرة بالأعراض، والخيانات الزوجية والتحرشات والاغتصابات!
فأين نحن من الاقتداء بهؤلاء؟ ومن تربية أنفسنا ونسائنا على مثل هذا المستوى الإيماني؟ ومِن دعمهن بكل ما نستطيع؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.