السلة الرمضانية ** أهلا رمضان **
بإذن الله نبدأ موضوعات أقسام السلة الرمضانية
وهنا الموضوع الرئيسي للإطلاع على روابط بقية الأقسام
السلة الرمضانية ** هلموا ياأحباب فالخير كثير والحمد لله **
عادة الكرماء إكرام الضيوف والزوار، والإحسان إليهم، ونحن في هذه الأيام قادم علينا ضيف عزيز ووافد كريم،
لكن هذا الضيف من نوع آخر، بقدومه تتفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، وتصفد فيه الشياطين،
ها هو قد نزل بديارنا وحل في ربوعنا فترى من هذا الضيف؟ وكيف يكون استقباله؟
كما قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ
* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}
(القدر 1-6)،
إنه شهر رمضان.
فكم من أُناس لم تدركهم هذه الفرصة العظيمة، قد حال بينهم وبينها هاذم اللذات، ومفرق الجماعات،
فيستقبله بالتوبة والإنابة، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي، وبِعقدِ العزمِ على اغتنامِ فرصته في تزكيةِ النفس وتهذيبها،
وإِلزامها بسلوكِ الجادّة، وقطعِ الصّلَة بماضي الخطايَا، وسابقِ الآثام، وانتهاج السبيلِ الموصِل إلى رضوان الله،
والحظوَة عنده بالدرجات العُلى، والنعيمِ المقيم، فهو مزرعة لزيادة الحسنات والتخلص من الأوزار والسيئات،
وقد أحسن القائل:
ولقد كان بعض السلف رحمهم الله يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعون الله ستة أشهر أخرى
أن يُتقَبَّل منهم، فلنجتهد فيه ونجعله محطة لتزود فيه بالطاعات وتقوية الإيمان،
نسأل الله أن يبلغنا رمضان وأن يعيننا على الطاعات، ويتقبلها منا، والحمد لله.
ربانيون لارمضانيون
وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ)
(رواه النسائي وصححه الألباني)
بهذا يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم أمته مرغباً للصالحين، ومبيناً الفرص الربانية للمترقبين سوق الطاعات..
وتسابقوا إليها كلٌ يدخل قبل الآخر، حققوا ما في نزول القرآن من الهدى والبينات،
وفهموا العلاقة بين القرآن الكريم وشهر رمضان، واختصاص نزوله فيه..
واستضاؤوا بنور: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: 185).
وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ:
يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ)
(رواه ابن ماجه وصححه الألباني).
فكانوا يعدُّون إدراك رمضان من أكبر النعم، وأعظم المنن،
يقول المعلَّى بن الفضل: "كان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلِّغهم رمضان"،
وقال يحيى بن أبي كثير: "كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلِّم لي رمضان، وتسلَّمه مني متقبلاً"،
وكان رمضان يدخل عليهم وهم ينتظرونه ويترقبونه، ويتهيئون له بالصلاة والصيام،
والصدقة والقيام، قد أسهروا له ليلهم، وأظمؤوا نهارهم، فهو أيام معدودات.
لو اطلعت عليهم لملئت منهم شوقاً إلى الجنان، واستشرافاً إلى النعيم، فهم ما بين باكٍ غُلب بعبرته،
وقائم غُصَّ بزفرته، وساجدٍ يتباكى بدعوته
ينطبق عليهم قول الله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
* فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
(السجدة: 16-17)،
فكانوا ربانيين لا رمضانيين؛ هم في صيام وقيام، في رمضان وفي غير رمضان.
رمضان فرصة للتغيير
إن من رحمة الله بهذه الأمة أن أمدها بفرص ومناسبات يستدرك العبد فيها تقصيره؛ ويزيد فيها إيمانه وأعماله،
ويتلافى ما وقع فيه من خلل أو زلل، ويتقرب إلى ربه بصالح العمل،
من هذه المناسبات شهر رمضان،
ذلكم الشهر الذي تعظم فيه الأجور وتزداد، وتفتح فيه أبواب الجنان،
وتغلق فيه أبواب النيران وتصفد الشياطين، وتعتق الرقاب من النار،
فها هو قد أقبل بنوره وعطره، وجاء بخيره وطهره،
جاء ليربي في الناس قوة الإرادة، ورباطة الجأش، ويزيد فيهم مَلَكَةَ الصبر،
ويعوِّدهم على احتمال الشدائد، والجَلَد أمام العقبات ومصاعب الحياة.
والتسليم لحكمه في كل شيء، وتنفيذ أوامره وشريعته في كل شيء، وترك ما يضره في دينه أو دنياه أو بدنه؛
ليضبط جوارحه وأحاسيسه جميعاً عن كل ما لا ينبغي، ويحصل على تقوى الله في كل وقت وحين، وأي حال ومكان.
وسط هذه الأجواء الإيمانية المفعمة بالنقاء والصفاء الروحي،
فمن كان مفرطاً في صلاة الجماعة لا يصليها أو يُؤخرها، عليه أن يراجع نفسه فيحافظ عليها،
ومن كان مفرطاً في قراءة القرآن، ومن كان قاطعاً لأرحامه،عليه أن يراجع نفسه وليتأمل أوضاعه قبل فوات الأوان،
فما هو فيه اليوم من صحة وعافية،وفتوَّة وقوة؛ لابد أن يعقبها النقصان،
فإن الصحة يعقبها السقم، والشباب بعده الهرم، والقوة آيلة إلى الضعف، ولكن أكثر الناس لا يعقلون.
لنا عودة بإذن الله وتوفيقه لطرح القسم التالي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته