شهادات حية
ع.ح – رجل أعمال – تزوجتها لمالها ولشخصيتها المتميزة، ولم تهتم زوجتي الأولى، فقد كنت حريصًا على الإنفاق عليها وعلى بناتها، إلا أني أعاني الأمرين من قوة شخصية زوجتي الثانية التي أفقدتني كياني وشخصيتي، بل أفقدتني ما أملك أيضًا من ثروة.
أ.س – ربة منزل: أحمد الله على زواجه من أخرى وذهابه بعيدًا عنا، فكم قسى على وعلى أبنائي، وكم حرمنا من المال رغم ما معه وكم أهاننا أمام الجميع.
أم عامر – ربة منزل: أنا الزوجة الأولى إلا أن الله لم يكتب لي أن أنجب سوى عامر الذي مات، فتزوج زوجي بأخرى، وحدثت بيني وبينها شجارات ونزاعات – كما يحدث بين الضرائر – وأنجبت هي أبناء فأقنعت نفسي باعتبارهم أبنائي أنا أيضًا، وبالفعل فهم يحبونني مثل أمهم.
م.س – ربة منزل: أعيش مع الزوجة الثانية بعد أن فقدت "رحمي" في عملية جراحية، ورغم حب زوجي لي فقد تزوج ؛ لأنه كان يحب الأولاد وطالبته بالطلاق فأبى، والآن أعيش مع الزوجة الثانية في نفس المنزل، هي في حجرة وأنا في حجرة، ورغم نفسيتي المدمرة إلا أنني أحاول أن أعيش حياتي ويكفيني حب زوجي لي ، ولعل أبناءها يعوضونني عما فقدت.
ج.م – رجل أعمال: تزوجت بأخرى لأجد الراحة والسكن، ولأشعر بأنني متزوج حقيقة، فزوجتي الأولي مريضة دائما ولا تقوى على الحركة – رغم أنها شابة – وهي تحبني، وأنا كذلك أحبها، إلا أنها تقيم في بيت والدها لحاجاتها لمن يخدمها، وأنا لم أكن أجد من يخدمني، وهكذا كنت أعيش في ضياع حتى تزوجت بزوجتي الثانية، فكانت لي بلسمًا شافيًا، وشعرت معها بالسكن والألفة والإشباع لكل مطالبي المادية والمعنوية.
ش.ع – عامل فني: ليس هناك ما يغضبني من زوجتي الأولى لكني تزوجت بالثانية تطبيقًا للسنة، وواجهت من أهل زوجتي الأولى ما لم أكن أتوقعه، فهم يقولون إنها ما دامت قد أنجبت ولدًا ، وأرضتني في كل شئوني فليس لي أن أتزوج عليها، ولكني مقتنع بما فعلت مهما قيل.
أ.أ – معلم: تزوجت وأنا في الغربة، وحين علمت زوجتي أقامت الدنيا ولم تقعدها، فهي تعارض أن أري ابني من زوجتي الأخرى، وترفض أن أزورها أو أقيم معها أي علاقة مهما كانت ، وقد اضطررت للاستجابة لمطالبها لأحافظ على علاقتي بها وبأولادي منها.
ر.ب – ربة منزل: ليته لم يتزوجني فقد كنت أنا الزوجة الثانية، بل أقول الزوجة الخادمة لأمه وأبيه وأهله، فزوجته الأولي لها منزلها الخاص، وها أنا أتجرع مرارة الذل والإهانة منه، ومن أمه وإخوته، ويكاد يكون الموت أسعد حلم في حياتي.
ص.م: نعم أن زوجة ثانية لكني أنا المظلومة ممن تزوجته، فهو لم يتزوجني إلا لإنجاب ذكر فقط، أما حبه وحنانه ورعايته فللأولى وبناتها.
الزوجة الثانية دائما
ز.ر – طالبة: إنها والدتي التي تزوجت أبي (رحمه الله) على زوجته الأولي، فأنجبتني أنا وأختي، ثم تزوجت بآخر متزوج وله أولاد ثم مات، وها هي الآن قد تزوجت بثالث متزوج ولديه أبناء، ولست أدري ما السر في ذلك فنحن نعذب بأفعالها هذه كما أننا لا نشكل شيئا من اهتمامها.
وإذا كانت هذه هي شهادة المجربين، فماذا يقول من لم يعيشوا التجربة، وإنما تأثروا بما رأوه أو سمعوه عنها؟
يقول د. جمال أحمد برهومة – أستاذ الرمد بقصر العيني: أرى أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية الراهنة لا تسمح للرجل بالزواج للمرة الثانية، هذا بالإضافة إلى تشتت الأبناء ومعاناتهم إذا ما حدث ذلك، وأري أن تعدد الزوجات مباح شرعًا بشرط الضرورة النفسية والمادية.
أما نوار – ربة منزل: رأيي أنه ليس هناك الآن من يعدل بين زوجاته كعدل الصحابة، وكعدل الرسول (صلى الله عليه وسلم) لذلك فدائما ما يحدث ظلم للزوجة الأولى لذا فأنا لا أشجعه.
د. ميرفت حنفي – طبيبة: الزواج بأخرى قد يكون لمجرد كسر الملل أو رغبة في التغيير؛ لذا فمعظم هذه الزيجات يفشل لعدم قيامها على مبرر صحيح.
نعمات أحمد – محاسبة: لقد أوصى الرسول (صلى الله عليه وسلم) الرجال بأن يظفروا بذات الدين، وأوصي المرأة بذلك حتى لا تحدث بينهم خلافات تجعل حياتهم تعيسة فيفكر الزوج في الزواج بأخرى، وإذا تم الالتزام بهذا فما الذي يلجئ الزوج إلى ذلك؟
نادية أحمد – مدرسة: الزواج بأخرى قد يكون هدفه الاستفزاز "أي استفزاز الزوجة الأولي" وليس الاستقرار وعندها لا يكون ناجحًا.
أوافق
سمية محمد – موظفة: ليس لدي اعتراض على أن يتزوج الرجل بأخرى، المهم أن يكون لديه قدرة مادية، وتكون هي ممن فاتهن قطار الزواج، أي إذا كان الزواج سيحل مشكلة اجتماعية وبشرط العدل بين الزوجتين.
كبيرة ناجي – ربة منزل: لست أدري لماذا هذا الهجوم على الزوجة الثانية، فالزوج أبيح له الزواج بأربع وهذا من حقه، فمادام فيه سعادته فأنا أوافق عليه، وأجد أن رفض ذلك الأمر هو نقص في الثقافة الإسلامية.
وتقول هبة رؤوف – المدرس المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية: إن كل شيء يقدر بقدره، وحكم الله في تعدد الزوجات هو حكم إباحة فهو ليس مندوبا، إلا إذا كان هناك تقصير أو ظلم لحق بالزوج، وحتى إن كان ذلك فالرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر"، وإذا كان لديه فضل مال فليجد به على من لا مال له ليتزوج فيكون قد حقق مبدأ الإعفاف.
وتبرر د. سامية الجندي – أستاذ علم الاجتماع الرغبة في تكرار الزواج فتقول: إن سيكولوجية الإنسان تحوي الملل؛ لذا فلو كانت الزوجة ملكة جمال فمن الممكن أن يفكر الرجل في الزواج بأخرى، وهو شرعا مباح، لكنه قد يتسبب في انهيار الزوجة الأولى وعزوفها عن الحياة، وذلك بالطبع ناتج عن المجتمع نفسه والبيئة التي نشأت فيها هذه الزوجة، فالمجتمع والبيئة والثقافة أساس الرفض النفسي لهذا التعدد أو القبول له.
ويفصل لنا د. شعبان جاب الله – أستاذ علم النفس بآداب القاهرة – السيكولوجية المصاحبة لأمر الزواج بزوجة ثانية فيقول: إن هناك عدة دوافع نفسية يمكن أن تلعب دورًا في هذا الجانب، منها رغبة الزوج في الإنجاب، ومنها مرض الزوجة المستمر، ومنها عدم اهتمامها باحتياجاته الشخصية والاجتماعية، وقد يسعى له لمجرد التعدد فيستخدم حقه المشروع قانونًا ودينًا دون مبرر واضح ، وقد يكون هذا المبرر هو أن الزوجة الثانية مثلت له عنصر جذب كأن تكون ذات جمال أو مال أو سمعة أو شهرة أو حسب أو سلطة، فهو يريد أن يستمد منها المكانة الاجتماعية أو الاقتصادية.
شعــــور سلبي
وعن شعور كل من الزوجتين الأولى والثانية يقول د. شعبان جاب الله: يتفاوت شعور الزوجة الأولى من حالة لأخرى، لكنها على أية حال تكون مشاعر سلبية كالتعاسة والإحباط وفقدان الأمان، وكذلك الغيرة السلبية، ويتوقف هذا الشعور السلبي على مدى اقتناع الزوجة الأولي بأحقية الزوج في الزواج وقدرتها على التكيف معه، وهل هي مستقلة بمنزلها عن الزوجة الأولى أم أن المعيشة مشتركة، وهنا يزداد الشعور السلبي حدة وضراوة.
أما شعور الزوجة الثانية فقد يكون إيجابيا في البداية؛ لأنها تظن أن هذا الزواج سيحقق لها عددًا من رغباتها ومتطلباتها لكن سيظل لديها شعور خفي بأنها الزوجة الثانية، فإذا لم تستمر الحياة بشكل مناسب يختفي هذا الشعور الإيجابي خاصة إذا كانت ستعيش مع الأولى مما يترتب عليه جوانب سلبية كالغيرة والتنافس والكراهية والصراع لكسب الزوج في صفها دون الأخرى ، وهنا تصعب المعيشة لا على نفسية الزوجتين فقط، وإنما على نفسية الزوج أيضًا، فكيف له أن يعيش في هذا المناخ النفسي المضطرب؟
وبالنسبة لشعور الأبناء فهو أيضا شعور سلبي متوقع إذا أثر هذا الزواج على علاقة والدهم بهم، وانتقص من مقدار الحنان والعطف الذي يحتاجونه، والأم إما أن تركز هذا الشعور في نفوسهم أو تخففه حسب اقتناعها وحسب نفسيتها، وللأب دور كبير في هذا الأمر حتى يخفف وقع الأمر على أبنائه أو يجنب نفسه هذا الزواج أصلا.
البعــد غنيمة
في حالة الزواج بثانية ينصح د. شعبان جاب الله الزوج بأن تعيش الزوجتان منفصلتين ، لأن وجودهما معا يمكن أن يفسد العلاقة تمامًا، وبأن يحاول الزوج قدر الإمكان أن يبادلهما مشاعر متساوية، ويعدل بينهما في الجوانب الشخصية والاقتصادية، والأمر كذلك بالنسبة للأبناء، فلابد أن ينالوا نفس القسط من الرعاية والاهتمام بجميع مظاهره النفسية، وهذا يتوقف على سمات شخصية الرجل وقدرته على ضبط انفعالاته وتوزيع اهتماماته.
وعن الناحية الشرعية في الموضوع يقول د. مختار محمد المهدي – الأستاذ بالأزهر الشريف – إن أمر التعدد مباح شرعا: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع } وكذلك عند عدم الإنجاب أو الشعور بالكراهية تجاه الزوجة الأولى، عندئذ فمن الخير أن تكون له زوجة ثانية بدلاً من أن تكون له عشيقة.
وكذلك فالزوجة الثانية خير لها أن تكون كذلك من أن تكون مطلقة أو أرملة أو لا زوج لها.
والحق أنه ليس هناك ضرر يلحق الأولي إلا إذا أصبح الرجل ظالما لها بعد زواجه بالثانية، فإذا فعل ذلك يكون قد ضيع الفرض وهو العدل، وأقام السنة وهي الزواج بثانية، أما في حالة عدم الظلم فلا ضرر عليها، وليس من حقها أن تطالب بالطلاق لوقوع الضرر عليها، وإن كانت بعض القوانين المجافية لروح الشريعة تجعل ذلك من حقها، وهذا خطأ.
ويضيف د. مختار المهدي أن الزواج بأخرى قد يكون من مبدأ الإعفاف لفتاة غير متزوجة أو لمطلقة أو أرملة فيكون هذا حفاظا على المجتمع، بأنه عند زيادة عدد النساء على الرجال بشكل كبير، وإذا خيف على المجتمع من الفاحشة قد يوجه الخطاب للأمة وتكلف بتعدد الزوجات، ويكون ذلك فرض كفاية، وإذا كان الرجل صادقًا في تحقيق مبدأ الإعفاف فسيكون مثابًا عليه بشرط العدل {وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} ويقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "من كان لديه فضل مال فليعد على من لا مال له" فمن كانت لديه مقدرة مادية يمكنه أن يتبرع لمن ليس لديه هذه القدرة ليعف نفسه أو يعف امرأة مسلمة، وبهذا يمكنه أن يطبق مبدأ الإعفاف أيضً