حقيقة الحسد : هي شدة الأسى على الخيرات التي تكون للناس ، فإذا أنعم الله على أخيك بنعمة فلك فيها حالتان :
إحداهما : أن تكره تلك النعم ، وتحب زوالها ، وهذه الحالة تسمى حسداً . فالحسد حدة كراهة النعمة وحب زوالها عن المنعم عليه .
الحالة الثانية : أن لا تحب زوالها ، ولا تكره وجودها ودوامها ، ولكن تشتهي لنفسك مثلها . وهذه تسمى غبطة ، وقد تختص باسم المنافسة .
فأما الأول فهو حرام بكل حال . إلا نعمة أصابها فاجر أو كافر ، وهو يستعين بها على تهييج الفتنة ، وإفساد ذات البين ، وإيذا الخلق ، فلا يضرك كراهتك لها ومحبتك لزوالها ، فإنك لا تحب زوالها من حيث هي نعمة ، بل من حيث هي آلة الفساد ، ولو أمنت فساده لم يغمك بنعمته ، ويدل على تحريم الحسد الأخبار التي نقلناها ، وأن هذه الكراهة تسخط لقضاء الله في تفضيل بعض عباده على بعض ، وذلك لا عذر فيه ولا رخصة ، وأي معصية تزيد على كراهتك لراحة مسلم من غير أن يكون لك منه مضرة ؟ وإلى هذا أشار القرآن الكريم بقوله تعالى { إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها } آل عمران 120 وهذا الفرح شماتة ، والحسد والشماتة يتلازمان .
أن من ثمرات الغضب : الحقد والحسد ، وذلك أن الغضب إذا لزم كظمه لعجزه عن التشفي حالا ، رجع إلى الباطن واحتقن فيه ، فصار حقداً وحسداُ ، وحينئذ يلزم قلبه استثقاله وبغضه دائما ، فهذا هو الحقد ، ومن ثمراته أن تحسده بأن تتمنى زوال نعمته عنه ، وتتمتع بنعمته ، وتفرح بمصيبته ، وأن تشمت ببليته ، وتهجره ، وتقاطعه إن أقبل عليك ، وتطلق لسانك فيه بما لا يحل ، وتهزأ به ، وتسخر منه وتؤذيه ، وتمنعه حقه من نحو صلة رحم ، أو رد مظلمة ، وكل ذلك شديد الإثم والتحريم وأقل درجات الحقد الاحتزاز من هذه الآفات المنقصة للدين .
حسدوا الفتى إذا لم ينالوا سعيه فالقوم أعداء له وخصوم
كضرائر الحسـناء قلن وجهها حسداً وبغيا إنـه لدميم
أركان الكفر في الجزء التالي …. أنشاء الله
——————
قال تعالى
قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني